الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإنَّ الناظر إلى
منتديات الحلبي وأنصاره منذ بدء الثورات الشعبية يلاحظ أنهم بين الحين والآخر يحدث
بينهم اختلاف يدل على حقيقة حالهم من: التفرق المنهجي فيما بينهم!، والذي يحاولون بكل
الطرق إخفاءه - لكن يأبى الله عز وجل إلا أن
يكشف سترهم ويفضح أمرهم - ويتظاهرون بأنهم على منهج واحد (نصحح ولا نجرِّح)، وأنَّ
عدوهم واحد (إخوانهم الغلاة) كما يصفونهم!، وأنَّ حربهم واحدة موجهة ضد (الغلو والتجريح)
كما يتخيلون!، وهم بهذا فيهم شبه ظاهر بمن قال تعالى فيهم: ((بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ
شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ)).
نعم؛ فمن سفاهة
العقول أن يحاول الحلبي ومشرفوه جمع أناس مختلفين في المنهج في منتدى واحد ويوجِّهونهم
ضد عدو واحد!، ومهما حرصوا على ذلك فلن ينجحوا إلا أن يتشرَّب النفاق في قلوبهم فيتظاهرون
بالوحدة والوفاق على طريقة أهل التقريب بين الطوائف ووحدة الأديان: [نجتمع فيما اتفقنا عليه (من محاربة المنهج السلفي والطعن
في علمائه وأتباعه باسم محاربة الغلو والتجريح!)، ويعذر بعضنا
بعضاً فيما اختلفنا فيه (من مسائل منهجية كبيرة؛ هي أعظم وأخطر من الغلو والتجريح!)].
فمن نظر إلى اختلافهم
في (الموقف من دعاة الثورات الشعبية كمحمد حسان والمأربي)
و (حكم المظاهرات والخروج على الحكام) و (التحزب وإنشاء الأحزاب السياسية) و (الدخول في العمل السياسي تحت قبة البرلمان الديمقراطي)، و
(لقاء شيوخهم والمنتصرين لهم بعبدالرحمن عبدالخالق والثناء
عليه بأعلى الألقاب وأعظم الأوصاف)، و (نظرتهم إلى
الوقفة المشرفة من قبل العلامة المجاهد الشيخ ربيع حفظه الله في مؤتمر الوحدة الوطنية)،
و (إلزاماتهم الباطلة وتتبع رخص بعض المشايخ الذين التقوا
بوفد إحياء التراث وزعيمهم عبدالرحمن عبدالخالق)، وأخيراً وليس آخراً (حكم الجهاد في سوريا)، وغيرها من المسائل.
من تتبع تلك الاختلافات
بين هؤلاء، وما يترتب عليها من تأصيلات محدثة ومن إلزامات باطلة ومن تشديد وتغليظ في
الألفاظ والأحكام ومن تجريح بعضهم لبعض ومن تراشق التهم فيما بينهم؛ حتى يتصور للناظر
أنهم كالبركان الذي سينفجر فيدمِّر نفسه، لكنَّ الحلبي بمنهجه الترقيعي التمييعي ومكره
وتلاعبه في عقول السذَّج من أنصاره يتدخل إذا اشتدَّ الاختلاف بينهم خشية أن تحدث بينهم
فتنة تظهر حقيقتهم وتكشف عوارهم، فيمسك العصى من وسطها، ويحاول بأجوبته السياسية وعبارته
المجملة الفضفاضة أن يرض جميع الأطراف وأن يصوِّر للقارئ أنَّ منتداه متماسكون وأنه
لا خلاف بين الأنصار!، وإنما هذا الاختلاف من باب اختلاف التنوع أو من باب تفاوت العقول
والأنظار!!، وتناسى الحلبي أنَّ القراء لهم عقول ولهم أبصار!.
أقول:
ومن آخر ما اطلعني
عليه أحد إخواني الأفاضل من اختلافات هذه الفرقة المميعة فيما بينهم كفى الله السلفيين
شرها؛ ما حدث بينهم حول مسألة دراسة المنطق والفلسفة
وعلم الكلام!!.
وأنا لا أريد أن
أدخل معهم في هذا الجدال العقيم وهذه السفسطات الفارغة، وإنما مقصودي أن أُبيِّن للسلفيين
من خلال نظرة من داخل هذه المنتديات التي تزعم أنها تحارب الغلو والتجريح!، أنهم كاذبون
في تلك الدعوى، وأنَّ تجريح بعضهم لبعض وما يحصل بينهم من تراشق التهم والإلزامات الباطلة
وما تحدث بينهم من فتنة وفرقة يصدق فيه قول القائل:
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ................
هَلاَ لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ
لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى...... كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك
فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا........... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ تُعْذَرُ
إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى........... بِالْقَوْلِ مِنْك وَيُقْبَلُ التَّعْلِيمُ
لاَ تَنْهَ عَنْ
خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ............... عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
وقال الآخر:
وغيرُ تقيٍّ يأمرُ الناسَ بالتُّقى........ طبيبٌ يُداويَ
الناسَ وهو سَقيمُ
وخلاصة الاختلاف
الجديد بين هؤلاء المميعة:
هو أنَّ محتار الطيباوي
المتفلسف العاوي والسفسطائي الخاوي قد أثنى عليه أحدُ مريديه بأنه يدرِّسهم مادة (المنطق
والفلسفة)!.
فعاب عليه أحد الأعضاء
المميزين في منتديات الحلبي وأنصاره المميعين بأنَّ أهل العلم حرَّموا هذه الدراسة.
وشدَّ من أزره أحدُ
المشرفين (ممن يصحو حيناً ويغفو أحياناً!)، فأكَّد ذلك الحكم بنقول علمية؛ لكنَّ قلمه
لم ينج من الشطط كعادته فوقع هذه المرة في شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفتح الباب
لخصوم أهل السنة أن يطعنوا فيه بذلك فقال: ((وممن دخل علم المنطق والفلسفة
من بعض علماء أهل السنة، فلأجل الرد عليهم وإبطال حججهم؛ ابن تيمية مثالاً،
ومع ذلك لم يسلم رحمه الله على جلالة قدره وسعة علمه
وفقهه من أثر ذلك السلبي، كما
أشار إلى ذلك بعض علمائنا المعاصرين)).
ويقصد بالعلماء
المعاصرين انتقاد الشيخ الألباني رحمه الله لشيخ الإسلام رحمه الله في مسألة (حوادث
لا أول لها) كما وضَّح ذلك، ومع إنَّ الشيخ الألباني لم ينتقد دخول شيخ الإسلام ابن
تيمية في علم المنطق والفلسة ليرد على أهلها على وجه العموم، وإنما انتقد دخوله رحمه
الله في هذه المسألة الفلسفية على وجه الخصوص، وفرقٌ بين الأمرين ظاهر، لكن هذا الذي
كان في ذهن المشرف المنتقد لشيخ الإسلام في تلك اللحظة من غير تأن ولا مراجعة، وكان
يكفيه أن يتراجع عن تلك التهمة العامة، ويدندن إن احتيج لذلك حول تلك المسألة الخاصة
وما يترتب عليه من آثار سلبية، ولكنه أبى إلا الخوض مع أهل الفلسفة والسفسطة والتعالم
والتعالي في جدالهم المقيت.
وإنما قلتُ (أبى)
لأنه عَلِمَ في قرارة نفسه بعد المراجعة أنه لم يصب في نسبة هذه التهمة لشيخ الإسلام
ولا للشيخ الألباني رحمهما الله تعالى ومع ذلك لم يتراجع عن تلك التهمة، فقد قال بعد:
((ولذلك جاءت جملتي الخامسة عطفاً على هذا المعنى حيث قلتُ:
"ومع ذلك لم يسلم رحمه الله على جلالة قدره وسعة علمه وفقهه من أثر ذلك السلبي؛
كما أشار إلى ذلك بعض علمائنا المعاصرين"، لأبين خطورة الدخول في هذا لمن ليس
بأهل له، وأنَّ شيخ الإسلام على جلالة قدره وسعة علمه وفقهه -كما هو نص كلامي - لم
يسلم من أثر سلبي جراء ذلك، ونسبتُ هذا المعنى لـ "بعض علمائنا المعاصرين"،
وكان في ذهني حينها ما قاله الإمام الألباني رحمه الله: "كم كنا نود أن لا يلج
ابن تيمية رحمه الله هذا المولج؛ لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام الذي تعلَّمنا
منه التحذير و التنفير منه"، ولعلَّ مقصد الألباني رحمه الله ليس لوم شيخ الإسلام
بإطلاق حين رد على المتكلمين والمناطقة وأمثالهم، وإنما هو متجه لهذه المسألة بعينها
والمصطلحات التي استخدمها فيها.
وسواء
كان الحق في المسألة العلمية "تسلسل الحوادث وما إليها" فيما ذهب إليه الألباني
أو لا، إلا أنَّ الشاهد هو خطورة الدخول في هذه المسالك في نظر ونقد الألباني)).
أقول له:
أيها المشرف الناقد
لشيخ الإسلام؛ الشاهد الذي ذكرتَه من كلام الشيخ الألباني لا يسوغ لك تلك التهمة، فخطورة
الدخول في مسالك الفلسة والمنطق وعلم الكلام لا يخفى على أدنى طلبة العلم؛ فكيف يخفى
على شيخ الإسلام؟!
وقد قلتَ قبل ذلك
مبيناً وجه دخول شيخ الإسلام رحمه الله في تلك المسالك: ((وأما الجملة الرابعة فكانت: "وممن دخل علم المنطق والفلسفة من بعض علماء
أهل السنة، فلأجل الرد عليهم وإبطال حججهم؛ ابن تيمية مثالاً"، وأحسب أنَّ هذه
الجملة صحيحة، إذ مرادي منها أنّ مثلَ هذه العلوم لَمْ تُطْلَب لذاتها، ولم تطلب كوسيلة
هداية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإن كنا مستغنين بالكتاب والسنة وآثار السلف
عن كل كلام، ولكن كثيراً من الناس قد صار منتسباً إلى بعض طوائف المتكلمين ومحسناً
للظن بهم دون غيرهم، ومتوهّماً أنهم حقّقوا في هذا الباب ما لم يحقّقه غيرهم، فلَوْ
أُتِي بكل آية ما تبعها حتى يُؤْتى بشيء من كلامهم"، قال ابن عثيمين معلِّقاً
على هذا: "فبيّن رحمه الله أنَّ الغرض من نقله ... إقامة الحجة على هؤلاء من كلام
أئمتهم" انظر تلخيص الحموية)).
قلتُ:
المهم؛ قال المشرف
كلمته تلك في شيخ الإسلام رحمه الله، فعقَّب عليه حفيد ابن سينا في زماننا هذا (الفيلسوف
الطيباوي صاحب الفواقع والبلاوي!)، فوصف المشرف ومَنْ وافقه بعدة أوصاف سيئة:
من ذلك قوله:
((بينما كنتُ أعدُّ الحلقة الأولى من سلسلتي الجديدة
"فيصل التفرقة بين منهج الشيخ الألباني السلفي ومنهج الشيخ ربيع الخلفي"!،
أو بالأحرى في مرحلة المراجعة: أخبرني أحد إخواني بتعليقات أحد المشرفين على مسألة
الفلسفة، فأقول: ينشر بعض الفقراء في العلم أو المغرضون شبهات بدعيَّة مفادها: أنَّ
ابن تيميَّة أوغل في الفلسفة، وتعمَّق فيها حتَّى أصيب بلوثتها)).
وقال: ((أرى تعليقات أحد المشرفين دعاوى عريضة لن يقدر على إثباتها ولو قدر
على شرب البحار؛ لأنها بكل بساطة لا أصل لها إلا في ذهنه، أو في ذهن بعض ضعفة الشيوخ
غير المحققين للمسائل العلمية)).
وقال: ((فآفة هؤلاء القوم أنَّهم لا يعرفون الفلسفة، لا يعرفون لغتها ومصطلحاتها
ومذاهبها ومسالكها، ولا يعرفون كيف يردُّون عليها بأدلَّة الكتاب والسُّنَّة، فهم لا
يشاركون شيخ الإسلام لا علمه بالكتاب والسُّنَّة، ولا علمه بالكلام والفلسفة والمنطق،
فتصدر عنهم هذه الأحكام الباطلة الَّتي تدلُّ على قصورهم البالغ)).
وقال: ((فانظر أخي الكريم كيف يشهد أعداء ابن تيميَّة أنَّه كان ينهي عن
الفلسفة ويَذمُّ بها، بينما ينسبه مَن يزعم نفسه كَذِبًا أنَّه سلفيٌّ إلى الفلسفة؟!
فهذا القول الباطل هو قول ضُلَّال الأشاعرة ومَن تلوَّث بشبهاتهم!، لا قول أهل السُّنَّة
الَّذين يعرفون أنَّ السُّنَّة لم تبلغ قوَّتها وتزحف على أوكار المتكلِّمين والفلاسفة
وتخلِّص العلوم الإسلاميَّة مِن عقيدة وتفسير وأصول فقه إلاَّ بفضل الله الَّذي منَّ
على الأمَّة برجل كابن تيميَّة رحمه الله. وعليه فلا يردِّد هذه الشُّبهة المتبرِّجة
إلاَّ الجهَّال بدلالة الكتاب والسُّنَّة، الجهَّال بحقيقة مقالات الفلسفة ومسالكها
المبطنة في العلوم الشرعيَّة الَّتي أدخلها فيها المتكلِّمون، وغفل عنها الجاهلون بعلم
الكلام والفلسفة)).
وقال: ((نقل السَّخاويُّ في فتح المغيث عن ابن دقيق العيد أنَّه قال:
"عَلَى أَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَدْ رَدَّ قَوْلَ ابْنِ مَعِينٍ أَنْ لَوْ كَانَ
فِي أَبِي جَعْفَرٍ بِقَوْلِهِ: لَعَلَّ ابْنَ مَعِينٍ لَا يَدْرِي مَا الْفَلْسَفَةُ؛
فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. وَلِذَا كَانَ أَحَدَ الْأَوْجُهِ الْخَمْسَةِ الَّتِي
تَدْخُلُ الْآفَةُ مِنْهَا فِي ذَلِكَ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَقَالَ:
إِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ انْتَشَرَتْ
بَيْنَهُمْ أَنْوَاعٌ مِنَ الْعُلُومِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ حَتَّى
عُلُومِ الْأَوَائِلِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ عُلُومَ الْأَوَائِلِ قَدِ انْقَسَمَتْ
إِلَى حَقٍّ وَبَاطِلٍ، فَمِنَ الْحَقِّ عِلْمُ الْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ وَالطِّبِّ،
وَمِنَ الْبَاطِلِ مَا يَقُولُونَهُ فِي الطَّبِيعِيَّاتِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْإِلَهِيَّاتِ
وَأَحْكَامِ النُّجُومِ، وَقَدْ تَحَدَّثَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ أَقْوَامٌ، فَيَحْتَاجُ
الْقَادِحُ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ؛
لِئَلَّا يُكَفِّرَ مَنْ لَيْسَ بِكَافِرٍ، أَوْ يَقْبَلُ رِوَايَةَ الْكَافِرِ، وَالْمُتَقَدِّمُونَ
قَدِ اسْتَرَاحُوا مِنْ هَذَا، لِعَدَمِ شُيُوعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي زَمَانِهِمْ،
وَنَحْوُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ: إِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الْجَارِحِ
وَالْمُعَدِّلِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ". قلتُ: رحم
الله العلماء فإنَّهم كفونا مؤنة الجهَّال الَّذين لا يميِّزون بين حقٍّ وباطل، ولا
زمان وآخر)).
وقال: ((الأخ الذي نقل كلام الألباني رحمه الله في حوادث لا أول لها، أقول
له: الألباني رحمه الله على جلالة قدره لا يعرف علم الكلام ولا الفسلفة والمنطق!، ومن
هنا كان مثالك هذا دليلاً قاطعاً على كلام ابن دقيق العيد بأنَّ الرجل إنْ لم يكن مشاركاً
للعلماء في علمهم لا يجرحهم به!، فأنا أتحداكم أن تثبتوا لنا من زمن تاليس إلى يومنا
هذا: أنَّ القول بقدم العالم النوعي هو قول الفلاسفة، وأنَّ منطلق شيخ الإسلام فيه
فلسفي وليس شرعي؟ فهذه المقولة تلقاها الألباني عن بعض الأشاعرة!!)).
قلتُ:
الحمد لله القائل:
((أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ
أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ. وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم
بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ))، فقد عرف السلفيون
من خلال تصريحات هذا الأهوج مَنْ الذي يفارق منهج الألباني ويطعن فيه؟
آلشيخ ربيع حامل
راية الجرح والتعديل بشهادة الألباني نفسه أم الفيلسوف المحتار الذي يصف الألباني بأنه
ممن تلوث بشبهات الأشاعرة الضلال؟!
وكذلك بان لكل ذي
عينين:
مَنْ هم المجرحون
الغلاة؟
ومَنْ هم أهل الإلزامات
الباطلة والتهم الكاذبة؟
ومَنْ هم الذي يركضون
وراء أخبار الكذبة؟!
ومَنْ هم أهل الشدة
في ألفاظهم وأحكامهم وحوارهم حتى مع إخوانهم ممن هم على شاكلتهم؟!
وأنقل للقراء هنا
عبارات المشرف الناقد الذي أبصر حقيقة الطيباوي وأنه على مسلك الغلاة في عدة أمور،
ولكنَّ ظلم هذا المشرف للسلفيين لا يغيب عن ذهنه لحظة!؛ ولعلَّ السبب في ذلك هو الحليب
الذي رضعه من أمه!:
قال المشرف في رده
على الطيباوي المعترض عليه:
((وإما أن يكون كلامي نُقِل إليه بالمعنى - وقد صرَّح المعترض أنَّ
أحد إخوانه أخبره بذلك، فإن كان هذا الناقل نقل إليه نَصَّ كلامي فجوابه ما سبق-، فكتبَ
ردَّه وتعقيبه بناء على نقل الثقة، وهذا مما نعيبه على إخواننا الغلاة!)).
وقال: ((هب أنَّ كلامي كان مُجْمَلاً مُحْتَمِلاً، فلِمَ حَمَل المعترضُ
مرادي على معنى سيء! وعلى ما يشيعه وينشره أهل البدع؟! نعم، قد يكون له وجه، إذا عُرِف عني أني أذم ابن
تيمية بهذا!، أو أني من أهل البدع الذين يناصبون ابن تيمية العداء! أو.....، فهل وقع المعترض بعينيه على شيء من هذا؟! أم هل نقل
له الناقلون الثقات! نحواً من هذا؟! وعليه، فقد وقع المعترض مرة أخرى هنا بشيء مما نعيبه على إخواننا الغلاة!)).
وقال:
((ومما شابه به المعترض - في تعقيبه - إخواننا الغلاة كذلك شدته على مَنْ
يتعقَّبه!؛ فهذه كلماته التي استخدمها في تعقيبه: بعض الفقراء في العلم!، المغرضون!، الجهَّال الَّذين
لا يميِّزون بين حقٍّ وباطل ولا زمان وآخر!، الجهَّال بدلالة الكتاب والسُّنَّة!، لا
شهادة ضُلَّال الأشعرية كالأخميمي والبوطي وسعيد فودة ومَن تلوَّن بألوانهم واصطبغ
بشبهاتهم وأعماه الجهل!، كمن يلقي بهذه الشُّبهة الَّتي تشبه عقله وتجانسه!؛ وكان قد
وصف الشبهة بأنها متبرجة!، ثمَّ أقول لبعض الناقصين المقصِّرين!، دعاوى عريضة لن يقدر
على إثباتها ولو قدر على شرب البحار!، بعض ضعفة الشيوخ غير المحققين للمسائل العلمية!...، أقول: هذا كله في تعقيبه الأول فقط!!!، ويكأني بالمعترض يخاطب فرعون!)).
وقال: ((لكني لما تأملتُ تعقيبه مرة أخرى وجدتُّه هداني الله وإياه يأبى
إلا أن يَسْلُك نفسه في سلك إخواننا الغلاة!، فانظره يقول: "فهذه الشُّبهة الَّتي
ينقلها المتخفُّون في السَّلفيَّة"، وتأمَّل قوله: "بينما ينسبه مَنْ يزعم
نفسه كَذِبًا أنَّه سلفيٌّ إلى الفلسفة"، لطالما قرأنا وسمعنا هذه الألفاظ بعينها
من إخواننا الغلاة!، ولا حاجة لي بالتمثيل، فالأمر أوضح من أن يمثل له!)).
وقال: ((قلتُ: ولعل المعترض أراد الثاني من كلام شيخ الإسلام بقرينة قوله:
"بينما ينسبه مَن يزعم نفسه كَذِبًا أنَّه سلفيٌّ إلى الفلسفة"، إذن هو الإخراج
من السلفية!، فحيهلا بإخواننا الغلاة في منتدانا!، لا
لوم عليكم بعد اليوم!)).
وقال: ((ومع ذلك يقال للمعترض: إما أن يُدْخِلَ في كلامه هذا كلَّ من قال
هذه العبارة ونحوها من
أهل العلم أو لا يدخلهم؟!، فإنْ أدخلهم كان ذامّاً لكل مَنْ قال به، وإن لم يدخلهم
لم ينفعه هذا الكلام، وكان بذلك كائلاً بمكيالين كإخواننا الغلاة سواء بسواء!)).
وقال:
((مع أنَّ طالب السلامة ينأى بنفسه عن الجزم بمثل هذه الأمور القلبية، سيما
إذا كان الحكم مبنياً على الظن. أما أن يقول مباشرة - وبعد مقال أو مقالين- في حق من
يخاطبه أنه: "أخذته العزة بالإثم" أو "أنه معاند"، فهذا لم يكن
المأمول ممن هو في مكانة المعترض، ولطالما سمعنا نحو هذه العبارة - بل عينها - من إخواننا
الغلاة!: "نصحناه وبيّنا له فعاند"، بل لعل الإخوة الغلاة يفوقون المعترض
في جانب هنا!؛ فإنهم دائماً ما يرددون: "صبرنا عليه سنوات وسنوات"، أوصلوها
في بعض كلامهم إلى "عشر سنين"!، لكن المعترض هنا حكم على بعض إخوانه بعد
مقالة أو اثنتين!)).
فيا
أيها المحتار الفيلسوف:
ها
هم الذين رفعوك وشيخوك وعظَّموا مقالاتك وردودك وثبتوها في منتدياتهم يصنِّفونك في
آخر المطاف في سلك الغلاة!، والله تعالى يقول: ((وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا)).
فكيف
يا طيباوي تصف الشيخ ربيعاً بالغلو وهو داء فيك بشهادة أصحابك؟!
وسبحان
الله الذي أكرم الشيخ ربيعاً - المجاهد في سبيل نصرة دينه - بهذه المنقبة والمكرمة
فجعل سلسلة الطيباوي الباطلة ومؤامرته الكاذبة تموت في مهدها قبل أن تلد على أيدي إخوانه
وخلانه!، والله تعالى يقول: ((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)).
فهل
من معتبر؟!
أقول:
والمهم؛
أنَّ الطيباوي قد تعالى على القوم بعد أن رفعوه بغير عدل ونصروه بغير حق، فتمكَّن من
قلوب كثير منهم وتقوَّى بهم في منتديات القوم، فكأنه قصد الانقلاب عليهم متأثراً بالثورات
الشعبية هذه الأيام!، فأظهر علوه في تلك المنتديات وفساده بلا خوف ولا خجل، وبان تفاخره
وتعالمه وغروره وكبره على إخوانه الذين عظَّموه وشيخوه؛ حتى ذكَّره أخوه المشرف فقال:
((ولعلي أُذَكِّر نفسي والمعترض بما لا ينبغي أن يخفى على مثله - حفظاً وفهماً
وعملاً - من قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا
عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"، يا أيها الرجل المعلم غيره...
هلاّ لنفسك كان ذا التعليم!. ثم قد وقع من المعترض سددني الله وإياه من عبارات يفهم
منها: الاستعلاء
على إخوانه!، والفخر والزهو بما لديه من علم!، وتجهيل غيره!....، ولا أظنني بحاجة
للتمثيل، فهي في كتاباته الأخيرة واضحة بادية!، فإنْ كان المعترض فعلاً
قد حاز العلوم أو بعضها: فإنْ لم يستفد منها تواضعاً وخشية فقد تكون وبالاً عليه!،
وتصنَّفُ علوماً غير نافعة!)).
أقول:
ومما
يثبت للقارئ البصير أنَّ هذا المشرف ظالمٌ للسلفيين وبعيدٌ عن العدل حتى مع أعضاء منتدياتهم!؛
أنه قال بلسانه وخطه بنانه: ((وعند العقلاء: أنَّ ما فعله
المشرفون من السماح لمقال المعترض من أن يُنْشَر، رغم ما فيه من إساءات وإساءات لإخوانه،
هو مما يُشكرون عليه!. والحق أنَّ أقل مما ورد في مقاله من إساءات حقُّه
الحذف -أقله في نقدي!-، ولعلَّ بعض إخواننا الأعضاء الذين يتم التعديل على مشاركاتهم!،
وحذف بعض عباراتهم!، يعلمون هذا يقيناً، لكن لمكانة المعترض عند الإدارة لم
يتم فعل هذا معه وفي مقاله، فهل هذا جزاء الإحسان؟!)).
قلتُ:
هل
يرى القارئ أنَّ هذا من الإحسان؟!
أم
من الظلم والعدوان؟!
وهنا
تذكرتُ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّهَا
النَّاسُ؛ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ
فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ!، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ
الْحَدَّ؛ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ
يَدَهَا))!.
قلتُ:
ومن
غرائب هؤلاء القوم التي تدل على أنهم يتعاملون بالهوى والمنافع الشخصية والمصالح الذاتية؛
أنهم كانوا لا يصفون الطيباوي إلا بـ (الشيخ)،
فلما وقع الخلاف معه في هذه المسألة أبدلوه بـ (الأخ) كما
فعل المشرف الناقد وقلَّده البعض!، فلا أدري هل خلاف الطيباوي معهم في مسألة واحدة
مسوغ لهم في إنزاله من رتبة (المشيخة)؟!
فمَنْ
هم الغلاة الآن؟!
ومَنْ
الذي يجعل من الحبة قبة؟!
أقول:
ولقد
استنكر الطيباوي صنيعهم ذلك؛ لأنه يرى من نفسه أنه يستحق مرتبة أعلى من الشيخ!، فقال
في أحد تعليقاته: ((نكتة للابتسام: بعض إخواننا في هذا المنتدى المبارك
إذا وافقتهم أو وافقت شيوخهم لقَّبوك بالشيخ!، وأطلقوا عليك المدح!، وإذا خالفتهم
أو خالفت شيوخهم قالوا لك: أخي!، الأستاذ!، ولولا أن يناقضوا أنفسهم لذكروا اسمك مجرداً!،كأنما حقائق
الناس تتبع اعتقادهم فيهم؟!، ومع
ذلك فــ "الأخوة" كلمة شرعية عظيمة، أهدر موجباتها وحقوقها بعض أهل العلم
في هذا العصر!، وهي كافية عندي إن أطلقت بنيَّةٍ وصدق. أما التشييخ فأنا لست بشيخ لكم!، وكيف أكون ولم تتعلموا من عندي شيئاً،
ولم أجبكم على أسئلة حيَّرتكم، أو أزالت عنكم شبهات معقَّدة، ولعلك كنت تسألني عن مسائل
علمية، وتطالبني بالتفصيل لأنك كنت تحسن الظن بي؟! لا يجب أن ننهى غيرنا عن شيء ونفعله، ففي الرضا نصدق أو نكذب، وفي الغضب
نكذب)).
وهذه
شهادة من الطيباوي في بيان المشرفين الذي يكتبون في منتديات الحلبي!
أقول:
لكن
حاول بعض المتزلِّفين للطيباوي أن يُهدّأ من غضبه، فقال مناصحاً: ((أيها
المكرّم الطيباوي سدد الله قلمك؛ أرجو أن لا تغفل عن منزلتك التي أنزلكها وَفرة من
أعضاء هذا المنتدى، فإنّك عندهم على ما علمت محلّ إكبار وتقدير، ومنك يُستفاد، وعليك
يُعوّل، ويُلتمس العلم. فمن لم يخاطبك هنا بـ(شيخنا) قال: (أيّها الشيخ)، ومن عزف عنها قال: (يا
أستاذ)، أمّا الفضل فقد أثبتوه لك قولاً واحدًا؛ وهذه - لو شعرت، ولعلك شعرت- تجعلك
تحنو على من أنت تجيبه أو تباحثه مادام هو لسمت الأدب راكب، بل لو أساء وكنت أكرم منه
لكان أوقع في نفسه ونفس من يقرأ لك، فإن أثّرت أثرت بالحسنين)).
والأعجب
أنَّ هذا الناصح نفسه غفل أنه لم يصف الطيباوي بأحد الأوصاف التي أشار إليها!، بل عاد
من جديد إلى المربع الأول فقال: ((في الأخير: أنا ما قصدتُ من هذا إلا أن يكون العلم
والتراحم هو ديدن هذه المنتديات، تقبّلوا فائق تقديري أخانا الكبير المكرّم مختار الطيباوي))!!.
قلتُ:
يظهر
أنَّ النزاع بين موجبات النفس والفطرة والعقل من جهة والتي ترفض تشييخ الطيباوي، وبين
آثار المنهج الجديد المبني على التملق والتزلف والتميع من جهة أخرى شديد!، فيُحاول
هؤلاء إظهار خلاف ما تبطنه نفوسهم فلا يستطيعون!، لكن مع الأسف أحياناً يستطيعون!!.
ولما
رأى الحلبي أنَّ الخلاف اشتدَّ بين رفاقه وأنصاره ومؤيديه حاول أن يتدخل بطرف خفي على
حياء فنقل نصيحة العضو السابق ثم عقَّب عليه بالتصويب فقال: ((فأقول
:أصبتَ،
فجزاك ربي خيراً، ووفَّق الشيخ الفاضل مختاراً الطيباوي إلى مزيد نفع إخوانه في هذا
"المنتدى" المبارك، وحيّهلا به دائماً)).
قلتُ:
فلا
أدري على أي شيء يصوِّبه؟!
على
منزلته وفضله؟!
أم
لكونه محلَّ إكبار وتقدير؟!
أم
لكونه منه يُستفاد وعليه يعوَّل ويُلتمس العلم؟!
فهل
يرى القارئ:
للطيباوي
منزلة أو فضل عند المشرف الناقد ومَنْ معه في هذا الخلاف؟!
أم
أصبح الطعن بالمشايخ السلفيين والتأصيلات الباطلة التي تهدم منهج السلف الصالح التي
ينشأها الطيباوي في مقالاته هي محل إكبار وتقدير؟!
أم
يرى الحلبي أنَّ علم المنطق والفلسفة يستحق أن يُلتمس عند الطيباوي هذا؟!
نعم
يُمكن أن يكون التصويب منصباً على شيء واحد:
وهي
المنزلة التي أنزلتها له منتديات الحلبي وأنصاره!
لكن
هذه المنزلة أخذوا الأجر عليها مسبقاً بما تقدَّم من طعونات الطيباوي الفاجرة ومقالاته
الآثمة؛ فليس لهم منة يمنون بها على الطيباوي!، فليعلم هذا.
وأقول:
والعجيب
أنَّ الحلبي غضَّ نظره عن طعونات الطيباوي في الشيخ الألباني رحمه الله لما وصفه بالتلوث
بشبهة الأشاعرة!، ولما وصفه بأنه غير مقبول الجرح لأنه لا يعرف الفلسفة والمنطق!.
فهل
يوافقه الحلبي على هذا أيضاً؟!
مقتضى
التصويب يدل على ذلك!
إذاً؛
مَنْ الذي يطعن بالشيخ الألباني الآن؟!
قلتُ:
والطيباوي
لما رأى عصى الحلبي رُفعت على رأسه قليلاً شعر بالخطر فعقَّب على نصيحة الحلبي بقوله:
((أما بخصوص نصيحة الشيخ الفاضل علي حسن الحلبي حفظه الله فهي مطابقة لكرم
أخلاقه وشريف طباعه وغزارة علمه. واللهجة بحسب التطاول المشين، وبعض الناس يتصدَّقون
عليك بالألقاب كأنما هي معيار معرفة الحق ومعرفة حقيقة الناس ومنازلهم في العلم، وهذا
أمر لا اكترث له؛ إنما يعبرون به عن نفوسهم فقط، ومع ذلك فاني حريص على نفع إخواني
المعترضين إلا واحداً!)).
ولما
رأى المشرفون والأعضاء الناقمون على الطيباوي تصرفاته المشينة: هذا التوافق بين الحلبي
والطيباوي!، لم يعجبهم ذلك، لكنهم لا يستطيعون الاستمرار بالكتابة والرد بعد كلام شيخهم،
فحاولوا بطريقة أخرى أن يفتحوا مقالات جديدة مستقلة للرد على الطيباوي، ليبتعدوا بالأنظار
عن تعليق شيخهم!!، فكتبوا مقالاً بعنوان [هذا جوابي
عليك أيها المعترض!]، وآخر بعنوان [من مناقب
الألباني أنه لا يعرف علم الكلام ولا الفلسفة]،
بالإضافة إلى المقال الرئيسي: [شيخ الإسلام ابن تيميَّة ــ
رحمه الله ــ وتهمة التَّلوُّث بالفلسفة (؟!)].
فلما
فطن الحلبي لحيلتهم هذه قال لهم مناصحاً في المقال الرئيسي: ((أنا متابعٌ
لما يجري هنا!، وهناك!، وهنالك! - في هذا الموضوع-، وكلام الشيخ مختار وفقه الله قويٌّ ومنضبط؛ ولله الحمد. وظنّنا الحسنُ
جداً به سدده الله: أن يُجمِّلَ بحوثَه أكثرَ وأكثرَ بما تجاوَبنا به معاً في تواصينا
جميعاً بالحق والصبر والمرحمة)) ثم نقل بعد هذا الكلام
نقلاً من كلام شيخ الإسلام رحمه الله، ولم يبينه لأنصاره!، فبقي الخلاف بينهم على ما
كان.
قلتُ:
وبهذا
التعليق يؤكِّد مرة أخرى الحلبي أنه موافق للطيباوي في مسألة: "ضرورة أن يدرس
الشباب الفلسفة والمنطق وعلم الكلام للرد على أهلهم"!، وهذا أمرٌ عظيم لو يفطن
له المقلدون له كما فطن له المشرف الناقد، فقد ذكر هذا المشرف نقولاً عدة في مقاله
[هذا جوابي عليك أيها المعترض!] تبين
بطلان هذه الدعوى من كلام شيخ الإسلام نفسه، ومن كلام الإمام أحمد قبله، ومن كلام العلماء
المعاصرين، فليرجع إلى ذلك مَنْ أراد معرفة الحق ولا يتعصَّب!، ومن ذلك ما نقله من
قول الإمام أحمد رحمه الله: ((لا تجالِسوا أهلَ الكلام
وإن ذَبُّوا عن السُنَّة)).
ولكنَّ
الطيباوي فهم طلاسم الحلبي فقال معقِّباً:
((وبارك
الله في الشيخ الفاضل علي حسن الحلبي على فقهه وفهمه الدقيق لموضوع النزاع؛ فقد أعيتني
هذه المسألة لأصورها للمعترضين)).
فلا
أدري أين الفهم والفقه الدقيق!؛ والحلبي إنما اكتفى بالثناء على الطيباوي، والنقل المجرد
عن شيخ الإسلام؟!
لكن
لغة التفاهم بين الحلبي والطيباوي لا يعرفها إلا هما حصراً!، فليُعرف هذا.
وأقول:
ويظهر
أنَّ الحلبي أراد أن يتنصَّل بهدوء من موافقة الطيباوي في كل تأصيلاته!؛ فاكتفى في
مقال [من مناقب الألباني أنه لا يعرف علم الكلام ولا الفلسفة] بنقل
كلام شيخ الإسلام رحمه الله فحسب!، يعني: على طريقته الجديدة وهي النقل المجرد دون
التعليق عليه بكلمة!، وهذا دليل على تخبطه وعدم استقراره وعدم قدرته على بيان الحق
ونصرته بالأدلة الشرعية والنقول العلمية مع الإيضاح والبسط لما يحتاج إلى شرح وبيان!،
أو لأنه يخشى من سيوف أهل السنة التي له ولغيره بالمرصاد ولهذا صار يكتفي بالنقل المجرد
من غير تعليق ولا بكلمة!.
قلتُ:
وبقي
الخلاف بين بعض المشرفين والأعضاء المميزين من جهة، وبين الطيباوي والمطبلين له من
جهة أخرى قائماً!، حتى قال مشرفهم الكرخي: ((إذا كان
الأمر في مسائل الفلسفة وتعلُّمِها على ما اتفق عليه المشايخ (الحلبي، [عبدالعزيز بن
ندى] العتيبي، الطيباوي) وهو كلام شيخ الإسلام مِن قبْل، أقول: إن كان الأمر كذلك ومع
ذلك نرى النزاع مستمراً فهذا يدل على أنَّ كلام شيخ الإسلام يعني أحد أمرين: إما أن
لا يكون في محل النزاع؛ وهذا بعيد!، وإما أن يكون البعض لم يفهمه أو يحرره جيداً، بحيث
أراد أن يجعل نفسه بل ويدعو غيره إلى أن يكونوا شيوخ الإسلام أبناء تيمية!!، وهذا
هو الخلل في نظري!)).
وبعد
هذا اللغط والجدل اختار الحلبي السكوت خشية النقمة من أحد الطرفين!، أو خشية الانقلاب
الذي يخطط له الطيباوي في منتدياته!.
قلتُ:
وهذا
الخبط واللبس والتشغيبات قد غاب عنه أبو الخبال الجنيدي!؛ لكنه بعد رجوعه من السفر
قال متعجِّلاً على طريقة شيخه في مسك العصا من وسطها:
((تابعتُ
اليوم هذه المباحثة بعد رجوعي من السفر، فجزى الله الجميع خيراً على ما قدموا،
وإن كان
ساءني بعض الكلمات التي فيها نوع إساءة، فأسأل الله أن يتجاوز عن الجميع. وأقول للشيخ
مختار: لولا اعتراضات إخوانك لما استطعت أن تكتب في هذه المسألة أو تفيد إخوانك فيها؛
فلعل المراد وصلك دون الحاجة لتكثير الكلام فيها!!!. وكذلك بالنسبة لإخواننا المعلِّقين
نلزمهم بلزوم الأدب مع الشيخ مختار من جهة، ونطالبهم بتحمّل بعض عباراته القوية إذا
ساءتهم من جهة أخرى؛ فالرجل لم يقصد إلا تصحيح المفاهيم عند إخوانه. وهو وأنتم على
منهج واحد؛ فليس هناك حاجة للتشنج خاصة وأن الشيخ مختارا أتمَّ العقد الخمسين من عمره
ودخل العقد الستين؛ فلنحترم شيبته وعلمه. أرى أنَّ هذا البحث في حد ذاته قد اتفقتم
على أصوله: في ذم علم الكلام في معرفة الشريعة، وأن الشريعة مستغنية في تقرير أحكامها
عن الفلسفة وعلم الكلام، أما قضية معرفة علم الكلام ومصطلحاته من أجل رد باطل وعدوان
المتكلمين فهذه قضية أحسب أنه لا ينازع فيها أحد!!. وهذا ليس مختصاً بالكلام؛ بل وكل
مذهب ونحلة؛ فإن من أراد نقدها وردها يجب عليه معرفة وتحرير مصطلحاته فيصحح الصحيح
ويبطل الباطل منها؛ وهذا الذي سار عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، وينصره الآن الشيخ مختار،
بل هذا مضطرد حتى مع النصرانية واليهودية، ولذلك قال ابن كثير عن شيخه شيخ الإسلام
ابن تيمية: إنه كان أعرف بالنصرانية من أتباع النصرانية أنفسهم حتى أن بعضهم كان يسأله
فيها!، فالأمر واضح بحمد الله لو ابتعدنا عن التشنج ومحاولة فهم الكلام بروية. فتقرير
الإسلام لا يحتاج إلى علم الكلام ولا إلى أي علم آخر، فالكتاب والسنة تامان كاملان.
أما الدفاع عنه ونقض العاديات عليه يحتاج إلى معرفة مصطلحات العادين من كل نحلة وليس
فقط الكلام والفلسفة. وأرجو ألا نغفل أمراً مهما كان هو أساس المباحثة ألا وهو الدفاع
عن شيخ الإسلام رحمه الله؛ فإن القول بأنَّ الفلسفة وعلم الكلام أثر سلباً على ابن
تيمية فيها طعن ليس بالهين فيه، وشدة الشيخ مختار كانت بسبب هذا القول وآثاره لو سلمنا
به، ولا تتصوروا أنَّ أول من تكلم به بعض المشرفين كما فُهِم وإنما تكلم به أعداء السلفية
وأعداء شيخ الإسلام؛ فكانت مدافعة الشيخ مختار قوية لهذا الاعتبار والله أعلم. وأكرر
جزاكم الله خيراً جميعا إخواننا الأفاضل وشيوخنا النبلاء الشيخ الحلبي والشيخ مختار)).
وفي
كلامه هذا عدة مؤاخذات:
منها:
أنه صوَّب الطيباوي في فلسفته الباطلة وغضَّ النظر عن طعنه في الشيخ الألباني!
ومنها:
مطالبته للأعضاء والمشرفين باحترام الطيباوي لعمره وشيبته!، فلا أدري لماذا لا تعمل
مثل هذه المطالبة مع مشايخ السلفيين مع عمرهم الكبير وشيبتهم؟!
ومنها:
ما هو السبب في مطالبتك أيها الجنيدي للأعضاء بتحمل إساءات الطيباوي وطعوناته وشدته
عليهم؟!
الجواب
معروف لا يحتاج إلى تأمل ونظر؛ لأنَّ الطيباوي عنده سلسلة جديدة في الطعن في الشيخ
ربيع؛ فالواجب على الأعضاء والمشرفين أن يصبروا على الإساءة وأن يتحمَّلوا المهانة
من أجل تلك الغاية الكبرى التي يسعى لها المنتدى!!.
ولهذا
قال الجنيدي في أحد تعليقاته: ((أرى أنَّ النقاش طال، لذلك أطلب من الجميع التوقف هنا،
فكلٌّ أدَّى ما عليه، وأطلب من الشيخ مختار أن يكمل سلسلته المباركة في الرد على الشيخ
ربيع وجلاوزته، وألا ينشغل عنها)).
ثم
لما رأى أنَّ الطيباوي لا يتوقف في ردوده ولا في طعوناته مع توقف الجميع عنه!؛ قال
له الجنيدي: ((مهلاً مهلاً مهلاً أيها الشيخ الفاضل!، ما عهدناك هكذا مع إخوانك، وليس
هذا سبيل السلفيين مع بعضهم البعض!، كوني أتفهم بعض قسوتك وشدة عبارتك في دفاعك عن
شيخ الإسلام ابن تيمية، وكوني أتفهم نصرتك لطريقة ابن تيمية في نقد الفلسفة وعلم الكلام
الذي تصفه بالمشؤوم، ولكن اتهامك لبعض إخواننا المشرفين بأنهم يعادون شيخ الإسلام ويحملون
له ضغينة هذه هكذا باطلة جداً جداً، فكل مَنْ في الإشراف سلفيون محبون لابن تيمية ومناصرون
لابن تيمة ولمن هو أقل من ابن تيمية نصرة للإسلام وخدمة له ! فكيف يساء الظن بهم لمجرد عبارة قد نختلف أو نتفق في انتقادها وليس
فيها هذا الاستهداف؛
فضلا أن تكون فرقة هدفها معاداة ابن تيمية؟!، والله هذا الكلام باطل بيقين، وما كنت
لأتصور صدوره منك اتجاه إخوانك، فأرجو أن تعيد النظر في هذا الكلام الذي آذيت به إخوانك
وليس له مسوغ إلا الغضب!!، وإذ طالبتُ إخواننا جميعاً باحترامك لشيبتك وعلمك في تعليق
سابق؛ نطالبك أيضاً باحترام إخوانك وعدم الإساءة إليهم، فضلاً عن اتهامهم في دينهم)).
لكنَّ
الطيباوي والمطبلين له ماضون في مسلكهم مع أنصار الحلبي القدامى طعناً وتجريحاً بعد
أن تقوَّى الطيباوي بهم قديماً وتمكَّن من قلب شيخهم الحلبي، لوحدة الغاية والهدف!.
أقول:
ومن
أغرب ما رأيته في هذه الخصومة المقيتة والجدال العقيم: أنَّ هناك أصواتاً تتعالى بين
الحين والآخر في وسط هذه المعارك الطاحنة والصراخ والعويل بوجوب ترك هذا الخلاف والتوجه
بالرد على الإخوة الغلاة كما يصفونهم!.
فلا
أدري ما الفرق عندكم، وقد ثبتَ لديكم أنَّ الطيباوي يسك مسك الغلاة، وقد حلَّ ضيفاً
في منتداكم؟
فالواجب
مواجهة العدو القريب الذي حلَّ في ساحتكم أيها المغفلون لو كنتم تعقلون!.
قلتُ:
ومن
آخر ما كتبه هذا الفيلسوف المحتار ذماً في علم الألباني الذي نصر به العقيدة السلفية
- ولم يتجرأ أحدٌ لا الحلبي ولا غيره من رده! - أنه قال: ((وعندما
نقارن بين الشيخين ابن تيمية والألباني؛ نقول: نال ألألباني شرفه ومنزلته بمعرفته بالحديث
النبوي الشريف وخدمته له وبالفقه فيه، بينما نقول عن ابن تيمية: نال منزلته بمعرفته
بجميع العلوم الشرعية حتى يستفيد منه أخص أهلها ومعرفته بطرق نقض المقالات الباطلة
بعلوم الكتاب والسنة.
وعليه
لا يمكن أن نجعل عدم علم الألباني رحمه الله بطرق نقض هذا الباطل والشر الذي أهلك قطعاً
عريضة من المسلمين محمدة!!!، فعدم العلم لا يكون محمدة
إلا في العلوم التي هي شر محض كالسحر و التنجيم، أما العلوم العقلية وإن كانت شراً
فإنَّ معرفتها واستغلال هذه المعرفة لنسفها وتخليص العباد من شرورها فهو خير؛ وأي خير؟. ومن هنا
لم يكن مدح الألباني على عدم قدرته على نقض الفلسفة والكلام و المنطق إلا مدحاً لعدم
العلم!، وهذا غير صحيح. فيجب التمييز بين ما يوجب المدح، وما يوجب الذم!، فعدم مدحه بهذه المقدرة
العلمية لا يعني أنه مذموم إلا إنْ سبَّب جهلَه بها انغماسه في مقالاتها الباطلة؛
وهذا جلي)).
أقول:
خسأت
أيها الخاوي العاوي محتار ذو البلاوي؛ فمَنْ أنت حتى تنظر إلى الألباني هذه النظرة؟!
ومَنْ
أنت حتى ينظر الناس إلى تقييمك له؟!
ما
أنت إلا متعالم!... متفلسف!...سفسطائي!...ضال عن الهدى!...متبع للهوى!، فاعرف قدرك.
والإمام
الألباني رحمه الله نصر هذا الدين عقيدة ومنهجاً ودعوة وشريعة، وليس فقط خدم الحديث
وفقه معانيه!، وأثره في واقع المسلمين والدعوة السلفية اليوم ومحاربة المناهج والأحزاب
المبتدعة قد لا يقل عن أثر شيخ الإسلام رحمه الله ودعوته في زمانه، فاعرفوا الفضل لأهله
ولا تبخسوا الناس أشياءهم.
وليعلم
مَنْ لا يعرف حقيقة هذا الطيباوي المتعالم أنه يفرِّق بين إمام في الحديث وإمام في
السنة؛ وأنَّ المنهج يؤخذ من الثاني لا من الأول!، فيقول في أحد مقالاته: ((قلتُ:
هذا مذهب أهل السنة في الرجال، وأقول: أهل السنة ولا أقول أهل الحديث!، لأفرق كما فعل
عبد الرحمان بن مهدي بين الإمامة في السنة والإمامة في الحديث!، ولأبيّن أنَّ أئمة
السنة أئمة في العلم الشرعي و ليس في الحديث فقط!، في القرآن واللغة، والحديث، وأصول
الفقه، والفقه وغير ذلك، يبنون مذاهبهم في أصول الدين، ويطردونها في غيرها من العلوم،
فقواعدهم كلية مطردة في جميع الأبواب، ويفرقون بين الأصول وبين الفروع، وما هو في مجراها)).
فكون
الألباني إماماً في الحديث فحسب - في نظر الطيباوي - أمرٌ مقصودٌ؛ فليفطن لهذا مَنْ
لا زال يُعظِّمه ويرفع من شأنه!.
قلتُ:
ويصدق
في هذا الطيباوي وفي منتديات الحلبي المثل المعروف (حاطب الليل)، فالحلبي قد جمع في
منتداه كلَّ مَنْ هبَّ ودبَّ من أجل نصرته في محاربة المنهج السلفي والطعن في علمائه،
فكان من هذا الجمع المشؤوم هذا الطيباوي الموبوء!، والحمد لله أنَّ الله عزَّ وجل كشف
حقيقته لكثير ممن كان يطبِّل ويزمِّر له، وأما الحلبي فاليدان منه مغسولة إلا أن يتغمده
الله بهداه وتوفيقه.
وكيف
لا يكون الحلبي مناصراً للطيباوي والأخير يقول فيه: ((كما لا
يفوتني أن أشكر الشيخ الفاضل علي حسن الحلبي عن تعليقه في الموضوعين، فقد قطع النزاع
بنقل موفَّق جمع أشتات المسألة ونبه على نكتتها وسرها، وهذا لفضل علمه وطول خبرته واطلاعه
على كتب ابن تيمية العسل المصفى في العقيدة)).
فثناء
الطيباوي المتكرر على الحلبي!، وطعنه المتواصل في الشيخ ربيع!؛ هو الميزان المعتبر
في المدح عند الحلبي، كما صار لا يخفى على السلفيين.
هذا
آخر ما أردتُ بيانه من أحوال هذه الفرقة الغريبة من داخل منتدياتهم، وقد تم إغلاق المواضيع
الثلاثة!، وهذا إن دل فإنما يدل على كذب هؤلاء في دعواهم أنَّ عندهم رحابة صدر في النقاش
لا يوجد عند غيرهم، كما قال الحلبي في مقدمة أحد مقالاته: ((لما رجعتُ
بتوفيق الله ومنَّته رأيتُ حول المقال المذكور كثيراً من الآراء والأقوال والأفكار
والنقاشات التي تدل –بفضل الله وتوفيقه- على:
1- أنَّ (منتدانا) يتَّسم بكثير
من رحابة الصدر وسعة الأفق، وبُعد النظر في التعامل مع هكذا مسائل.
2- إضافة إلى إنصاف نادر - والحمد لله -، لا تكاد تحلم
به - ولا أقول: تراه!- في عالم الإنترنت -
طولاً وعرضاً - حتى السلفي والإسلامي - منه - وللأسف الشديد)).
فليعرف السلفيون نعمة الله عليهم بالسنة والثبات
على الحق، فيشكرونه ويسألونه حسنى الخاتمة على ذلك، والله الموفِّق.
كتبه: أبو معاذ
رائد آل طاهر
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.