الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله
وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فلا زال
الحلبي - بكل عناد وإصرار واستكبار - يردد كلامه في الثناء والدفاع عن رسالة عمان وما
تضمنته من دعوة ظاهرة إلى المساواة بين الأديان والتعايش السلمي على مبدأ الإخوة الإنسانية
والديمقراطية وحرية العبادة والأديان، ويكرر تشنيعه وهجومه على الناقدين له ولها من
أهل العلم والعرفان؛ هذا مع التلبيس والتهويل والتشغيب والإتهامات الباطلة لأهل السنة
وعلمائهم الصادقين؛ والذي قلَّما يخلو منه كلام له سواء كان مقالاً أو تسجيلاً.
وآخر
ما قرأتُه له – ولا أظنُّ أنه أخرها! – مقال بعنوان [ما جوابكم في ما نسب إليكم حول
قضية وحدة الأديان؟ يجيبك العلامة الحلبي] المنشور والمثبَّت في منتدياته، والذي أجاب
فيه الحلبي على هذا السؤال بما يدلُّ على الإصرار والعناد، وأنه ماض في دعوته الجديدة
لا يبالي لأحد!.
وقد دارت
في ذهني مجموعة من التعليقات أثناء قراءتي لهذه الأجوبة وما فيها من تلبيس وهذيان،
فأحببتُ أن أنشرها ليعلم كل سلفي غيور على دينه أنَّ الحلبي من أهل السفسطة والجدل
والعناد، لا تنفع معه نصيحة ولا ذكرى، إلا أن يشاء الله.
أجوبة
الحلبي والتعليق عليها:
1- قال الحلبي في أول جوابه:
((جاوبتُ عنها عشراتِ المراتِ، وبيَّنتُ براءتي
إلى اللهِ مِن هذا القولِ المُفترَى، القَولِ الكُفريِّ الذي لا يقولُهُ أدنى النَّاسِ
إسلاماً، وأقلُّهم عِلماً))
أقول:
أما جوابك فليس هو إلا مجرد إصرار على نصرة الباطل
والدفاع عنه بشتى الطرق، والثناء عليه بأبلغ العبارات، كقولك: ((وَما رِسالَةُ عَمَّان السَّبَّاقَةُ فِي شَرْحِ رِسالَةِ الإِسْلام الحَق الوسطيّة))،
وقولك: ((رسالة عمّان" شَرحٌ مُوجزٌ وعامّ، وبعِباراتٍ لطيفةٍ غير عَسِرَة؛ تُبَيِّنُ شمائلَ الإسلام، وخِصالَه العِظام))،
ووصفك للموقعين على هذه الرسالة: ((أقرَّها عددٌ كبيرٌ مِن الجهاتِ الرسميَّةِ في الأُردُنّ
وخارجها، مِن العُلماء الثِّقات!!، والوُلاة الأُمناء))، مع أنَّ جلَّ الموقعين عليها
– بل يكاد أن يكون كلهم – هم من علماء الرافضة والإباضية والأشاعرة والصوفية، وفيهم
دعاة الباطل من الحزبيين كالإخوان المسلمين ومَنْ على طريقتهم، وفيهم مفكرون ومثقفون
بعيدون عن لغة العلم والشرع.
وأما براءتك فقد قلتَ فيها: ((فمَن نَسَبَ إليَّ
- بالتجنِّي أو الإلزام! أو التقوُّلِ والاتِّهام -أنِّي أقولُ بهذه المَقولةِ الاعتقاديةِ
الكُفرِيَّةِ الفاضحةِ - أو بِشيءٍ مِنها - مِن قبلُ أو مِن بَعدُ: فلَنْ أُسامحَهُ
كائنًا مَن كان – أيًّا كان))، وقلتَ: ((إنَّ القولَ بوحدَةِ الأديانِ - وما إليها - كُفرٌ - وأيُّ كُفر-؛ لا يقولُ به إلا كافرٌ مُستَبِين، أو جاهلٌ غيرُ أَمين، أو ضالٌّ عن الحقِّ والدِّين))،
والكلام معك ليس في كون هذه الدعوة كفرية أم لا؟ ولا في نسبتك إلى القول بها؟
وإنما الكلام معك في ثنائك ونصرتك ودفاعك عن رسالة
عمان!، وتحريضك لأنصارك في الانتصار لها!، وإقرارك لمقالاتهم وثناؤك عليها، مع إنها
تشتمل على أعظم صور الانتصار للباطل!، وكذلك طعنك الشديد في أهل السنة وعلمائهم الذين
أنكروا هذه الرسالة وردوا عليك وعلى أنصارك الذين هبوا في نصرتها والدفاع عنها بمختلف
أساليب الكذب والتلبيس والسفسطة والجدل.
فهذا هو محل الاختلاف معك!
فلماذا هذا التزوير في الحقائق والتلبيس في الكلام؟!
فإن قلتم:
الرسالة ليس فيها دعوة إلى وحدة الأديان!
قلنا لكم:
إنَّ بنود الرسالة واضحة - لكل ذي بصر وبصيرة -
أنها دعوة إلى وحدة الأديان! وإلى المساواة! وإلى الإخاء! وإلى الحرية! وإلى الديمقراطية!
وإلى الإخوة الإنسانية! وإلى القوانين الوضعية الأممية...
فإما أنكم حقاً جهَّال لا تفهمون ظاهر الخطاب فضلاً
عن مقاصده وهدفه!
وإما أنكم ضلَّال سائرون على طريقة تمييع الثوابت
وتضييع الحق من أجل أوهام الوحدة الوطنية أو الإخوة الإنسانية!!
وأحلاهما مرٌّ!
طيب؛ إذا كانت رسالة عمان خالية من الدعوة إلى وحدة
الأديان!، فهل تجنَّى على صاحبها الشارحُ لها المعتني بها؟!!
فإنَّ الأمير غازي بن محمد بن طلال - وهو من العائلة
المالكة في الأردن - كتبَ رسالة سماها [محاور رسالة عمان]، وهو شرح لرسالة عمان وتوضيح!،
وهذا الشرح مثبَّت مع نص الرسالة في موقعها المسمى [موقع رسالة عمان]!!، أكَّد في هذا
الشرح الأمير غازي بما لا يحتمل الجدل أنَّ رسالة عمان دعوة إلى وحدة الأديان والتقارب
بين الطوائف!.
بل كتب هذا الأمير كتاباً سماه [إجماع المسلمين
على احترام مذاهب الدين]، دعا فيه بصراحة إلى وحدة الأديان وإلى التقريب بين الفرق
والطوائف المنتسبة للإسلام!، وبيَّن أنَّ هذا هو مقصد رسالة عمان؛ فقال: ((تمثل رسالة
عمان باعترافها الجلي بالمذاهب الإسلامية سلسلة كاملة بكل ما يطلب من المسلمين ليتعايشوا
بانسجام مع غير المسلمين!، والقضايا السبع الرئيسية هي كما يلي:
- حقوق الإنسان وحقوق الفرد والحريات والعدالة الاجتماعية.
- حقوق النساء والأطفال والأقليات العرقية.
- إدانة ومنع الإرهاب والعدوان وأعمال العنف الفردية.
- إدانة ومنع الجهاد العدواني وغير الشرعي وغير المبرر والقتل باسم الدين.
- ضمان الاحترام والتسامح للأديان الأخرى وحرية العبادة.
- أن يكون المسلمون مواطنين مخلصين يحترمون القوانين في الدول غير الإسلامية التي لا يُضطهدون أو يضايق عليهم فيها، إذا كانوا في هذه الدول يتمتعون بالعدل أمام القانون وحريتي العبادة والثقافة التامتين.
- أن يقرر المسلمون أنفسهم صيغة الحكم لأنفسهم!، من خلال مقاصد الشريعة، ويمكن أن يشمل هذا مبادئ من الديمقراطية الحديثة.
بهذا لا نقول بالطبع إنَّ كل وجهة نظر من خلال كل
مذهب ترضي الجميع، لكن من خلال كل المذاهب - بالتأكيد السنية والشيعية والإباضية!
- توجد بشكل عام حلول كافية للمطالب المعقولة في هذه القضايا السبع.
لأنَّ المذاهب في الإسلام، بالرغم من أنه يساء فهمها
ويلقى عليها اللوم لمنع التغيير والتطور في الإسلام، فإنها في الواقع قوة اعتدال
للدين!، وهي نظام داخلي لتحقيق التوازن والميزان.
طبعاً لا يقال بأنَّ رسالة عمان تحتوي شيئاً جديداً
حول المذاهب في هذه القضايا السبعة، غير أنَّ المذاهب احتوت دائماً على حلول شاملة
ومعتدلة لكل هذه القضايا ولكنها لا تُطبق دائماً في الواقع.
حيث شوَّه المسلمون بتطبيقهم الخاطئ صورة الإسلام
الناصعة؛ وذلك بسبب الجهل، أو العادات والأعراف المغلوطة أو الحماس الزائد.
وهكذا فإنَّ رسالة عمان في حد ذاتها وبإقرارها للمذاهب
والاعتراف بها، تحمل في طياتها العلاج الشافي للتوتر بين الأديان!، كما تحتوي على الأساس
المشترك الذي يجمع بين المسلمين وغير المسلمين)).
وفي موقع رسالة عمان المشار إليه آنفاً!؛ يوجد مقال
مثبَّت مع الرسالة بعنوان [كلمة سواء بيننا وبينكم] جاء في مقدمته:
((والآن، وبعد مرور عامٍ واحد بالتمام على تلك الرسالة
[يقصد رسالة عمان!]، قام المسلمون بتوسيع رسالتهم.
وفي الوثيقة التي تحمل العنوان "كلمة سواء
بيننا وبينكم" تلاقى ثمانية وثلاثون ومائة عالماً من العلماء ورجال الدين والمفكرين
المسلمين بالإجماع لأول مرة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلنوا على الملأ القاسم المشترك بين المسيحية
والإسلام!!. والموقعون على هذه الوثيقة ينتمون إلى جميع المذاهب والمدارس الفكرية
الإسلامية، مثل الموقعين على "الرسالة المفتوحة"!!.
كما وقد مُثِّلت جميع البلدان أو المناطق الرئيسية
الإسلامية في العالم في هذه الوثيقة، الموجهة إلى قيادات الكنائس في العالم، بل إلى
جميع المسيحيين في كل مكان.
والصيغة النهائية للوثيقة قُدِّمت في المؤتمر الذي
عقدته في شهر أيلول "سبتمبر 2007" الأكاديمية الملكية التابعة لمؤسسة آل
البيت الملكية للفكر الإسلامي بعنوان "الحب في القرآن الكريم"!، برعاية
صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
وفي الواقع؛ فإنَّ القاسم المشترك بين الدين
الإسلامي والدين المسيحي الذي يعتبر القاعدة الأفضل للحوار والتفاهم، هي: حب الله وحب
الجار.
ولم يسبق من قبل أنَّ المسلمين خرجوا بمثل هذا البيان
التوافقي التفصيلي المحدّد حول الدين المسيحي، وعوضاً عن الانخراط في الجدل والمناظرة،
تبنّى الموقعون على الوثيقة الموقف الإسلامي التقليدي الذي تتبناه غالبية المسلمين،
والقائم على احترام كتب الله قبل القرآن الكريم!!، ودعوة المسيحيين إلى المزيد
من الإخلاص لها والتمسّك بها!!!، لا التقليل من ذلك الإخلاص.
ويُؤْمل أن توفر هذه الوثيقة دستورًا مشتركًا للعديد
من المنظمات البارزة والأفراد الأكفاء العاملين في مجال الحوار بين الأديان في جميع
أنحاء العالم؛ فغالبًا ما تكون هذه الجماعات منقطعة عن بعضها بعضًا، لا تدري واحدتها
بما تقوم به الأخرى، مما يؤدّي إلى تكرار الجهد.
ما توفره وثيقة "كلمة سواء بيننا وبينكم"
لا يقف عند حد إعطاء هذه الجماعات نقطة انطلاق للتعاون والتنسيق على المستوى العالمي؛
بل يتعدى ذلك إلى أن يقام ذلك التعاون والتنسيق على أصلب أرضية دينية عقائدية ممكنة:
القرآن الكريم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم والوصايا التي وصفها السيد المسيح عليه
السلام في الإنجيل!!!، يشترك فيه الدين المسيحي والدين الإسلامي - بالرغم مما بينهما
من فروقات! - ليس فقط أصولهما بالتنزيل الإلهي وموروثهما الإبراهيمي!!، بل يشتركون
في أعظم وصيتين أيضًا)).
أقول:
فإذا كان الشارح لرسالة عمان وهو من العائلة الحاكمة
في الأردن، والمقال المثبَّت معها في موقعها (الخاص) يبينان أنَّ الرسالة هي دعوة إلى
وحدة الأديان، فما موقع الحلبي من الإعراب؟!!
طيب؛ إذا كانت الرسالة خالية من الدعوة إلى وحدة
الأديان؛ فما وجه إنكار ثلاثة من علماء الأمة – سماحة المفتي والشيخ صالح الفوزان والشيخ
عبدالمحسن العباد حفظهم الله- لفقرة واحدة من فقرات الرسالة يظنُّ الحلبي أنه أصرح
ما في الرسالة يدل على خلوها من هذه الدعوة الكفرية؟!
فيا ترى ما سيكون قول هؤلاء العلماء في محتوى الرسالة
كلها؟!!
أما دعوى الحلبي أنَّ الدعوة إلى وحدة الأديان لا
يقولها أدنى الناس إسلاماً وأقلهم علماً؛ فهذا يدل على عظم تلبيسه وتشغيبه!
لأنه يعلم أنَّ بعض زعماء الإخوان المسلمين يدعون
إلى هذه الفكرة بكل جرأة ووضوح، وهم بالنسبة لحزبهم وأنصارهم والمتأثرين بهم من أفضل
الناس علماً وإيماناً!!!.
فكيف ينفي وقوع بعض مَنْ ينتسب للإسلام أو ينتسب
للعلم في مراتع هذه الدعوة الكفرية؟!
أم أنَّ الحلبي على خطى المأربي الذي دافع عن زعماء
الإخوان هؤلاء مع صريح عباراتهم، ونفى عنهم الدعوة إلى هذه الفكرة في كتابه (الدفاع
عن أهل الأتباع)؟!!
فقد قال المأربي - وهو يُعرض كلام الشيخ ربيع في
أحد أشرطته ويُعلِّق عليه؛ في كتابه [الدفاع عن أهل الإتباع 2/438] -: ((وفي شريط
"لقاء في منزل أبي معاذ" [أ]، قال [يقصد الشيخ ربيعاً]: "البنا دعا،
الغزالي دعا إلى أخوة اليهود والنصارى!، نتآخى ونقف صفاً واحداً في وجه الإلحاد!".
فإذا كان الرجل مقتنعاً بما يقول؛ فلماذا لا يصرح بكفره؟!، وقد سبق أن قال – كما في
شريط "لقاء مع فضيلته بحائل" [أ] -: "ما فيش أكفر من الدعوة إلى وحدة
الأديان" اﻫ. فإما أن يصرِّح الرجل بما يعتقده
من تكفيره!، وإلا فهو متناقض!، أو لا يدري ما يخرج من دماغه!!!، أم أنَّ دعوة وحدة
الأديان من الأمور الخفية التي تحتاج إلى إقامة حجة؟!، وإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا
تصفها بقولك: "ما فيش أكفر من الدعوة إلى وحدة الأديان"؟!!)). انتهى كلام
المأربي.
قلتُ: المأربي بهذا التهويل والتشغيب صرف ذهن القارئ
من أصل الخلاف؛ وهو تبني حسن البنا ومحمد الغزالي دعوة وحدة الأديان، إلى منازعة الشيخ
ربيع في دعوى تكفير هؤلاء!!!..
مع إنَّ الشيخ ربيع حفظه الله تعالى لم يزد عن ذكر
ضلالاتهم!، ولم يتطرق إلى الحكم بتكفيرهم أبداً!، لكنَّ المأربي ملبِّس ماكر، ومدافع
عنيد عن الإخوان المسلمين؛ الذين يعتبرهم - كما صرح بذلك مراراً - من أهل السنة.
وقد قال حسن البنا - مؤسس حزب الإخوان المسلمين
في كتاب [الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ1/409] -: ((فأُقرر: أنَّ خصومتنا لليهود
ليست دينية!!، لأن القرآن حَضَّ على مصافاتهم ومصادقتهم!!، والإسلام شريعة إنسانية
قبل أن يكون شريعة قومية)).
ويقول محمد الغزالي في كتابه [من هنا نعلم]: ((إنَّ
هناك أُسساً لجمع المنتسبين إلى الأديان في صعيد واحد؛ وهي تجمع بين اليهودي والنصراني
والمسلم على أنَّهم إخوة سواء بسواء)).
وقال:((إننا نستريح من صميم قلوبنا إلى قيام
اتحاد بين الصليب والهلال!!، والذين يخوضون في العلاقات بين عناصر الشعب المصري
صنف من الناس لا يطمئن إلى تقواه ولا ابتغاء وجه الله)).
وقال: ((فإننا يجب أن نمدَّ أيدينا وأن نفتح آذاننا
وقلوبنا إلى كل دعوة تؤاخي بين الأديان وتقرب بينها!، وتنتزع من قلوب أتباعها
أسباب الشقاق. إننا نقبل مرحبين على كل وحدة توجِّه قوى المتدينين إلى البناء لا الهدم،
وتذكرهم بنسبهم السماوي الكريم، وتصرفهم إلى تكريس الجهود لمحاربة الإلحاد والفساد،
وابتكار أفضل الوسائل لرد البشر إلى دائرة الوحي بعدما كانوا يفلتون منها إلى الأبد)).
أليس هذه دعوة إلى وحدة الأديان والإخاء والمساواة
بينها؟!
أليس محمد الغزالي من أكبر زعماء الإخوان المسلمين؟!
فكيف ينفي الحلبي صدور هذه الدعوة من أدنى الناس
إسلاماً وأقلهم علماً؟!
بل هذا عدنان عرعور يقول وهو يهتف بالناس كعادته:
((أيها الناس في كل مكان، وأيها المسلمون في كل مكان، وأيها المسيحيون في كل مكان؛
هذه الآية تقول: "اعتصموا بحبل الله"، يعني حتى المسيحي مطلوب منه الاعتصام
بحبل الله، واليهودي مطلوب منه، وهكذا تكون وحدة الأديان، تكون وحدة الأديان
على الاعتصام بحبل الله الصحيح؛ يعني بالإنجيل الذي نزل على عيسى عليه الصلاة والسلام،
بالتوراة الذي نزل على موسى، بالقرآن الذي نزل على محمد. إننا إن تمسكنا به حقيقة؛
بما نزل في هذه الكتب الثلاث: فنحن وقتئذ اعتصمنا بحبل الله)).
أي إنجيل يتكلَّم عنه هذا المفتون؟!
وأي توراة يدعو إليه هذا الضال؟!
ألا يعلم أنَّ الإنجيل والتوراة محرفان؟!
ألا يعلم أنَّ الدين عند الله هو الإسلام الذي جاء
به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا يقبل الله سواه؟!
ألم يقرأ يوماً قول النبي صلى الله عليه وسلم:
((أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟! وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ
جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ
بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ
إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِيِ))؟!
ألا يعلم أنَّ الاعتصام بحبل الله الذي أمرنا به
هو الاعتصام بالقرآن والسنة؟!
فما هذه الدعوة التي يدعو إليها؟!
الدعوة إلى وحدة الأديان!
فهل العرعور – أيها الحلبي - لا يدخل في أدنى الناس
إسلاماً ولا أقلهم علماً؟!
نترك الجواب لك!
2- ومما قاله الحلبي أيضاً:
((بل أقولُ: عِشنا دهرَنا -كلَّه- نُحاربُ الحزبيَّةَ
والمذهبيَّة والفِرقَ والطَّائفيَّةَ، ونرفضُ -بشدَّةٍ- التَّقريبَ بين المذاهب الباطلةِ
مع أهل السُّنَّة؛ فمَن رفضَ التَّقريبَ -مُجرَّد التَّقريب!- بين المذاهب الباطلةِ
السُّنِّيَّة؛ هل ترونهُ يَقبَل بالوحدةِ بين الأديانِ؟!!))
أقول:
لكنك صرحتَ مؤخَّراً بكل وضوح أنك كنتَ في الماضي
– أي في وقت تلك الردود والحرب ضد الحزبية والفرق و..و..! - من أهل الغلو!!، ثم ظهر
لك الآن أنَّ هذا ليس هو الحق، ورجعتَ عن ذلك، فقلتَ: ((بالله عليكم انظروا وقارنوا
بين الرفق الذي وفَّقنا الله عز وجل إليه في هذه الفترة الأخيرة؛ بعد أن غصنا
وكدنا نغرق في الغلو والتعنت وشيء من الشدة، أقول هذا، ونعترف به، ولا نستكبر في أن
نعتذر منه، وأن نرجع عنه، ووالله كما ظهر لنا أنَّ هذا ليس على الحق!، لو ظهر أنَّ
هذا الذي نحن فيه الآن ليس على الحق لتركناه أيضاً بدون أي إشكال)) [مقطع صوتي، وانظره
في مقال ((الحلبي يتقلب من (غلو شديد!!!) إلى (غلو أشد منه بمراحل!!!) في سحاب].
فحربك أيها الحلبي ضد الحزبية والفرق والمذهبية
والطائفية ودعوة التقريب بينها كانت في الماضي!، وماضيك قد تراجعتَ عنه في الفترة الأخيرة
كما صرحتَ في كلامك السابق!!.
فأين المصداقية في جوابك هذا عن وحدة الأديان؟!
وهل نعاملك بماضيك أم بحاضرك؟!!
استقر أيها الحلبي على رأي مرة في حياتك!
ثم إذا كنتَ حقاً كما تزعم تحارب التقريب بين المذاهب:
فكيف تشيد بجهود الأمير غازي في كتابه [إجماع المسلمين
على احترام مذاهب الدين] وهو يدعو - من أوله إلى آخره - إلى التقارب بين المذاهب والطوائف؟!
قال الحلبي في حاشية رسالته [الدعوة السلفية بين
الطرق الصوفية والدعاوى الصحفية ص54]: ((وهذا الكتاب بفكرته الأساس يدلُّ على سلامة
صدور أولياء أمورنا!، وعِظَمِ رغباتهم بالخير!، ونقاء قلوبهم؛ ولا نزكيهم على الله،
زادهم الله توفيقًا!!)).
3- ومما قاله الحلبي في جوابه:
((لكن: بابُ الإلزام، وجزى الله خيراً الشَّيخَ
محمودًا على تَنبيهِهِ الدَّائمِ على قضيَّةٍ -في الحقيقةِ- كثيرٌ من النَّاس عنها
غافلون، وهي: قضيَّة الإلزام، على مذهب الشَّيخ الصُّوفي والحذاءَين؛ أم نسيتُم؟ هذا
هو الإلزامُ الذي نحنُ اليومَ نُعاني منهُ الأمرَين والأَمَرَّين!)).
أقول:
أخذ الناس بالإلزام الباطل هو ما عليه الحلبي ومنتدياته
كما صرَّح بذلك مؤخَّراً ياسين نزال - وهو أحد كبار مشرفيهم المعروفين -، وهذا الإلزام
هو الذي اضطرَّ هذا المشرف أن يقاطع منتديات الحلبي بالكلية!، ويشنُّ عليهم هجوماً
في الإنكار والتشنيع بسبب طريقتهم الفاسدة في الإلزام!!.
ومن أمثلة الإلزام الباطل عندهم والذي أنكره مشرفهم المذكور:
- مسألة المقارنة بين علماء أهل السنة وبين أهل البدع في (لقاء عبدالرحمن عبدالخالق)!
- ومسألة (المشاركة في مؤتمر الوحدة الوطنية) بين موقف الشيخ ربيع وبين موقف الحلبي!
وأما أهل السنة فيأخذون الناس بصريح عباراتهم من
كتاباتهم وتسجيلاتهم؛ لكن هذا لا يعني عدم التشنيع والإنكار على مَنْ تصدر منه كلمات
مجملة وعبارات مشتبهة تحتمل الحق وتحتمل الباطل، فقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله على
مَنْ قال (لفظي بالقرآن مخلوق)؛ لأنه كلام لا يخلو من فساد، وقد يُستغل من الجهمية
للتوصل إلى مذهبهم الفاسد.
كذلك إلزام الناس بالانقياد إلى الأدلة والبراهين
هذا من الإلزام بالحق، فليس كل إلزام باطلاً، والحلبي وأمثاله يُنكرون الإلزام بعبارات
مجملة ليكون الأمر على الخيار؛ هذا له رأيه وذاك له رأيه، من غير إلزام لأحد!.
ثم إصرار الحلبي وأمثاله على قواعدهم الفاسدة وأصولهم
الكاسدة بعد أن بيَّن لهم العلماء والمشايخ بالأدلة الصريحة والنقول الموثَّقة فساد
تلك الإصول والقواعد؛ ألا يعني أنهم ملتزمون بلازم أقوالهم؟! وهذا على فرض أنَّ المخالفات
التي تصدر منهم هي من لازم أقوالهم!؛ وليس الأمر كما يزعمون، بل هي من صريح عباراتهم.
4- ومما قاله الحلبي في جوابه:
((يا إخواني: أنا أثنيتُ على رسالةِ عَمَّان: هل
كلُّ ما في رسالة عمَّان باطل؟ الجواب: لا، أنا أثنيتُ على رسالةِ عمَّان ثناءً لا
يتجاوزُ السَّطرَيْن -في مُناسبةٍ معيَّنة-))
أقول:
فالحلبي يعترف أنه أثنى على رسالة عمان سواء كان
هذا الثناء لا يتجاوز السطرين أو الكلمتين؛ لا فرق!، لأنَّ الرجل قد يتكلَّم بـ(الكلمة
الواحدة) يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً!، فلا معنى للتقليل من شأن هذا الثناء!.
والسؤال: هل ثناؤه على هذه الرسالة كان صواباً أم
غلطاً؟!
يحتاج منه إلى جواب صريح!، وحبذا لو يذكر للقراء
ما قاله له الشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله بسبب ثنائه هذا؟!
أما قوله: ((هل كلُّ ما في رسالة عمَّان باطل؟))
فجوابه: وليس كل ما في التوراة والإنجيل المحرفين
باطل!
ولا في كل كتب الرافضة والمعتزلة باطل!
ولا كل ما كتبه ابن عربي وسيد قطب باطل!
هل هذا يسوِّغ الثناء على هذه الكتب؟!!
عجيب أمرك وغريب جوابك أيها الحلبي!
5- وقال الحلبي في جوابه:
((ويجب أن يُعلمَ أن رسالةَ عَمَّان: هي رسالةٌ
كتبَها وليُّ أمرِ بلادِنا؛ وبالتَّالي: فإنَّها مِن كلامِ وليِّ الأمرِ، ولا نزالُ
نسمعُ من عُلمائنا السَّلفيِّين، ومشايخِنا الأثريِّين؛ أنَّهم يقولون، ويُقرِّرون،
ويُؤكِّدون: (لا يجوزُ الإنكارُ على وليِّ الأمرِ بالعَلن)؛ فـ: لماذا على دَور (علي
الحلبي) صار وُجوب الإنكار على وليِّ الأمر بالعَلن؟!! لماذا ناقضُوا منهجَهم السَّلفيَّ
- الذي يُعلِّمونه غيرَهم - في هذا الباب؟!!))
أقول:
هل كان علماؤنا يثنون على ما يقوم به ولاة الأمور
من منكرات في العلن أو ما يظهر لهم من انحراف ظاهر في الدين؟!
الجواب كلا
فكيف ومنتديات الحلبي لم تكتف بالثناء على رسالة
عمان فحسب!، بل أصبحت تدعو لها وتبارك فيها وتنتصر وتدافع عنها، بل أصبحت هذه المنتديات
ومشرفها يصفون الذين يردون الباطل والضلال الموجود في هذه الرسالة بالخوارج ومشابهة
أهل التكفير!؛
فهل هذا من منهج علمائنا الأوائل؟!
وهل هذا هو معنى (لا يجوزُ الإنكارُ على وليِّ الأمرِ
بالعَلن) عند سلفنا الصالح؟!
فلماذا هذا التلبيس أيها الحلبي؟!
ثم أين أنت أيها الحلبي من إنكار الإمام أحمد رحمه
الله على القائلين بخلق القرآن علناً والتحذير من عقيدتهم؛ ومنهم خليفة المسلمين وأعوانه
من ولاة الأمور من أمراء وعلماء وقضاة وأعيان الدولة؟!
هل في موقف الإمام أحمد هذا نقض لمنهج السلف في
عدم جواز الإنكار على الأمراء بالعلن؟!
أم فرقٌ عندك بين عقيدة (خلق القرآن) وفكرة (وحدة
الأديان)؟!
وكلاهما من العقائد الكفرية كما لا يخفى على ذوي
العرفان!
ثم هل موقفك
أنت وحزبك في منتدياتك من رسالة عمان والناقدين لها يدل على احتمال وجود الإنكار منكم
على هذه الرسالة في السر؟!
لا يصدِّق ذلك إلا جاهل بليد!، فدع عنك مثل هذا
التلبيس فهو لك غير مجد ولا مفيد!.
6- وقال الحلبي:
((هل تعلَمون أن رسالةَ عَمَّان؛ مِن الموقِّعين
عليها: خادمُ الحرَمَين الشَّريفَين الملِك عبدالله بن عبدالعزيز حفظهُ اللهُ؟ هل تعرِفون
أن رسالةَ عمَّان؛ مِن الموقِّعين عليها: الشَّيخُ عبدُالله بن سُليمان المنيع حفظهُ
الله؟ هل تعلمون أن مِن الموقِّعين على رسالةِ عَمَّان؛: مجلس وُزراء الأوقافِ العرب،
والذي مِن ضمنِه الشَّيخُ صالح آل الشَّيخ -وزير الأوقاف والشُّؤون الإسلاميَّة السعودي،
وهو مِن أجلِّ علماء هذا الزَّمان؟ هل تعلمون أنَّ مِن الموقِّعين على رسالةِ عَمَّان:
مجلس رابطة العالَم الإسلامي؟ إلى غير ذلك مِمَّا لا تتخيَّلون، وأظنُّ أنهُ مِمَّا
كنتم تَجهلون!)).
أقول:
وهل تعلم أيها الحلبي أنَّ أغلب الموقِّعين عليها
– ممن لم تذكره بأعيانهم هنا! - هم من أئمة الضلال ودعاة الباطل من الروافض والصوفية
والأشاعرة والإباضية والإخوان المسلمين ودعاة الثقافة الهدَّامة والفكر الفاسد؟!
فما معنى تدليسك في قولك: ((إلى غير ذلك مِمَّا
لا تتخيَّلون، وأظنُّ أنهُ مِمَّا كنتم تَجهلون!))؟!
ثم أليس العبرة للغالب أم للنادر؟!
وهل يُعرف الحق بقائله أم بدلائله؟!
أما حكَّام المسلمين اليوم فليسوا في منصب الإفتاء
الشرعي كما هو معلوم، وإنما العبرة في مثل هذه المسائل الكبار بقول العلماء الراسخين!.
ولا يغيب عن ذهنك أنَّ أحد القادة الموقِّعين هو
أحمد نجاد الرئيس الإيراني!!، ولا أظنك تعده من الأمناء كما وصفتَ غيره؟!
والعلماء هم الموقِّعون عن الله وليسوا الأمراء
كما لا يخفى على مَنْ قرأ مقدمة كتاب [إعلام الموقعين عن رب العالمين] للعلامة ابن
القيم رحمه الله، فالحجة بهم لا بغيرهم!.
أما الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع فهو من دعاة
فقه التيسير المعاصر (فقه التمييع والإباحة كما يسميه البعض!)، وقد بيَّن سعد الحصين
في مقاله [رسالة نقد لفكر الشيخ عبدالله بن منيع] أنَّ الشيخ محمداً بن إبراهيم رحمه
الله قد هجره نحواً من سنة بسبب مخالفته الظاهرة في مسألة جواز النحر قبل يوم النحر!،
فمثله لا يعتد بقوله إلا مَنْ كان مثله في التمييع!.
وأما دعواك أنَّ من ضمن الموقِّعين على رسالة عمان
هم مجلس وزراء الأوقاف العرب ومن ضمنهم الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله؛ فليست هذه الدعوى
دقيقة!، فمَنْ رجع إلى الموقع الخاص برسالة عمان، وقرأ الخبر الخاص بمجلس وزراء الأوقاف
العرب يجد أنَّ هذا المجلس ينعقد في كل عام مرة، وكان محور انعقاده الكلام عن التحديات
التي يواجهها المسلمون، وكذلك مناقشة المشروع الكويتي الذي هو بعنوان [الوسطية مشروع
حياة]، وقد تمَّ إقرار هذا المشروع مع مشروع [وسطية التفكير والحكم على الأشياء]، ثم
بعد ذلك اطَّلع المجلس على المذكرة المقدمة من قبل الأردن حول ما ورد في رسالة عمان
وما توصل إليه المؤتمر الإسلامي الدولي المنعقد في عمان، وبعد تبادل الرأي كما عبَّر
بيانهم الختامي بذلك، قرر المجلس التأكيد على ما ورد من قرارات المؤتمر الإسلامي الدولي
للأخذ بها وعرضها على المؤتمر القادم، وعلى الإشادة برسالة عمان وما حملتُه من مضامين
تعرِّف بالإسلام وحقيقته.
فمثل هذا الإجمال - وبخاصة بعد تبادل الرأي حول
المذكرة والرسالة وقرارات المؤتمر!، وتأجيل الإقرار على ما ورد فيها إلى العام القادم!!
- لا يُمكن لنا أن ننسب إلى الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله أنه من الموقِّعين على رسالة
عمان بهذه الصورة!؛ وإنْ كان هو رئيس المجلس وقتئذ؟!
لأننا لا ندري هل كان الشيخ صالح من الموافقين أم
من المخالفين عند تبادل الآراء؟!
وهل المجلس يعتمد في قراره الختامي على مبدأ الأكثرية
أم على الحجة والبرهان؟!
وكم من الناس يحضر مؤتمرات خاصة به أو يشترك فيها
ثم لا يوافق على بعض قراراتها؟! وهذا أمرٌ لا يحتاج إلى برهان ولا إطالة في الكلام،
فدع عنك هذه التدليس أيها الحلبي؟!
أما مجلس رابطة العالم الإسلامي، ففيه من أشكال
الناس مع اختلاف عقائدهم وتوجهاتهم ومذاهبهم وطرائقهم، وما يصدر منه من فتاوى مصادمة
للنصوص معلومة، فمثل هذا المجلس لا يتقوى به ويرجع إليه - في أمثال هذه المسائل - إلا
متتبع للرخص متهاون!.
ومتى كانت مثل هذه الهيئات والمجالس هي المرجع عند
السلفيين حتى تصح الإحالة إليها؛ لأنَّ شرطها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ))؟!
ولكنَّ الحلبي في حاله الجديد يتبع كلَّ قول شاذ
لأنه يوافق هواه!
7- وقال الحلبي أيضاً:
((هل تعلمون أنَّ رسالةَ عَمَّان الآنَ تُعقد لَها
في كلِّ سَنةٍ ثلاث أو أربع دوراتٍ في شرحِها في الأردن في أعلى المستويات!، ويُجلب
إليها الدارِسون من كلِّ أنحاء العالَم الإسلامي وغيرِ الإسلامي؟! وآخرُ ذلك: قبل أربعة
أيَّام (الدَّورة التَّاسعةَ عشرة)!!. هل تعلمون أنَّ رسالةَ عَمَّان: رسالةٌ مفروضةٌ
الآنَ على الجامعاتِ، والمعاهدِ، والطُّلاب والطَّالبات، والدَّوائرِ، والوزارات في
الأردن وعلى مستوى البلدِ كلِّها؟! هل تعرفون أنَّ رسالةَ عمَّان تُرجمت إلى اللُّغات
الحيَّة كاملةً؟!))
أقول:
معرفتنا بهذا كله هو الذي يدفعنا إلى بيان ما فيها
من باطل وكشف ما تحتويه من ضلال!.
فانتشار ما فيها من عقائد باطلة ومقررات مضلة في
هذه الأماكن وعبر هذه المستويات الرفيعة يحتِّم على السلفي الغيور فضلاً عن العالم
والشيخ وطالب العلم المشهور أن يحذِّر من هذه الرسالة ومن محاورها ومضامينها، ولا تأخذه
في الله لومة لائم، ولا تثنيه عن ذلك مرضاة حاكم.
ولكنَّ الحلبي وحزبه فعلوا عكس ما يجب عليهم!، ولو
أنهم سكتوا عن التحذير منها لما برئت ذمتهم يوم القيامة!؛ فكيف وهم يثنون عليها ويدافعون
عنها ويدعون لها ويشرحونها في منتدياتهم؟!
ثم هذه عقائد الأشاعرة وأهل الضلال تُدرَّس في الجامعات
والمعاهد على الطلاب والطالبات؛ فهل هذا يعذرنا أمام الله عز وجل من ترك الرد عليها
والتحذير منها؟!
وهذا الخليفة المأمون فرض عقيدة (خلق القرآن) في
البلاد وعلى العباد في مختلف المجالس والأماكن؛ فهل كان ذلك سبباً مقبولاً للسكوت عن
هذه العقيدة؟!
فكيف والمسألة ليس في سكوتكم فحسب؛ وإنما في ثنائكم
ونصرتكم؟!!
8- وقال الحلبي:
((والكلامُ الذي دُعي وزُعم أنَّه وحدةُ أديانٍ
هو كلامٌ مُجمَل؛ لأنَّ الرِّسالةَ أصلاً دُبلوماسيَّة؛ الرِّسالة ليست متنَ
"كشف الشُّبهات"، ولا متنَ "القواعدِ الأربعة"، ولا متن
"المنظومةِ البيقونيَّة"!. الرِّسالة رسالةٌ ملَكيَّة، كتبها مَلِكُ البلادِ
ليشرحَ الإسلامَ في واقعٍ الإسلامُ فيه ضعيف، ماذا يستطيعُ الضَّعيفُ إلا أن يتكلَّم
بعباراتٍ يُريد أن يُقرِّب فيها الأفهامَ، وأن يُبعد عنها الاتِّهام؟!))
أقول:
إذا كانت الرسالة كتبت بلغة دبلوماسية!، وبكلام
مجمل من ضعيف!، فهل تستحق أن توصف بأنها سبَّاقة في شرح رسالة الإسلام الوسطية؟!
وإذا كانت رسالة عمان ليست متناً كمتن (كشف الشبهات)
ولا (القواعد الأربعة)؛ فهل تستحق أن تشرح في (60) حلقة في إحدى القنوات الفضائية!،
ثم يُؤلَّف فيها كتاب (إغاثة اللهفان بشرح رسالة عمان)، كما فعل صاحبكم عمر البطوش
بإقرار منكم وثناء ودعوة في منتدياتكم؟!
ثم إنَّ كلامنا معكم ليس حول الرسالة وكاتبها وظروفها،
وإنما في ثنائكم ونصرتكم ودعوتكم لها!، فكفاكم تلبيساً ومراوغة؟!
9- وقال الحلبي:
((الموضعُ الذي ذكروا أنَّ فيه وحدةَ الأديان؛ أقول:
فيه ما يَنقضُ هذه الدَّعوى، ويكشفُ هذه الفِريةَ -لا أقول هذا دفاعاً عن رسالة عمَّان؛
رسالة عمَّان يوجد دبلوماسيُّون ووُزراء ومسؤولون -و.. إلى آخره - مَن يُدافعون؛ أنا
إنَّما أُدافع عمَّا ظُلمتُ به، وقُوِّلتُه، وافتُري علي -ولا يزال!-!))
أقول:
لا أدري والله؛ هل يظن الحلبي أنه يخاطب أناساً
لا عقول لهم؟!
إذا كانت هذه الدعاية الإعلامية لرسالة عمان والحرب
الهوجاء ضد ناقدي ما فيها من ضلال وباطل وتقريرات قبيحة في منتديات الحلبي؛ ليس دفاعاً
عن الرسالة، فلا نعرف معنى الدفاع قط؟!
فحبذا لو عرَّفوا لنا حقيقة (الدفاع) وضابطه؟!
وهذا يذكرنا بما فعله المأربي في الانتصار لأهل
الباطل من زعماء الإخوان المسلمين والطعن بالشيخ ربيع حفظه الله في كتابه (الدفاع عن
أهل الاتباع)؛ ثم يزعم أنه لا يدافع عن هؤلاء؟!
فيا أيها الحلبي لقد قرأ الناس مقالاتك ومقالات
حزبك الكثيرة جداً - التي انتصرتم فيها لرسالة عمان وطعنتم بالناقدين لها – فلا يُمكن
إخفاء هذه الحقيقة الفاضحة لكم!!، وسيبقى ذلك عار في جبينكم وصفحة سوداء في تاريخكم
إلا أن تتوبوا إلى ربكم وترجعوا عن ضلالكم وتصلحوا ما أفسدتم وتبينوا ما حرفتم، وأنى
للمجادل المراوغ أن يهتدي إلى الحق؟! والله يهدي مَنْ يشاء إلى صراط مستقيم.
10- وقال الحلبي:
((لَم أتوقَّع -حقيقةً- أن أُسأل مثل هذا السُّؤال؛
لأنِّي قد انتهيتُ منه - مِرارًا وتكرارًا - ووضحناه، وكتبنا فيه عشرات الصَّفحاتِ)).
أقول:
ما فائدة التكرار - ولو كان مئات الصفحات! - إذا
كان مجرد جدال ومراوغة وإصرار واستكبار؟!
فهذا التكرار إنْ دلَّ على شيء فإنما يدلُّ على
زيادة في الغي والضلال!.
11- وقال الحلبي:
((أقول -وأُكرِّر-: هذا الواقع -الذي ما له مِن
دافع-، في إطارٍ الكلامُ فيه مُوهِمٌ ومُشتَبهٌ؛ مع وجودِ عبارةٍ غَضُّوا عنها الطَّرفَ
ولم يَذكُروها ولم يُورِدوها، وعندما ذَكَروها قَلَبوا معناها، وحرَّفوا لفظَها!!.
في نفس رسالةِ عَمَّان عندما ذُكرت الشُّبهةُ، أو
ذُكر الكلامُ الذي اشتَبهَ على المُدَّعي والمُفتري أنَّها تقولُ بوحدةِ الأديان!،
وبالتَّالي أنَّ دفاعي عنها، أو أنَّ ثنائي عليها يَلزم مِنهُ الثَّناء على وحدةِ الأديان
- بِتلكمُ اللَّوازمِ الفاشِلة الباطلةِ -؛ خَرجوا بِتِلك النَّتيجةِ الفاسدة.
ما هي الكلمةُ التي غَضُّوا عنها طرفَهم، ولا أكاد
- بل أكاد أن أقول -: ووضعوا عليها أيديَهم؟ (التَّميُّز العقدي)...
بعد أن ذكَروا هذا كلَّه؛ قال: (وهذا لا يَمسُّ
التميُّزَ العقدي)؛ يعني: أن كلَّ أهل دِينٍ لَهم دينُهم، وكلَّ أهل عقيدةٍ [لَهم]
عقيدتُهم، وهذه الرِّسالة كتبها إنسانٌ مسلم يَعتزُّ بإسلامِه، يعتزُّ بنَسَبِه الموصولِ
بالرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام على ما عندهُ مِن أخطاء، وعلى ما عندهُ من تقصير؛
لكنَّ الكلامَ الآن في أن يُتَّهم تُهمةً فيها مثلُ هذا الأمر))، وقال: ((أيُّ احتمالاتٍ
هذه أكثرُ مِن الاحتِمالاتِ الواردةِ على هذا الكلامِ الدُّبلوماسي؟ مع وُجود كلمة
(التَّميُّز العقدي) التي تَنفي كلَّ تَخيُّل في موضوع وحدة الأديان؟))
أقول:
لقد بلغ الحلبي في الإصرار على الباطل والاستكبار
عن قبول الحق غايته!
فها هو يأتي إلى كلمة في مقطع من رسالة عمان، يظن
أنها المفصَّل الذي يحل به الإشكال والإجمال، مع علمه أنَّ هذه الكلمة هي التي عُرِضَت
على الشيخين صالح الفوزان وعبدالمحسن العباد حفظهما الله تعالى فبينا أنَّ الرسالة
تشتمل على الضلال والباطل وهي أقبح ما يكون وأبطل ما يكون!!!.
فلو كانت هذه الكلمة التي يشير إليها الحلبي هي
البرهان على خلو الرسالة فكرة وحدة الأديان؛ فكيف يصفها العلماء بالباطل والضلال والقبح؟!
إما أنَّ العلماء لا يفهمون الخطاب؟!
وإما أنَّ الحلبي نفسه لا يفهمه؟!
وإما - وهو الأقرب - أنَّ الحلبي على منهجه في التماس
المعاذير للباطل وأهله بشتى الأساليب الملتوية؟!
ثم كيف غضَّ السلفيون عن هذه الكلمة كما يزعم الحلبي
وقد عرضوها على العلماء في سؤالهم؟!
بل لم يعرضوا لأهل العلم إلا هذه الكلمة من الرسالة!
فأين الحلبي من الصدق؟!
11- وقال الحلبي:
((لا تقول: هذا الشَّيءُ كُفر؛ إلا وقد استنفدتَ
الوجوهَ التي من المُمكن أن لا تكونَ كذلك))
أقول:
على هذا القاعدة الباطلة لا يوجد كفر قط!؛ لأنَّ
الوجوه والاحتمالات والشبهات والتأويلات لا تنتهي!، فيبقى الشيء لا يوصف بأنه كفر حتى
نستنفد كل ذلك!، وأنى يحصل النفاد وشياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول
غروراً بما لا يعرف له نهاية في قاموس التلبيس وتزيين الباطل؟!
وإنما الكفر ما ثبت بأنه كفر في كلام الله تعالى
أو في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أو دلَّ الإجماع على أنه كفر، هذا هو الضابط،
ولا عبرة بما يذكره الناس من وجوه واحتمالات عليه!، وإنما العبرة بجمع النصوص والعمل
بالأدلة كلها، لأنها لا تختلف، وأما نظرات الناس وأفهامهم فتتفاوت وتضطرب.
أما على قاعدة الحلبي هذه فلا يُمكن لنا أن نقول
في شيء من عقائد الفرق ودعاة الضلالة أنه كفر؛ لأنَّه لا يخلو من وجوه يوردها هؤلاء
في نصرة باطلهم!، فلا يُحكم بأنه كفر حتى تستنفد كل الوجوه!!، وهذا غاية في الفساد.
12- وقال الحلبي:
((وللأسف..
وللأسف.. وللأسف!! أنَّ بعضَ الذين يَحمِلون لواءَ الطَّعنِ بالعبدِ الضَّعيف في موضوع
(رسالةِ عَمَّان) وقد مضى بالمناسبةِ عليها ستُّ سنوات، ولَم يُنبش عليها إلا قبل سِتَّةِ
شُهور!!؛ كأنَّ الأمرَ في الزَّمان الماضي كان مقبولًا، والآن صار غير مقبول!!، لوجودِ
المسوِّغات والمُبرِّرات ووو.. إلى آخرِ هذه الأمور!))
أقول:
لقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يحسن الظن
في ابن عربي الملحد ويقرأ له في أول الأمر كما حكى ذلك عن نفسه، لكنه لما اطَّلع على
كلامه في وحدة الوجود، أفرد له جزءاً خاصاً في الردِّ عليه وكشف زندقته.
فهل يُعدُّ
شيخ الإسلام ممن نبش ماضي هذا الرجل؟!
وهل كان أمر ابن عربي عند شيخ الإسلام في الماضي
مقبولاً، وصار بعد ذلك غير مقبول لوجود نفس المسوغات والمبررات التي يشير إليها الحلبي
في كلامه؟!
13- وقال الحلبي ناقلاً عن أحد السلفيين ولم يسمِّه!:
((يقول: (أنا لَم أتَّهم الحلبيَّ بأنَّه يقولُ
بوحدة الأديان، ولكنِّي قُلتُ إنَّه يُثني على رسالة عَمَّان التي تضمَّنت وحدة الأديان)!.
أنا أقولُ: هذا وحدَه كافٍ لإسقاط كلامِه من أصلِه!،
مع أنَّه يقول في موضِعٍ آخر يقول: (الحلبيُّ يُظهرُ دفاعَه، أو يُظهرُ إنكارَه وحدةَ
الأديان مع أنَّه في الباطنِ يُدافعُ عن وحدةِ الأديان)!، إذا لَم يكنْ هذا هو التَّكفير
المُبطَّن؛ فماذا يكون؟!!))
أقول:
ما وجه إسقاط الكلام الأول لهذا القائل؟!
لم يبين الحلبي لنا ذلك!
وأما الكلام الثاني فلا ندري هل نقله بنفس اللفظ
أم غيَّر فيه كعادته في البتر والتحريف؟!
ومع هذا فأمر الحلبي وحزبه في قضية وحدة الأديان
ومجلسه في المؤتمر الذي انعقد لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوقيع الحلبي على
ما ذُكر فيه من دعوة إلى وحدة الأديان؛ قد يسبب مثل هذا التردد في نسبته إلى القول
بهذه العقيدة الكفرية، وليس مَنْ هو أعلم منه معصوماً من الوقوع في الكفر بقصد أو بغير
قصد!، فكيف بمثله؟ وما قصة عبدالله القصيمي عن أذهاننا ببعيدة!، والله نسأل أن يحفظ
ديننا من الكفر فما دون.
14- وقال
الحلبي:
((لذلك: ذهب بعضُ المتعصِّبين المتحزِّبين إلى بعضِ
المشايخ الأفاضلِ المُعتَبَرين مِن علماء مكَّة، قالوا له: يا شيخ؛ ماذا تقولُ بالحلبيِّ؟
فذكرَ ما يعرفهُ عنِّي أننَّي من أهلِ السُّنة على الأقل، فقيل: لِماذا لا تُبدِّعه؟
قال: أُبدِّعه!؛ لماذا؟ قال: يقولُ بوحدةِ الأديان!، قال: إذن يجبُ أن أُكفِّره لا
أن أُبدِّعَه!!، ففرُّوا على أعقابِهم نُفورًا!!)).
أقول:
إنْ صحت هذه القصة!
فالحلبي يناقض نفسه بنفسه!، لأنه قال في براءته
المعلنة: ((إنَّ القولَ بوحدَةِ الأديانِ وما إليها كُفرٌ؛ وأيُّ كُفر-؟! لا يقولُ به إلا: كافرٌ مُستَبِين، أو جاهلٌ غيرُ أَمين، أو ضالٌّ عن الحقِّ والدِّين))،
فهذه ثلاثة مراتب لمن قال بهذه العقيدة الكفرية على لسان الحلبي نفسه!
إما (كافر) مستبين!
وإما (جاهل) غير أمين!
وإما (ضال) عن الحق والدين!
فالقائل بهذه العقيدة قد يكون جاهلاً!، وقد يكون
ضالاً!، ولا يكون بالضرورة كافراً، فما هو وجه الإنكار علينا؟!
ونحن لم نقل: أنَّ الحلبي كافر!
وأما كونه جاهلاً؛ فالجهل يُرفع بالبيان والعلم
والحجة والبرهان، وقد قام بذلك أهل العلم وطلبته بأتم البيان وبما لا يسع أحد الاعتذار
بالجهل بعده، مع أنَّ الحلبي يعرف تمام المعرفة – وقد صرَّح بذلك بنفسه – أنه يعرف
كفر هذه العقيدة وما فيها من دعوة باطلة.
إذن لم تبقى للحلبي إلا مرتبة الضلال!
فما وجه الإنكار؟!
هذا آخر ما أردتُ التعليق به على هذا الجواب، والله
أسأل أن يوفِّق الجميع إلى معرفة الحق والامتثال له.
كتبه: أبو معاذ رائد آل
طاهر
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.