الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛
أما بعد:
فقد دار
نقاش كبير وجدل فاضح بين (ياسين نزَّال) – المشرف والعضو المميَّز في منتديات الحلبي!، ومن أبرز طلابه
الذين أثنى عليهم في مقدمة كتابه "منهج السلف الصالح" الطبعة الثانية!، والمشارك
مع عماد طارق في كتابهما "الإبانة عن خيانة الصيانة"! - وبين
(متعصبة الحلبي الآخرين) في منتدياتهم حول مشاركة الشيخ ربيع حفظه الله في "مؤتمر
الوحدة الوطنية"، وذلك عندما اعترض ياسين نزَّال على أولئك الأصاغر - سناً ومنهجاً
وشأناً -، حينما زعم هؤلاء أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله شارك في المؤتمر مؤيداً ومقراً!،
لا منكراً ومعترضاً، فردَّهم ياسين نزَّال بحق وطالبهم بالعدل في الكلام وترك طريقة
الإلزام الفاسدة، فهبُّوا جميعاً في إسكات صوته!؛ لأنَّ الخصم هو الشيخ ربيع، ولا يجوز
الإنصاف والعدل معه!، ولا التماس المعاذير ولا الدفاع عنه!؛ حتى لو كان موقفه سليماً
مشرفاً!!!، إنما العدل والإنصاف والتماس المعاذير في حق الحويني والمأربي ومحمد حسان
وأمثالهم؛ ولو كانت مواقفه فاضحة ومخزية!!!.
وقد كان
الحلبي غائباً عن ساحتهم مسافراً، فحصل بينهم اختلاف شديد وفتنة واتهامات وإلزامات
باطلة وسوء أدب في النقاش!!!؛ وهذا إنْ دلَّ على شيئ فإنما يدل على أنَّ هؤلاء بالنسبة
للحلبي كالصبيان بالنسبة لأمهم!، إذا غابت عنهم تشاجروا وتضاربوا!، والسبب: أنهم ليسوا
على نهج واحد في التعامل والمواقف من الأعيان والأحداث، إنما جمعهم الحلبي ومنهجه الواسع
في منتديات "الكل"!!.
لكنَّ الحلبي بإسلوبه الساحر في البيان والمواقف
والأجوبة السياسية المجملة؛ يرضي هؤلاء ويسكتهم!، ويرضي الآخرين ويسكتهم!، ويوجِّه
سهامهم جميعاً نحو السلفيين الذين يصفهم بظلم وعدوان "الغلاة"!.
وهذا
ما حصل في مقال الحلبي [كلماتٌ
علميّة حول مشاركة الشيخ ربيع في مؤتمر (الوحدة الوطنيّة) وما أعقبه من نقاشات
جدلية]، ولستُ
بصدد الرد عليه؛ فقد أجاد إخواني في ردودهم وأحسنوا على هذا الرابط:
ولكن
أريد أن أقف وقفة تبين للقارئ والناظر مدى مصداقية الحلبي في الكلام؟!
قال الحلبي
في مقدمة مقاله المشار إليه: ((لما رجعتُ
بتوفيق الله ومنَّته رأيتُ حول المقال المذكور
كثيراً من الآراء والأقوال والأفكار والنقاشات التي تدل –بفضل الله وتوفيقه- على:
1. أنَّ (منتدانا) يتَّسم بكثير من رحابة الصدر وسعة الأفق، وبُعد النظر
في التعامل مع هكذا مسائل.
2. إضافة إلى إنصاف نادر - والحمد
لله -، لا تكاد تحلم به - ولا أقول: تراه!-في عالم الإنترنت – طولاً وعرضاً - حتى السلفي والإسلامي - منه - وللأسف الشديد)).
أقول:
الحلبي
لم يصدق أبداً في كلامه هذا!؛ والدليل على ذلك أمران:
الدليل الأول: أنَّ مقاله المثبَّت في منتداه مغلق منذ لحظة نزوله!
فماذا
يدل هذا؟!
على رحابة
الصدر وسعة الأفق والإنصاف؟!
لو كان
صادقاً في ثنائه على منتداه بالإنصاف وسعة الصدر لما أغلق مقاله هذا!!.
الدليل الثاني: أنَّ ياسين نزَّل قال وهو منسحب عن الكتابة في هذا المنتدى!:
((أقول لمن ينتظر جوابي: قد كتبتُ
من قبلُ ردَّين
في غاية من الأدب ولكنهما بقيا في طي الحذف مع أنَّ الموضوع الأصلي قد أرجع؛ والذي أراه يناقض تماماً كلام شيخنا المثبَّت.
فكان
لزاماً وتماشياً مع قواعد المنتدى التي بني عليها - وطالما أعيد نشر الموضوع الأصلي-
أن تنشر ردود جميع الأطراف تحقيقاً للعدل المأمورين به دفعاً للظلم المنهيين عنه؛ ولا
سيما نحن طلبة علم، وردودي لم تخرج عن الإطار العلمي الأدبي.
وإلا فالمسألة
– أحسبها - خرجت
عن إطارها المعتدل إلى الاستفزاز والصراع الشخصي؛ وهذا لا يجوز شرعاً.
وإذا
كنتُ بنقدي الاعتيادي لعضو من الأعضاء وفي مسألة يحتملها النقاش قد ارتكبتُ جرماً فاحشاً فعلى أقل الأحوال عاملوني بقاعدة: (لا يعامل المنهي عنه شرعا
معاملة المعدوم حِسًّا).
وأما
استعمال أسلوب المصادرة فهذا – أحسبه – معذرة بعداً عن جادة أهل العلم في الخلاف. أمّا بالنسبة للوحدة الوطنية فمفهومها يختلف باختلاف المكان؛
فالوحدة الوطنية في فرنسا ليست كالوحدة الوطنية في تونس، وليست كالتي في العراق، وليست
كالتي في أمريكا، وليست كالتي في المملكة العربية السعودية؛ لماذا؟
الجواب
سهل جداً: لأنها ترتبط بعقائد وثوابت الدولة نفسها فحسب.
ومن المعلوم
الواضح البين للناس كافة: أنَّ عقيدة المملكة العربية السعودية هي العقيدة السلفية
الصافية النقية، وأنَّ ثوابتها هي كلمة التوحيد.
فمفهوم
الوحدة الوطنية الذي جاء في هذا البيان كان بما لا يخالف عقيدة المملكة ولا ثوابتها؛
فاقرؤوا ذلك جيداً، ويكاد يتكرر في كل بند من بنود هذا الاتفاق.
ثم إنَّ
لغة البيانات السياسية لغة ترجع جميع مصطلحاتها إلى ثوابتها وقيمها وعقيدتها المفصلة
في دستورها وقوانينها الملحقة به.
فأين الخلل
إذن في موضوع الوحدة الوطنية المتعلِّقة بالمملكة العربية السعودية؛ والذي كان لازماً
على كاتب الموضوع غفر الله لي وله! أن يفهمه كذلك؛ لا أن يأخذ المصطلح بعيداً عن مكانه
وكأنه يتكلم عن دولة أخرى؟
هذا التفصيل
تجده عند أي عاقل عارف بمعنى الوطن والثوابت، ومن ثم المقصود بالوحدة ضمن هذا
الإطار. وهذا آخر ما أكتبُ في هذا المنتدى عضواً ومشرفاً)).
وكلام
ياسين نزال هذا كان في المشاركة (43) صفحة (5) في مقال [مشاركة الشيخ ربيع المدخلي في اتفاقيات أهل الأهواء والبدع حول
(الوحدة الوطنية!!!)]، وقد تم حذفها أيضاً!!!
فأين
سعة الصدر والإنصاف أيها الحلبي؟!
قلتُ:
وصحوة
هذا الرجل ونطقه بالحق يذكِّرنا بصحوة المشرف الآخر عندهم (باسم خلف) لما قال في انتقاده لأبي الحسن المأربي: ((واسمحوا لي بهذا التطفل على كلامكم....
إن أجزنا
للشيخ المأربي - سدده الله - بأن يتحدث عن (غلاة التجريح) في قلب أناس لا أجانب الصواب
إذا قلتُ فيهم - في كثير مما يذيعون - (غلاة التمييع)!، فإننا لا نستسيغ سكوته عن
(غلاة التمييع) هؤلاء!؛ خاصة وأنه لا ينبغي تأخير البيان عن وقت الحاجة!.
إنَّ المميعيين
للمنهج السلفي كثر.. وشيوخهم في ذلك - شعروا أم لم يشعروا - هم المميعون للإسلام!
لكن عتبنا
أن يصدر هذا التمييع للمنهج السلفي ممن يزعم أنه سلفي!، ويصدِّر للناس على أنه السلفي
المتوسط المعتدل...
والله
الذي لا إله إلا هو...
إنَّ
الذي يجيز لنفسه أن يمتدح الديمقراطية ويتمدحها- منهم - أقل ما يقال فيه: أنه مميع
للمنهج السلفي...
والذي لا
يرى بأساً في أن يتولى عليه الكتابي الولاية العامة أقل ما يقال فيه: أنه مميع للمنهج
السلفي...
والذي
يجيز الخروج على الحكام المسلمين الظالمين أقل ما يقال فيه: أنه مميع للمنهج السلفي...
والذي
يصدِّر مَنْ خالف منهج كبار أهل العلم بامتياز على أنه (إمام السلفية المعاصر) وأنه
(الأب الروحي) للدعوة السلفية أقل ما يقال فيه: أنه مميع للمنهج السلفي...
والذي
يدعو النساء مع الرجال والأطفال للخروج على الحاكم المسلم أقل ما يقال فيه: أنه مميع
للمنهج السلفي...
ثم...
الذي
يُصدِّر أمثال الشيخ القرضاوي ويجعلهم من العلماء بالمعنى الممدوح: فهو المميع للمنهج
السلفي...
والذي
يمتدح صاحب الظلال أمام الناس: فهو المميع للمنهج السلفي...
والذي لا
يحذِّر - وهو المشهور المتبع في بلده - من فكر الخوارج بشتى أصنافهم وألوانهم وأخص
المعاصرين منهم: فهو المميع للمنهج السلفي...
فضلا عن
أن يمتدح بعض هؤلاء ويُصدِّرهم ويجلس معهم ويسخر ويستهزيء ممن يصف أمثال هذا الخارجي
بهذا الوصف من أهل العلم، فمثل هذا أقل ما يقال فيه: أنه مميع للمنهج السلفي.
والذي يريد
أن يعيد النظر في كثير من المباديء السلفية: فهو المميع للمنهج السلفي...
والذي
لا يرى فرقاً جوهرياً بين منهج السلف وبين (الإخوان المسلمين): فهو المميع للمنهج السلفي...
والذي
يمتدح التجربة السياسية (للإخوان المسلمين): فهو المميع للمنهج السلفي...
ثم...
لا أعتب على أهل العلم
الذين بدَّعوا أمثال هؤلاء...
ولا أحرِّج على مَنْ اتبعهم
من طلاب العلم على ذلك...
ثم...
أعتب
على من يصف أمثال هؤلاء العلماء بسبب ذا بـ (غلاة التجريح) تنفيراً للناس منهم وصداً
للعامة وطلبة العلم عنهم..
أقول:
إنَّ
مصطلح (غلاة التجريح) صار مطاطاً يستعمله كل على هواه!، وبحسب ما يراه!.
فإذا
ضلَّل عالم معتبر طريقة (فلان) بالأدلة الصحيحة صار من غلاة التجريح!
وإذا حذَّر
علماؤنا من الخوارج المعاصرين - بحق - وسموهم، صاروا عند هؤلاء من غلاة التجريح!
وإذا حذر
علماؤنا من القرضاوي وكتابات قطب وكتابات الشعراوي.. وحذروا من ابن عبد المقصود وشيخه..
وحذروا من مثل عمرو خالد ومن على شاكلته... وإذا حذروا من المتصوفة والأشاعرة... وإذا
حذروا من (الإخوان المسلمين) ومن (التبليغ) صاروا من غلاة التجريح!
لا
حول ولا قوة إلا بالله...
وإذا نسب
للإمام الشافعي قوله - شعرا -:
إن كان
رفضا حب آل محمد... فليشهد الثقلان أني رافضي
وأتمثل
قوله: إنْ كان التحذير من الضلال وممن يعليهم ويصدرهم ويقتفي أثرهم ويمدحهم غلوا فليشهد
الثقلان أني من الغالين...
ونحن نؤمن
أنَّ الله حافظ دينه... فكما عاشت الجهابذة فحفظت السنة والحديث... فستعيش الجهابذة
في حفظ هذا الدين ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين..
ولا تزال
طائفة من أمتي على الحق ظاهرين... لا يضرهم من خذلهم ولا من وافقهم.. والله المستعان)).
لكن هذا
الأخير لم تدم صحوته طويلاً!، فبعد أن تدخلت الأم ونظرت إلى رضيعها الودود قد بدأ يُشاغب
ويؤذيها ويخالف طبعها ومسلكها قالت له عبر الخاص الذي شاء الله أن يكشفه: ((رأيتُ كلام أخينا أبي الحارث، فكتبتُ له: "تعليقكم بشأن
(غلاة التجريح!) و(غلاة التمييع!) كأنه ردة فعل ما؟! فلعلكم تعيدون النظر فيه!))، فإذا بالرضيع يعود إلى ثدي أمه ممسكاً به هذه المرة بشدة ليتغذى
منها حليب التمييع والتضييع!، ويبكي على تلك الغفوة التي أنسته الحليب؛ وهو يقول: نعم
يا أماه؛ اعذريني فقد غفلتُ أنَّ حليبك مكتوب عليه: (نعم للتلميع والترقيع!.... لا للتشنيع والتبديع!).
ثم بعدها
صارت كتابات هذا الأخير – وخاصة مع دلال الأمة وثنائها! – أشدَّ سوءاً من ذي قبل!!!.
ولا نستغرب
أبداً أن تتكرار من جديد هذه الصورة من (الصحوة) أو (الغفوة) من رضيع آخر مشاغب لأمه
عنيد!.
نسأل
الله لنا ولهم الهداية والتوفيق والسداد، وأن يجنبنا جميعاً الحزبية والتعصب للأشخاص.
كتبه: أبو معاذ رائد آل
طاهر
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.