الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فمقال علي الحلبي الجديد الذي هو بعنوان: [مقال الشيخ
ربيع..وجديد المسائل الـمُثارة(!): تكرار وإِثارة ! ليس للصواب فيه أَثارة!!]، والذي اعترض
فيه على مقال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى: [بيان الجهل والخبال في مقال
حسم السجال رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي" (الحلقة
الأولى]، يدل على سقوط دعوى الحلبي القديمة: ((بيني وبينك العلم))!!، لأننا بعد مطالعة هذا المقال، لم نجد فيه إلا تشغيباً
وتهويلاً وطعناً وسخرية بالشيخ ربيع حفظه الله تعالى!.
فهل التهويل والشتم باب من أبواب العلم؟!
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى
في [المجموع 4/ 186-187] ((إنَّ الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد!، والإنسان
لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب: لكان عليه أن يذكر
من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم!!، فقد قال الله عز وجل
لنبيه صلي الله عليه وسلم: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة
والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، وقال تعالى : "ولا تجادلوا أهل الكتاب
إلا بالتي هي أحسن")).
فيا أيها الحلبي:
أين الحجة على كونك تقول الحق؟!
وأين الحجة على كون الشيخ ربيع يقول
الباطل؟!
أما الإنكار المجرد!
أو النفي المجرد!
أو التشغيب!
أو التهويل!
أو تأليب الناس وتحريش الحكام على
الشيخ!
أو النقاش خارج الموضوع!
أو كثرة النصائح الوعظية التي أنت
أولى بها!
أو الاتهامات الباطلة!
أو النقل الكاذب!
أو مجرد التكذيب ووصف الشيخ بالافتراء
والبهتان والظلم!
أو الشتم والسخرية!
فهذه كلها بضاعة المفاليس!.
فأين العلم؟!
ولهذا سوف لا نقف مع الحلبي في
تعديه بالألفاظ القبيحة والأوصاف البذيئة على مَنْ كان يصفه فترة من الزمان بـ
(شيخنا)!.
لأنَّ الحلبي في صنيعه هذا كشف
وجهاً كان يستره، وأظهر حقيقة كان يبطنها ويسرها!!.
وإنما سنقف معه في نقاطه الستة
حصراً، لرد دعاويه وبيان زيفها، ودفع اعتراضاته وكشف وهنها؛ ليظهر للقراء بجلاء:
هل أصاب الشيخ ربيع حفظه الله
تعالى الحق فيما قاله في مقاله الأخير؟
أم ليس للصواب فيه أَثارة
كما يزعم الحلبي؟!
النقطة الأولى: دعوى الحلبي أنَّ الشيخ ربيعاً
يرى أنَّ الكلام فيه طعن في المنهج السلفي.
فقد تعقَّب الحلبي كلمة الشيخ ربيع حفظه الله
تعالى في مختار الطيباوي حينما قال: ((ويطعن فِيَّ وفي منهجي ظاهراً، والهدف فيما يبدو المنهج السلفي)).
فشغَّب الحلبي وهوَّل من هذا الكلام، وصوَّر
لقرائه أنَّ الشيخ ربيعاً يرى من نفسه أنه يمثِّل منهج السلف، وأنَّ أي رد أو تعقُّب
للشيخ فهو طعن في المنهج السلفي!.
قال الحلبي: ((فهل الرد عليك، أو تعقّبك
فضيلة
الشيخ: هو ردٌّ أو تعقُّبٌ للمنهج السلفي!؟، هل الطعن
فيك أو
في منهجك - على فرْض التسليم بذلك!- طعن في منهج السلف؟)).
أقول: وهذا تلبيس وتشغيب!
والشيخ حفظه الله تعالى لم يدَّع ذلك، وإنما
تكلَّم عن غاية الطيباوي في ردوده عليه، وإنها فيما يبدو الهدف منها الطعن في المنهج
السلفي.
والشيخ ربيع حفظه الله تعالى لم يبتعد عن الحقيقة
في كلامه، والدليل على ذلك:
أنَّ الطيباوي كتب رسالة بعنوان [الاعتراض الرفيع على الشيخ ربيع في مسألة التبديع بدون إقامة
الحجة] ملأها تجريحاً في منهج الشيخ ربيع؛ وهذا ظاهر
العنوان والرسالة!.
ولكن الحقيقة: أنَّ الطيباوي يعترض على منهج
السلف الأوائل الذي يحرص الشيخ ربيع في دعوة الشباب إليه!، ويسعى الطيباوي على فصل
الشباب المعاصر عن ذلك الماضي المشرق!!؛ وليتأمل القارئ في كلمات الطيباوي هذه، ليعرف
صدق فراسة الشيخ ربيع في أنَّ هدف الطيباوي الطعن في المنهج السلفي وليس الطعن في منهج
الشيخ.
قال الطيباوي: ((وإذا كان هذا المنهج ـ الهجر والتحذير ـ قد تعامل به السلف في وقت ما لأسباب
معروفة وبشروط مضبوطة، وكان رد فعل دفاعي طبيعي اتجاه أفكار جديدة وغريبة دخلت العالم
الإسلامي!.
فهل يجب أن يدوم المؤقَّت الذي فقد شروطه!؛ مع
ما له من أثر رجعي ارتدادي على أصحابه؟!)).
وقال: ((وعلى هذا الأساس نحذِّر من الذوبان كلية في خطى السابق!، لأنَّ لكلٍّ ظروفه
وخصائصه!!، والجامع بيننا هو الكتاب والسنة والإجماع، وعلى كل جيل أن يوقع على عصره!!!)).
وقال: ((فمنهج السلف خرج كرد فعل طبيعي موزون ومكيَّف مع واقعه!، وهو منهج مزدوج يعتمد
أولاً على الرد العلمي الصحيح ثم الهجر والتحذير إذا توفرت الشروط!، وكان منهجاً متطوراً
حسب ظروفه!!.
فبداية كانوا يحذرون فقط ولا يردون!؛ لأنهم كانوا
يعتبرون الخصومة في الدين بدعة، وكانوا يكرهون الجدال والمناظرات. ثم تطور منهجهم إلى
الرد والدخول في المناظرات وتأليف الكتب في رد البدع، بعدما كانوا يعتبرون ذلك ترويجاً
للبدعة بنقل شبهاتها. فكانوا دائماً في بحث مستمر عن أنفع وأصلح المناهج العلمية لنشر
السنة ورد البدعة. ونفس الشيء فعلوا في الرواية عن المبتدع بدؤوا بردها كلية!، ثم لما
احتاجوا لحفظ العلم فرقوا بين الداعية وغير الداعية.
فموقفهم من البدعة، ومن الرواية عن المبتدعة، ومن
مناظرتهم، والرد عليهم بالكتب، ومن معاملتهم لم يكن موقفاً جامداً!؛ بل متطوراً مرناً
حسب الظروف!!؛ بخلاف ما يعتقده الشيخ ربيع
وغيره)).
وقال في الخاتمة: ((وفي الأخير أقول: إصلاح المنهج السلفي المعاصر ضرورة شرعية
وواقعية ملحة!!!)).
فلينظر القارئ إلى قوله: (إصلاح المنهج السلفي المعاصر)، ولم يقل: (إصلاح
منهج الشيخ ربيع)!.
فأين عنوان الرسالة من هذه الخاتمة والغاية؟!
وصدق الله تعالى إذ يقول: ((وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)).
وأظنُّ أنَّ ما تقدَّم من كلام الطيباوي داخل
في صريح القول؛ والله أعلم.
فهل جانب الشيخ ربيع الصواب في هذه النقطة؟!
وهل مقال الطيباوي طعن في منهج الشيخ ربيع أم
في المنهج السلفي؟!
الجواب نتركه لعلي الحلبي!
النقطة الثانية: مسألة وحدة الأديان
نسب الحلبي للشيخ ربيع أنه يصفه بالقول بفكرة
وحدة الأديان واعتقادها في الباطن!.
وهذه من كيس الحلبي، ولم يتفوه به الشيخ ربيع!
وإنما ذكر الشيخ ربيع حفظه الله تعالى عنه وعن
أنصاره فقال: ((وأخيراً: يفضحه الله بمدحه لرسالة تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان
وأخوة الأديان ومؤاخاة وموادة أهل الأديان ومساواة الأديان، وإسقاط جهاد الطلب،
ودعوة الدول كلها إلى تطبيق وتنفيذ قوانين الأمم المتحدة، فهبَّ يدافع عن نفسه
وعنها بالأباطيل والتمويهات، ويمدح مضامينها، ويرمي من انتقدها بالغلو، وبأنَّ دعاواهم
على مضامين هذه الرسالة كفرية وتكفيرية، وكان قد سبقه حزبه إلى الدفاع
عن هذه الرسالة ومَدْحِها بل وشَرْحِها، ووصْفِها
بالمباركة، والطعن فيمن ينتقدها نصحاً للإسلام والمسلمين، ورميهم بأنهم
غلاة وخوارج. والحلبي يؤيدهم ويمدحهم، ويمدح كتاباتهم، ويرى أنها حق وأن مخالفيهم على
باطل. هذه صورة مصغرة جداً من بوائق الحلبي الظاهرة فضلاً عن الخفية. ومع
ذلك يتساءل حزبه عن أسباب تبديع الحلبي، ويقول: إنَّ هذا التبديع مجمل!)).
أقول:
فالشيخ ربيع حفظه الله تعالى وصف الحلبي بأمور:
الأول: مدح رسالة عمان التي تضمنت الدعوة إلى وحدة الأديان.
الثاني: الدفاع عنها.
الثالث: الاتهام بالغلو ونهج التكفير والخروج لكل مَنْ يطعن بها.
الرابع: الثناء على كتابات أنصاره التي باركت ونصرت وأثنت وشرحت
الرسالة، وطعنوا في كل مَنْ يتعقبها.
أقول:
فهل يُنكر الحلبي أو أحد أنصاره واحداً من هذه
الأمور؟!
لا يمكن لهم أن ينكروا شيئاً من هذه الأمور،
لأنَّ كتاباتهم خير شاهد وبرهان على ذلك، وهي محفظة عندهم في منتدياتهم، ومحفوظة عندنا؛
فأين المفر؟!
وأين وصف الشيخ ربيع للحلبي بالدفاع عن رسالة
تحتوي مضامين فكرة وحدة الأديان ومدحها، من وصفه بالقول بوحدة الأديان واعتقاده لها
في الباطن؟!
فأيُّ الفريقين أصدق في الكلام والنقل؟!
وإنما محل الخلاف: هل رسالة عمان تتضمن فكرة وحدة
الأديان أم لا؟!
والحلبي وأنصاره إلى يومنا هذا ينكرون ذلك!،
وهذا إما لجهلهم بمضامين هذه الفكرة الخبيثة؛ وذلك لما قامت في نفوسهم من شبهات بعيدة
أو تأويلات متعسِّفة، وإما بسبب منهجهم الجديد في تهوين المخالفات وتمييعها!؛ وهو الأظهر،
والله أعلم.
ومع ما قام به السلفيون من ذكر الأدلة والبراهين
على ثبوت فكرة وحدة الأديان في رسالة عمان في ردودهم وكتاباتهم.
ومع ما ذكره شارح الرسالة وملخصها في موقع الرسالة
نفسها.
ومع ما ذكره الشيخان الفوزان والعباد حفظهما
الله تعالى في إحدى بنود الرسالة.
مع هذا كله؛ رفض الحلبي وأنصاره أنَّ الرسالة
تتضمن فكرة وحدة الأديان!.
والسبب هو أنهم: لم يقتنعوا!!
فهل يسكت عنهم السلفيون لأنهم (لم يقتنعوا) بالأدلة
الواضحة والبراهين القاطعة؟!
أقول: لو سكتَ عنهم السلفيون لكان في هذا إقرار
لأصلهم الفاسد (لا إلزام ولا إنكار ولا تبديع
ولا تشنيع إلا بشرط الإجماع أو الإقناع)!.
ومع ذلك؛ فالحلبي صرح مرة فقال: إنَّ ثناءه كان
عاماً، وقال مرة: إنه لم يثن على بنود الرسالة كلها، وقال: لا تسلم رسالة عمان من الانتقادات
والملاحظات.
لكن السؤال المطروح:
أين هذه المواضع التي لا تستحق الثناء؛ بل تستحق
النقد؟!
أنا أتكلَّم عن نفسي: قرأتُ عدة مقالات للحلبي
ولأنصاره في دفاعهم عن رسالة عمان، وفي ردودهم على مَنْ يطعن فيها، فلا أذكر أني اطلعتُ
على مقال لأحدهم يذكر فيه تلك المواضع المنتقدة!، ويبين وجه الانتقاد فيها!، وحجمه!،
وحكمه!؛ إلا الطيباوي في بعض المواضع!، ثم قام بتأويلها!!، بل ترك مواضع أخرى أصرح
منها وأظهر!!!.
ومع هذا فقد قال الطيباوي في أحد المواضع المنتقدة:
((وهذا
مدخل
لفظي
إلى عقيدة
وحدة الأديان!!، وإنْ لم يقصده – ربما! - كاتب الرسالة، لأنَّ الديانات
الأخرى
ديانات شيطانية كافرة!، لا سماحة فيها، ولا خير، وهي محل سخط الله، فيجب أن
تكون محل سخط
المسلم. ووصفها بأنها
سماوية وصف لها بالشرعية)).
أقول: الحلبي وأنصاره في كثير من المخالفات صاروا
يصفونها بأنها (خطأ لفظي!)، ولهذا لم يخرج الطيباوي عن هذا النهج فقال: ((مدخل لفظي))!.
فهذا الطيباوي فهم من لفظة (سمحة) أنها مدخل لفظي إلى عقيدة وحدة الأديان!؛
فما بالك بلفظة (سماوية)، (إخواننا)،
(المؤمنين)، (أهل الديانات الأخرى)،
(عنوان أخوة إنسانية)،
(قوامها وحدة
الجنس البشري)، (وكرّم الإسلام الإنسان دون
النظر إلى
دينه)، (لا قتال حيث لا عدوان، وإنما المودة والعدل والإحسان)، (الاستفادة مما قدمه المجتمع
الإنساني من صيغ وآليات لتطبيق الديمقراطية)، (وندعو المجتمع الدولي إلى العمل بكل
جدية على تطبيق القانون الدولي، واحترام المواثيق والقرارات الدولية
الصادرة عن الأمم المتحدة، وإلزام كافة الأطراف القبول بها، ووضعها موضع التنفيذ).
وأصرح هذه
العبارات؛ قول صاحب الرسالة: ((مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات
الأخرى على صعد مشتركة، في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي
والاستقلال الفكري))؟!.
فهذه الكلمة صريحة وهي تدل على الدعوة إلى فكرة
توحيد الأديان للعمل بالقواسم المشتركة بينها دون التعرض إلى عقائد الآخرين!؛ وهي كلمة
خبيثة سيئة، أبطل ما يكون وأقبح ما يكون؛ كما وصفها الشيخ العباد، وهي كلمة ضلال وخلط
وتضليل للناس كما وصفها الشيخ الفوزان، ثم جاء الحلبي فقال في هذه الكلمة بالخصوص!:
((فأيُّ
ادِّعاءٍ (باطلٍ) ذاك في موضوعِ (وحدةِ الأديانِ) هذا؛ مع هذا (التنصيصِ الواضحِ
الجليِّ) على نَفْيِ ذلك وعَدَمِهِ))!.
أقول: فمثل هذا الفهم العليل لا يقنعه ولو جئنا
له بألف دليل!!!.
النقطة الثالثة: وصف الحلبي للموقعين على الرسالة
أنهم (علماء ثقات) مع إنَّ أكثرهم ضلال من الروافض والصوفية والإباضية ومن
الإخوان المسلمين ومن المفكرين.
أقول: أنكر الشيخ ربيع حفظه الله تعالى على الحلبي
إشادته بالموقعين المؤيدين لرسالة عمان فقال: ((ولم يقف عند هذا الحد بل مدح
مَنْ أيدها من الروافض والخوارج والصوفية،
وادَّعى أنهم علماء ثقات)).
فجاء الحلبي في مقاله الأخير فشنَّع على الشيخ
ربيع!، لكونه لم يقصد بهذا الوصف (علماء ثقات): علماء الروافض والخوارج والصوفية!.
فأقول:
من المعلوم عند الحلبي وأنصاره أنَّ من الموقعين
على رسالة عمان - ممَنْ يوصفون بأنهم (علماء) لا (حكَّام)! - إما أن يكونوا متصوفة أشاعرة من علماء الأزهر،
وإما إباضية خوارج من علماء عُمان، وإما من الإخوان المسلمين، وإما من أهل السنة.
ولا يوجد عالم من أهل السنة وقَّع على الرسالة
سوى فضيلة
الشيخ ابن مَنيع كما ذكر ذلك الحلبي وأنصاره في عدة مقالات لهم!.
لكنَّ الحلبي في أحد مقالاته أجمل القول؛ فوصف
الموقعين من العلماء بأنهم (علماء ثقات)، ولم يُفصِّل فيهم!.
مع إنَّ العالم الوحيد من أهل السنة هو الشيخ
ابن منيع!
وعلماء جمع!
والشيخ ابن منيع واحد!
فكيف؟!
ولينظر القارئ المنصف:
مَنْ الملام الآن؟!
آلشيخ ربيع الذي أنكر على الحلبي ذلك الوصف المجمل
الذي يتضمن الثناء لعلماء الضلال؛ ليتراجع عنه الحلبي وينتبه؟!
أم الحلبي الذي راح يُلزم الشيخ ربيعاً في غير
محل النقاش؟!
وأما قول الحلبي في مقاله هذا: ((وفضيلة الشيخ ابن مَنيع وغيرهما
من علماء المملكة العربية السعودية الأفاضل- حرسها الله من كل أنواع الغلوّ تكفيراً
وتبديعاً! - ممّن وقّعوا على (ميثاق رسالة عمان))).
قلتُ:
مَنْ
هؤلاء العلماء؟!
أذكر أسماءهم، وبيِّن ذلك بالبينات، وإلا فهي
كذبة ومجرد دعوى!
النقطة الرابعة: دعوى أنَّ الشيخ ربيعاً لم
يفرِّق بين رسالة عمَّان ومضامين رسالة عمان.
أقول: كثيراً ما نسمع من الحلبي وأنصاره أنهم
إنما يقصدون بالثناء والنصرة رسالة عمان فحسب!، ولا يقصدون محاورها ولا ملخصها ولا
شرحها ولا مضامينها!!.
والجواب عن ذلك:
إنَّ السلفيين إنما طعنوا في رسالة عمان نفسها
بعدما اطلعوا على بنودها!.
فكلامهم في الرسالة وليس في غيرها!.
ثم ازدادوا يقيناً بأنَّ المقصود منها الدعوة
إلى فكرة وحدة الأديان بعدما اطلعوا على محاورها وملخصها وشرحها!.
ومن المعلوم أنَّ الرسالة لها موقع خاص بها يسمى
(موقع رسالة عمان)، وهذا الموقع - الناشر لهذه الرسالة! - يحتوي على الشرح
والمحاور، بل ويحتوي على (كلمة سواء بيننا
وبينكم) التي تصرح بلا أدنى شك بالدعوة إلى هذه الفكرة
الخبيثة، وتنسب ذلك لرسالة عمان نفسها!؛ وأهل الدار أعلم بمَنْ في الدار من غيرهم.
ولا يتغافل الحلبي عن إشادته في أحد كتبه لصاحب
كتاب (إجماع
المسلمين على احترام مذاهب الدين)، وهو ملخص رسالة عمان!، وقد صرح هذا
الأخير بالدعوة إلى التقريب بين الطوائف وتوحيد الأديان؛ ومما قاله: ((وهكذا فإنَّ رسالة عمان في حد
ذاتها وبإقرارها للمذاهب والاعتراف بها، تحمل في طياتها العلاج الشافي
للتوتر
بين الأديان!، كما تحتوي على الأساس المشترك الذي يجمع بين المسلمين وغير
المسلمين!!)).
فماذا بعد هذا التصريح، وتلك الإشادة؟!
ولا يتغافل الحلبي أيضاً عن حضوره لمؤتمر في
يوم الأحد
2/3/2008، والذي عُقد في المركز الثقافي الملكي بدعوة من قاضي قضاة الأردن
الدكتور أحمد هليل بمشاركة قيادات وطنية ودينية - مسلمين ونصارى! - وسياسية
وثقافية وإعلامية وعلماء وقضاة ومفكرين؛ وقد دعوا فيه إلى التسامح الديني والإخوة الإنسانية
والتعددية وحرية العبادة وتحريم التعرض للأديان الأخرى!.
ولا يقول الحلبي كما يقول الطيباوي: فرقٌ بين وحدة الأديان وبين التسامح
الديني والأخوة الإنسانية!؛ لأنَّ الحلبي نفسه صرَّح أنَّ هذه الثلاثة كفريات!!!.
وذلك حينما قال في أحد هوامشه في تحقيقه لكتاب العبودية:
((فدندنة
بعض العصرانيين حول (وحدة الأديان) و (التسامح الديني) و (الأخوة الإنسانية) من ضلالات هؤلاء المبطلين!، وانحرافاتهم!، بل كفرياتهم!!، وإنما يريدون بذلك اجتثاث أصل
الإسلام!، ومحو حقيقة دين الله من النفوس!، فالحذر الحذر!!)).
أقول:
فأين الحلبي اليوم من الحلبي بالأمس؟!
بالأمس كانت هذه الألفاظ ضلالات وانحرافات وكفريات.
واليوم صارت مجرد ملاحظات وانتقادات!!
أو مجرد خطأ لفظي أو مدخل لفظي!!!
وأما قوله (هؤلاء المبطلين)؛ فلماذا ينزعج إذا وصفه أحد بذلك؟!
ولينظر القارئ إلى قوله: (اجتثاث أصل الإسلام!) و (محو حقيقة دين الله من النفوس!).
هل هذا تكفير أو غلو أو خروج؟!
فلماذا يقوم بالتشنيع والتشغيب والتهويل اليوم؟!
والعجيب:
أنَّ الحلبي قال في أحد مقالاته بعد أن ذكر تعليقه السابق على كتاب العبودية: ((فجزى الله خيراً مَنْ دلّني على هذا
النقل)).
أقول:
نعم،
دلَّك عليه، لكن هل استفدتَ منه؟!
لا
نرى ذلك!
بل
ازددتَ عناداً وإصراراً في محاربة ومعاداة الذين لم يزيدوا على ما كنتَ تقوله في الماضي!.
وأقول:
فنحن لا نرى فرقاً من حيث أصل الدعوة وغايتها
ووحدتها بين رسالة عمان وبين مضامين رسالة عمان؛ وهذا واقع ما له من دافع.
ثم لماذا لا يبين لنا الحلبي أو أحد أنصاره ما
هو الفرق بين رسالة عمان وبين الملخص أو المحاور أو المضامين؛ إنْ كانت هناك فروق حقيقية
– لا لفظية - بينها؟!
النقطة الخامسة: استنكار الحلبي وتشغيبه على
الشيخ ربيع لما قال فيه: ((والعجب الأشد من الحلبي الذي يحارب التكفير كيف ينصر أشد الناس تكفيراً؟! لا بد من وجود أسرار وراء الكواليس!!!!!)).
أقول:
هذا الكلام إنما قاله الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في إنكاره على الحلبي
لوقوفه مع المغراوي مناصراً ومنافحاً عنه.
فأين الإشكال في كون وجود أسرار وراء الكواليس؟!
فغلو المغراوي في التكفير بالجملة معروف ومشتهر في كتبه وأشرطته، وأنكر
ذلك عليه العلماء، ولم ينفرد بذلك الشيخ ربيع!.
والحلبي منذ فترة من الزمان يحارب الغلو في التكفير.
فماذا نسمي وقوفه بجانب المغراوي في فتنته؟!
أسرار وراء الكواليس!
فلماذا ينزعج الحلبي من ذلك؟!
ألأنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله تعالى صريح؟!
ولا يتغافل الحلبي عن الوثيقة التي كتبها أبو الحسن المأربي للشباب
السلفي في بريطانيا، ويربطهم فيها به وبسليم الهلالي حصراً!.
فماذا نسمي
مثل هذا الترابط والارتباط؟!
وكذلك محاربة الحلبي للحزبيين قديماً معروفة، ولكن علاقاته الجديدة مع
جمعية إحياء التراث وربط مركزهم بها؛ وهو يشهد بأنَّ عندها بعض المسالك الحزبية وانشغالهم
الكبير بالسياسية وعدم البراءة من أحد رؤوس التكفير؛ ماذا نسميه؟!
أسرار وراء الكواليس!
ثم لماذا يستغرب الحلبي من التغير والتلون في الدين؛ من محاربة التكفير
إلى الوقوف في جانب أحد التكفيريين؟!
فهذا (محمد إبراهيم شقرة) ألم يكن محارباً لدعوة التكفير؟!
والآن؛ أليس صديقاً لمحمد المقدسي ومنافحاً عن دعوته؟!
ماذا وراء ذلك؟!
أسرار الله أعلم بها.
فأين الإشكال؟
وما وجه التشنيع؟!
والنقطة السادسة والأخيرة: هي دعوى أنَّ الشيخ ربيعاً يصر على نسبة:
((اشتراط
الإجماع لقبول الجرح))، و((الغثائية)) وما شابههما، لعلي الحلبي.
أقول:
أما مسألة شرط الإجماع:
فالشيخ ربيع حفظه الله تعالى قال وهو يسرد تأصيلات الحلبي الفاسدة:
((دعواه الباطلة
أنه لا يبدع الشخص إلا إذا تم الإجماع على تبديعه)).
ومراد الشيخ بيَّنه بقوله في نفس المقال:
((و"لا يُقبَل التبديع إلا إذا أجمع العلماء
عليه"؛
وقصدهم: أنه إذا اتفق أهل السنة على تبديع شخص ما بالحجج والبراهين، وخالفتهم
هذه الزمرة
أو واحد منهم، لا يقبل هذا التبديع الذي خالف فيه هؤلاء أو أحدهم!)).
فهذا هو وجه إنكار الشيخ؟!
ومما قاله الشيخ ربيع حفظه الله تعالى أيضاً في نفس المقال:
((ومن أصولهم لرد الحق والحجج
والبراهين والثبات على الباطل: أصل "لا يلزمني" الذي جعلوه جُنة يدفعون بها
الحق!.
فمهما
خالف أحدهم الحق لا يرجع عن هذه المخالفة مهما عظمت!
ومهما
ساءت مواقفهم وأصولهم!
ومهما
دافعوا عن أنفسهم وعن أهل البدع والضلال بالباطل!
ومهما
طعنوا في أهل السنة بالباطل والكذب!
ومهما
يأت السلفي على أي مسألة بالأدلة والبراهين!
فلا يقبلونها؛
بل يردونها بهذه الجُنة "لا يلزمني")).
فمراد الشيخ: أنهم لا يرون الإلزام في تبديع
الشخص ولو قامت عليه الأدلة الواضحة والبراهين القاطعة إلا بشرط الإجماع!.
أما شخص مختلف في تبديعه، أو متفق عليه من قبل
علماء أهل السنة؛ ولكنهم يخالفونهم فيه؛ فلا إلزام ولا إنكار على المخالِف، لأنَّ الأمر
فيه سعة.
أقول:
وقد قال الحلبي في شريط مسجَّل له: ((ثم موقف عامة
الطلبة إذا أجمع أهل العلم على تبديع واحد لا يسعهم أن يخالفوا؛ إذا أجمعوا)).
قلتُ: فلينظر القارئ إلى اشتراط الحلبي في قوله: ((إذا
أجمعوا))!
وأقول:
والسؤال: وإذا لم يجمعوا؟
سيكون جواب الحلبي حتماً: يسع عامة الطلبة أن يخالفوا حكم العلماء المجرِّحين!
فالمقياس في قبول تبديع العلماء وعدمه – في نظر الحلبي وأنصاره – هو الإجماع،
دون النظر إلى الأدلة والبراهين!!.
وكذلك تعليقات الحلبي وإشاراته على مقولة: ((لا يُترك الرجل عندي حتى
يجتمع الجميع على تركه))، أو الأخرى: ((ولا يترك حديث رجل حتى يجمع الجميع على ترك
حديثه)) في كتابه [منهج السلف الصالح]، تدل على إنه لا يرى الإلزام بالتبديع ولا وجوب
قبول جرح المجروحين ولو كان من أئمة معتبرين إلا بشرط الإجماع!.
وكذلك نلاحظ أنه إذا انتُقِد الحلبي في تزكية شخص احتج بتزكية أي عالم
لذلك الشخص لمجرد رد الإلزام!؛ دون النظر إلى تفسير الجرح، بل هو يصرح أنه لا يرى الإلزام
بقبول الجرح المفسَّر المعتبر!.
فهذا كله يدل على ما قاله الشيخ ربيع في الحلبي، وأنه يشترط الإجماع في
لزوم قبول حكم العلماء في تبديع شخص معين!.
لكنَّ الحلبي بعد الرد عليه والإنكار أضاف شرطاً؛ وهو: أو بسبب مبين معتبر
مقنع!
فذكر (السبب المبين)، لكن قيده
بشرط (الإقناع)؛ وهذا في حال إنْ لم يجمع العلماء على تبديع الشخص!.
وصرح الحلبي في كتابه أنه لو كانت الأدلة واضحة والبراهين قاطعة فلا إلزام
إلا إذا اقتنع المخالِف، وما لم يقتنع فلا إلزام ولا إنكار!.
وشرط (الإقناع) كما هو معلوم
غير منضبط، لأنَّ قناعات الناس متفاوتة، ولا يُمكن لنا معرفة قناعة الناس، لأنَّ القناعة
هي الرضا، وهو أمر باطن، فليس هو شرطاً معتبراً.
فلم يبق إلا (الإجماع)!
فعاد الأمر إلى ما كان!: اشتراط (الإجماع) في مسألة الإلزام بتبديع المعين.
وأما مسألة (الغثائية):
فقد قال
الشيخ ربيع حفظه الله تعالى: ((وإذا وصف أحدهم الصحابة بأنهم "غثاء"، لا يعتبر سباً!،
ويضعون لذلك قاعدة: أنَّ هذه اللفظة "غثاء" إذا صدرت من سني فلا تعتبر سباً!!)).
أقول:
وهذان الأمران
ثابتان على الحلبي!
فهو لا
يعتبر لفظة "غثاء" في حق الصحابة - إلى الآن - سباً!.
نعم، يعتبرها
وصفاً باطلاً لا يجوز، لكن اعتبارها سب!، لا...لا.
وقعَّد
قاعدة: أنَّ قالها إن كان سنياً فهي من قبيل الخطأ اللفظي!، وإنْ كان مبتدعاً فهي سب!.
فأين افتراء
الشيخ ربيع عليك أيها الحلبي؟!
وأين الظلم؟
وأين البهتان؟
ونحن نتحدى
الحلبي وأنصاره أن يأتوا لنا بكلام للحلبي يخالف ما نقله عنه الشيخ ربيع كما تقدَّم
آنفاً.
وأقول:
ويتبين
لنا مما تقدَّم؛ أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله تعالى ما زاد على ذكر تأصيلات الحلبي
وأحواله!، ولكنَّ الحلبي يحذو حذو المأربي تماماً، فهما يعدان مجرد ذكر ضلالات الرجل
وانحرافاته وتأصيلاته الفاسدة، بل مجرد نشر أقواله وسردها بهتاناً وظلماً!، أو غلواً
في التكفير أو في التبديع!، والله المستعان.
وكتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.