قال المأربي في مقال له بعنوان [تعزيز
فتوى علماء الدعوة السلفية في اليمن حول تنظيم القاعدة] منشور في منتداه، وهو بتاريخ
2/6/1431هـ:
((لقد أكثر الأخ أبو لجين من دائرة توجيه
السؤال لي عن حكمي على بعض قادة التنظيم، كأسامة ابن لادن أو غيره، بل جزم بأنني أخرجهم بأعيانهم من أهل السنة!، وهذا لجهله
بما أنا عليه!، أو لتقليده من ليس أهلاً، وكان الأولى به والأستر
عليه أن يسألني فقط عن موقفي ممن أراد السؤال عنه، دون جزم منه
بموقفي دون علم به.
وإلا فإنني أسير على قاعدة عامة
في الحكم على الآخرين مع هذا التنظيم!، وغيره
من الجماعات!، والطوائف!، والملل!، والنِّحَل!، وملخَّص هذه القاعدة: أنني
أُفرِّق في حكمي على مَنْ ينتمي إلى "الإسلام" بين الحكم على القول والحكم على القائل، وبين الحكم على الفعل والحكم على الفاعل،
وبين الحكم على العموم - وهو التأصيل الشرعي
للمسألة - والحكم على الأفراد والأعيان، وهو التنزيل للحكم الشرعي عليهم-
وهذه القاعدة تشمل الحكم على الآخر: تكفيرًا، أو تفسيقًا، أو تبديعًا، وهي القاعدة
المشهورة: باستيفاء الشروط وانتفاء الموانع، فلا أحكم على مسلم ينتمي إلى الإسلام،
ويتبرأ مما سواه، بأنه كافر لمجرد وقوعه في الكفر – قولاً أو فعلاً أو اعتقادًا- إلا
بعد استيفائه شروط التكفير، وانتفاء موانع التكفير عنه، من جهل، أو تأويل، أو خطأ،
أو إكراه، ونحو ذلك، وقد لا يكون المرء جاهلاً، أو قد يقع في مكفِّر معين لا يُتصور
فيه العذر بالجهل، لكن قد يكون مكرهًا، أو متأولاً، أو قد يصدر منه الكفر عن غضب شديد
أو إغلاق...الخ، فهذا يكون معذورًا.
كما لا أحكم على مسلم سني ينتمي إلى السنة
وأصولها، ويتبرأ مما خالفها من البدع إذا وقع في أمر يوجب إخراجه من أهل السنة، وإلحاقه
بأهل البدع – ولا يكون ذلك إلا بموافقة أهل البدع في أصل من أصولهم التي فارقوا بها
أهل السنة، لا مجرد المسائل الخلافية أو الاجتهادية- فإنني لا أحكم عليه بعينه بأنه
خارج من دائرة أهل السنة إلا بعد استيفائه شروط هذا الحكم وانتفاء موانعه عنه كما سبق،
علمًا بأن هذا المقام ليس كلأً مباحًا لكل أحد، إنما يُرجع فيه إلى أهله من كبار أهل
العلم والقضاة، أما أن يُترك مقام التكفير والحكم على الآخرين لمن دبَّ ودرج، أو لمن
يميلون إلى جانب الشدة والعنت، فلا يخيَّرون بين قولين: أحدهما بالتكفير، والآخر بما
دونه إلا اختار الأول، إلى غير ذلك من أوصاف غير المؤهلين؛ ففي هذا فساد عريض، وبلاء
مبين!!.
أما تنظيم القاعدة: فقد أعلنتُ ردِّي
على فكره الذي انحرف به عن منهج أهل السنة والجماعة من وقت بعيد، وناظرتُ عددًا من حملة هذا الفكر، سواء انتموا إلى التنظيم حركيًّا
أم لا، وألفتُ في ذلك عدة مؤلفات، وبعضها في طريقه إلى الظهور – إن شاء الله تعالى-.
وأعتقد أنَّ فِكرهم قد وافق فِكر
الخوارج في عدة أمور - وإنْ كنتُ لا أحكم على أفرادهم
بذلك لما سبق تفصيله!، ولوقوعهم في التأويل الخاطئ!، مع حرص الكثير منهم على الخير!!!، والتأويل عذر ومانع؛ ولذا فالحكم إنما
هو على الأفعال والأقوال والمناهج التي ينشرونها في الناس،
ولابد من بيان ذلك وتوضيحه بعدل وحَزْم.
وإلا فهم من جملة أهل السنة – من حيث الانتماء
والانتساب - سواء كانوا من أصول سلفية أو إخوانية!!!، أو
غير ذلك!!.
إلا إذا ثبت أنهم أو بعضهم قد أقيمت
عليهم الحجة؛ إقامة تزيل شبهتهم، وتقطع عذرهم وتأويلهم وما
يتعلقون به من أدلة وأقوال، ثم أصروا على قولهم عن هوى وإعراض!،
فيلحقون بالمبتدعة آنذاك، وهذا ما لم أعلم وقوعه حتى كتابة هذه الأحرف!!، ونسأل الله للجميع الهداية والرشاد.
وإذا كنا قد حكمنا على أفراد وجماعات ينتمون إلى السنة، بأنهم من أهل السنة انتماءً
وانتساباً!، مع أنهم أبعد ولاءً للسنة من كثير من شباب القاعدة!!،
وأقل تمسكاً بالدين؛ وذلك لعدم قيام الحجة الكافية عليهم
- مع التحذير مما أحدثوه في الدين-؛ فمن باب أولى هؤلاء)).
قلتُ:
كلامه لا يحتاج إلى تعليق، بل
مجرد عرضه على القراء – غير المتعصبين – يعرفون منهج هذا المميع المفتون؛ المنهج الواسع
الأفيح!.
وإني لأتعجب من بعض الناس الذين
ينقلون كلام المأربي في كتابه الدفاع عن أهل الإتباع في موقع كل المنحرفين، حول حكم
المأربي على الإخوان والتبليغ وغيرهم بأنهم مناهج مخالفة لمنهج أهل السنة، ويعدون ذلك
تبرئة له من قوله الصريح [جلسة عدن المشهورة] في إدخالهم في إطار أهل السنة والجماعة.
وكأنهم لم ينقلوا في (منتداهم)
ما ذكره المأربي هذه الأيام في الأحداث الجارية!!!.
ففي لقائه
[حول الأوضاع الراهنة على الساحتين العربية واليمنية]
سأله المحاور السؤال الآتي:
س/
كل الحركات الإسلامية على الساحة في نظر التيار الوهابي مخالفة ومبتدعة ومارقة، ما
هذه الرؤية التي تحملونها على الآخرين؟ ولماذا ترون في أنفسكم لوحدكم سفينة نوح؟
أجاب
المأربي بقوله: ((هذه فرية بلا مرية، بل إنَّ أهل السنة – الذين تسمونهم
أنتم: وهابية - هم أعدل الطوائف في الحُكم على المخالف، ولا يحكمون على معين بكفر،
أو بدعة، أو فسوق، أو عصيان، إلا بعد استيفائه شروط هذا الحكم، وانتفاء جميع الموانع
المانعة من إطلاق هذا الحكم عليه، فلو تخلّف شرط واحد، أو وُجد مانع واحد؛ لم يحكموا
على الفاعل أو القائل، وإن حكموا على الفعل أو القول بما يليق شرعاً.
ولو
فرضنا أنَّ عالماً أخطأ في حكم صدر منه، أو طالب صغير أطلق حكمًا ما؛ فأين هذا من حكم
الطوائف الأخرى بكفر أهل السنة، وأنهم أنجس من الكلاب والخنازير، أو الحكم بضلالهم،
وابتداعهم، وعمالتهم، وخيانتهم، ...الخ.
ثم
أين هذه الطوائف وهؤلاء الأفراد الذين حكمنا عليهم بما ورد في السؤال؟ سَمُّوا لنا
الحاكم بذلك والمحكوم عليه حتى يعرف الناس صدق هذه الادعاءات من كذبها؟!!
ألسْنا
نقول: إنَّ جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ التي نعرفها جماعات من أهل السنة
والجماعة، ومن خالف ذلك من أفرادهم، فيُحكم عليه بما يستحق؟
ألسنا
نحكم على الصوفية بأنها فرقة مُصَنَّفة عند أئمة السنة بأنها من فرق السنة بالمعنى
العام، وإنما تُنْكَر أفعالهم أو أفعال بعضهم المخالفة للدين،
ولا يُحْكم على المعين إلا بالقيود السابقة؟
ألسْنا
نتكلم على ضرر العلمانية والليبرالية، دون الطعن في إسلام أحد الدعاة إلى ذلك
– فضلاً
عن الأتباع-؟
بل
من هو الاشتراكي أو البعثي الذي كفَّرناه بعينه، وإن كنا نفنِّد المقالات ونحذَّر منها؟
وأما
أننا نرى أنفسنا كسفينة نوح؛ فهو من القول المائل عن الصواب أيضاً، لأننا نفرق بين
المنهج الذي ندعو إليه، وبين الأفراد الذين ينتمون إلى هذا المنهج، فمنهج السنة منهج
معصوم، لأنه المنهج الإسلامي قبل أن يدخله الدخيل، ولأنه إجماع العلماء، والأمة لا
تجتمع على ضلالة، أما نحن فأفراد غير معصومين، نصيب ونخطئ، ونعلم ونجهل، ولا يجوز تقليدنا،
ولسنا ميزاناً ومعياراً على الحق والخلْق: من كان منا فهو الناجي جزماً، وإلا فهو الهالك
بلا تردد!!، بل لا نقطع لأنفسنا بالنجاة، إنما نرجو للمحسن من المسلمين، ونخاف على
المسيء منهم.
ونعلم
أنَّ أهل السنة فِرَقٌ متعددة، فمنهجهم معصوم، وأفرادهم غير معصومين،
والحق لا يفوت إجماعهم، وما فيهم من شر أو جهل أو ظلم فهو في غيرهم أكثر، وما عند غيرهم
من خير، أو علم، أو عدل، أو فضل؛ فهو فيهم أكثر)).
أقول:
ثم
ليتأمل قراء منتداهم كلمة المأربي: ((ونعلم أنَّ أهل السنة فِرَقٌ متعددة))!!،
ماذا تعني لهم؟!
والبعض
من كتاب (منتديات كل السلفيين) يزعم أنَّ المأربي تراجع عن قوله في إدخال الأحزاب المعاصرة
في إطار أهل السنة؛ وذلك في كتابه [الدفاع عن أهل الإتباع]!
فأقول:
كلامه
في كتابه [الدفاع عن أهل الإتباع] هو بتاريخ 29/12/1419هـ،
وكلامه أعلاه في أحداث الانقلابات والمظاهرات الشعبية المعاصرة، هذه أولاً.
والثانية:
هو يتكلم في كتابه الدفاع عن منهج هذه الأحزاب المعاصرة وأنه مخالف لمنهج أهل السنة
والجماعة، ولا يتكلَّم عن خروجهم من جملة فرق أهل السنة!؛ وهذا طبعاً لتناقضه واضطرابه،
وتلاعبه على عقول السذَّج من حزبه وأنصاره!.
قلتُ: ولينظر
القارئ إلى كلامه في (تنظيم القاعدة) وأنه فكر منحرف عن منهج أهل السنة والجماعة، ثم
يعود فيقول: هم من جملة أهل السنة والجماعة!!.
فهذا
الأمر ليس بمستغرب عند المأربي!!.
فأنصح
أولئك القوم:
أن
لا يتقلَّبوا مع تقلبات المأربي، وأن لا يدلِّسوا على القراء؛ والله المستعان.
أبو
معاذ رائد آل طاهر
� e f n P� "Traditional Arabic";
color:black;mso-bidi-language:AR-IQ'>هل هذه كلها تستحق الاعتذار لسيد قطب!، بينما
القشة التي قصمت ظهره – عند الحلبي - هي طعنه في معاوية وعمرو رضي الله عنهما فحسب؟!
الأمر حقاً يستحق العجب!
الوقفة
الرابعة: وبعد أن نقل الحلبي كلام
سيد قطب وطعنه في معاوية وعمرو رضي الله عنهما، والذي (أقنعه) ولم (يقنعه) ما سواه،
قال: ((فوالله لقد جاءتني غضبة الحقُّ الكُبَّار، وحميةُ
النصرة للصحب الأخيار؛ أفاضل الخلق الأبرار، فعمَّن يتكلَّم هذا؟! ومَنْ هو ذا حتى
يقول مثل هذا الكلام الفجِّ؟!)).
أقول:
الحمد
لله ...الحمد لله...الحمد لله!
أخيراً
جاءت غضبة الحق وحمية النصرة، الحمد لله رب العالمين!
لكن
ألا يراها القارئ المنصف أنها متأخرة جداً!.
ومع
هذا:
فالحمد
لله أنها جاءت!
لكن
متى تأتي هذه الغضبة والحمية في مَنْ وصف بعض الصحابة بـ(الغثاء)؟!
ولماذا
كان الحلبي يجادل عنهم؟!
بل
وصل الأمر به أن لا يعتبر وصف الأصحاب بالغثاء سباً استدلالاً بحديث ((ولكنكم يومئذ
غثاء كغثاء السيل))!!!.
فالسؤال
المطروح للحلبي: أليست غثاء من الكلام الفجِّ؟!
فأين
غضبة الحق الكبَّار وحمية النصرة للصحب الأخيار؟!
أين
هي يا رجل؟
هل
ماتت؟!
إنا
لله وإنا إليه راجعون!
الوقفة
الخامسة: قوله بعد تلك الغضبة والحمية:
((أفأُتابعُ هواي، وأغضُّ طرفي، وأنصاع لعاطفتي؟!
أم أن الحق أحقُّ بالإتباع، وأجدر بالاقتناع؟!
هو هذا
والله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فكأنها شوكة وانتقشت)).
أقول:
وهذا
اعتراف صريح من الحلبي أنه كان يلتمس المعاذير لسيد قطب من باعث الهوى والعاطفة!
فما
الفرق بين الأمس واليوم؟!
وبخاصة
أنَّ ضلالات القوم الذين يدافع عنهم اليوم فرع من ضلالات ذاك الأصل!.
ثم:
إذا
كان انحراف واحد من انحرافات سيد قطب في كلمة صدرت منه أوجب الإتباع و (الإقناع)؛ فما بال الحلبي لم (يقتنع) بما تقدَّم من انحرافات
الرجل الكثيرة وضلالاته الجسيمة؟!
ثم
أين (الإقناع)؛ وأهل العلم اليوم أوقفوا الحلبي على عدة انحرافات وضلالات
– وهو يقر بذلك! – لمن يدافع عنهم ويجادل؟!
هل
الشوكة التي أصابك بها هؤلاء أشد من الشوكة التي أصابك بها سيد قطب؟!
لماذا
يسر عليك انتقاش شوكة سيد قطب بينما عسر عليه انتقاش شوكة هؤلاء؟!.
الوقفة
السادسة: أنَّ كتاب الحلبي [حق كلمة الإمام الألباني في سيد قطب] إنما ردَّ فيه على وائل البتيري في كتابه [كلمة حق للمحدِّث الألباني في الأستاذ سيد قطب] وعلى مقدميه (محمد إبراهيم شقرة) و (صلاح الخالدي)، وردَّ
فيه أيضاً على تشغيبات ابن محمد إبراهيم شقرة، وعلى كل مَنْ يُعظِّم سيد قطب ويغلو
فيه ويدافع عنه ويبرر له، وبيَّن الحلبي تناقضاتهم ومغالطاتهم الكثيرة.
وذكر
الحلبي في ص9-10 من مقدمة الكتاب، وهو يُبين الغاية من كتابته: ((لامتحانهم، وإقامة الحجة عليهم، لعلهم يرجعون إلى الحق كله،
لا أن يتراجعوا عنه جله، فلقد موَّه القوم كثيراً كثيراً، وشوَّهوا، وكابروا، واستكبروا،
وكأنَّ قراءهم لا عقول لهم)).
ثم
بعد المدخل للكتاب، ذكر الموقفين الواقعين له، ومنه: موقفه من التماس المعاذير لسيد
قطب، ثم رجوعه عن ذلك؛ بعدما اطلع على طعن سيد قطب في معاوية وعمرو رضي الله عنهما.
وهذا
يعني: أنه يدعوهم إلى التراجع ويلزمهم به؛ وإلا فما معنى إقامة الحجة عليهم؟!.
بل
علي الحلبي يلزمهم بجرح سيد قطب والتحذير منه بنفس كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى
في سيد قطب الذي نقلوه هم (المردود عليه) ولم (يقتنعوا) به!، وأخذه من مصادرهم الحلبي
وألزمهم به وجعله دليلاً على تناقضاتهم ومغالطاتهم وعنادهم!.
والسؤال
المطروح للحلبي الآن:
أين
موقفك هذا من تعظيم عدنان عرور والحويني ومحمد حسان وأمثالهم لسيد قطب ودفاعهم عنه
وجدالهم للسلفيين فيه؟!
ما
الفرق بين (محمد إبراهيم شقرة) وبين (عدنان عرور) مثلاًً؛
وكلاهما معظِّم لسيد قطب وغال فيه؟!
أم
أنَّ (علاقة) عدنان عرور معكم، و(عداوة) محمد إبراهيم شقرة لكم؛
هي المقياس؟!
والسؤال
الآخر: كيف تلزم القوم بكلام الألباني في سيد قطب وقد
نقلوه هم ولم يقتنعوا به؟!
فأين
شرط الإقناع في الإلزام الذي تدندن حوله اليوم؟!!
نسأل
الله تعالى السلامة من إتباع الهوى.
والله
الموفِّق.
أبو معاذ رائد آل طاهر
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.