-->

الأربعاء، 13 فبراير 2013

ما موقفكم يا أنصار الحلبي وحزبه من انتقادات شيخكم على رسالة "رفقاً أهل السنة بأهل السنة"؟!



 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإنَّ من عادة أنصار الحلبي التي لا تنفك عن كثير منهم أينما حلُّوا وحيثما كتبوا، أنهم يكثرون الأسئلة الجدلية التي لا طائل من ورائها وليست هي من صلب الموضوع الذي يُناقشون فيه!، وإنما غايتهم الجدل المقيت والسفسطة الفارغة والابتعاد عن أصل الموضوع!؛ وليست غايتهم الوصول إلى الحق والحقيقة ولا مناقشة الموضوع بتجرد من الهوى ومتابعة الدليل والبينة!.
وأسئلتهم هذه هي من نوع:
- ما تقولون في رسالة كذا التي أثنى فيها صاحبها على كذا وذم فيها كذا؟!
- ما تقولون في الشيخ فلان وقوله كذا في فلان أو موقفه من كذا؟!
- ما تقولون في كلام الشيخ فلان في الشيخ فلان والعكس؟
إلى آخر هذه الأسئلة!.
فإذا كانت هذه هي طريقتهم المحبوبة عندهم فلنجارهم فيها قليلاً - لأنها مكروهة عندنا! - فنقول:
ما موقفكم يا أنصار الحلبي وحزبه من انتقادات شيخكم الحلبي لرسالة "رفقاً أهل السنة لأهل السنة" للشيخ العباد حفظه الله تعالى؟!
فقد قال شيخكم علي الحلبي في [مجلة الأصالة العدد/ 43 التابعة لمركز الإمام الألباني]:
((كَتَبَتِ "الأَصالةُ" مشكورةً في "مسك خِتام" عددها الماضي كَلمةً حَسنةً حولَ كتابِ "رِفْقًا أهلَ السُّنَّة بأهل السُّنَّة" لسماحةِ أستاذنا العلامة المحدِّث الشيخ عبدالمحسن بن حَمد العبَّاد البَدْر نَسَبًا ووصفًا جزاه اللهُ خَيْرَ الجزاء: تُثني عليه، وتمدحُهُ ـ وهو أهلٌ لذلك بحقٍّ ـ؛ فكانت كلمةً ـ بجُملتها! ـ نافعةً للقُراء، ومفيدةً للألبّاء.
وَلمّا كان كُلُّ كلامٍ ـ سوى كلامِ الكمالِ والعصمة ـ مُعَرَّضًا للنقص والنقد ـ رأيتُ لزامًا كتابةَ كلمةٍ أخرى تكون تكميلًا لكلمة "الأصالة"؛ التي هي مِنّا وإلينا ولله الحمد؛ فأقول:
أولًا: إنَّ هـذا الكـتاب النافعَ معدودٌ ـ ولابُدَّ ـ في جُملة "النصيحة الشرعية"؛ من عالمٍ جليلٍ كبير؛ يتنَزَّه ـ بجميل علمهِ وكِبَرِ قَدْرِه ـ عن أغراض النّفوس، وأمراض القلوب؛ ولا نُزَكّيه على الله؛ فهو منه في حيِّز الاجتهاد والثواب لا غير.
ثانيًا: استغلالُ بعض أهل الشبهاتِ الكتابَ ومضمونه لتصفية حسابات معينة "مِن = إلى"، أو نَحو مقاصد خاصّة: أسلوبٌ مرفوضٌ؛ يجبُ الترفُّع عنه مِن كُلِّ منصفٍ نفسَه؛ ليضع الكتابَ في مكانِه الأساس: أصلًا لا فرعًا، وقاعدةً لا فصلًا.
ثالثًا: الكتاب كسائر الكتب عُرْضةٌ للردِّ؛ فما مِنّا إلا رادٌّ ومردود عليه؛ إلا النبي  صلى الله عليه وسلم، وأهل السنّة يقدّرون علماءَهم، ولا يقَدِّسونهم.
رابعًا: ظهر لي ـ بعد تأمُّل ـ شيءٌ مِن الملاحظات على مُجْمَل الكتابِ ـ وبعضُها تكميليٌّ ـ بل قد أُخالَفُ في أشياءَ منها؛ وهي:
1- لزوم وجود كلمة تأصيلية في أهميّة "الرد على المخالِف"؛ ولو كان من أهل السنة. نعم؛ بالشرط المعتبر ـ علمًا وأدبًا ـ ؛ ليكون مُغْلِقًا على المقصِّرين طريقَهم الباطلَ المبنيَّ على التهاون في الحقّ، والتّساهل في معاملة الخَلْق. وليكون ـ في الوقت نفسِه ـ واجهةَ حقٍّ تَسُدُّ على الغُلاة تَفَلُّتهم الكبير في تلقُّط الأخطاء، وتصيُّد العَثَرات.
2-   ذِكر "أهل السُّنّة" - هكذا!! بالعموم - جَعَلَ بعضَ الحِزبيِّين ـ مِن الإخوانيِّين، والسُّروريِّين، والتبليغيِّين ـ يدُسُّون أنوفَهم، ويحشُرون أنفسهم ضِمْنَ عنوان الشيخ!!، وهم ـ يَقينًا ـ ليسوا ضِمْنَ مُراده بارك الله فيه.
فلو كان العنوان ـ مثلًا ـ: "رفقًا دعاةَ منهج السَّلف بأنفسكم": لكان هذا مِن العناوين الدّالة ـ تمامًا ـ على المضامين، وقطعًا لطرائق أولئك الخالفين المخالفين ـ غُلاةً ومميِّعين ـ!.
3-   "الجرح والتعديل" علمٌ منضبط دقيق، فيه ثبات أهل السُّنَّة؛ وقوّةُ منهجهم، والنقضُ على مخالفهم، وقد قيل قديمًا: "لولا حملة المحابر، وأصحاب الدفاتر: لخَطَبَتِ الزنادقة على المنابر". فَذِكر أيِّ كلامٍ يُشْعِر بالتقليل مِن قدره ـ ولو بغير قصد! ـ ينبغي أن يُغَيَّر إلى سواه، ويُنْقَل إلى ضدِّه ونقيضهِ؛ ممّا يتضمَّن تحقيق مهمة "عُدُول الأمة" ممّن ينفون عن العلم: "تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"، وهي أُصولُ أهداف علم "الجرح والتعديل" ـ سابقًا ولاحقًا ـ. نعم؛ قد يدخل هذا العلمَ مَن ليس أهلَه! لكنَّ هذا لا يُسوِّغ الانتقاصَ منه!، ولا التقليلَ مِن شأنهِ ومكانتهِ ـ ولو بغير قَصْد! ـ.
4-   ذِكرُ "رئاسة الإفتاء" ـ الموقَّرة ـ في بلاد الحرمين ـ لِتكون المرجع الوحيدَ للسؤال عن الأشخاص أو الجماعات: أمرٌ حسنٌ جيِّد؛ لكنّ الإلزامَ به لِعُموم المُسلمين في العالم عسرٌ!، قد يكون صعبَ التحقيق جدًّا!؛ وذلك من وجهين:
أ- أَنّ "رئاسة الإفتاء" ـ الموقَّرة ـ هيئةٌ رسميّة تابعة لدولة إسلامية!، ومثلها في ذلك ـ ولو مِن طَرَفٍ! ـ "إفتاء الأزهر"!!؛ فنخشى أنْ يكـونَ الإلزامُ بها سبيلًا للإلزام بغيرها من غيرها!. ولهذا سلبيّاتُهُ الشديدةُ التي لا تخفى!!.
نعم؛ قد يكونُ ذلك نافعًا وكافيًا لأهل بلاد الحرمين فيما بينهم أنفسِهم!!؛ لِما يتضمّنه هذا الحَدُّ مِن نفي هاتيك السلبيّاتِ المتوقّعة، فضلًا عن قطعِ هذا العبث الدائر السائر مِن بعض الجهاتِ هناك!!.
بينما لو جَعَلْنا الحُجَّةَ وحدَها هي المُرَجِّحَةَ لقولِ أيِّ قائلٍ ـ هيئةً كان أم فردًا ـ في جميع بلاد المسلمين: فهذا سبيلُ الحقِّ، وأَهل الحقِّ، وهُو ـ في الوقت نفسِه ـ  إغلاقٌ لذاك الطريق الوَعْرِ السلبيِّ المشار إليه قَبْلُ. مع كُلِّ الاحترام والتقدير لـ"رئاسة الإِفتاء" المبجَّلة، وغيرها من الهيئات العلميَّة المعتبرة.
ب- من قواعد العلم: "الحكم على الشيء فَرْعٌ عن تصوُّره"، وهذا أمرٌ لا يتحقّق صوابُ الإفتاءِ في ضَوْئهِ إلا مِن خلال التّواصُل التامّ أو شبهه بين "رئاسة الإفتاء" من جهةٍ، وبين أهل العلم وطلبَته ـ مِن أهل السنة ودُعاة منهج السَّلف ـ من جهة أخرى؛ حتى يكونَ تصوُّر حقائق الأفراد والجماعات المسؤولِ عنهم في سائر البلدان على أقرب وُجُوه الصواب، وأدناها إلى الكمال، وهذا أَمْرٌ ـ فوا أَسفاه ـ غيرُ مُتَحقِّقٍ على الوَجْهِ الكافي، وإنْ وُجِدَ منه شيءٌ: فليس هو المطلوب، وعسى أن يتحقق على ما نرجو، وأن تزولَ عقباتُهُ، وتُحْمَدَ عَوَاقِبُهُ.
5- ذَكَرَ سماحةُ شيخنا العبَّاد حفظه المولى بعض العلماء الذين مَضَوا وعندهم خلل في مسائل من العقيدة، ولا يستغني العلماء وطلبة العلم عن علمهم؛ ذاكرًا منهم البيهقي، والنووي، وابن حجر العسقلاني، ثم عَطَف حفظه الله مباشرةً بقوله: ". . . ومِن المعاصرين: الشيخ العلامة المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني"، ثم أثنى عليه "في العناية بالحديث وسَعَة الاطّلاع فيه"؛ مشيرًا إلى أخطاء وقعت منه!!، ذاكرًا منها زاده اللهُ توفيقًا مثالَين على ذلك من أقوال شيخنا الألباني وترجيحاتهِ الفقهيّة:
أولهما: أنَّ ستر وجه المرأة ليس بواجب.
ثانيهما: أنَّ وضع اليدين على الصدر بعد الركوع بدعة ضلالة.
فأقول؛ هنا أمران:
الأول: أنَّ عطفَ اسمِ شيخِنا الألبانيِّ على مَن ذُكروا: مُوهِمٌ "!" باتٍّحاد الوجه في النقد، وهو "الخلل في مسائل من العقيدة" مع أنه غيرُ مراد لشيخنا العبّاد بتاتًا.
الثاني: أنَّ شيخنا العبَّاد حفظه المولى عقَّب على المسألةِ الثانية - وضع اليدين على الصدر بعد الركوع - بقولِه: "وهي مسألة خلافية!!".
فأقول لسماحته نفع اللهُ به: والأولى؛ أليست مسألةً خلافية أيضًا؟! فكان ماذا؟!
وإنِّي ـ واللهِ ـ لأعلمُ كم هي الصِّلةُ وثيقةٌ وعميقةٌ بين شَيْخَيْنا الجليلَين ـ الألباني والعبّاد ـ منهجًا وعقيدةً؛ فكان الأَوْلى ـ عندي ـ والحالةُ هذه ـ ضَرْبُ المثالِ بغير شيخنا الألباني، أو ـ على الأقل بغير هاتين المسألتين!؛ إنْ وُجِدَ!!.
6- ضَرَبَ الشيخُ حفظه الله مثلًا على "فتنة التجريح والهجر من بعض أهل السنة في هذا العصر، وطريق السلامة منها"؛ بـ"إحدى الجمعيّات" الّتي يَنتقد شيئًا من مسالكها بعضُ المشايخِ والعُلماء مِن أهل السُّنَّة السَّنيَّة، ولئِن كان ذِكْرُ هذه "الجمعيّة" في الرسالةِ ليس صريحًا، بل على سبيل الإبْهام؛ لكن الأذهانَ قد تذهب بتحديدها كُلَّ مجالٍ، كُلٌّ بحسب ما يظنّ، أو يتوهّم، ممّا يفتحُ ويفتحُ! أبوابًا من الظنون السيّئة من جهة، وأبوابًا من زيادةِ الاختلاف والفُرقة ـ من جهة أخرى ـ ، فضلًا عمّا قد يجري مِن استغلالٍ لكلام شيخِنا العبَّاد ـ أو توجيهه ـ إلى أو هنالك!!!. وهذا ـ كلُّه ـ نحن في غِنىً عنه، وبخاصة في هذا الزمان العَسِر بكل ما فيه من تناقضات واضطرابات!!.
 وأخيرًا: إنَّ هذه الملاحظات لا تَخْرُجُ بالكتاب ـ البتّةَ ـ عن أن يظلَّ مجموعُ محتواه "كلمة تُساوي ألفًا" والله. والظنُّ كبيرٌ كبيرٌ بِسَعَةِ صَدْرِ أُستاذنا العَبَّاد أكرمه اللهُ وجلالةِ حِلْمهِ وعِلْمهِ: في أن يَعدَّ ما عندي هنا سبيلَ زيادةٍ لا انتقاص، وائتلافٍ لا افتراق؛ شعارُهُ حبُّ العلمِ وأهلِه، ونصرةُ السُّنَّةِ وحَمَلَتِها. ومَـن عنده على كلام أُستاذنا العبّاد أيضًا ـ أو على غيره ـ أيُّ انتقادٍ أو إيرادٍ: فليذكُرْه بالتي هي أحسنُ للّتي أقومُ؛ تكميلًا وتَتْمِيمًا؛ ممّا يليق بمنزلة سماحة أستاذنا الشيخ العبّاد زاده اللهُ فضلًا، ومكانته اللائقة به في العلمِ والدين؛ وتطبيقًا لقاعدتهِ الذهبيّة الرّائدة: "رِفْقًا دُعاة منهج السلَف بأنفسِكم" واللهُ المسدِّد، لا ربَّ سِواه)) انتهى كلام الأصالة.

أقول:
وملخص هذه الانتقادات أو فحوى هذه الملاحظات على رسالة "رفقاً أهل السنة بأهل السنة" هي كالتالي:
الأولى: أنّ هذه الرسالة حالها كحال بقية الكتب التي هي عرضها للنقد والاعتراض والرد، وكلام صاحبها معرض للنقص والنقد، فما منا إلا راد ومردود عليه، ومَنْ عنده انتقادات أخرى على الرسالة فليذكرها؛ لكن بالتي هي أحسن.
الثانية: استغلال بعض الناس لهذه الرسالة في تصفية حسابات معينة ومقاصد خاصة أسلوب مرفوض!.
الثالثة: لزوم وجود كلمة تأصيلية في أهميّة "الرد على المخالِف" في مضمون هذه الرسالة؛ ولو كان المخالف من أهل السنة؛ ليكون هذا مُغْلِقًا على المقصِّرين طريقَهم الباطلَ المبنيَّ على التهاون في الحقِّ!، والتَّساهل في معاملة الخَلْق!!.
الرابعة: ذكر مصطلح "أهل السنة" بالعموم من غير تحديد لهذا المصطلح ولا تبيين، يجعل طائفة من الحزبيين والإخوانيين والسروريين والتبليغيين يدسُّون أنوفهم في هذه الرسالة، وأنهم هم المقصود بالرفق بهم!!!.
الخامسة: ينبغي تغيير أي كلام في الرسالة يشعر بالتقليل من شأن علم الجرح والتعديل!؛ ولو كان الانتقاص من هذا العلم في الرسالة غير مقصود.
السادسة: رفض الإلزام بأحكام اللجنة الدائمة في الجماعات والأشخاص في خارج السعودية!، وأنَّ الحجة هي سبيل معرفة الحق وليست هيئة معينة أو لجنة إفتاء.
السابعة: أنَّ صواب اللجنة الدائمة في الحكم على الأشخاص والجماعات متوقفٌ على التواصل بينها وبين دعاة المنهج السلفي في بلدان المسلمين لمعرفة واقع الدعاة والدعوات وتصور الحقائق، وهذا أمرٌ غير متحقق!!.
الثامنة: عدم قبول التعريض بالشيخ الألباني رحمه الله من جهة الخلل في مسائل الاعتقاد؛ ولو كان من غير قصد حتماً، لكنه موهِم للقارئ.
التاسعة: ربط "فتنة التجريح والهجر" بإحدى الجمعيات (المبهمة) - في الرسالة - (المعروفة) في الأذهان (المنتقدة) عند بعض أهل العلم السلفيين: يفتح باباً من الظنون السيئة!، ومجالاً للاستغلال وتوجيه الكلام في غير مراد صاحبه!.
العاشرة: عنوان الرسالة يحتاج إلى دقة وضبط - وكذلك المضامين فيها - لينقطع الطريق في وجه المميعة كما انقطع في وجه الغلاة!.
قلتُ:
فهذه انتقادات شديدة (وهي عشرة كاملة!) - وإنْ وصفها الحلبي بأنها متممة ومكملة من باب "الدبلوماسية" المعروفة عنه!! -  كما يلاحظ القارئ المنصف الفطن - لا المتعصب أو الجهول - من قبل علي الحلبي لرسالة الشيخ العباد حفظه الله "رفقاً أهل السنة بأهل السنة"، فما موقفكم منها يا أنصار الحلبي؟!!
ولماذا تعيبون على العلماء وطلبة العلم الذين ينتقدون هذه الرسالة أو يردون عليها بأقل من انتقادات شيخكم المتقدمة؟!
أم أنَّ شيخكم الحلبي تراجع عن هذه الانتقادات كما تراجع عن منهجه القديم الذي وصفه هو بــ "الغلو" مؤخَّراً؟!
قال علي الحلبي في إحدى حواشي كتابه [منهج السلف الصالح]: ((وأقول منصفاً نفسي ومعترفاً بتجاوزي: لئن تقدم مني قبلاً يد سبق في شيء من هذا الغلو وأربابه؛ فإني أرجو ربي أن يكون لي قدم صدق في رد الحق إلى نصابه وتحرير هديه وصوابه)).
وقال في شريط مسجَّل بصوته: ((بالله عليكم انظروا وقارنوا بين الرفق الذي وفَّقنا الله عز وجل إليه في هذه الفترة الأخيرة!؛ بعد أن غصنا وكدنا نغرق في الغلو والتعنت وشيء من الشدة، أقول هذا، ونعترف به، ولا نستكبر في أن نعتذر منه، وأن نرجع عنه، ووالله كما ظهر لنا أنَّ هذا ليس على الحق!، لو ظهر أنَّ هذا الذي نحن فيه الآن ليس على الحق لتركناه أيضاً بدون أي إشكال)) [مقطع صوتي، وانظره في مقال ((الحلبي يتقلب من (غلو شديد!!!) إلى (غلو أشد منه بمراحل!!!) في سحاب].
وأخيراً:
تبقى نقطتان جديرتان بالذكر في هذا المقام؛ الأولى من باب الإلزام الذي يدندن حوله أنصار الحلبي في أسئلتهم الجدلية الموجَّهة إلى السلفيين، والثانية من باب بيان تناقض القوم الذي يتهمون به السلفيين أيضاً.
أما النقطة الأولى:
فالشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله تعالى قال في رسالة [رفقاً أهل السنة بأهل السنة]: ((عند سؤال طلبة العلم عن حال أشخاص من المشتغلين بالعلم، ينبغي رجوعهم إلى رئاسة الإفتاء بالرياض للسؤال عنهم، وهل يُرجع إليهم في الفتوى وأخذ العلم عنهم أو لا؟. ومَن كان عنده علم بأحوال أشخاص معيَّنين يُمكنه أن يكتب إلى رئاسة الإفتاء ببيان ما يعلمه عنهم للنظر في ذلك، وليكون صدور التجريح والتحذير إذا صدر يكون من جهة يُعتمد عليها في الفتوى، وفي بيان مَنْ يؤخذ عنه العلم ويُرجع إليه في الفتوى، ولا شكَّ أنَّ الجهة التي يُرجع إليها للإفتاء في المسائل هي التي ينبغي الرجوع إليها في معرفة مَن يُستفتى ويُؤخذ عنه العلم، وألاَّ يجعل أحدٌ نفسه مرجعًا في مثل هذه المهمَّات؛ فإنَّ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)).
 وقال في موضع آخر: ((إذا كان الخطأ الذي رد عليه فيه غير واضح، بل هو من الأمور التي يحتمل أن يكون الرادُّ فيها مصيبًا أو مخطئًا، فينبغي الرجوع إلى رئاسة الإفتاء للفصل في ذلك، وأمَّا إذا كان الخطأ واضحًا، فعلى المردود عليه أن يرجع عنه؛ فإنَّ الرجوعَ إلى الحقِّ خيرٌ من التمادي في الباطل)).
واللجنة الدائمة للإفتاء التي أحال إليها الشيخ العباد حفظه الله هي التي قالت في كتابي الحلبي [التحذير من فتنة التكفير] و [صيحة نذير بخطر التكفير] في فتواها المشهورة المنشورة: ((فإنَّ اللجنة الدائمة ترى أنَّ هذين الكتابين لا يجوز طبعهما ولا نشرهما ولا تداولهما؛ لما فيهما من الباطل والتحريف))، وحذَّرت منهما ومن مسلك مؤلفهما، ودعته إلى التوبة والرجوع عن الغلط.
وموضع الإلزام هو:
إما أن يقبل الحلبي بنشر كتاب [رفقاً أهل السنة بأهل السنة] من غير تصحيح تلك الانتقادات ولا الأخذ بتلك الملاحظات - وبخاصة ملاحظة الرجوع إلى اللجنة الدائمة – فيكون قد جنى على نفسه وحكم عليها، فلا يلومنَّ أحداً وصف كتبه بأنها تنصر مذهب الإرجاء بعد!.
وإما أن يرفض نشر هذه الرسالة [رفقاً أهل السنة بأهل السنة] إلا بعد الأخذ بتلك الملاحظات، وهذا ما لم يقم به!، بل قام بضده!!، فنشر الرسالة وأثنى وحثَّ عليها في أكثر من مقال ومجلس من غير تكرار الإشارة إلى تلك الملاحظات!.
قد يقول قائل: ما السبب؟!
والجواب: إنَّ الحلبي قد تغير من الغلو إلى التمييع، فلا شك أنَّ لهذا التغيير أثراً في تغيير المواقف أيضاً من الأشخاص والرسائل والكتب!!!، فما كان يراه الحلبي - في رسالة الشيخ العباد حفظه الله -  باباً لأهل التمييع ومجالاً يستغله المخالفون وتقليلاً من شأن علم الجرح والتعديل وتقصيراً في بيان أهمية أصل الرد على المخالف، صار لا يراه كذلك اليوم، فلا غرابة.

أما النقطة الثانية:
فإنَّ الحلبي وحزبه قد أثنوا على رسالتي الشيخ ربيع حفظه الله [الحث على المودة والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف] و [نصيحة أخوية إلى فالح الحربي]، وقاموا بنشر الأولى من طريق مركزهم، والثانية أصبحت الجزء الثاني والرئيسي في كتاب الحلبي الذي فجَّر هذه الفتنة في صفوف السلفيين [منهج السلف الصالح]!، والرسالتان موجَّهتان إلى أهل الغلو من الحدادية من أتباع فالح الحربي كما هو معلوم.
وأيضاً أثنى الحلبي وحزبه على رسالة الشيخ العباد حفظه الله [رفقاً أهل السنة بأهل السنة]؛ لكن مع تلك الملاحظات التي هي في صلب الرسالة ولبها؛ وإن زعم الحلبي أنها متممة ومكملة من باب السياسة في النقد!.
وموضع التناقض:
كيف أصبحت رسالة [رفقاً أهل السنة بأهل السنة] - في نظر الحلبي وحزبه - أفضل ما كُتب في باب محاربة الغلو والتجريح الباطل والهجر غير المشروع وإثارة الفتنة والافتراق بين السلفيين؟!
أليس من حق رسالتي الشيخ ربيع حفظه الله في محاربة أهل الغلو والتجريح الباطل أن تنالا هذه الأفضلية لخلوهما من الانتقادات والملاحظات بعكس رسالة الشيخ العباد حفظه الله؟!
أم أنَّ الجواب هو نفس الجواب الأول، تغير المنهج وأثره في تغيير المواقف!.
هذا ما أحببتُ بيانه في هذه العجالة، وأسأل الله تعالى أن يطهِّر قلوبنا وألسنتنا وجوارحنا من منهج أهل الغلو ومنهج أهل التمييع، وأن يرزقنا الوسطية والسداد والعدل في الأقوال والأفعال والأحكام والمواقف. والله الموفِّق.


كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.