الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فقد اطلعتُ على مقال بعنوان [التحذير
من بعض تخاليط وافتراءات رائد آل طاهر] للفتَّان أسامة بن عطايا منشور في منتدياته
[منابر النور]، وأعرضتُ عنه أولاً متذكراً مقولة "الضرب بالميت حرام"، و
"المجروح لا يعتبر جرحه"، لكن بعد مراسلات بعض الإخوة وطلبهم مني
التعليق عليه ولو من رأس القلم، قررتُ التعليق على مقاله هذا، وسأقف معه عشر وقفات
علمية موجزة بتوفيق الله ومعونته:
الأولى: قول ابن عطايا: ((رائد
آل طاهر العراقي صار مشاغباً فتاناً، يخالف توجيهات العلماء الأكابر، ويسابق
العلماء، ويؤصل تأصيلات مخالفة لمنهج السلف وأحدث أموراً مخالفة لما عليه العلماء)).
"المشاغب الفتَّان" من أكثر الأوصاف الملاصقة
لابن عطايا بشهادة كبار العلماء والمشايخ وطلبة العلم في مختلف البلدان!.
فأسامة بن عطايا قد لا تجد بلداً من البلاد الإسلامية
وغير الإسلامية إلا وفيه فتنة بسبب تشغيبات ابن عطايا؛ حتى وصل الأمر إلى سفك
الدماء بسبب تحريضاته وتدخلاته في ليبيا!.
وكم مرة نصحه العلماء الكبار بعدم التدخل في فتنة ليبيا،
لكنه لا يلتفت إليهم لأنه يعد نفسه أعلم منهم بهذه النازلة!، وهو يعد نفسه من كبار
العلماء الراسخين ولا يقبل دون هذه المرتبة أبداً!!، وقد ناصحته وناقشته في بيته
وعبر الجوال وعبر وسائل التواصل والمواقع أكثر من مرة، فرأيُته متعالماً مغروراً
لا ينظر لأحد من كبار العلماء يتصور حال ليبيا كما يتصوره هو!.
وكان أول من تكلَّم في فتنة ليبيا مسابقاً العلماء
معرضاً عن توجيهاتهم.
فمن الفتَّان
المشاغب؟!
ومن الذي يسابق العلماء ويخالف توجيهاتهم؟!
» ثم هل "الفتَّان" عند ابن عطايا جرحٌ
مفسَّر، بل هل يعده هو جرحاً أصلاً؟!!
وأين أدلة هذا الجرح في "رائد آل طاهر"
وأسبابه ليكون مفسَّراً؛ على طريقة ابن عطايا ومن معه؟!
أم أنَّ "الفتَّان" جرحٌ مفسَّرٌ إن صدر من "أسامة
بن عطايا" العالم الراسخ!، بينما لا يعدُّ جرحاً مفسَّراً إن صدر من "العلامة
الشيخ عبيد الجابري حفظه الله"؟!
» أما (التأصيلات المخالفة) و (الأمور المحدثة)، فالذي
أعرفه من زمن طويل أنَّ أسامة بن عطايا لا يتكلَّم في المسائل العلمية عن رسوخ
وثبات، بل هو يضطرب ويتلون ويتلاعب بين الحين والآخر، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
مسألة "تارك عمل الجوارح"، التي يخفي قوله الذي يتبناه فيها حتى حين!،
وقد صرَّح لي في بعض مناقشاتي معه أنه يخالف الشيخ ربيع حفظه الله في مقالاته
الأثرية ضد غلاة الحدادية، وقد رددتُ عليه في هذه المسألة أكثر من مرة، وعلَّقتُ
على مقالاته في عدة مسائل، ولكنه يتلاعب بدينه ويتقلَّب كما سأُبيِّن ذلك لاحقاً
إن شاء الله.
الثانية: قال ابن عطايا ذاكراً
الأصول التي خالفتُ فيها المنهج السلفي والأمور المحدثات التي خالفتُ فيها العلماء
على حدِّ زعمه: ((منها: اعتباره أن تعدد الشبكات السلفية
في الإنترنت منكرة لكونها مثل تعدد الجمعيات!!)).
وهذا اختصار مخل لكلامي، ولو نقله بسياقه ونصه لانكشف
تحريفه وكذبه!.
فكلامي في تصوير واقع المنتديات والمواقع، وما حصل فيها
من تحزب وتعصب وتفرق وفتن وتصدر غير المؤهلين وانحراف عن الغاية من إنشائها وضياع
للجهود والأوقات، وهذا الواقع ما له من دافع، وهو الغالب، والحكم للغالب لا
للنادر، فتعدد هذه المنتديات بهذه الصورة أمر منكر.
ونصُّ كلامي كما في مقالي [واقع بعض المنتديات والمواقع
السلفية... آلام وآمال] هو:
((إنَّ واقع المنتديات والمواقع الإسلامية بعامة والتي
تنتسب إلى المنهج السلفي بخاصة تعاني من علل وخلل؛ من ذلك:
1- كثرة فتح المنتديات والمواقع:
وهذه ظاهرة سيئة؛ حيث أصبح اليوم كل مَنْ هبَّ ودبَّ
يفتح موقعاً أو منتديات، حتى فرَّقوا السلفيين بين المواقع، وصار كل واحد منهم
يريد أن يجمع في منتداه أو موقعه الذي أنشأه طلبة العلم المتميزين في الكتابة،
ليصبح منتداه هو الأحسن وهو الأول على باقي المنتديات.
ولا شك أنَّ هذا الأمر من التفرق المذموم، ويضعف الكلمة ويوهن القوى ويضيع الجهود والأوقات، وقد
يحصل ما بين هذه المنتديات نزاع وجدال وتنابز بالألقاب فيشمت بهم الأعداء ويسخر
منهم المخالفون، ويستغلون ذلك في الطعن بالدعوة السلفية وعلمائها ومشايخها.
فكان الأحكم أن يتفق أهل المنتديات في الكتابة في منتدى
واحد، وأن يلتزم السلفيون بذلك، ويعرضوا عن باقي المنتديات، أو على الأقل تحديد
وتقليص تلك المنتديات، ومنع الازدياد فيها.
ولعلَّ الذي جعل البعض يسارع إلى فتح منتدى خاص به هو:
2- تصدر ضعاف
العلم والدين في مناصب الإشراف والرقابة:
وهذه مشكلة كبيرة؛ لا أدري كيف يسمح بعض طلبة العلم
لضعاف العلم وضعاف الدين أن يرتقوا منصب الإشراف أو منصب الرقابة في منتداهم،
فيتحكم هؤلاء في طلبة العلم وكتَّاب المنتدى بحذف المقالات أو غلقها أو منعهم من
الكتابة أو يثبتوا مقالات مَنْ شاءوا بحسب أهوائهم أو أغراضهم الشخصية أو أمراضهم
النفسية!، أو يتكلَّموا على طلبة العلم بمنطق المتعالي المستكبر!!.
فلما رأى بعض طلبة العلم تسلّط هؤلاء على تلك المنتديات
والمواقع اعتزلوها وفتحوا لهم منتدى خاص بهم، والعجيب أنهم وقعوا في نفس الخلل!!،
حيث جعلوا ضعاف العلم والدين في مناصب الإشراف وصاروا يفعلون ما كانوا ينكرونه!،
والله المستعان.
وكان ينبغي على الجميع أن يختاروا أناساً لهم أهلية في
العلم ولهم دين وورع، ومن أهل العدل والصدق، فيجعلونهم في مثل هذه المناصب
والمسؤوليات.
3- الولاء
الحزبي للمشرف العام:
بعض المنتديات حالها كحال بعض الأحزاب أو الجمعيات
الحزبية!؛ حيث نراها ترتبط مع
مشرفها العام وكادر الإشراف والمراقبة ارتباطاً حزبياً!، فيفعلون ما يوافقونهم
ويعرضون عما يكرهونه!، ويحبون ويعظمون مَنْ يحبونهم ويعظمونهم!، ويبغضون وينتقصون
مَنْ يبغضونهم وينتقصونهم!، ويحاولون التقرب إلى المشرف العام وإرضاءه بكل الطرق
الممكنة ولو كان على حساب الحق والعدل!، وينتصرون للمشرف العام ويدافعون عنه وكأنه
عالم راسخ وليس مجرد طالب علم لا يُستبعد غلطه!!، بل لا يقبل أحدهم أن يُنتقد هذا
المشرف، بينما نراه يتقبَّل نقد العلماء والرد عليهم!. والواجب أن يكون ولاء
المسلم للحق وأهله دون النظر إلى الشخص وعينه)).
وإنْ كان يقصد ابن عطايا مقالي الذي افتتحتُ فيه مدونتي
"مدونة التصفية والتربية" فليرجع إليه القارئ المنصف ليعلم كيف حرَّف
ابن عطايا كلامي!، ولولا خشية الإطالة لنقلتُه هنا، وهو على هذا الرابط:
الثالثة: قول ابن عطايا: ((ومن
أصوله الفاسدة: أنَّ المجروح لا يقبل جرحه - هكذا مطلقاً - دون قيد ولا تفصيل،
وهذا مخالف لمنهج السلف، فليس كل جرح مؤثر في قبول الأخبار)).
كتبتُ مقالاً موجزاً في هذه المسألة بعنوان [إلزام
المنصوح بعدم اعتبار تجريح المجروح]، قلتُ في أوله: ((فالمجروح هو
الذي جُرِحَ جرحاً مفسَّراً من قبل علماء الجرح والتعديل؛ ولو من عالم واحد عارف
بأسباب الجرح، وهذا المجروح لا يُعتمد جرحُه إذا انفرد فضلاً إذا خالف
تعديل العلماء الثقات)).
فكلامي عن (المجروح) عند أهل الشأن لا عن (مَنْ جُرِحَ
جرحاً يسيراً)!، هذه واحدة.
وكلامي عن (تفرد) المجروح بجرح العدل؛ فضلاً أن (يخالف
الثقات) في تعديله!، وهذه الثانية.
وقلتُ في آخر مقالي: ((الأصل عدم اعتماد تجريح المجروح، لكن
من ضُعِّفَ ضعفاً يسيراً غير مُعِلٍّ من جانب ضبطه أو شيء مما يؤخذ عليه وهو يسير
غير شديد: يُعتمد جرحه لغيره إنْ كان إماماً من أئمة هذا الشأن وخلا المجروح من
توثيق إمام معتبر، وقد يُستأنس بذكر جرحه إن كان دون ذلك)).
فيا ابن عطايا؛ أليست هذه (قيوداً) و (تفصيلاً)؟!
فلماذا تضيف من كيسك كلمة (مطلقاً دون قيد ولا تفصيل)؟!
أليست هذه كذبة؟!
وأنا نقلتُ في مقالي مع وجازته الأدلة والنقول العلمية
على هذه المسألة.
من ذلك قول ابن حبَّان رحمه الله: "ومن أمحل
المحال: أن يُجرح العدل بكلام المجروح"، وهذا تأصيل عام.
وقول ابن حجر رحمه الله: "وكذا يَنْبَغي أَنْ لا
يُقْبَلَ الجَرْحُ والتَّعْديلُ إِلاَّ مِن عدلٍ مُتَيَقِّظٍ"، وهذا
أصل عام.
لكنَّ ابن عطايا تجاهل هذا كلَّه وزعم في مقاله هذا أني
لا أستثني حالة من الحالات!، وأني أطلقتُ القول بلا قيد ولا تفصيل!، وهذه من
كذباته.
وقول ابن عطايا: "فليس كلُّ جرحٍ مؤثر [كذا،
والصحيح: مؤثراً] في قبول الأخبار".
إذا كان ابن عطايا يقرر أنَّ الجرح من باب الأخبار،
فمعلوم أنَّ الأخبار لا تقبل إلا من عدل لا من مجروح، فتأمَّل.
ثم خلافي معه ليس في (هل كل جرح مؤثر أم لا؟) وإنما (هل
يعتمد جرح المجروح للعدل أم لا؟)، والمقصود حتماً (الجرح المؤثر)، أما الجرح غير
المؤثر فلا عبرة به كما هو معلوم، فلماذا يحاول ابن عطايا توجيه الخلاف في غير
موضوعه؟!
الرابعة: قول ابن عطايا: ((ومن
تأصيلاته الفاسدة: أنه يجعل بعض عبارات الجرح المجمل جرحاً مفسراً مثل كلمة
"مبطل")).
يعني إذا قال عارف بأسباب الجرح والتعديل عن رجل أنه
"مبطل"، يُعدُّ هذا عند ابن عطايا من "الجرح المجمل"!.
وإذا كانت كلمة "باطل" مجملة تحتاج إلى تفسير!،
فأيُّ كلمة عند هذا المتعالم تعدُّ مفسرة؟!!
إذا قال عالم من علماء السلفية في داعية من دعاة الضلالة:
"فلان مبطل"، فهل يُقال له: كلامك محتمل وجرحك مجمل!!، ولا نفهم مرادك
وقصدك!!، ولا نعرف معنى "مبطل"!!.
» مشكلة ابن عطايا ومن كان في مضماره ممن يشغِّبون حول
(الجرح المفسَّر) في الآونة الأخيرة لا يفهمون أنَّ (تفسير الجرح وأسبابه) يختلف
عن (أدلة الجرح)، ولهذا يعدون كلَّ جرح ولو صدر من عالم عارف بهذه الشأن في (المعدَّل
أو المشتهر بالسلفية أو من كان عنده تزكيات قديمة) - على حدِّ وصفهم - جرحاً
مجملاً حتى يُقيم الأدلة عليه!، بل إنهم جعلوا جرح الرجل بالكذب (كذَّاب) من الجرح
المجمل!!، لماذا؟ قالوا: لأنَّ الجارح ما أقام عليه الأدلة!، وهذا خلط كبير يدلُّ
على جهل فاضح من قبل هؤلاء.
فتفسير الجرح معناه: أنَّ الكلام واضح لا يحتاج إلى بيان
في معرفة معناه، وأسباب الجرح عشرة ذكرها الحافظ ابن حجر رحمه الله في "نزهة النظر"
كالكذب ومتهم بالكذب وفاحش الغلط والبدعة والفسق... ونحو ذلك من الجروح المسقطة
للثقة، وأما الأدلة فهي أدلة الكتاب والسنة والإجماع وآثار السلف الصالح التي
تبيِّن أنَّ هذا القول أو الفعل يعدُّ جرحاً معتبراً مؤثراً في الشرع، ويدخل في
ذلك أيضاً: البراهين والحجج والوثائق والأخبار والشهادت التي يطالب الجارح العارف
بإقامتها وإظهارها إذا عارضه معدِّل في هذا المجروح أو عند الحاجة إلى بيانها.
فلو قلنا مثلاً "فلان مجروح" لا تأخذ عنه
العلم، هذا جرح مجمل يقبل من العارف بأسباب الجرح، لكن لو عارضه مثله ونفى الكذب
عن المجروح أو سأله مستشكل عن سبب الجرح، كان الجارح مطالباً ببيان السبب الآن،
فلو قال: هو كذَّاب، كان جرحه جرحاً مفسراً لأنه ذكر سبباً واضحاً في بيان وجهة
الجرح وموضعه، فإن طولب بالدليل على هذا الجرح ذكر ما عنده من وثائق وحجج وبراهين
وأخبار وشهادات (وهي المصادر المرئية والمسموعة والمكتوبة وأخبار الثقات عنه)، ولا
يحتاج أن يذكر الدليل من الكتاب والسنة على أنَّ الجرح مذموم في الشرع وأنَّ من
جُرِحَ به لا يؤخذ عنه العلم، فهذا أمر معلوم هنا.
وخلاف السلفيين مع فالح الحربي في كونه يفرِّق بين
(الرواية) و (البدعة) في بيان أسباب الجرح، فهو يرى أنه لا يجوز مطالبة الجارح
ببيان أسباب الجرح وأدلته ولا بتفسير جرحه في باب البدعة والمناهج المخالفة، وأنَّ
هذه المطالبة محصورة في باب الراوية فقط.
وابن عطايا ومن معه من المشغبين حول (الجرح المفسر)
والمشككين به يحاولون تصوير العلماء والسلفيين الذين تكلَّموا فيهم وهجروهم
وحذَّروا منهم أو خالفوهم وردوا عليهم أنهم على طريقة فالح وغلاة الحدادية
بالإلزام بالجرح المجمل وتحريم المطالبة بالتفسير وذكر الدليل، وهذا كذب صراح،
والمسألة تحتاج إلى رد مفصل في بيان تشغيباتهم، والله المعين.
لكن إذا عرفنا ما تقدَّم، تبيَّن لنا أنَّ كلمة "مبطل" من الكلام الواضح أي يقول
بالباطل أو يفعل الباطل أو هو على أصل باطل، نعم إذا طولب الجارح بهذا الوصف بذكر
أسبابه عليه أن يقول مثلاً: مبطل لأنه يوافق أصلاً من أصول أهل البدعة أو يخالف
أصلاً من أصول أهل السنة، وإذا طولب بالدليل فعليه أن يذكر الأدلة على أنَّ هذا
أصلٌ باطل، وكذلك عليه أن يثبت هذا الجرح في المجروح بالمصادر الموثوقة المتقدمة.
والخلاصة:
أنَّ ابن عطايا حكم على (رائد آل طاهر) بأنه خالف الأصول
السلفية وخالف كبار العلماء وتوجيهاتهم بهذه الثلاث:
1- إنكاره تعدد المواقع والمنتديات بهذه الصورة المظلمة.
2- عدم اعتماده انفراد تجريح المجروح - الذي أثَّر فيه
الجرح - في العدل.
3- عده جرح الرجل بـ "مبطل" بأنه جرح مفسَّر.
ثم بنى ابن عطايا تحذيره من (رائد آل طاهر) لأجل هذه
الأصول البدعية!!! وهذه المخالفة الظاهرة!!!.
فهل هذه تعدُّ من مخالفة الأصول السلفية؟!!
طيب... أين غَيرة ابن عطايا وهو يرى مخالفات (محمد
الإمام) و (محمود الرضواني) وقد أنكرها عامة أهل السنة؟! وهو يكمم الأفواه عن الكلام
فيهما والتحذير منهما ويخذِّل السلفيين عنهما!.
أين الانتصار للحق وهو يرى طوام أبي عبد الحق أنكرها حتى
عوام السلفية في عموم البلدان؛ مع كونها منشورة وموثقة من كلامه بالصورة والصوت أو
بالصوت أو بالكتابة من جواله وصفحته؟!
فإن قال: لا أتقدَّم بين يدي العلماء في الكلام في
هؤلاء!
فلماذا تتقدم يا ابن عطايا في الكلام والطعن والتحذير من
السلفيين الناقدين لأمثال هؤلاء؟
هل أعراضنا حلال وأعراضهم حرام؟!
أم أنَّه الإنتصار للنفس لأنَّ السلفيين يعرفون ابن
عطايا وما عنده من خبايا وخفايا وينتقدونه ولا يسكتون على أخطائه فيحاول إسقاطهم
بالكذب والتلبيس والتشغيب؟!
لو كان ابن عطايا حقاً قاصداً للحق منتصراً له لرد على
أخطاء أولئك وبيَّن حالهم تحذيراً للناس من الاغترار بهم، لكنه الانتصار للنفس،
والله حسيبه.
الخامسة: وأما قول ابن عطايا: ((فهذا الشاب لم يدرس على علماء، ولا تأصل في العلم، واغتر ببعض الردود التي
كتبها والتي صوب له كثيراً من خطئه بعض طلبة العلم وبعض المشايخ)).
ونحن رأينا أمثالكم ممن يزعم أنه درس على علماء وتأصل في
العلم أين كانت عاقبتهم؟! فلا خير في دراسة لا تثمر إلا الفتن والكذب والطيش
والطعن بالعلماء همزاً في المجالس الخاصة ولمزاً في المجالس العامة!، ونعوذ بالله
من علم يجعل حامله يعد نفسه من العلماء الراسخين وليس منهم بمفاوز!!.
آلآن يا ابن عطايا أصبحتُ عندك شاباً - والفارق بيني
وبينك سنة واحدة على ما أذكر! - لم أدرس على علماء ولا تأصلتُ في العلم؟!
وقد سئلتَ عني قبل أن يظهر أمرك ويتكلَّم فيك الشيخ عبيد
الجابري حفظه الله السؤال الآتي: هل يؤخذ العلم من الشيخ رائد آل طاهر؟
فكان جوابك: ((الأخ رائد آل طاهر من الإخوة طلاب العلم
الفضلاء الذين يُستفاد منهم، وهو أخٌ فاضلٌ وشيخٌ متعلِّم، ويثق به جلُّ مشايخنا،
وأنا أثق به)).
وهذا رابطه:
فهل كذبتَ يا ابن عطايا في الأولى أم في الثانية؟!
وإذا كنتُ في ردودي أرجع إلى المشايخ وطلبة العلم، وأقبل
تصويبهم لي وأرجع عن خطئي كما وصفتني؛ فكيف تزعم أنَّ رائداً (يخالف توجيهات
العلماء الأكابر ويسابق العلماء) و (كذلك هو متعالم مغرور)؟!
هل الذي يرجع إلى المشايخ وطلبة العلم ويأخذ بتوجيهاتهم
يوصف بأنه متعالم مغرور ويسابق العلماء؟!
أم المتعالم المغرور الذي يعدُّ نفسه من العلماء
الراسخين ويسابقهم في الكلام في نوازل كبار يعدُّ نفسه فيها الأفهم والأعلم، ويخوض
في عدة فتن في بلدان مختلفة وأشخاص كثيرين ولا يلتفت إلى نصائح المشايخ وتوجيهاتهم
في هذه كلِّه؟!
أم أصبحت يا ابن عطايا لا تدري ما يخرج من رأسك بسبب داء
الجنون أو خفة العقل أو الطيش الذي أصابك من زمان، وشخَّصه فيك شيخنا العلامة عبيد
الجابري حفظه الله ولكن لم تعالجه حتى هذه الساعة؟!
السادسة: قول ابن عطايا: ((وهو
ممن خالف توجيهات العلماء في المشكلة بين المشايخ السلفيين، وأخذ في جانب الفتنة
إشعالاً وتحريشاً)).
أنا كنتُ ساكتاً عنك – إلا في تعليقات يسيرة أو ردود
متفرقة على تأصيلاتك الباطلة؛ تلميحاً لا تصريحاً – مع كوني من أعرف الناس
بتقلباتك وجهالاتك وطعوناتك، وحتى بعد صدور بيانات شيخنا العلامة عبيد الجابري
حفظه الله في بيان حالك سكتُّ عنك كثيراً، لكنك أبيتَ إلا أن تتحرش بي وتثير فتنة
بيني وبينك ببعض الكلمات التي فيها إساءة بالأدب واستصغار في تعليقاتك الخالية من
الحجة والبرهان على بعض مقالاتي، ولما عرفتُ أنَّ جميع مشايخنا لا يرضون على
أفعالك وطيشك وما تحدثه من فتن هنا وهناك، ولا تغتر بسكوت بعضهم عنك، فسكوتهم رجاء
أن تعود إلى رشدك أو من باب تقليل شرك لا من باب الرضى عن أفعالك ولا موافقتك، لكن
هذه السكوت مع الأسف ما زادك إلا تمادياً في الباطل وإعراضاً عن قبول النصح، فلا
تلومنَّ بعد هذا إلا نفسك.
وعلى فرض أني تكلَّمتُ فيك وحذَّرتُ منك ابتداء لا جزاء،
فلي سلف في هذا وهو شيخنا العلامة عبيد الجابري حفظه الله، ومن أخذ بتوجيهه المبني
على الواقع والوثائق فقد أخذ بتوجيه عالم كبير حجة في هذا الباب، فكيف تزعم أني
خالفت توجيه العلماء؟!
أم أنَّ الشيخ عبيداً عندك لا يعدُّ عالماً يُرجع إلى
توجيهاته في هذا الباب؟!
لماذا لا تصرِّح بما تدين به وما تقوله في مجالسك الخاصة
وترتاح ويستراح منك؟!
السابعة: قال ابن عطايا: ((وهو
كذلك خائن، فبعض الأمور التي كنت أتناقش معه فيها عبر الخاص ينقلها لبعض المشايخ
للتحريش والفتنة)).
آه يا ابن عطايا يا من لا عهد له كما وصفه شيخنا العلامة
عبيد الجابري حفظه الله.
أما تذكر الرسالة الخاصة حول الشيخ عبد الله الظفيري
وفقه الله التي وصلتك عبر الجوال، وهرعتَ إلى شيخنا العلامة ربيع المدخلي حفظه
الله وقرأتها عليه، ثم قرأتَ ردك عليه وأخفيتَ آخره عن الشيخ لئلا ينكره عليك، ثم
زعمتَ أنَّ الشيخ أذن لك بنشره وذكرتَ المخفي معه!!، وقد أنكرتُ عليك هذا مع بعض
الإخوة في سيارتك!.
فماذا يسمَّى هذا؟!
طيب... والمراسلات التي بيني وبينك التي كنتَ تعرض ما
يفيدك منها فقط على جمع من الإخوة العراقيين للتشويه من صورتي وللتقليل من شأني،
وهي رسائل خاصة أيضاً!!.
وأنا لم أرسل لأحد من المشايخ رسائلك الخاصة ولو فعلتُ
في وقتها لانتهى أمرك وبان حالك بوضوح، وإنما أرسلتُ بعض الرسائل إلى أحد الإخوة
العراقيين ممن ترسل له أنت ودماً رسائلك الخاصة معي!، وهذا الأخ هو اعترف في بيتك
أنه أوصلها إلى الشيخ عبد الله البخاري لما قلتَ فيه: "عبد الله البخاري
فرَّق الدعوة السلفية"!، وكم حاول معي بعض الإخوة أن أرسل له هذه الرسائل
فامتنعتُ، وحتى في عمرتي الأخيرة هذه بعد كلامك فيَّ وإخبارك لي أنك حدثتَ الشيخ
ربيعاً حفظه الله عن خلافك معي حاولتُ أن أجمع أمري وأكلِّم الشيخ ربيعاً عن
طعنواتك الصريحة في المشايخ، لكني سكتُّ وقلتُ: الشيخ ربيع يعرفه جيداً، ولم أعرض
عليه إلا اضطرابك في مسألة "تارك العمل".
نعم أخرجتُ ملخص هذه المراسلاتي التي كانت بيني وبينك لما
رأيتُك ظالماً في وصفك لي وتحذيرك مني.
فمن الخائن؟!
ومن المعتدي الظالم؟!
ملخص المراسلات بيني وبين ابن عطايا تدور حول:
1- دعواه أنه من
العلماء الراسخين.
2- تشبيهه للشيخ
عبيد الجابري بفالح الحربي في فتنته وتفريقه للسلفيين واستعمال الجرح المجمل
وإرهاب السلفيين وأنَّ المشايخ لا يرضون طريقته.
3- حكمه على الشيخ عبد الله البخاري أنه فرَّق السلفيين،
وأنَّ ابن عطايا أخطأ في نصح السلفيين بالالتفاف حوله.
الثامنة: قول ابن عطايا: ((وأما
قضية أبي عبد الحق فهذه قضية قديمة وليست جديدة، ومتجددة، وموضوعه عند أهل العلم،
ولا أتدخل فيها لكونها موجودة عند العلماء، وتناقشت مع بعض المشايخ فيها قبل نحو
سنة، وطلب السكوت وردها لأهل العلم)).
إذا كنتَ يا ابن عطايا لا تتدخل فيها فلماذا وصفت الأخ
سيروان في تغريدة لك: بأنه ((من المشتغلين بالفتن هذه الأيام مع جهله وتعالمه،
ويجب الحذر منه لكثرة كذبه وتلبيسه على السلفيين))، وفي مراسلة مع أحد متعصبة أبي
عبد الحق وأذنتَ له بالنشر!: ((سيروان الأشقر صاحب فتن وأكاذيب ويسعى للفرقة بين
السلفيين ولا يحترم المشايخ السلفيين ويتخذ موضوع أبي عبد الحق ذريعة للفتنة))،
ووصفتني في هذه المراسلة نفسها: ((رائد كانت له كتابات جيدة وحصلت بينه وبين بعض
العراقيين فتنة، وساعدتُه في تجاوزها، ثم انتكس وصار يخوض في الفتنة ويخالف توجيهات
العلماء ويؤصل تأصيلات جيدة، رائد من رؤوس الفتنة الآن))، وكتبتَ مقالاً في
التحذير مني في منابرك بعنوان [التحذير من بعض تخاليط وافتراءات رائد آل طاهر]؟!
ولماذا تقول في مراسلة لك لأحد الإخوة: ((موضوع أبي عبد
الحق عند أهل العلم، ولا نقبل فيه نقول الكذابين وخصومه))، وفي مراسلة أخرى مع أحد
متعصبة أبي عبد الحق: ((لا نعلم للشيخ عبيد كلاماً جديداً من مصدر موثوق، فكل
مصادرهم مشبوهة، والعبرة بالدليل كما هو عليه منهج السلف،))، وقلتَ في تغريدة:
((ولا يحل للمتعالمين الخوض فيه)).
ولما نقل لك أحد الإخوة كلام الشيخ عبيد حفظه الله في
أبي عبد الحق قلتَ في تغريدة لك: ((لم نسمع هذا بصوت الشيخ عبيد ولا رأيناه
مكتوباً، وإنما هو من نقل خصومه، ثم العبرة بالدليل عند أهل السنة!)).
والكل يعلم أنَّ الذي يرد أخطاء أبي عبد الحق هذه الأيام
ويكشف بلاياه: هو الأخ سيروان ورائد!.
فهل صنيعك هذا لا يعدُّ تدخلاً في قضية أبي عبد الحق؟!
وردك لكلام الشيخ عبيد فيه - إن صح عندك! - ألا يعدُّ
تدخلاً أيضاً؟!
والطعن في أخبار الثقات الذين سمعوا الكلام من الشيخ
عبيد حفظه الله وطالبهم بنشره؛ ألا يعدُّ تدخلاً؟!
ماذا ستفعل يا ابن عطايا عندما تسمع الصوتية بنفسك؟!
لكنَّك حقاً كذَّاب ولعَّاب.
وإذا كنتَ كما تصوِّر نفسك كذباً لا تتدخل في قضية أبي
عبد الحق مع ظهور مخالفاته الواضحة ونصائح العلماء المتكررة وإصراره على الباطل
وتماديه فيه وإذن المشايخ لنا بالرد عليه؛ فلماذا تتدخل في الطعن في خصوم أبي عبد
الحق وتحذِّر منهم؟!
أليس هذا تناقضاً يدل على أنَّ في النفس شيئاً؟
أم أنك تريد أن تضم أبا عبد الحق إلى صفِّكم الجديد بمثل
هذا، كما حاولتَ معي في تلك الفتنة مراراً ورفضتُ وأنكرتُ عليك؟!
يا ابن عطايا إعلم جيداً لستَ ممن يطلب الحق، وإنما
غايتك تكتيل كل من تكلَّم فيه الشيخ عبيد حفظه الله للمواجهة المستقبلية ضده!،
خبتَ وخسرتَ، تب إلى الله وكف عن هذه الألاعيب، فأمرك - ولله الحمد - مكشوف عند
العلماء والسلفيين، وأنت هالك فلا تنفعك هذه الحيل.
التاسعة: قول ابن عطايا: ((وأما
الرد العلمي على رائد أو على أبي عبد الحق أو على أسامة أو عبدالله أو عبد الرحمن
كبر في العلم أو صغر؛ فما دام أنه بالدليل وبالحق: فهذا لا إنكار فيه)).
إذاً لماذا تُنكر علينا ولا تُنكر عليهم؟!
هل ردودهم علمية وردودنا ليست كذلك؟!
أم ردودك هذه علمية؟!!
الحمد لله قرأ ردي [التعليق المتين على جواب أبي عبد
الحق الكردي حول زياراته إلى مقرات الحزبيين] شيخنا العلامة الشيخ ربيع حفظه الله
وأعطاه إلى أبي عبد الحق يداً بيد، فماذا تقول بهذا؟!
وقرأتُ [مجموع المواخذات على أبي عبد الحق الكردي فيما
وقع فيه من أخطاء ومخالفات] على شيخنا الشيخ ربيع حفظه الله في ثلاث ساعات
تقريباً، وطلب مني رداً مفصلاً على هذه ونشره.
فلماذا تتدخل أنت أصلاً؟!
ولماذا تنكر علينا الرد على المخطئ المتمادي في الخطأ؟!
اعرف قدر نفسك يا ابن عطايا، واسكت، فكلامك لا عبرة له
عند السلفين وليس له وزن.
العاشرة: قول ابن عطايا: ((وأما
سيروان الأشقر ومن معه من أهل الفتن والتشغيب والكذب والتحريش: فهؤلاء ليسوا طلبة
علم، ولا هم ممن يرجع لهم في هذه الأمور بل هم طلبة صغار ضعفاء في العلم والأدب،
وعندهم غرور وفتن عجيبة وشوهوا الدعوة السلفية هم ومن على شاكلتهم)).
وأبو عبد الحق وعصابته؟!! عندهم علم وأدب وصدق وتواضع
ويسعون إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف ويبتعدون عن الفتن والتشغيب والتحريش!!!.
أهكذا يا ابن عطايا؟!!
الشيخ ربيع حفظه الله ينصح أبا عبد الحق أن يتق الله في
إخوانه السلفيين الذين صرح بتبديعهم والتحذير منهم بدون ذكر الأسباب!، وطالبه
بالتعاون مع طلبة العلم منهم، وطالبه أن يعلِّم طلابه التواضع وترك التعصب، وابن
عطايا يقلب الأمر، فيذم المظلوم والمعتدى عليه ويحذِّر منهم علناً، ويسكت عن
الظالم ومتعصبته ويجادل عنهم لغاية في نفسه معلومة!.
حقاً الإنصاف عزيز.
فهذه عشرة كاملة، وأما كلامه الأخير فهو تكرار كما صرَّح
به، فلا حاجة إلى إعادة تعقبه.
والله الموفَّق.
كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
يوم الجمعة 11 جمادى الآخرة لعام 1438 هـ
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.