-->

الجمعة، 11 يناير 2013

واقع بعض المنتديات والمواقع السلفية... آلام وآمال


الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فهذا الموضوع كان في ذهني منذ فترة من الزمان، ولكن شغلني عن الكتابة فيه، ما قام به أهل الأهواء من هجمة شرسة من كل صوب لضرب المنهج السلفي، فكان لزاماً على كل طالب علم ينتمي بحق إلى هذا المنهج الأصيل أن ينتصر له وينفي عنه تأويل الجاهلين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين؛ بما منَّ الله عليه من علم ولو كان قليلاً، وكان هذا هو واجب الوقت في ظني.
واليوم وبعد شوط في الردود التي كشفت زيف المبطلين من مميعة وحدادية ولله الحمد وحده، رجعتُ إلى هذا الموضوع من جديد فأقول:
إنَّ واقع المنتديات والمواقع الإسلامية بعامة والتي تنتسب إلى المنهج السلفي بخاصة تعاني من علل وخلل؛ من ذلك:
 1. كثرة فتح المنتديات والمواقع
وهذه ظاهرة سيئة؛ حيث أصبح اليوم كل مَنْ هبَّ ودبَّ يفتح موقعاً أو منتديات، حتى فرَّقوا السلفيين بين المواقع، وصار كل واحد منهم يريد أن يجمع في منتداه أو موقعه الذي أنشأه طلبة العلم المتميزين في الكتابة، ليصبح منتداه هو الأحسن وهو الأول على باقي المنتديات.
ولا شك أنَّ هذا الأمر من التفرق المذموم، ويضعف الكلمة ويوهن القوى ويضيع الجهود والأوقات، وقد يحصل ما بين هذه المنتديات نزاع وجدال وتنابز بالألقاب فيشمت بهم الأعداء ويسخر منهم المخالفون، ويستغلون ذلك في الطعن بالدعوة السلفية وعلمائها ومشايخها.
فكان الأحكم أن يتفق أهل المنتديات في الكتابة في منتدى واحد، وأن يلتزم السلفيون بذلك، ويعرضوا عن باقي المنتديات.
أو على الأقل تحديد وتقليص تلك المنتديات، ومنع الازدياد فيها.
ولعلَّ الذي جعل البعض يسارع إلى فتح منتدى خاص به هو:

2. تصدر ضعاف العلم والدين في مناصب الإشراف والرقابة
وهذه مشكلة كبيرة؛ لا أدري كيف يسمح بعض طلبة العلم لضعاف العلم وضعاف الدين أن يرتقوا منصب الإشراف أو منصب الرقابة في منتداهم، فيتحكم هؤلاء في طلبة العلم وكتَّاب المنتدى بحذف المقالات أو غلقها أو منعهم من الكتابة أو يثبتوا مقالات مَنْ شاءوا بحسب أهوائهم أو أغراضهم الشخصية أو أمراضهم النفسية!، أو يتكلَّموا على طلبة العلم بمنطق المتعالي المستكبر!!.
فلما رأى بعض طلبة العلم تسلّط هؤلاء على تلك المنتديات والمواقع اعتزلوها وفتحوا لهم منتدى خاص بهم، والعجيب أنهم وقعوا في نفس الخلل!!، حيث جعلوا ضعاف العلم والدين في مناصب الإشراف وصاروا يفعلون ما كانوا ينكرونه!، والله المستعان.
وكان ينبغي على الجميع أن يختاروا أناساً لهم أهلية في العلم ولهم دين وورع، ومن أهل العدل والصدق، فيجعلونهم في مثل هذه المناصب والمسؤوليات.

3. الولاء الحزبي للمشرف العام
بعض المنتديات حالها كحال بعض الأحزاب أو الجمعيات الحزبية!، حيث نراها ترتبط مع مشرفها العام وكادر الإشراف والمراقبة ارتباطاً حزبياً!، فيفعلون ما يوافقونهم ويعرضون عما يكرهونه!، ويحبون ويعظمون مَنْ يحبونهم ويعظمونهم!، ويبغضون وينتقصون مَنْ يبغضونهم وينتقصونهم!، ويحاولون التقرب إلى المشرف العام وإرضاءه بكل الطرق الممكنة ولو كان على حساب الحق والعدل!، وينتصرون للمشرف العام ويدافعون عنه وكأنه عالم راسخ وليس مجرد طالب علم لا يُستبعد غلطه!!، بل لا يقبل أحدهم أن يُنتقد هذا المشرف، بينما نراه يتقبَّل نقد العلماء والرد عليهم!.
والواجب أن يكون ولاء المسلم للحق وأهله دون النظر إلى الشخص وعينه.

4.  تضخيم الألقاب وتعظيم الأشخاص
وهذه مشكلة أخرى، تجد كثير من الشباب يعظِّم شخصاً بمجرد أن يقرأ له بعض الردود أو البحوث!، ثم يزداد هذا التعظيم تدريجياً حتى يصفه بألقاب ضخمة يهلكه بها!، ولهذا نرى بعض مَنْ ضُخِّم وعُظِّم صار لا يستمع إلى نصائح أو نقد مَنْ هو في طبقته أو أعلى منه؛ لأنه يرى في نفسه أنه شيخ فاضل أو محدث أو عالم أو أصولي أو فقهيه!، فيقول في نفسه: ومَنْ فلان حتى استمع له؟!.
المسكين ظنَّ أنَّ تشييخ صغار الأسنان أو أصحاب الأغراض الشخصية له قيمة عند الناس!.
فلا بد من إيقاف ظاهرة تضخيم الألقاب أو الأوصاف التي يوصف بها بعض طلبة العلم.

5.  الأسماء المستعارة
وهذه من فوضى المنتديات!، أن تجد مَنْ يكتب بأكثر من اسم مستعار، ويتخفى وراءه، ليكتب ما شاء، ويُعلِّق على مَنْ شاء، ويعظِّم مَنْ شاء، وينتقص مَنْ شاء بلا مراقب ولا محاسب!.
 وبلغني من طريق بعض الناصحين (!) أنَّ بعضاً ممن يكتب بأسماء مستعارة يثني على مقالاته أو مقالات غيره بأكثر من اسم!، أو يرفعها باسم آخر!، ويُعلِّق بما شاء على مَنْ شاء دون خوف من نقد أو رد!.
ومما سمعته من أحد الثقات عن اعترافات البعض: أنَّ بعض الناصحين ممن كانت نصيحته لها شأن ومكانة في نفوسنا والله، إنما كان اسماً مستعاراً تكتب به امرأة!!، فإنْ صدق ذلك، فلم يبق لنا إلا أن ننوح كما كان الناصح (عفواً الناصحة) يكثر النوح على فقدان الناصح الصادق في هذا الزمان!. 
فإلى أي المستويات وصل تسلط مثل هذه؟!
ومَنْ الذي سلَّطها؟!
ومَنْ يعاونها؟!
وماذا وراء ذلك؟!
يظهر لي – والله أعلم - أنه في الخفاء مؤامرات وتخطيط من قبل مجاميع مقسَّمة الأدوار بينها؛ فليُنتبه لهذا!!.
ولا أستبعد أن يكون بعض الرجال يكتب بأسماء نساء مستعارة ويدخل في منتدياتهم الخاصة!، فلتحذر النساء.
فعلى المشرفين والمراقبين – إنْ لم يكونوا متعاونين معهم! - أن ينتبهوا لذلك، وأن يمنعوا مثل هذه الأسماء ومَنْ يكتب بها من الكتابة مطلقاً كزجر وردع لأمثالهم.

6. الكتابات الهزيلة
الكثير من الكتابات في المنتديات هزيلة؛ لا تجد فيها بحثاً محققاً ولا نقلاً مصدَّقاً، وإنما مجرد ردود أفعال تنبع من نفس مريضة أو ظلومة أو جهولة، ومثل هذا الصنف من الناس تجد البعض يثني على مقالاتهم!، ولو أنَّ أحدنا قلَّب بصره في أحد المنتديات في صفحته الأولى لما وجد سوى ثلاث مقالات أو أربع تستحق المطالعة، وما سوى ذلك كتابة مجردة عن المادة العلمية.
بينما نجد في منتديات أخرى غير سلفية بحوثاً علمية مفيدة في الفقه وأصوله وفي الحديث وعلومه وفي التفسير وغير ذلك من العلوم.

7. مطالعة الرسائل الخاصة والملفات الشخصية
يقوم بعض المشرفين وبعض السراق الدخول إلى الملفات الشخصية للمستخدمين ويطلع على رسائلهم الخاصة!!، وهذا فعل قبيح لا يقوم به إلا سفيه!، والبعض ينشر هذه الرسائل الخاصة هنا وهناك ويبدأ يعلِّق عليها ويفرح بها؛ وهذا لا يقل سفاهة عن الأول، بل قد يزيد!.
فلا يجوز لأحد من المشرفين أن يدخل الملفات الشخصية لأحد المستخدمين بأي عذر من الأعذار؛ لأنَّ هذه أمانة وأسرار فلا يجوز أن ينتهكها فضلاً أن ينشرها ويذيعها على رؤوس الناس.

8. الحوارات البعيدة عن العلم
لابد أن يكون الحوار في المسائل هادئاً مبنياً على العلم والموضوعية، فلا كلام بذيء ولا عبارات قبيحة فضلاً عن السب والشتم، ويكون مبنياً على الحجة والدليل لا على قال وقيل، ولا مجرد التشنيع والتشغيب، ويكون موضوعياً يدور حول المسألة المتنازع فيها لا أن يرتبط بمسائل خارجة عن الموضوع!.
ولا بد لنا أن نتلطَّف مع بعضنا البعض وأن نرفق بالمخالِف وأن نصبر على أذاه، أما إن كان رفقنا به وصبرنا عليه لا يزيده إلا طغياناً وغياً، فلا بأس بشيء من الغلظة والشدة.
ولابد لنا أن نربي أنفسنا شيئاً فشيئاً على الكلام بعلم وأدب، وأنْ لا نقول إلا الحق ولو كان على خلاف مَنْ نحب، بل ولو على أنفسنا، وأن نرجع إليه إذا تبيَّن خطؤنا ولا نتمادى في الباطل، وأن نتكلَّم بعدل فلا نزيد ولا نكتم ولا نفرِّط ولا نُفرِط ولا نهوِّل ولا نهوِّن؛ ولو مع أشدِّ أعدائنا.
ولو تأمَّل أحدنا ما يُكتب في المنتديات لما وجد مثل هذه المعاني والسمات، إلا مَنْ رحم الله، والله المستعان.

9. إشاعة الفتن والتحريش بين أهل الإيمان
كثير من الشباب من صغار الأسنان يسارع إلى نقل كل ما يجري في واقعهم إلى وضعه في مقالات في المنتديات والمواقع، وهذه من الفراغ العلمي حتماً، ولكنهم بهذا الفعل ينشرون الفتن ويحدثون الفرقة، والبعض يهوى التحريش بين فلان وفلان، فينقل الكلام في هذا وينقل الكلام في ذاك، ويحاول أن يُحرك الغضب في نفس فلان، ثم يعود بوجه آخر أو اسم مستعار آخر فيحرك الغضب في نفس فلان المخالِف له، هكذا هي حياتهم تحريش وفتن وفرقة ونفاق!.
فمتى يتوبون؟!

10. كثرة الردود وتتبع المنتقدين
ليس كل كتابات المخالفين أو انتقاداتهم تستحق أن تتابع ويُرد عليها؛ وإلا شغل طالب العلم نفسه بما لا فائدة فيه ولا نفع يرتجى من ورائه، بل كثير من كتابات القوم هزيلة ليس فيها إلا التحقير والانتقاص من المقابل، أو ليس فيها إلا التشغيب والتهويل، أو مجرد كلام مكرر ممل، أو جدل محض، وقلَّ منها فيها بعض الشبهات التي تحتاج إلى كشف وبيان.
لهذا فالطالب يرد الشبهات ويكشف زيف المبطلين ويترك قيل وقال، ويعرض عن الجاهلين.
لكن الملاحظ في بعض طلبة العلم الاستمرار مع المخالف ولو سلك طريق التشغيب والسب والانتقاص؛ وهذا غلط لا بد من أن ننتبه له لاحقاً.
وليمض طلبة العلم في طريق دراستهم ونشر البحوث العلمية التي ينتفع منها الناس، وليهتموا بتعليم الجاهل ودعوة الناس إلى التوحيد والسنة.
والله تعالى الموفِّق

وكتبه: أبو معاذ رائد آل طاهر
 6/صفر/1432 للهجرة

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.