فمن المناسب في بداية إفتتاح هذه المدونة [مدونة التصفية والتربية]
- التي أسأل الله عزَّ وجلَّ أن يوفِّقني فيها إلى ما يحب ويرضى – أن أُبيِّن للزائر
الكريم ما معنى (التصفية والتربية)، خاصة ونحن نمرُّ في بلادنا بفتنة عظيمة طاشت فيها
أفهام وتزلزلت فيها أقدام مما اضطرَّ البعضُ - بسبب إنفعالات حماسية غير منضبطة وردود
أفعال مستعجلة غير مدروسة – إلى اتخاذ قرارات خاطئة ومواقف مغلوطة أدَّت بالنتيجة إلى
إثارة الكلام من جديد حول (فقه الواقع المبني على المواقع الإخبارية والبرامج السياسية
والصحف والجرائد والمجلات) و (العمل السياسي تحت قبة البرلمان الديمقراطي) و (رفع السلاح
بوجه الحكَّام والمسؤولين).
إنَّ من المؤسف حقاً أن يثار الكلام في مثل هذه المسائل من جديد
وينشغل الكثير من الدعاة وطلبة العلم والشباب الناشئ في مسائل سياسية لا تسمن ولا تغني
من جوع، وفي المقابل يعرض هؤلاء عن العلم النافع والعمل الصالح والدعوة إلى التغيير
والإصلاح من خلال تصحيح العقائد والعبادات والسلوك، ولطالما نادى العلماء الكبار إلى
عدم الإنشغال بمثل هذه الأمور لما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة وآثار سيئة، ولكنَّ
هذه النصائح والتوجيهات غابت عن أذهان هؤلاء أو غيِّبت عن قصد من قبل بعض المغرضين
المندسين في الصفوف الذين لهم مآرب حزبية أو منافع شخصية في إثارة هذه الفتنة.
لهذا أحببتُ في هذه العجالة أن أُعيد إلى الأذهان تلك الكلمات
العلمية والتوجيهات الرصينة التي تتقوى بها قلوب السلفيين وترسخ بها أقدامهم، والله
تعالى يقول: ((وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ))،
ولا يخفى على أحد أنَّ الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى هو أوَّل مَنْ
تكلَّم بهاتين الكلمتين (التصفية والتربية)، وأكثر في الدندنة حولهما في عدة مجالس
وكتابات، لهذه سوف أختار نقلين من كلامه رحمه الله يوضِّحان مفهوم (التصفية والتربية)،
وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والنجاة من مضلات الفتن.
النقل الأول:
قال الشيخ الألباني رحمه الله في ["التوحيد
أولاً"/ سلسلة الهدى والنور (750)]: ((ولذلك نحن ندندن
أبداً ونركِّز دائماً حول النقطتين الأساسيتين اللتين هما قاعدة التغيير الحق، وهما:
التصفية والتربية، فلا بد من الأمرين معاً؛ التصفية والتربية، فإنْ كان هناك نوع من
التصفية في بلد فهو في العقيدة، وهذا بحد ذاته يعتبر عملاً كبيراً وعظيماً أن يحدث
في جزء من المجتمع الإسلامي الكبير - أعني: شعباً من الشعوب-، أما العبادة فتحتاج إلى
أن تتخلَّص من المذهبية الضيقة، والعمل على الرجوع إلى السنة الصحيحة، فقد يكون هناك
علماء أجلاء فهموا الإسلام فهماً صحيحاً من كل الجوانب، لكني لا أعتقد أنَّ فرداً أو
اثنين، أو ثلاثة، أو عشرة، أو عشرين يمكنهم أن يقوموا بواجب التصفية، تصفية الإسلام
من كل ما دخل فيه؛ سواء في العقيدة، أو العبادة، أو السلوك، إنه لا يستطيع أن ينهض
بهذا الواجب أفرادٌ قليلون يقومون بتصفية ما علق به من كل دخيل ويربوا من حولهم تربية
صحيحة سليمة، فالتصفية والتربية الآن مفقودتان!.
ولذلك سيكون للتحرك السياسي في أي مجتمع إسلامي لا يحكم بالشرع
آثارٌ سيئة قبل تحقيق هاتين القضيتين الهامتين، أما النصيحة فهي تحل محل التحرك السياسي
في أي بلد يحكم بالشرع من خلال المشورة أو من خلال إبدائها بالتي هي أحسن بالضوابط
الشرعية بعيداً عن لغة الإلزام أو التشهير، فالبلاغ يُقيم الحجة ويُبرئ الذمة، ومن
النصح أيضاً أن نشغل الناس فيما ينفعهم؛ بتصحيح العقيدة، والعبادة، والسلوك، والمعاملات.
وقد يظن بعضهم أننا نريد تحقيق التربية والتصفية في المجتمع
الإسلامي كله!؛ هذا ما لا نفكِّر فيه ولا نحلم به في المنام؛ لأنَّ هذا تحقيقه مستحيل؛
ولأنَّ الله عز وجل يقول في القرآن الكريم: "وَلَوْ
شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ.
إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ"، وهؤلاء لا يتحقَّق فيهم قول ربنا تعالى هذا
إلا إذا فهموا الإسلام فهماً صحيحاً وربوا أنفسهم وأهليهم ومن كان حولهم على هذا الإسلام
الصحيح.
فالاشتغال الآن بالعمل السياسي مشغلة!، مع أننا لا ننكره، إلا
أننا نؤمن بالتسلسل الشرعي المنطقي في آن واحد، نبدأ بالعقيدة، ونثني بالعبادة، ثم
بالسلوك؛ تصحيحاً وتربية، ثم لا بد أن يأتي يوم ندخل فيه في مرحلة السياسة بمفهومها
الشرعي؛ لأنَّ السياسة معناها: إدارة شؤون الأمة، مَنْ الذي يدير شؤون الأمة؟ ليس زيداً،
وبكراً، وعَمراً؛ ممن يؤسس حزباً أو يترأس حركة، أو يوجه جماعة، هذا الأمر خاص بولي
الأمر؛ الذي يُبايع من قبل المسلمين، هذا هو الذي يجب عليه معرفة سياسة الواقع وإدارته،
فإذا كان المسلمون غير متحدين - كحالنا اليوم - فيتولى ذلك كل ولي أمر حسب حدود سلطاته.
أما أن نشغل أنفسنا في أمور لو افترضنا أننا عرفناها حقَّ المعرفة
فلا تنفعنا معرفتنا هذه!؛ لأننا لا نتمكن من إدارتها!، ولأننا لا نملك القرار لإدارة
الأمة!، وهذا وحده عبث لا طائل تحته، ولنضرب مثلاً: الحروب القائمة ضد المسلمين في
كثير من بلاد الإسلام، هل يفيد أن نشعل حماسة المسلمين تجاهها ونحن لا نملك الجهاد
الواجب إدارته من إمام مسؤول عقدت له البيعة؟! لا فائدة من هذا العمل، ولا نقول: إنه
ليس بواجب!، ولكننا نقول: إنه أمر سابق لأوانه.
ولذلك فعلينا أن نشغل أنفسنا وأن نشغل غيرنا ممن ندعوهم إلى
دعوتنا؛ بتفهيمهم الإسلام الصحيح، وتربيتهم تربية صحيحة، أما أن نشغلهم بأمور حماسية
وعاطفية!، فذلك مما سيصرفهم عن التمكن في فهم الدعوة التي يجب أن يقوم بها كلُّ مكلَّف
من المسلمين؛ كتصحيح العقيدة، وتصحيح العبادة، وتصحيح السلوك، وهي من الفروض العينية
التي لا يعذر المقصر فيها.
وأما الأمور الأخرى فبعضها يكون من الأمور الكفائية، كمثل ما
يسمى اليوم بـ "فقه الواقع" و "الاشتغال بالعمل السياسي" الذي
هو من مسؤولية مَنْ لهم الحل والعقد؛ الذين بإمكانهم أن يستفيدوا من ذلك عملياً، أما
أن يعرفه بعض الأفراد الذين ليس بأيديهم حل ولا عقد ويشغلوا جمهور الناس بالمهم عن
الأهم، فذلك مما صرفهم عن المعرفة الصحيحة!، وهذا مما نلمسه لمس اليد في كثير من مناهج
الأحزاب والجماعات الإسلامية اليوم!، حيث نعرف أنَّ بعضهم انصرف عن تعليم الشباب المسلم
المتكتل والملتف حول هؤلاء الدعاة من أجل أن يتعلم ويفهم العقيدة الصحيحة والعبادة
الصحيحة والسلوك الصحيح، وإذا ببعض هؤلاء الدعاة ينشغلون بالعمل السياسي ومحاولة الدخول
في البرلمانات التي تحكم بغير ما أنزل الله!، فصرفهم هذا عن الأهم، واشتغلوا بما ليس
مهماً في هذه الظروف القائمة الآن)).
النقل الثانية:
قال الشيخ الألباني رحمه الله في رسالته القيمة
[سؤال وجواب حول فقه الواقع]: ((لكن الذي لاحظناه ونلاحظه أنَّ للعواطف
الحماسية الجامحة التي لا حدود لها آثاراً سلبية متعددة؛ منها الغلو فيما لا بد منه،
إذ الواجب الذي لا بد منه يقسم إلى قسمين:
الأول: الفرض العيني؛ وهذا يجب
على كل مسلم.
الثاني: الفرض الكفائي؛ وهو ما
إذا قام به البعض سقط عن الباقين.
فلا يجوز أن نجعل الفرض الكفائي
كالفرض العيني متساويين في الحكم!.
ولو أننا قلنا تنزلاً: يجب على
طلاب العلم الصاعدين أن يكونوا عارفين بفقه الواقع؛ فلا يمكن أن نطلق هذا الكلام في
علماء المسلمين الكبار فضلاً عن أن نلزم طلاب العلم بوجوب معرفة الواقع وما يترتب على
هذه المعرفة من فقه يعطي لكل حالة حكمها، وكذلك لا يجوز والحالة هذه أن ينكر أحدٌ من
طلاب العلم ضرورة هذا الفقه بالواقع لأنه لا يمكن الوصول إلى تحقيق الضالة المنشودة
بإجماع المسلمين - ألا وهي التخلُّص من الإستعمار الكافر للبلاد الإسلامية أو على الأقل
بعضها - إلا بأن نعرف ما يتآمرون به أو ما يجتمعون عليه لنحذره ونحذِّر منه حتى لا
يستمر استعمارهم واستعبادهم للعالم الإسلامي، وهذا لا يكون جزء منه إلا بتربية الشباب
تربية عقائدية علمية منهجية قائمة على أساس التصفية للإسلام من الشوائب التي علقت به،
ومبنية على قاعدة التربية على الإسلام المصفى كما أنزله على قلب رسول صلى الله عليه
وسلم.
ومن الأمور التي ينبغي ذكرها هنا: أنَّ الذين يستطيعون حمل الأمة
على ما يجب عليها وجوباً عينياً أو كفائياً ليس هم الخطباء المتحمسين ولا الفقهاء النظريين!،
وإنما هم الحكَّام الذين بيدهم الأمر والتنفيذ والحل والعقد، وليس أيضاً أولئك المتحمسين
من الشباب أو العاطفيين من الدعاة!.
فعلى الخطباء والعلماء والدعاة
أن يربوا المسلمين على قبول حكم الإسلام والاستسلام له، ثم دعوة الحكام بالتي هي أحسن
للتي هي أقوم، إلى أن يستعينوا بالفقهاء والعلماء على اختلاف علمهم وتنوع فقههم فقه
الكتاب والسنة فقه اللغة فقه السنن الكونية فقه الواقع...، وغير ذلك من مهمات، إعمالاً
منهم للمبدأ الإسلامي العظيم مبدأ الشورى، ويومئذ تستقيم الأمور ويفرح المؤمنون بنصر
الله، "فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ
حَفِيظًا".
ولابُدَّ هنا من بيان أمر مهم جداً يغفل عنه الكثيرون فأقول:
ليست علةُ بقاء المسلمين فيما هم عليه من الذل واستعباد الكفار - حتى اليهود لبعض الدول
الإسلامية - هي جهلَ الكثيرين من أهل العلم بفقه الواقع أو عدم الوقوف على مخططات الكفار
ومؤامراتهم كما يُتوهَّم!، ولذلك فأنا أرى أنَّ الاهتمام بفقه الواقع اهتماماً زائداً
بحيث يكون منهجاً للدعاة والشباب يُربون ويَتربون عليه ظانين أنه سبيل النجاة خطأ ظاهر
وغلط واضح.
والأمر الذي لا يختلف فيه من الفقهاء
اثنان ولا ينتطح فيه عنزان: أنَّ العلة الأساسية للذل الذي حطَّ في المسلمين رحاله:
أولاً: جهل المسلمين بالإسلام الذي
أنزله الله على قلب نبينا عليه الصلاة والسلام.
وثانياً: أنَّ كثيراً من المسلمين
الذين يعرفون أحكام الإسلام في بعض شؤونهم لا يعملون بها.
فإذاً مفتاح عودة مجد الإسلام: تطبيق العلم النافع والقيام بالعمل
الصالح، وهو أمر جليل لا يمكن للمسلمين أن يصلوا إليه إلا بإعمال منهج التصفية والتربية،
وهما واجبان مهمان عظيمان.
وأردتُّ بالأول منهما أموراً:
الأول: تصفية العقيدة الإسلامية
مما هو غريب عنها؛ كالشرك وجحد الصفات الإلهية وتأويلها ورد الأحاديث الصحيحة لتعلقها
بالعقيدة ونحوها.
الثاني: تصفية الفقه الإسلامي من
الاجتهادات الخاطئة المخالفة للكتاب والسنة وتحرير العقول من آصار التقليد وظلمات التعصب.
الثالث: تصفية كتب التفسير والفقه
والرقائق وغيرها من الأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات والمنكرات.
وأما الواجب الآخر فأريد به:
تربية الجيل الناشئ على هذا الإسلام المصفَّى من كلِّ ما ذكرنا
تربية إسلامية صحيحة منذ نعومة أظفاره دون أي تأثر بالتربية الغربية الكافرة.
ومما لا ريب فيه: أنَّ تحقيق هذين
الواجبين يتطلب جهوداً جبارة مخلصة بين المسلمين كافة جماعات وأفراداً من الذين يهمهم
حقاً إقامة المجتمع الإسلامي المنشود؛ كل في مجاله واختصاصه.
فلا بد إذاً من
أن يُعنى العلماء العارفون بأحكام الإسلام الصحيح بدعوة المسلمين إلى هذا الإسلام الصحيح
وتفهيمهم إياه ثم تربيتهم عليه كما قال الله تعالى: "ولكن كونوا ربانيين بما كنتم
تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون"، هذا هو الحل الوحيد الذي جاءت به نصوص الكتاب
والسنة، كما في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"،
وغيره كثير، ومن المتفق عليه دون خلاف ولله الحمد بين المسلمين أنَّ معنى "إن
تنصروا الله" أي: إنْ عملتم بما أمركم به نصركم الله على أعدائكم.
ومن أهم النصوص المؤيدة لهذا المعنى
مما يناسب واقعنا الذي نعيشه تماماً حيث وصف الدواء والعلاج معاً:
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا
تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم
ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم".
فإذاً ليس مرض المسلمين اليوم هو جهلهم بعلم معين، أقول هذا
معترفاً بأنَّ كل علم ينفع المسلمين فهو واجب بقدره، ولكن ليس سبب الذل الذي لحق بالمسلمين
جهلهم بهذا الفقه المسمى اليوم "فقه الواقع"، وإنما العلة كما جاء في هذا
الحديث الصحيح هي: إهمالهم العمل بأحكام الدين كتاباً وسنة.
فقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا تبايعتم بالعينة" إشارة إلى نوع من المعاملات
الربوية ذات التحايل على الشرع.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "وأخذتم أذناب البقر" إشارة إلى الاهتمام بأمور
الدنيا والركون إليها وعدم الاهتمام بالشريعة وأحكامها، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم:
"ورضيتم بالزرع".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "وتركتم الجهاد"، هو ثمرة الخلود إلى الدنيا،
كما في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى
الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم"
فيه إشارة صريحة إلى أنَّ الدِّين الذي يجب الرجوع إليه هو الذي ذكره الله عز وجل في
أكثر من آية كريمة كمثل قوله سبحانه: "اليوم أكملت
لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضت لكم الإسلام ديناً"، وفي تعليق الإمام
مالك المشهور على هذه الآية ما يبين المراد حيث قال رحمه الله: وما لم يكن يومئذ ديناً
فلا يكون اليوم ديناً، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)).
أقــول:
فالرجاء من الإخوة - من طلبة العلم والدعاة والشباب السلفيين
- أن يتأملوا في هذين النقلين جيداً، وأن يعرفوا أنَّ التغيير لا يكون إلا إذا انطلق
من تغيير النفس أولاً، فإذا لم يغيِّر الدعاة أنفسهم كيف يمكن أن يغيِّروا غيرهم؟!،
والله تعالى يقول: ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ))، وأن لا يغتر أحدٌ منهم بالكثرة ولا
يستوحش من القلة، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((يُوشِكُ
الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا))،
فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: ((بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ
كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ
صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ
الْوَهْنَ))، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: ((حُبُّ
الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)) أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما، والحمد
لله رب العالمين.
كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
الأول من شهر ربيع الأول لعام 1434 هـ
الموافق يوم الأحد 13/1/2013 بالإفرنجي
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.