الثلاثاء، 5 فبراير 2013

تبصير العام والخاص بمغالطات الحلبي في مقاله "الحكم على الأشخاص"


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فقد اطلعتُ على مقال لعلي الحلبي منشور في منتدياته وموقعه الخاص بعنوان [(الحُكمُ على الأَشخاصِ) -بَين التَّساهُلِ والتَّشدُّدِ -، وأثرُهُ في الدَّعوةِ]، ووجدتُ فيه عدة مغالطات تحتاج إلى نقض وتعليقات، فأحببتُ أن أقيدها في هذا المقال، ليعرف القراء - عوامهم وخواصهم - نظرة الحلبي في مسألة (الحكم على الأشخاص)، وأنها نابعة من تأصيل وتنظير لا من مجرد اختلاف معه في التفريع والتطبيق في (فلان) أو (علان):

1- قال الحلبي: ((ورد سؤال إليّ ، بلفظ: يتكلَّم بعضُ طلبةِ العلم في بعضِ المشايخ، ويَطعنونَ بِهم، وأنَّهم مِن أهلِ البدعِ الَّذين لا يُؤخذُ عنهمُ العِلمُ؛ كالشَّيخ فلان لأنَّه قال كذا، والشَّيخ فلان لأنَّه قال كذا..، وذكرَ أسماءً متعدِّدةً؛ فيقولُ: أريد أن تُبيِّن لنا هذا الكلامَ؟ فقلتُ: أخي الكريم؛ هذه مسألةٌ أتعَبَتْنا وأتعبتْ غيرَنا؛ ذلكم: أنَّ الغفلةَ فيها عن تأصيلِ العُلماءِ توقِعُ بالوَيلِ والثُّبورِ، وعظائمِ الأمورِ!)).
أقول:
لم يذكر الحلبي في مقاله الأسماء الذين ذكرهم السائل في سؤاله!، وليس هذا من الأمانة في النقل بالنسبة للقراء!، ثم بنى الحلبي على ذلك جوابه مشنِّعاً ومهوِّلاً!.
ولا ندري؛ هل ذكر السائل مشايخ أهل السنة؛ كابن باز والألباني وابن عثيمين ومقبل الوادعي والفوزان والعباد والنجمي والغديان واللحيدان وغيرهم؟!!!
أم ذكر مشايخ البدعة كسلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر وعائض القرني وعبدالرحمن عبدالخالق ومحمد سرور زين العابدين ومحمد المسعري وأبي قتادة الفلسطيني وأبي محمد المقدسي وأيمن الظواهري ومحمد إبراهيم شقرة ومحمد أبو رحيم وغيرهم؟!
أم ذكر إخوان الحلبي وخلَّانه كعدنان عرعور وأبي الحسن المأربي والمغراوي والغرياني والحويني ومحمد حسان ومشايخ جمعية إحياء التراث ومشايخ حزب النور وغيرهم؟!
فإن كان السؤال عن المشايخ في الطبقة الأولى؛ فنحن معه في تشنيعه على مَنْ يطعن بهم ويتكلَّم فيهم، ولسنا معه في تأصيله وتوجيهه اللاحق!!.
وإنْ كان السؤال عن أهل الطبقة الثانية؛ فالحلبي يطعن بهؤلاء ويتكلَّم فيهم.
وإنْ كان عن أهل الطبقة الثالثة؛ فالفرق بينهم وبين منهج المشايخ في الطبقة الأولى واضح لا يجادل فيه إلا جاهل أو مكابر.
لكن:
ما الفرق بينهم وبين أهل الطبقة الثانية؟!
هنا مربط الفرس كما يقال!.
والحلبي لم يذكر لنا كذلك الأسباب التي من أجلها بدَّع طلبة العلم أولئك المشايخ المبهمين المسؤال عنهم!، ولا ندري هل ذكرها السائل وأبهمها الحلبي؟! أم لم يذكرها السائل أصلاً؟
فإنْ كان الأول؛ فهذه خيانة في النقل مرة أخرى!
ولا ندري هل يخشى الحلبي على هؤلاء المطعون فيهم أن تنكشف انحرافاتهم لقرائه؟!
أم يخشى على نفسه من اعتراضات مشرفيه وأعضائه الذين لا يقبلون طريقته في الاعتذار لهؤلاء المتكلَّم فيهم؟!!
وإنْ كان الثاني؛ فالواجب على الحلبي أن يستفصل من السائل قبل جوابه، فيطلب منه ذكر الأسباب التي لأجلها جرحهم طلبة العلم المشار إليهم!، فإن كانت أسباباً قادحة معتبرة مبنية على مصادر موثَّقة مدعَّمة بالبراهين القاطعة والأدلة الساطعة، فالطعن في المسؤال عنهم متعيَّن لوجوب تقديم الجرح المفسَّر على التعديل المجمل، وإن لم تكن الأسباب كذلك فيرد طعنهم ولا يقبل كلامهم.
فهذا هو الإنصاف والتحقيق العلمي في مثل هذه المسألة "الحكم على الأشخاص"، وما سواه فخرط القتاد!!.
وهذا هو تأصيل العلماء قديماً وحديثاً الذي غيَّبه الحلبي وتغافل عنه، ولا قول: غاب عنه وغفل!، لأنَّ الحلبي يعرفه جيداً، وقد قرره قديماً في عدة كتب ورسائل ومجالس، لكنه تنكَّب لهذا التأصيل، وصار غريباً عليه لأنه يوقع في الويل والثبور وعظائم الأمور كما يزعم!!.

2- قال الحلبي: ((والغفلةُ فيها لَها جانبان: الجانبُ الأوَّلُ: جانبُ التَّشدُّد. والجانبُ الآخَرُ: جانبُ التَّساهُلِ. وإن كان كِلا الجانبَين باطلًا)).

أقول:
نعم الغفلة في مسألة "الحكم على الأشخاص" ضلَّ فيها فريقان: أهل الغلو والتشديد وهم الحدادية، وأهل التساهل والتضييع وهم المميعة، فكان الواجب عليك أيها الحلبي أن تتكلَّم عن أصول الطائفتين وسماتهم وآثارهم ليستبين الأمر للقارئ ويتميز الحق من الباطل، وحينها لا تنسب إلى الحدادية الغلاة ولا إلى المميعة الجفاة، وبخاصة أنَّ عنوان مقالك [الحكم على الأشخاص بين التساهل والتشدد وأثره في الدعوة]، فأين كلامك في مقالك هذا على أصول أهل التساهل في "الحكم على الأشخاص" وأثرها في الدعوة؟ أم أنَّ العناوين للإعلام والجذب، والمضامين لنصرة أهل الباطل والدفاع عنهم ومعاداة أهل الحق والتنفير منهم بالتلبيس والتهويل والكذب؟!
وصنيع الحلبي هذا يذكِّرنا بصنيعه في مقاله [السلفيَّةُ هي الوسطُ الشرعيُّ المضادُّ للتطرُّف كتبه بتاريخ 26/ 2/ 2010]، وقد أنكر فيه أن توصف السلفية بالتطرف، وبيَّن فيه أنَّ السلفيين هم الذين تصدوا لأهل الإرهاب من أهل التكفير والتفجير، ولم يذكر فيه الحلبي كلمة في ذم التمييع والتساهل!، فهل السلفية وسطٌ بين الغلو والتمييع؟ أم هي طرفٌ مضاد للتشديد والغلو؟
ولينظر القارئ إلى هذا الفارق بين منهج العالم الراسخ وبين منهج الحلبي في التعامل والرد على مَنْ ينكر على أهل الإسلام الغلو والتشديد:
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في [مجموع فتاواه 3/ 203 "الأدلة الكاشفة لأخطاء بعض الكتاب"]: ((فقد اطلعتُ على ما نشرته صحيفة البلاد في عددها الصادر بعدد 1909 وتاريخ 12 \ 2 \ 1385 هـ بقلم بعض الكتاب، تحت عنوان (احذروا الغلو)، فألفيتُ الكاتب عفا الله عنه قد أساء الظن بالإخوان المتطوعين القائمين بالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووصفهم بأنهم مخدوعون ومتشددون ومحاربون للجديد، إلى غير ذلك مما وقع في كلامه من الأخطاء. وقد رأيتُ أن أنبِّه في هذه الكلمة على ما وقع في مقاله من الأخطاء ذات الأهمية نصحاً له ولسائر الأمة ودفاعاً عن الإخوان فيما نعلم براءتهم منه، وتحريضاً له ولغيره من الكتاب على التثبت في القول، ولزوم الاعتدال في الحكم، والحذر من سوء الظن الذي لا ينبني على أساس مستقيم. وإلى القارئ تفصيل القول فيما وقع في مقال الكاتب المشار إليه من الأخطاء التي تستحق التنبيه عليها والإنكار على قائلها، فنقول والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به:
أما ما ذكره الكاتب عن مضار الغلو والتشديد فصحيح، ولا شك أنَّ الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالتحذير من الغلو في الدين، وأمرت بالدعوة إلى سبيل الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكنها مع ذلك لم تهمل جانب الغلظة والشدة في محلها حيث لا ينفع اللين والجدال بالتي هي أحسن، كما قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ"، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ"، وقال تعالى: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ" الآية، فشرع الله سبحانه لعباده المؤمنين الغلظة على الكفار والمنافقين حين لم تؤثِّر فيهم الدعوة بالحكمة واللين.
والآيات - وإنْ كانت في معاملة الكفار والمنافقين - دالات على أنَّ الشريعة إنما جاءت باللين في محله حين يرجى نفعه، أما إذا لم ينفع واستمر صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق في عمله ولم يبال بالواعظ والناصح، فإنَّ الواجب الأخذ على يديه ومعاملته بالشدة، وإجراء ما يستحقه من إقامة حد أو تعزير أو تهديد أو توبيخ؛ حتى يقف عند حده وينزجر عن باطله.
ولا ينبغي للكاتب وغيره أن ينسى ما ورد في هذا من النصوص والوقائع من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا، وما أحسن ما قاله الشاعر في هذا المعنى:
دعا المصطفى دهراً بمكة لم يُجب ... وقد لان منه جانب وخطاب
                     فلما دعا والسيف صلت بكفِّه ...... له أسلموا واستسلموا وأنابوا
والخلاصة: أنَّ الشريعة الكاملة جاءت باللين في محله، والشدة في محلها، فلا يجوز للمسلم أن يتجاهل ذلك!، ولا يجوز أيضاً أن يوضع اللين في محل الشدة، ولا الشدة في محل اللين، ولا ينبغي أيضاً أن ينسب إلى الشريعة أنها جاءت باللين فقط، ولا أنها جاءت بالشدة فقط، بل هي شريعة حكيمة كاملة صالحة لكل زمان ومكان، ولإصلاح جميع الأمة، ولذلك جاءت بالأمرين معاً، واتسمت بالعدل والحكمة والسماحة، فهي شريعة سمحة في أحكامها وعدم تكليفها ما لا يطاق، ولأنها تبدأ في دعوتها باللين والحكمة والرفق، فإذا لم يؤثِّر ذلك وتجاوز الإنسان حده وطغى وبغى أخذته بالقوة والشدة، وعاملته بما يردعه ويعرفه سوء عمله.
ومَنْ تأمَّل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأئمة الهدى بعدهم عرف صحة ما ذكرناه، ومما ورد في اللين: قوله تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ" الآية، وقوله تعالى في قصة موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى"، وقوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" الآية، ومما ورد في الشدة: الآيات المتقدم ذكرها، ومن الأحاديث: ما رواه أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما تلى قوله تعالى: "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ.كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ. تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ. وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ"، قال: "والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر ولتأخذنَّ على يد السفيه" وفي لفظ آخر: "على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو لتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربنَّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم يلعنكم كما لعنهم"، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم"، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم"، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله من نبي في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويهتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف؛ يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل"، وقصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك من غير عذر معلومة لدى أهل العلم، وقد هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم، وأنزل في ذلك قوله تعالى: "لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ"إلى قوله: "وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا" الآية.
فمما تقدم من الآيات والأحاديث؛ يعلم الكاتب وغيره من القراء أنَّ الشريعة الإسلامية الكاملة جاءت باللين في محله والغلظة والشدة في مجالهما، وأنَّ المشروع للداعية إلى الله أن يتصف باللين والرفق والحلم والصبر لأنَّ ذلك أكمل في نفع دعوته والتأثر بها كما أمره الله بذلك وأرشد إليه رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون على علم وبصيرة فيما يدعو إليه وفيما ينهى عنه لقول الله سبحانه: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ"، ولا ينبغي للداعية أن يلجأ إلى الشدة والغلظة إلا عند الحاجة والضرورة وعدم حصول المقصود بالطريقة الأولى، وبذلك يكون الداعي إلى الله سبحانه قد أعطى المقامين حقهما، وترسم هدي الشريعة في الجانبين، والله الموفق)).
فهل عرف القارئ الفرق بين المنهجين؟!
والأغرب من ذلك؛ أنَّ الحلبي نقل في كتابه [منهج السلف الصالح] مقطعاً من كلام الشيخ ابن باز المتقدِّم؛ وعلَّق عليه بقوله: ((وكيفما كان الأمر؛ فاتخاذ الشدة منهجاً وأصلاً باطل باطل))!!!.
وبهذا يتجاهل الحلبي أنَّ أصل رد الشيخ ابن باز رحمه الله إنما كان على مَنْ يُحذِّر من الشدة والغلو دون الاعتدال والتوسط بين الشدة واللين.
فنقول تعقيباً على تعليقه المبتور:
واتخاذ اللين كمنهج عام وأصل في التعامل والحكم على الأشخاص؛ أليس باطلاً؟!
وجوابه قد تقدَّم في كلام الشيخ ابن باز رحمه الله الذي اطَّلع عليه الحلبي ونقل طرفاً منه، وصدق الله القائل: ((فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)).

3- قال الحلبي: ((لكنِّي أعتقدُ: أنَّ جانبَ التَّساهُلِ أقلُّ خطرًا، وأهونُ ضَررًا مِن جانبِ التَّشدُّد؛ لأنَّ الذي تساهَلَ أخذَ جانبَ السَّلامةِ، والخطأُ في العَفوِ خيرٌ مِن الخطأِ في العقوبةِ؛ بينما الذي تَشدَّدَ أخذَ منحَى التَّضليلِ والتَّبديعِ والإسقاطِ، واحتمالُ خَطئِه قائم، والخطأُ في [العقوبةِ] أشدُّ مِن الخطأِ في [العفوِ]. أقولُ هذا؛ مقرِّرًا ومكرِّرًا: أنَّ كِلا الأمرَين خطأ، والصَّوابُ الانضباطُ والتَّأصيلُ)).
أقول:
لا غرابة أن يزعم رجل مثل الحلبي أنَّ جانب التساهل أقل خطراً وأهون ضرراً من جانب التشديد!، وهو الذي أثنى على رسالة عمان ودافع عنها وفتح الباب لحزبه في الانتصار لها ومعاداة مَنْ يعترض عليها أو ينتقدها؛ وهو يعلم أنها أصبحت مادة مفروضة في المدارس والمعاهد والجامعات ويعقد من أجلها الندوات والمؤتمرات والدورات وحلقات المساجد!، وهي رسالة تدعو في أدنى حالاتها: إلى التسامح الديني والتعايش السلمي بين الأديان!، وإلى الإخوة الإنسانية ووحدة الجنس البشري!، وإلى احترام الكتب السماوية (المحرَّفة)!، وإلى تكريم الإنسان دون النظر إلى دينه!، وإلى الاجتماع على القواسم المشتركة بين الأديان!، وإلى تعطيل جهاد الطلب!، وإلى حرية الفكر والعبادة!، وإلى العمل بمبدأ الديمقراطية والقوانين الوضعية الأممية.
وأيضاً لا غرابة في قوله هذا؛ وقد قام الحلبي بتوثيق العلماء الموقعين على رسالة عمان دون استثناء ولا تبعيض!؛ وأكثرهم - إنْ لم يكن كلهم - غير ثقات، وفيهم أكثر من ثلاثين عالماً من علماء الرافضة الضلال، وفيهم علماء إباضية، وعلماء صوفية وأشاعرة، وعلماء الإخوان المسلمين وغيرهم من الأحزاب السياسية، وعلماء الفكر والثقافة الغربية!.
 ولا غرابة في قوله؛ وقد أشاد الحلبي على الفكرة الأساسية لكتاب [إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين] وعلى مؤلِّفه، وقد ذكر المؤلِّف مذهب (الإمامية) و (الإباضية) و (الزيدية) و (الظاهرية)، بالإضافة إلى المذاهب الأربعة المعروفة!، وذكر فيه ما يدعو إلى التقريب بين الطوائف والمذاهب هذه!!.
ولا غرابة في قوله؛ وقد ذكر الحلبي أنَّ له على جمعية إحياء التراث ثلاثة انتقادت كبرى (الإغراق في العمل السياسي، التنظيم الحزبي، العلاقة مع عبدالرحمن عبدالخالق منظِّر التكفير في هذا العصر)، ثم يقول: هي سلفية لا قطبية ولا تكفيرية!.
ولا غرابة في قوله؛ وهو يرى ما أحدثته فتاوى وبيانات وخطابات أبي الحسن المأربي وعدنان عرعور ومحمد حسان وأمثالهم في الأمة من فتنة عظيمة سفكت فيها الدماء وسلبت فيها الأموال وخربت فيها الديار والبلاد وتسلَّط فيها الأغمار والسفهاء، والحلبي يقول: هم سلفيون، ويصف مَنْ يُحذِّر منهم بأنهم غلاة التجريح!، بل يعد الشيخ ربيعاً حفظه الله أشد ضرراً من محمد حسان على الدعوة السلفية!.
ولا غرابة في قوله؛ وهو يثني على أسامة بن لادن بعد أن عرف ضلاله وفتنته وشره عوام الناس فضلاً عن خواصهم، فيصفه بالإخلاص والغيرة على الدين!، وينتقده بأنه ضعيف العلم ويحيط به التكفيريون وهو المطلوب الأول لأمريكا، ولا يرتضي مواقفه أهل العلم فحسب!.
ولا غرابة في قوله؛ وهو قبيل 2005 بالإفرنجي بسنوات قليلة كما صرح بنفسه كان متعاطفاً جداً مع سيد قطب!، ويعتذر له في كبار انحرافاته وصغارها!، ويدل الناس على كتبه ويرشد إلى ظلاله!، لكنه لما أطلعه أحدهم على طعن سيد قطب في معاوية وعمرو بن العاص تغير موقفه منه لأجل هذه فحسب!، فما كان موقف الحلبي من ضلالات سيد قطب الأخرى؟!.
ولا غرابة في قوله؛ وهو يدافع عن المغراوي ويلتمس له المعاذير ويجادل السلفيين بالباطل من أجله، والمغراوي تطفح كتبه وأشرطته بالتكفير والحكم بالردة على عموم الأمة!.
ولا غرابة في قوله؛ وقد فتح منتدياته أمام كل مَنْ يقف معه في حربه ضد السلفيين وعلمائهم الراسخين ومشايخهم الصادقين باسم محاربة الغلو والتجريح والتشديد!، ولو كان هذا المعين له في حربه هذه كمختار الطيباوي الذي يعظِّم سفراً الحوالي وسلمان العودة ويصفهم بالعلماء ولا يقبل الطعن فيهم، أو كعبدالله الفارسي الذي يتهم السلفيين وعلماءهم بالإرجاء كالشيخ الألباني رحمه الله، بل يصف الحلبي بذلك في مواقع أخرى فيقول فيه: ((وله كتيبات خاض فيها بالباطل والتحريف والبتر في مسائل الإيمان والتكفير، سلك فيها مسالك المرجئة وأحياناً غلاة المرجئة))!!.
ثم:
هل التبديع والتضليل والإسقاط المبني على أسباب قادحة معتبرة (الانحرافات المنهجية) من مصادر موثَّقة (من نفس كتب المخالفين وأشرطتهم وأخبار الثقات عنهم) بالأدلة والبراهين (الكتاب والسنة والإجماع وأقوال الأئمة والعلماء سلفاً وخلفاً) يعدُّ من التشدد المذموم ومحتمل للخطأ؟!
فكيف بدَّعتَ أيها الحلبي سفراً الحوالي وسلمان العودة وعبدالرحمن عبدالخالق وغيرهم؟!
وكيف أسقطتَ أيها الحلبي محمداً أبو رحيم ومحمداً إبراهيم شقرة وسليماً الهلالي وغيرهم؟!
أم أنَّ أصل (الخطأُ في [العقوبةِ] أشدُّ مِن الخطأِ في [العفوِ]) لا يعمل مع هؤلاء ويعمل مع غيرهم؟!
إذن:
هو الكيل بمكيالين!، والنظر بعين لا بعينين!

4- قال الحلبي: ((يا إخواني؛ ليس كلُّ مَن أثنَى على مُبتدِعٍ فهو مُبتدعٌ، وليس كلُّ مَن أخطأَ خَطأً فهو مُنحرِفٌ، وليس كلُّ مَن غَلط غلطًا فهو ضالٌّ، إنَّما يَضلُّ مَن ضلَّ، وينحرفُ مَن انحرفَ بِمُخالفةِ أصلٍ مِن أُصولِ أهلِ السُّنَّةِ في عيونِ عقائدِهم، أو فيما تكرَّرَ مِن أفرادِ المسائلِ التي إذا اجتمعتْ تدلُّ على انحرافٍ في أصلٍ منهجيٍّ؛ هذا جوابٌ عامٌّ)).
أقول:
لينظر القارئ المنصف إلى هذا التشغيب والتهويل والتلبيس في كليات الحلبي الثلاث!!!
هل سمعتَ أيها الحلبي من السلفيين مَنْ يقول بهذه الكليات الثلاث؟
أي:
- كلُّ مَنْ أثنى على مبتدع فهو مبتدعٌ؛ ولو كان جاهلاً بحاله محسناً للظن به!
- كلُّ مَنْ أخطأَ خطأً فهو منحرفٌ؛ ولو كان خطؤه في المسائل الاجتهادية!
- كلُّ مَنْ غلط غلطاً فهو ضالٌّ؛ ولو كان عن اجتهاد سائغ!
هل خصومك من السلفيين الصادقين يقولون بهذه الكليات على عمومها؟!
فلماذا هذا التهويل والتلبيس؟!
ويكفينا في دفع هذا التلبيس ما أجاب به العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله لما سُئل السؤال الآتي: شيخنا حفظكم الله؛ هناك سؤال يدور بين طلاب العلم، وهو: هل يشترط في تبديع مَنْ وقع في بدعة أو بُدِّع أن تقام عليه الحجة لكي يُبدَّع أو لا يشترط ذلك؛ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
فكان جواب فضيلته وفقه الله مفصلاً محققاً: ((بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ابتع هداه أما بعد: فالمشهور عن أهل السنة أنه مَنْ وقع في أمر مكفِّر لا يكفَّر حتى تقام عليه الحجة.
أما مَنْ وقع في بدعة فعلى أقسام:
القسم الأول: أهل البدع؛ كالروافض والخوارج والجهمية والقدرية والمعتزلة والصوفية القبورية والمرجئة؛ ومن يلحق بهم: كالإخوان والتبليغ وأمثالهم، فهؤلاء لم يشترط السلف إقامة الحجة من أجل الحكم عليهم بالبدعة، فالرافضي يقال عنه: مبتدع، والخارجي يقال عنه: مبتدع، وهكذا، سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا.
القسم الثاني: مَنْ هو من أهل السنة ووقع في بدعة واضحة؛ كالقول بخلق القرآن أو القدر أو رأي الخوارج وغيرها؛ فهذا يُبدَّع، وعليه عمل السلف... [وذكر أمثلة على ذلك ونقولاً عن أهل العلم].
القسم الثالث: مَنْ كان من أهل السنة ومعروف بتحري الحق ووقع في بدعة خفية؛ فهذا إنْ كان قد مات فلا يجوز تبديعه بل يذكر بالخير، وإنْ كان حياً فيناصح ويبين له الحق ولا يتسرع في تبديعه؛ فإن أصر فيبدع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله : "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، وفي الحديث أنَّ الله قال: "قد فعلت"، وبسط هذا له موضع آخر".
وعلى كل حال: لا يجوز إطلاق اشتراط إقامة الحجة لأهل البدع عموماً، ولا نفي ذلك، والأمر كما ذكرت.
فنصيحتي لطلاب العلم؛ أن يعتصموا بالكتاب والسنة، وأن ينضبطوا بمنهج السلف في كل ناحية من نواحي دينهم، وخاصة في باب التكفير والتفسيق والتبديع؛ حتى لا يكثر الجدال والخصام في هذه القضايا.
وأوصي الشباب السلفي خاصة بأن يجتنبوا الأسباب التي تثير الأضغان والاختلاف والتفرق، الأمور التي أبغضها الله وحذّر منها، وحذّر منها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والسلف الصالح، وأن يجتهدوا في إشاعة أسباب المودّة والأخوة فيما بينهم، الأمور التي يحبها الله ويحبها رسوله صلى الله عليه وسلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)) انتهى كلامه.
وقد اطَّلع علي الحلبي على هذه الكلمة [مجلة الأصالة/  العدد (45) ص21- 23 بتاريخ 15/  صفر/  1425ﻫ] فقال: ((ولقد أعجبني جداً كلامٌ لفضيلة الأستاذ الشيخ أبي محمد ربيع بن هادي المدخلي أعلى الله مقامه في الدارين في بعض "أجوبته" الأخيرة؛ لما قسَّم "مَنْ وقع في بدعة" إلى أقسام ...))، ثم نقل الحلبي القسم الثالث منها.
ثم قال: ((وهذا البيان الدقيق من فضيلته جزاه الله خيراً؛ يؤكِّد لزوم مجانبة مثل تلكم الألفاظ (يقصد: غثاء!) يقيناً؛ وإنْ اختلفت في حكمها أنظار العلماء، وذلك جمعاً للكلمة وتوحيداً للصف، فضلاً عن أصل تعظيم الصحابة والمحافظة على مكانتهم العلية)).
ثم قال في آخر كلمته: ((وأختم كلامي هذا بتلكم النصيحة الغالية العزيزة التي ختم بها فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي نفع الله بعلومه "أجوبته" المتقدِّم ذكر طرف منها، حيث قال جزاه الله خيراً: ...))، ونقل الحلبي آخر وصية الشيخ ربيع ثم قال: ((أقول: أين المتجاوبون مع كلامه؟! وأين المؤتلفون مع قصده ومرامه؟!)).
قلتُ:
فهل السلفيون يُبدِّعون كلَّ مَنْ وقع في بدعة؟!
كلا.
وإنما يُبدِّعون ويضللون بعد البيان والتعريف، فمَنْ أثنى على مبتدع يُبيَّن له حاله فإن أصرَّ بعد ذلك على الثناء عليه فهو من الدعاة إلى أهل البدع كما أفتى بذلك الشيخ ابن باز رحمه الله، ومَنْ أخطأ خطأً منهجياً فإنه يناصَح ويُبيَّن له بالتي هي أحسن فإنْ رجع عنه وإلا فهو منحرف، ومَنْ خالف في مسألة غير اجتهادية بُيِّن له وجه الحق فيها بالدليل الواضح الذي لا معارض له فإنْ أصرَّ على المخالفة وجادل بالباطل فهو ضال.
فأين هذا الكلام المنضبط من تشنيع الحلبي وتلبيسه؟!
ثم:
لينظر القارئ بين قول الحلبي: ((وينحرفُ مَنْ انحرفَ بِمُخالفةِ أصلٍ مِن أُصولِ أهلِ السُّنَّةِ في عيونِ عقائدِهم، أو فيما تكرَّرَ مِن أفرادِ المسائلِ التي إذا اجتمعتْ تدلُّ على انحرافٍ في أصلٍ منهجيٍّ)).
وبين قول العلامة الشاطبي رحمه الله ((ثم معنى آخر ينبغي أن يذكر هنا وهي المسألة الخامسة: وذلك أنَّ هذه الفِرق إنما تصير فِرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة؛ لا في جزئي من الجزئيات، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعاً، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية؛ لأنَّ الكليات تقتضي عددًا من الجزئيات غير قليل!، وشاذها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل ولا بباب دون باب، واعْتبِر ذلك بـ "مسألة التحسين العقلي" فإنَّ المخالفة فيها أنشأت بين المخالفين خلافًا في فروع لا تنحصر ما بين فروع عقائد وفروع أعمال.
 ويجري مجرى القاعدة الكلية: كثرة الجزئيات!؛ فإنَّ المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضاً.
وأما الجزئي فبخلاف ذلك، بل يعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة، وإنْ كانت زلة العالم مما يهدم الدين حيث قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ثلاث يهدمن الدين: زلة العالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون"، ولكن إذا قرب موقع الزلة لم يحصل بسببها تفرق في الغالب ولا هدم للدين؛ بخلاف الكليات)).
قلتُ:
- فالحلبي يثبت الانحراف فقط ولم يقل: "منحرف"!، وهذا على طريقته في غلق باب التجريح والتبديع، بينما العلامة الشاطبي رحمه الله جعل بتلك المخالفة تصير الفرقة من الفرق الضالة.
- والحلبي يتكلَّم عن المخالفة في أصل من أصول السنة في عيون عقائدهم!، ليسوِّغ بعدها الاختلاف في أصول الحديث والفقه والتفسير، وكذا تسويغ الخلاف في مسائل عقائدية قد تكون هي من عيون العقائد عند غير الحلبي، وهو لم يبيِّن لنا ما معنى "عيون العقائد"؟!، بينما العلامة الشاطبي يتكلَّم عن مخالفة أهل السنة في أصل كلي ولم يقيده بعيون العقائد فقط.
وبغض النظر عن هذه الفروق؛ فأين تطبيق الحلبي لهذا الأصل الذي يُعرف به الانحراف المنهجي؟!
لنضرب مثالاً في أبي الحسن المأربي، من أصوله ومواقفه الجديدة:
1- القول بمشروعية العمل السياسي تحت قبة البرلمان!
2- قام مع غيره بإنشاء تنظيم حزبي سياسي من مجموع أفكار ودعوات منحرفة مختلفة!
3- أقرَّ العمل بمبدأ الديمقراطية في الواقع المعاصر!
4- تجهيل السلفيين بالواقع الذي يعيشونه والتحديات المعاصرة التي يواجهونها، وتغيير المواقف بسبب تغير الواقع والمستجدات المعاصرة.
5- تجويز الخروج على الحكام الظلمة والمظاهرات والمسيرات!
6- إدخال الأحزاب المنحرفة والتنظيمات التكفيرية في إطار أهل السنة والجماعة!.
7- الدفاع عن قيادات وزعماء الإخوان المسلمين كحسن البنا وسيد قطب وغيرهم.
إلى غير ذلك.
فالسؤال الذي يُطرح على الحلبي بعد تأصيله المتقدِّم:
أليس هذه انحرافات منهجية؛ سواء كانت أصولية أو في عدة جزئيات؟!
فأين وصفك لأبي الحسن المأربي بالانحراف المنهجي؟!
أنا على حد علمي لم أطلع على كلمة لعلي الحلبي يصف بها أبا الحسن المأربي بالانحراف المنهجي سواء بلفظ "منحرف" ولا "انحراف"!!
فماذا يدلُّ هذا؟!
يدلُّ على التنظير دون التطبيق، وعلى التأصيل دون العمل بالواقع!

5- قال الحلبي: ((يَلِي هذا الجوابَ العامَّ إشاراتٌ أخرى، وهي: اختلافُ المعاييرِ في الأحكامِ لاختلافِ الأعيانِ والزَّمانِ والمكانِ. كثيرٌ مِن النَّاسِ يُريدُ أن يُطبِّقَ ما يَسمَعُهُ في هذا المجلِسِ في كلِّ مكانٍ، على كلِّ أحدٍ، فِي كلِّ زمانٍ!، هذا صوابٌ؟!، واللهِ؛ ليس مِن الصَّواب في شيءٍ!، هذا مَجلسٌ مضَى عليه خمسةَ عشرَ عامًا، هذا مَجلسٌ قَضَينا فيهِ مِئاتِ السَّاعاتِ، هذا مَجلسٌ طَرَحنا فيه مئاتِ المسائلِ، وآلافِ الآياتِ والأحاديثِ، هل مِن السُّهولةِ - إذا رأيتَ [واحداً] على بابِ المسجدِ - هذا التُّراث كلُّه؛ أن تُلقِّنَه إيَّاهُ، أو أن تُلْقِمَه إيَّاه في لحظة؟! الجواب: لا؛ لا يَليق، ولا يحسُن!، أنا أضربُ المثلَ بِمثالٍ؛ أقولُ: إبَر (البنسَلِين) تُعتبر -في العصرِ الحديثِ- أهمَّ اكتشافٍ طبِّيٍّ، وبِها يُعافِي اللهُ كثيرًا مِن المَرضَى؛ لكنَّها قد تكونُ قاتِلةً لبعضِهم!، إذن: إذا لَم يكنِ العِلاجُ النَّافعُ في المحلِّ الأمثلِ؛ فإنَّه يكونُ ضرَرُهُ أكبَرَ، وهكذا الكلمةُ، الكلمةُ حقٌّ؛ لكنْ: هذا الحقُّ لا يُلقَى في أيِّ مكان، ولا يُعطَى لأيِّ إنسانٍ، ولا يُقالُ في أيِّ زمانٍ؛ هنالك ضوابطُ، ورَوابطُ، وأصولٌ، وأسُسٌ، هذا فِقهُ الدَّعوةِ وفِقهُ التَّربيةِ الذي يجبُ أن نَفهمَهُ، وأن نُفهِّمه غيرَنا)).
أقول:
يلاحظ القارئ المنصف في أول هذا الكلام تشغيباً وتشنيعاً بدعوى "اختلاف المعاييرِ في الأحكامِ لاختلافِ الأعيانِ والزَّمانِ والمكانِ"، وهذه كثيراً ما يدندن حولها الحلبي بهذه الصورة المهوِّلة ليصل من خلالها إلى غلق باب الحكم على المبتدعة وهجرهم وكشف انحرافاتهم والتحذير منهم، ولهذا فهو لا يذكر الضوابط ولا الأصول ولا الأُسس التي يشير إليها على وجه الإبهام في كثير من كلامه ومجالسه!، فهو يذكر عبارات مجملة من غير تفصيل وبيان!، ويربط القراء بعبارات مطلقة من غير ذكر للضوابط والقيود!، وليس هذا من فقه السلف الصالح ولا من منهجهم!، وإنْ كان من فقه الدعوة والتربية الذي يدندن حوله دعاة فقه الواقع!.

6- قال الحلبي: ((نحنُ نقولُ للمُخطئ: مُخطئ؛ لكنْ هل مِن الشَّرط أن نقولَ لهذا المخطئ: أنتَ مُنحرفٌ، ضالٌّ، مُضلٌّ، أخطرُ مِن اليهودِ والنَّصارى، ولو خرجَ المسيحُ الدَّجالُ لاتَّبعكَ؟! اللهُ أكبر!، واللهِ؛ إنَّه لَلتَّألِّي على اللهِ، وعلى غَيبِ الله، وعلى دِينِ الله!!)).
أقول:
كلام الحلبي هذا موافق تماماً لقاعدة عدنان عرعور: ((تجوز التخطئة ويحرم الطعن)) وأمثالها!، وقد ردَّ على قواعده هذه كبار العلماء كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ عبدالله الغديان رحمه الله والشيخ أحمد النجمي رحمه الله والشيخ عبدالمحسن العباد حفظه الله والشيخ صالح الفوزان حفظه الله والشيخ زيد المدخلي حفظه الله والشيخ ربيع حفظه الله والشيخ عبيد الجابري حفظه الله وغيرهم.
وكذلك هذه القاعدة هي على منوال ما قاله حسن البنا في الأصل السادس من أصوله العشرين بعد أن ذكر أنَّ كلَّ أحد يؤخذ من قوله ويُترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال بعدها: ((ولكنا لا نعرض للأشخاص فيما اختلف فيه بطعن أو تجريح))!.
والعجيب أنَّ الحلبي قد كتب في البيان مع الشيخ ربيع حفظه الله حول فتنة أبي الحسن المأربي وقواعده الباطلة فقال: ((قول بعض الناس: "نصحح ولا نجرح" باطلٌ بيقين، فلا يزال أهل الحديث من قبل ومن بعد يجرِّحون مَنْ يستحق التجريح بالقواعد العلمية والأصول الشرعية)).
واليوم يكتب مقالاً بعنوان ["فأيُّ الفريقَين أحقُّ بالأمنِ إنْ كنتُم تعلمُون" بلاء التجريح... أم لواء التصحيح!؟]، ويقول في حاشية كتابه [منهج السلف الصالح/  الطبعة الثانية ص147] في أثناء دفاعه عن جمعية إحياء التراث: ((فالطعن بهم - والحالة هذه - قد يكون طعناً بمَنْ زكَّاهم وبوَّأهم، نعم يخطئ الجميع لكن البحث في البدع والتبديع)).
قد يقول قائل: فرقٌ بين قاعدة (نصحح ولا نجرِّح) و قاعدة (نخطِّئ ولا نطعن ونبدِّع)؟
والجواب عن هذا الاعتراض الواهي، أنه لما سُئل الشيخ الفوزان حفظه الله عن قاعدة العرعور: "نصحِّح ولا نجرِّح" أنكرها بقوله: ((القاعدة هذه ما لها أصل، أهل الباطل لازم تجريحهم))، فقال له السائل: ((القاعدة الرابعة يقول عدنان: "يجوز التخطئة ويحرم الطعن"، هل هذه القاعدة صحيحة؟))، فكان جوابه حفظه الله: ((هذه مثل "نصحِّح ولا نجرِّح" هي نفسها))، ثم في آخر نصيحته قال للسائل: ((أنصح الشباب السلفي بمقاطعته وعدم حضور دروسه هو وأمثاله)).
أقول:
ونحن لا ندري من أي شيء يتعجَّب الحلبي؟!
هل هو متعجِّب ومستغرب من تضليل المخطئ؟!
أم من الألفاظ التي ذكرها فيه؟!
فإنْ كان تعجبه من الأول؛ فهذا يعني أنه لا يضلِّل أحداً ولو ظهرت انحرافاته وبانت ضلالاته!!، وإنما يكتفي بقوله فيه: "مخطئ"!، ونحن نعلم أنَّ الخطأ درجات متفاوتة، قد يكون كفراً أو بدعة وانحرافاً وضلالاً أو فسقاً أو معصية أو اجتهاداً أو تأويلاً أو عن جهل أو سبق لسان أو قصور في العبارة، وقد يكون المخطئ مأجوراً وقد يكون مأزوراً، وقد يحكم عليه بما يستحقه من تكفير أو تبديع أو تفسيق أو تضليل وقد تكون هناك موانع تحيل من تنزيل الحكم عليه أو شروط لم تتوفر فيه أو ضوابط لم تتحقق، فكل ذلك يحتاج إلى تحقيق وتفصيل القول فيه، أما أن يُنكر التضليل والتبديع بهذه الصورة فهو يشابه مَنْ أنكر التكفير مطلقاً، ولقد غيَّر الحلبي عنوان كتابه الذي جمع فيه أقوال العلماء الثلاثة الذين لم يكفِّروا الحاكم إلا بشرط الاستحلال من [التحذير من فتنة التكفير] إلى [التحذير من فتنة الغلو في التكفير]، بعد نصائح من أهل العلم بينوا له أنَّ التكفير حكم شرعي وليس فتنة على وجه الإطلاق!، واليوم الحلبي يعيد فتنته في تفريق السلفيين وكرَّته على هذه الأحكام الشرعية تشنيعاً وتشغيباً، فيستنكر التبديع والتضليل على وجه الإطلاق مرة أخرى!، فمتى يستفيد من الدرس؟!.
أما إنْ كان استغرابه من الألفاظ المذكورة، فلا أظنُّ أنَّ لفظ "منحرف" و "ضال مضل" يستوجب الاستنكار والاستغراب عند الحلبي!.
بقي لفظان؛ الأول "أخطرُ مِن اليهودِ والنَّصارى"، والثاني "ولو خرجَ المسيحُ الدَّجالُ لاتَّبعكَ".
والجواب عنهما:
لقد كتب الشيخ الفاضل عبدالباسط أبو عمر في شبكة سحاب مقالاً بعنوان [دفع اتهام الشيخ ربيع بأنَّ أحكامه في الجرح والتعديل مبنية على المبالغة والتهويل]، بيَّن فيه وفقه الله أنَّ علماء الجرح والتعديل قد يطلقون الألفاظ على سبيل المبالغة لأنهم قصدوا حماية الدين والذب عنه، والمبالغة مع وجود مقتضاها تؤدي المقصود في تنفير الناس من المحكوم فيه (الأعمال) أو المحكوم عليه (الأشخاص)، ولهذا حذَّر سبحانه من منع المساجد أن يقام فيها ذكر الله والسعي في خرابها فقال: ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا؟))، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم الخوارج فقال: ((هم شر الخلق والخليقة)) و ((شر قتيل تحت أديم السماء)).
فكون دعوة من الدعوات أو داعية من دعاة الضلالة هو "أخطرُ مِن اليهودِ والنَّصارى"؛ فهذا لا غرابة فيه، لأنَّ اليهود والنصارى خطرهم ظاهر لا يخفى على كثير من المسلمين، بينما خطر دعاة البدعة والضلالة خفي لا يظهر لكثير من المسلمين، لأنهم يحسنون الظن بهم ويغترون بكلامهم وسمتهم.
قال ابن الجوزي في [الموضوعات- 1/  51]: ((قال أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه: قال شيخنا أبو الفضل الهمداني: "مبتدعة الإسلام والوضَّاعون للأحاديث أشدُّ من الملحدين؛ لأنَّ الملحدين قصدوا إفساد الدين من الخارج، وهؤلاء قصدوا إفساده من الداخل؛ فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله، والملحدون كالمحاصرين من الخارج، فالدخلاء يفتحون الحصن؛ فهم شرٌّ على الإسلام من غير الملابسين له)).
وقد بيَّن ذلك الشيخ ربيع حفظه الله في شريط [التوحيد يا عباد الله] فقال: ((واللهِ لقد جَنَت الفِرَقُ الضَّالة على الإسلام جنايةً لا نظير لها؛ ولهذا قال العلماء الفحول: "إنَّ أهل البدع أضر على الإسلام من اليهود والنَّصارى"، لأنَّ اليهود والنصارى مكشوفون، لو جاء اليهودي ببعض الكلام الذي فيه الصِّدق أمكن ألا يُقبل منه؛ لكن هذا الدَّجال يأتيك بالطوام، يأتيك بالكفر والشِّرك والضَّلال تصدِّقه؛ لأنَّه يأتيك بجبة وهيئة وعمامة، ويهلِّل ويسبِّح، ويعطيك السُّموم فتقبل منه السُّموم والبلايا والضَّلال، ولهذا ترى هذه القبور منتشرةً في العالَم الإسلامي، فتُشَاد في بعض البلدان مدنٌ من القبور، فتُشَدُّ إليها الرِّحال، وتُسَاق إليها الذبائح والنُّذور، وتَرى الأبقار والأغنام يسوقونها هناك، فهذا البدوي بمصر يجتمع إليه ملايين من النّاس، ففي سنة من السَّنوات اجتمع عليه ثلاث ملايين!، أكثر من اجتماع المسلمين في عرفات!، هذا البدوي الذي يقولون عنه أنه كان من جواسيس الباطنية!، جعلوه معبودًا يعبده كثير من أهل مصر وغيرهم - أهل مصر فيهم موحِّدون والحمد لله - يعبدونه، ويشدُّون إليه الرِّحال، ويقرِّبون له القرابين، وقل مثل ذلك في العراق، وقل مثل ذلك في إيران، وقل مثل ذلك في باكستان، وقل مثل ذلك في السُّودان، والمغرب العربي، والجزائر، وغيرها من البلدان، جاء بهذا أهل الضَّلال، ولا سيما الصوفية الذين خدعوا المسلمين، وأوقعوا كثيرًا منهم في حبائل الشِّرك بالله تبارك وتعالى، فإنْ قام أحدٌ يدعو إلى توحيد الله الخالص حاربوه، ووصفوه بأنَّه عدوٌ لرسول الله عليه الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم!، إذا قيل لهم: لا تَدْعُوا الأنبياء ولا الأولياء، يقولون: هذا عَدو الأنبياء والأولياء!، قاتلهم الله أنى يؤفكون؛ فاعرفوا مكائِدَهم، وحاولوا إنقاذ النَّاس من براثنهم)).
وقال حفظه الله [في أحد أجوبته المسجَّلة المفرغة بتاريخ الرابع عشر من شهر رمضان لعام 1420هـ] ((ومن هنا نستحضر ما سلف من الأسئلة عن المقولة: بأنّ "أهل البدع أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى"؟ ألا ترون بهذه النداءات وبهذه الدعوات وبهذه المؤتمرات أنّه حقًّا وضح لنا أنَّهم أخطر على الإسلام والمسلمين من الأعداء الخارجيين؟ لأنّنا كما قلنا غير مرّة: إنَّ المسلم مهما بلغ في السخف لا ينخدع باليهود والنصارى، حتى إنَّه قد لا يقبل الحقَّ منهم لسوء ظنه بهم وعدم ثقته فيهم، بينما قد يخدع بأهل البدع والضلالات؛ ولاسيما أصحاب الشعارات البراقة مثل الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ، قد ينخدع، وانخدع الكثير والكثير من أهل السنة ومن أهل التوحيد، انخدعوا بهؤلاء فلحق بالإسلام وبشباب الأمة من الأضرار ما لا يحصيه إلا الله، وظهر مصداق ما قال هؤلاء الأفذاذ من أئمة الإسلام: أنَّ أهل البدع أضر على الإسلام من أعداء الإسلام الخارجيين)).
وقال حفظه الله [نفس المصدر السابق]: ((وأنا في نظري: أنَّ أخطر أهل البدع الآن على المنهج السلفي وأهله جماعتان؛ جماعة التبليغ، وجماعة الإخوان بفصائلها، وشرهم مستفحل أكثر من أهل البدع جميعًا، فلا تترك فتنتهم بيتًا إلا دخلته، لأنَّ أهل البدع من خوارج وروافض ومعتزلة كانوا منطوين على أنفسهم منعزلين مقموعين لا يدخلون مساجد أهل السنة فيستولون عليها، ولا ينصِّبون أنفسهم أئمة وخطباء فيها، ولا يدخلون في مدارسهم، ولا يتسللون إلى بيوت المسلمين إلى نسائهم وصبيانهم، أما هؤلاء ما تركوا موقعًا إلا وتسللوا فيه، وتسللوا إلى الابن وإلى المرأة وإلى البنت وإلى البيت وإلى المسجد، وإلى كل موقع من مواقع المسلمين، من مواقع أهل السنة، فلاشك أنّ خطرهم شديد جدًّا، في الوقت الذي ميَّعوا فيه الإسلام، ميَّعوا فيه العقائد، وحطُّوا من شأنها، لا بالكلام ولكن بالعمل، فتراهم يحاربون مَن يدعو إلى العقيدة ويسخرون منه، ومَن يدعو إلى الكتاب والسنّة ويسخرون منه ويحاربونه، ويحبّون أهل البدع ويوالونهم، ويضعون أصولاً كما قلنا لم يهتد إليها الشيطان منذ فجر تاريخ البشرية إلى يومنا هذا، ولم تهتد إلى هذه الأصول كلّ فرق الضلال من الخوارج والمعتزلة والمرجئة الخ، واخترعوا هذه الأصول تمويهًا وكذبًا على القرآن والسنّة، وبترًا وخيانة في كلام العلماء، وأخرجوا كتبًا تنادي بمنهج الموازنات، لماذا؟! لحماية البدع وأهلها وكتبها ومناهجها، وللحطِّ من أهل السنِّة والجماعة، اخترعوا "فقه الواقع" لإسقاط المنهج السلفي وعلمائه)).
وقال وفقه الله في رده على عبدالرحمن عبدالخالق [النصر العزيز على الرد الوجيز ص35]: ((ومؤلفات ابن تيميه في نقد الأشعرية والصوفية أكثر من مؤلفاته في نقد اليهود والنصارى، وعلماء كثيرون يقولون في أهل البدع: أنهم أخطر على الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى، وبعضهم يبين وجه هذا، وبعضهم لا يُبين، وأنا لا أقول مثل هذا الكلام إلا وأُبين: بأنَّ المسلمين في الغالب يحذرون اليهود والنصارى فلا يصدقونهم في شيء، بعكس أهل البدع فإنَّ المسلمين يخدعون بهم فيقبلون ما عندهم من البدع، ومن هنا كان الإخوان المسلمون جسوراً لنشر الرفض)).
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله تعالى عدة فرق (القرامطة والباطنية والإسماعيلية والاتحادية والفلاسفة والجهمية والخوارج وغيرهم) بيَّن أنهم على مذهب أفسد من دين اليهود والنصارى، وأنَّ ضررهم على أهل الإسلام أشد من الكافر الأصلي.

وأما لفظة (ولو خرجَ المسيحُ الدَّجالُ لاتَّبعكَ)، فلم يذكر لنا الحلبي مَنْ قائل هذه اللفظة ولا مَنْ قيلت فيه ولا المصدر المنقول منه!، وهي لفظة تطلق للتشديد والتنفير من دعاة الباطل، وبعض أهل العلم لا يستبعد أن يصير الشيطان وجنده - في بعض حالات غلبة الهوى والشهوة – من أتباع دعاة الفجور والباطل والبدع، ومنهم العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى، فقد تكلَّم عن العداوة بين باعث الدين وبين باعث الهوى في قلب العبد، وذكر أنَّ لها ثلاثة أحوال، منها [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ص24]: ((الحالة الثانية: أن تكون القوة والغلبة لداعي الهوى، فيسقط منازعه باعث الدين بالكلية، فيستسلم البائس للشيطان وجنده، فيقودونه حيث شاءوا، وله معهم حالتان:
إحداهما: أن يكون من جندهم وأتباعهم؛ وهذه حال العاجز الضعيف.
الثانية: أن يصير الشيطان من جنده!؛ وهذه حال الفاجر القوي المتسلِّط، والمبتدع الداعية المتبوع!، كما قال القائل:
وكنتُ امرءاً من جند إبليس فارتقى..... بي الحال حتى صار إبليس من جندي
فيصير إبليس وجنده من أعوانه وأتباعه!، وهؤلاء هم الذين غلبت عليهم شقوتهم، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، وإنما صاروا إلى هذه الحال لما أفلسوا من الصبر، وهذه الحالة هي حالة: جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، وجند أصحابها المكر والخداع، والأماني الباطلة، والغرور والتسويف بالعمل وطول الأمل، وإيثار العاجل على الآجل، وهي التي قال في صاحبها النبي صلى الله عليه وسلم: "العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني"، وأصحاب هذه الحال أنواع شتى: فمنهم المحارب لله ورسوله، الساعي في أبطال ما جاء به الرسول، يصد عن سبيل الله ويبغيها جهده عوجاً وتحريفاً ليصد الناس عنها، ومنهم المعرض عما جاء به الرسول المقبل على دنياه وشهواتها فقط، ومنهم المنافق ذو الوجهين الذي يأكل بالكفر والإسلام، ومنهم الماجن المتلاعب الذي قطع أنفاسه بالمجون واللهو واللعب، ومنهم من إذا وعظ قال واشواقاه إلى التوبة ولكنها قد تعذرت علي فلا مطمع لي فيها، ومنهم من يقول ليس الله محتاجاً إلى صلاتي وصيامي وأنا لا أنجو بعملي والله غفور رحيم، ومنهم من يقول ترك المعاصي استهانة بعفو الله ومغفرته فكثِّر ما استطعت من الخطايا إذا كان القدوم على كريم، ومهم من يقول ماذا تقع طاعتي في جنب ما عملت وما قد ينفع الغريق خلاص أصبعه وباقي بدنه غريق، ومنهم من يقول سوف أتوب وإذا جاء الموت ونزل بساحتي تبت وقبلت توبتي، إلى غير ذلك من أصناف المغترين؛ الذين صارت عقولهم في أيدي شهواتهم، فلا يستعمل أحدهم عقله إلا في دقائق الحيل التي بها يتوصل إلى قضاء شهوته، فعقله مع الشيطان كالأسير في يد الكافر، يستعمله في رعاية الخنازير وعصر الخمر وحمل الصليب، وهو بقهره عقله وتسليمه إلى أعدائه عند الله بمنزلة رجل قهر مسلماً وباعه للكفار وسلمه إليهم وجعله أسيراً عندهم)).
فأيهما أغرب عند الحلبي وأمثاله:
أن يكون الشيطان وجنده من أتباع الداعية إلى البدع؟!
أم يكون المسيح الدجال من أتباعه؟!
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه يخشى على أمته من غير المسيح الدجال فقال: ((غير الدجال أخوفني عليكم، إنْ يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم))، ذلك لأنَّ في هذه الأمة دجالين كذَّابين غير المسيح الدجَّال كما أخبر صلى الله عليه وسلم أمته محذِّراً فقال: ((يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم))، فهؤلاء الدجَّالون يتسترون باسم الإسلام والدين والعلم والسنة، وهم من جلدتنا ويتكلَّمون بألسنتنا، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، لكنهم دعاة على أبواب جهنَّم!.
بعد هذا أقول:
فأين التألي على الله!، وعلى غيب الله!، وعلى دين الله في مثل هذه الأحكام والألفاظ؟!
وما المقصود من هذا التشنيع والتشغيب؟!

7- قال الحلبي: ((إذن: القضيَّةُ -كما قُلنا-: الغُلوُّ شرٌّ، والتَّقصيرُ شرٌّ، الإفراطُ شرٌّ، والتَّفريطُ شرٌّ، لكن: أهونُ الشَّرَّينِ: الشَّرُّ الواقعُ في صاحبِه اللازمُ له غيرُ المتعدِّي سِواهُ، بينما الذي يُبدِّع غيرَه ثم يُبدِّع مِن لَم يُبدِّعْهُ ثم يُبدِّعُ السَّاكتَ عمَّن لَم يُبدِّعه، في سلسلةٍ مِن أسوأ السلاسلِ!، وفي مسألةٍ من أشنعِ المسائلِ!!، فهذا واللهِ هو السُّوءُ والبلاءُ!!، لذلك: أنصحُ السَّائلَ أن لا ينشغلَ بِهؤلاءِ)).
 أقول:
إذا كان التقصير أو التفريط أو التمييع شراً؛ فأين تحذيرك من هذا الشر وأهله؟!
أم هي مجرد كلمات تقولها من باب ذر الرماد في العيون؟!
وهل الشر القائم اليوم بسبب فتنة الذين تدافع عنهم وتعتذر لهم من أمثال المأربي ومحمد حسان لازم لهم لم يتعداهم؟!
أيها الحلبي؛ أما ترى عيناك ما يحدث في الأمة والبلاد الإسلامية من فتن وبلاء بسبب فتاوى وخطابات هؤلاء؟!
أم هو عمى البصيرة والقلب لا البصر والعين؟!
أما تشنيع الحلبي على مَنْ يُلحق المدافع عن المبتدع والمعتذر والمجالس له والمصاحب بعد التعريف بحاله وبيان أمره بالمبتدع نفسه في الحكم بهذه الصورة القبيحة!، فهو من باب تشويه الحق وتنفير الناس عن أهله، وهذه عادة دعاة الباطل قديماً وحديثاً، والله حسيبهم.
وقد كتبتُ مقالاً بعنوان [تحذير الخلق من المذبذب بين أهل الباطل وأهل الحق]، ذكرتُ فيه عدة أقوال من أئمة السلف وعلمائهم قديماً وحديثاً في مسألة "إلحاق الرجل بأهل البدع"، وفصَّلتُ القول في ذلك، فليراجعه مَنْ شاء التفصيل أو أراد التعرف على حقيقة هذا التشغيب والتهويل في هذه المسألة.
من تلك الأقوال:
1- روى ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن عقبة بن علقمة قال: ((كنتُ عند أرطأة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس: ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنة ويخالطهم؛ فإذا ذُكر أهلُ البدع قال: دعونا من ذكرهم لا تذكروهم؟ فقال أرطأة: "هو منهم لا يلبس عليكم أمره"، قال: فأنكرتُ ذلك من قول أرطأة، فقدمتُ على الأوزاعي وكان كشَّافاً لهذه الأشياء إذا بلغته!، فقال: "صدق أرطأة، والقول ما قال، هذا ينهي عن ذكرهم، ومتى يُحذروا إذا لم يشاد بذكرهم؟!")). وقال الأوزاعي رحمه الله: ((إذا رأيته يمشي مع صاحب بدعة، وحلف أنه على غير رأيه فلا تصدقه)).
2- أخرج ابن بطه في الإبانة: لما قدم سفيان الثوري البصرة، جعل ينظر إلى أمر الربيع بن صبيح وقدره عند الناس، سأل أي شيء مذهبه؟ قالوا: ما مذهبه إلا السنة، قال: مَنْ بطانته؟، قالوا: أهل القدر، قال: هو قدري.
3- وفي طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: قال عثمان بن إسماعيل السكري سمعتُ أبا داود السجستاني يقول: قلتُ لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أترك كلامه؟ قال: ((لا، أو تُعلمه أنَّ الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة؛ فإن ترك كلامه فكلِّمه، وإلا فألحقه به، قال ابن مسعود رضي الله عنه:"المرء بخدنه")).
وفي المصدر نفسه: قال الخلال أخبرنا المروذي: أنَّ أبا عبدالله ذكر حارثاً المحاسبي فقال: ((حارث أصل البلية - يعني حوادث كلام جهم - ما الآفة إلا حارث، عامة مَنْ صحبه انتهك إلا ابن العلاف؛ فإنه مات مستوراً!، حذِّروا عن حارث أشدَّ التحذير)) قلت: إنَّ قوماً يختلفون إليه؟ قال: ((نتقدم إليهم لعلهم لا يعرفون بدعته؛ فإنْ قبلوا وإلا هجروا، ليس للحارث توبة، يُشهد عليه ويجحد، إنما التوبة لمن اعترف)).
وقال إسحاق: سمعتُ أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: ((أخزى الله الكرابيسي لا يُجالس ولا يُكلَّم ولا تكتب كتبه، ولا يُجالس مَنْ يُجالسه))، وقال أيضاً: ((إياك إياك وحسين الكرابيسي، لا تكلِّمه، ولا تكلِّم مَنْ يكلِّمه)) أعاد ذلك أربع مرات أو خمس مرات!.
4- قال ابن الحاج رحمه الله في [حز الغلاصم في إفحام المخاصم ص110]: ((إذ يقول في سورة مكية: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين"، وقد بيَّن الله سبحانه عقوبة من فعل ذلك وخالف ما أمره الله إذ يقول في سورة مدنية: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم أيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إنَّ الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً. فبيَّن سبحانه بقوله: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ" ما كان أمرهم به من قوله في السورة المكيّة "فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"، ثم بيَّن في هذه السورة المدنية أنَّ مجالسة مَنْ هذه صفته لحوقٌ به في اعتقاده، وقد ذهب قوم من أئمة هذا الأمة إلى هذا المذهب، وحكم بموجب هذه الآيات في مُجالِس أهل البدع على المعاشرة والمخالطة؛ منهم أحمد بن حنبل والأوزاعي وابن المبارك، فإنهم قالوا في رجل شأنه مجالسة أهل البدع قالوا: يُنهى عن مجالستهم، فإن انتهى وإلا أُلحق بهم؛ يعنون في الحكم، قيل لهم: فإنه يقول: إني أجالسهم لأباينهم وأرد عليهم؟ قالوا: ينهى عن مجالستهم فإنْ لم ينته أُلحق بهم)).

8- قال الحلبي: ((واللهِ يا إخواني؛ لو عشتَ عُمرَك كلَّه لا تعرفُ إلا القُرآنَ الكريم، والبُخاريَّ، ومسلمًا، والأئمَّةَ الأربعةَ، وابنَ تيميَّةَ، وابنَ بازٍ، وابنَ عُثيمين، وأئمَّةَ أهلِ السُّنَّة الكبار هؤلاء دون عليٍّ وعليَّان، وأحَمد وحمدان، ورَبيعٍ ورُبيعان، واللهِ إنَّك في نجاةٍ، واللهِ إنَّك في نجاةٍ!، لأنَّ أُصولَ الإسلامِ كلَّها أخذناها مِن هؤلاءِ، وعرفناها عنهُم، وتوارثَتْهُ الأمَّةُ جيلًا فجيلًا منهم. بينما فلانٌ وفلانٌ، وأحمد وحمدان هؤلاءِ قد يَفتِنون الأمَّةَ بأنفسِهم!، الأمَّةُ ليست بِحاجةٍ إلى هذه الفِتنِ!، الأمَّةُ يَكفيها ما فيها مِن فِتنٍ، يَكفيها ما فيها مِن بلاءٍ ومِحَنٍ!، "وَلَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ")).
أقول:
لا أدري كيف يكون في نجاة من أهل الباطل وفتنتهم مَنْ لا يعرف مناهجهم وأصولهم وسماتهم وأعيانهم؛ وبخاصة الدعاة الضلال والدعوات المنحرفة في هذه الأزمنة المتأخرة؟!
أين قول حذيفة رضي الله عنه: ((كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن يدركني))؟!
بل أين قول الله عزَّ وجل: ((وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ))؟!
كيف يعرف الناس سبيل المجرمين الذين ظهروا بعد عصر العلماء المذكورين؟!!
وهل يكتفي أهل السنة ببيان الخير والسنن والحق دون بيان الشر والبدع والباطل؟!
إذن لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بالسنة وحذَّر من البدع؟!
ثم:
ألم يحذِّرنا القرآن من إتباع أهل الباطل ومخالفة سبيل النبي صلى الله عليه وسلم؟
قال تعالى: ((وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً. لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)).
فهل ستُسأل عن (فلان) هذا أم لا؟!
ألم تحذِّرنا السنة المدونة في هذه الأمهات والمصنفات من أهل البدع ودعاة الباطل في عدة أحاديث وآثار جملة وتفصيلاً، وتعميماً وتعييناً؟!
ألم يُحذِّر هؤلاء العلماء المذكورون من أهل الأهواء والمناهج المنحرفة والدعوات المضلة، ولازال أهلها وأفكارها قائمة في عصرنا هذا؟!
أم إنَّ الحلبي يدعونا إلى أن نتبرك بهذه دون العمل والتطبيق؟!
ثم:
هل انقطع الخير في أمة النبي صلى الله عليه وسلم؟!
هل قبض العلم والعلماء؟!
فلم هذا التحجير في أمر واسع؟!
لماذا تسعى أيها الحلبي إلى فصل الشباب والناس عن العلماء المعاصرين بمثل هذه الدعوة؟!
هل لأنك تخشى من تجريح العلماء المعاصرين لك؛ بعد أن اعترفت بالتغير من الغلو كما صرحت بذلك؟!
فأين أنت من حديث: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله))؟!
وحديث: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله؛ ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين))؟!
هل بقي العمل بهذه الأحاديث أم انقطع بموت العلماء الثلاثة ومَنْ قبلهم؟!
وأما الفتن التي تتذمر منها وتشكو لتصوِّر للناس أنك لست طرفاً فيها ولا متسبباً، بل تصوِّر لهم أنك ساعي في إخمادها وإطفاء نارها:
فماذا نقول في الفتنة التي قامت بينك وبين اللجنة الدائمة؛ والتي تفرَّق بسببها السلفيون ولم يفرح بها إلا القطبيون والتكفيريون؟!
والفتنة بينك وبين محمد أبو رحيم؛ هل سببها الشيخ ربيع حفظه الله والسلفيون أيضاً؟!
والفتنة بينك وبين محمد إبراهيم شقرة؛ مَنْ سببها؟!
والفتنة بينك وبين سليم الهلالي؛ على أي شيء قامت؟! وما هي حقيقتها؟!
والفتنة بينك وبين السلفيين وعلمائهم في هذا الوقت؛ من أجل مَنْ كانت ولا زالت؟!
أليست هذه فتن أم ماذا؟!
هل تعرف مَنْ بطلها؟!!
هذه أسئلة عديدة، جوابها لمن تأمل فيها ينقض ما قاله الحلبي تشغيباً وتشنيعاً في كلامه السابق من أصله!.
وأخيراً:
هذا آخر ما قاله الحلبي في مقاله، وآخر ما علَّقتُ عليه، وأسأل الله تعالى أن يغفر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا، وأن يثبِّت أقدامنا على الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة، وأن يرزقنا الإخلاص والسداد والعدل، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
ضحى يوم الخميس الرابع من شهر ذي القعدة 1433هـ
الموافق 20/ 9/ 2012 بالإفرنجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.