-->

الأربعاء، 13 فبراير 2013

سؤال موجَّه لفضيلة الشيخ عبيد الجابري حول الانتخابات العراقية لعام 2010



س/ فضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظك الله تعالى؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
شيخنا الفاضل؛ تعلمون أنَّ أهل العراق بعد أيام قلائل يستقبلون الانتخابات البرلمانية التشريعية، ولقد اختلف السلفيون في هذه المسألة على قولين:
فأما أصحاب القول الأول: فقالوا: بوجوب الانتخابات على الجميع حتى على طلبة العلم المعروفين بدعوتهم السلفية وهديهم الظاهر، ويأثم مَنْ لا يذهب للتصويت، وأنَّ فيها مصلحة كبرى لأهل السنة في العراق ويؤمِّلون الناس عليها، فلا يجوزالتقاعس عنها، والترشيح للانتخابات أمر ديني شرعي، وتعيين إحدى القوائم المرشحة أو الأشخاص المرشحين والدعاية لهم جائز، ويجوز انتخاب العلمانيين مع وجود الإسلاميين، وكذا يجوز انتخاب المرشحين السنة في القوائم الشيعية ولو كانت مرتبطة بإيران، وبعضهم توسَّع أكثر فتعهد لبعض القوائم أو الأشخاص بالتصويت لهم بشرط أن يحققوا لهم بعض المصالح الشخصية أو المناصب في بعض المؤسسات لمنفعة السلفيين كما يزعمون، وآخرون توسَّعوا أكثر فقالوا بمشروعية العمل السياسي في الحكومة الحالية.
وأما أصحاب القول الثاني فقالوا: الانتخابات وسيلة كفرية مستوردة من بلاد الغرب فهي تجوز للضرورة من باب تقليل الشر لا من باب تحصيل الخير، ولا ينبغي لطلبة العلم السلفيين المعروفين بدعوتهم أن ينشغلوا في مثل هذه المسالك السياسية التي تشغلهم عن دعوة الناس إلى التوحيد والسنة وتشغلهم عن التعلم والتعليم، ولا أن يؤمِّلوا عليها آمالاً ولا أن ينشدوا عليها أهدافاً، والترشيح -بأن يقوم المرشَّح بتقديم نفسه ويسعى في كآفة صور الدعايات الانتخابية- لنيل منصب في البرلمان أو غيره من الولايات لا يجوز لأنه مخالف للأحاديث التي تمنع من إعطاء الولايات والمناصب لمن كان حريصاً عليها، وعلى السلفيين أن لا يعينوا شخصاً بعينه أو قائمة معينة فضلاً أن يقيموا لهم دعاية انتخابية في مختلف المناطق والمساجد؛ لأنَّ ذلك –فضلاً عن كونه زيادة عن قدر الضرورة المباحة!- ففيه محذوران؛ الأول: أنَّ هذا المعيَّن لو انحرف عن الجادة مستقبلاً – وما أكثر ما يحصل هذا! - وصار من المعادين للإسلام والمسلمين ومن المحاربين لشرع الله وأحكامه، فإنَّ لوم الناس سوف ينصب على الذين انتخبوه وأوصلوه إلى هذا المنصب؛ وفي هذا تشويه للدعوة المباركة.
الثاني: لوأنَّ غير المعيَّن وصل إلى تلك المناصب؛ فلا محال أنه سيحارب الذين لم ينتخبوه كما رأيناه في الانتخابات السابقة!، وعند ذلك تفتح جبهة عدائية للدعوة والدعاة ومساجدهم ومناطقهم هم في غنى عنها.
وإنما يكتفي طلبة العلم بنصح الناس –عند سؤالهم لهم- باختيار الأصلح لهم أو الأخف ضرراً عليهم في الدين والدنيا، ولا ينبغي التصريح باختيار قائمة معينة وتوجيه الناس إليهم –فضلاً عن القوائم الرافضية الحاقدة ولو كان فيهم بعض أهل السنة!- لأنَّ في ذلك فتنة للناس وتغرير بهذه القوائم ودعوة لمسلك العلمانيين ومسلك دعاة التقريب من الاخوان المسلمين وغيرهم، وأما العمل السياسي فلا يجوز إطلاقاً لأنه لا ثمرة فيه ملحوظة ولا يُمكن أن يحصل إلا بتنظيم حزبي.
وأخيراً شيخنا الفاضل؛ البعض من طلبة العلم عندنا ينقل عنكم في هذه الأيام فتوى في جواز تعيين قائمة أو شخص بعينه وجواز الترشيح، فنرجوا من فضيلتكم النصيحة للمختلفين وبيان هذه المسألة، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم.
جواب الشيخ عبيد الجابري حفظه الله تعالى:
بسم الله والحمد لله وصلى الله و سلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجعين؛ أما بعد:
فإنَّ حاصل ما نفتي به في الإنتخابات -ولنا سلف من العلماء المعاصرين والذين نرى أنَّ منهم أئمة- أنَّ الإنتخابات دخيلة على أهل الإسلام ووافدة، وليست هي من شرع محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإنه يقتصر في دخولها والتصويت فيها على حد ما تقتضيه الضرورة؛ فإذا خشي أهل الإسلام والسنة أن يفوز علماني أو رافضي أو شيوعي بمنصب رئاسيي تترتب عليه مصالح للمسلمين وكان ينافسه رجل آخر يأمل فيه منفعة الإسلام وأهله؛ فإنهم يصوِّتون لصالح هذا الذي يغلب على ظنهم أو يتيقنون أنه ينفع الإسلام وأهل الإسلام.
فإذاً الدخول في الإنتخابات أمر ضروري أو مضطر إليه؛ وليس أصله الإباحة والجواز!، فضلاً عن أن يكون واجباً!!، هذا الذي أدين الله فيها.
وأما القول بأني يعني أجزت أن تختار قائمة؛ فحتى الساعة لا أذكره، وإن كنتُ قلته هو سبقة لسان أبرأ إلى الله منها!، بل أنصح أهل الإسلام والسنة - أعني أهل العلم منهم – ألا يدخلوا في الإنتخابات!، وإنما يفتون بجوازها للضرورة، لأنه كما ذكر في السؤال الثاني؛ أنه إذا عين شخصاً ورشَّح شخصاً فقد يكون ممن يخيب فيهم الأمل فيقلب المجن على أهل الإسلام، أو يكون شخصاً فاجراً علمانياً أو رافضياً فينقلب أسداً مفترساً على من صوتوا لصالح غيره، هذا هو حاصل ما أفتي به في الإنتخابات، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السائل: جزاكم الله خيراً يا شيخ وبارك الله فيكم؛ تعلمون يا شيخ بعض الإخوة الآن ممن يحسبون على الدعوة والدعاة صار شغلهم الشاغل في هذه الأيام الدعاية الإنتخابية، وحث الناس عليها، وتعلمون أنه أصبحت من الصفات الملازمة للشعارات الإنتخابية الكذب والدعاية الكاذبة لما سيعملون ويصلحون؛ والواقع خلاف ذلك، لأنه  لا يساعدهم، والأمر لا زال ليس بأيديهم كما هو واضح في العراق، فيدخل الكذب كثيراً، والتشبع بما لم يعطوا يعني الشائعات غير الصادقة، فما نصيحتكم تجاه هؤلاء الشباب وطلاب العلم؛ هل يشغلوا الناس في الإنتخابات ويحثوا الناس في المساجد؟! أم يكون هذا حديث مجلس خاص لبعض الناس ممن ترجى المصلحة و تدفع المفسدة بترشيحهم؟
الشيخ عبيد الجابري: ذكرت آنفاً أني أنصح أهل العلم ألا يخوضوا هذه الإنتخابات فضلاً عن أن يدعوا إليها!، وأزيد هنا فأقول: أنا لا أرى جواز الدعاية!!؛ وإن كنت أرشح شخصاً؛ لا أدعو، أنا اقتنعت به أرشحه، أدلو بصوتي، تيقنت أو غلب على ظني أنه يحقق المصلحة لأهل الإسلام وإنْ كان فيه من الفسق والفجور والمخالفات البدعية ما فيه ما لم يكن رافضياً أو شيوعياً.
تم هذا اللقاء صباح يوم الأربعاء السابع عشر من شهر ربيع الأول عام 1431هـ الموافق لـ: 3/3/2010

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.