الثلاثاء، 12 فبراير 2013

منهل النهرين في التعليق على مسألة رسالة عمان في مقال [مهاتفة من بلاد الحرمين]


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فلما قرأتُ وسمعتُ مؤخراً ثناء علي الحلبي أعانه الله تعالى للرجوع إلى الحق على ما يسمى بـ(رسالة عمان) عجبتُ كثيراً أن يصل الحال بهذا الرجل إلى هذا المستوى من التضييع للثوابت والمسلَّمات، وكنتُ أرجو في نفسي أن يصدر منه ما يدل على تراجعه، بل كنتُ أكتفي منه لو تعذَّر ببعض الضغوط الرسمية أو الواقعية!؛ مع إني أعلم أنها ليست بمعاذير مقبولة، فلم أجد منه في ذلك شيئاً!!!.
لكني لما رأيتُ طلبته وأتباعه يسوِّغون في عدة مقالات لهم في موقعهم "كل السلفيين" لما ورد في رسالة عمان من طوام!، ويجادلون عنها كأنها من الأصول المسلمات التي يجب نصرتها وبيانها وشرحها!، ويحمِّلون عباراتها ما لا تحتمل من حيث الجملة والتفصيل وكأنها نص لا يتطرق إليه الغلط والتناقض!؛ حينها ضعف رجائي جداً من رجوع الحلبي في هذه المسألة البين خطؤها؛ لأنه كما كان يقول هو ويردد: من ثمارهم تعرفونهم!، وهؤلاء هم خواص الحلبي وبطانته التي تحثه وتدفعه وأما سواهم فلا يسمع لهم ولا يستجيب!، وقد أثنى الحلبي عليهم كثيراً ودافع عنهم!!.
ثم لما نزل هذا المقال الموسوم بـ [مهاتفة من بلاد الحرمين] في موقع "كل السلفيين" بقلم الحلبي نفسه، ومحاوره في ثلاث مسائل: مقال الحلبي [إنهاء القول العدل الأمين]، ومسألة رسالة عمان، ومسألة تزكية محمد حسان. رأيتُ فيه إصرار الحلبي على تأييد ما جاء في رسالة عمان والثناء عليها من جديد، وحينها انقطع رجائي من رجوعه في هذه المسألة؛ والله المستعان.
وفي أثناء كتابة هذا المقال؛ اطلعتُ مرة أخرى على مقال للحلبي جديد بعنوان [كَيْتَ وذَيْت... حولَ "رحلتي إلى الكُوَيت"..]، جاء فيه: ((مِن طَرائفِ ما جَرَى معي، ووَقَعَ لي في الكويت -ممّا فيه عِبرة: زارَنِي -في الفُنْدُقِ- بعضُ أفاضِلِ دكاتِرَةِ العقيدةِ مِن خِرِّيجي الجامعةِ الإسلاميَّةِ في المدينةِ النبويَّةِ، وابْتَدَأ الكلامَ مُثْنِياً عَليَّ!، ومُستحْيِياً مِنِّي -جزاهُ اللهُ خيراً على جميلِ أدَبِهِ-؛ كأنَّ عندَهُ مُلاحظةً (!)، ويَخْشَى غَضَبِي إنْ أبْدَاها، فشجَّعْتُهُ على ذلك -حفظهُ اللهُ-، فذَكَرَ لي -بعدَ لأْيٍ- مُلاحظةَ القومِ على رسالة عمَّان، هي هي!!!!. ففَتَحْتُ لهُ جِهازي الكمبيوتر المحمولَ -الذي صرتُ أُسافِرُ به معي مُنذُ فترةٍ!، وأَطْلَعْتُهُ على نصِّ رسالة عمَّان ذاتها، فقَرَأَها حرفيًّا...، ثُمَّ أطْلَعْتُهُ على تلكَ الكُلَيْمَات (!) التي تحوِي ثنائي العامَّ -في خُطْبَتِي المشهورة- على عُمومِ فَحْوَى الرِّسالة المذكورة، فتعجَّبَ جدًّا -جدًّا- مِن تلكَ الحَملَةِ الظالمةِ التي لا تستحقُّ عُشْرَ مِعشارِ ما فَعَلُوا، وانْتَقَدُوا، وثوَّرُوا، وحكموا، وظَلَمُوا، ووعَدَ -جزاهُ اللهُ خيراً- بإيضاحِ الحقِّ الذي ظَهَرَ له- لِبَعْضِ مَن يراهُم –هو- أهلاً للبيانِ مِن إخوانِهِ الأفاضِلِ)). فتيقنتُ أنَّ الحلبي سيتبنى نصرة هذه الرسالة بأكثر من ذلك.
والعجيب أنَّ الحلبي يقول في أحد مقالاته أنه يخاف الله ويخشاه في تبديع مَنْ لم يظهر ابتداعه عنده؛ مع ظهور ذلك عند غيره من أهل العلم بالبينات والحجج الساطعات!!، ولكنَّ هذا الخوف لا نرى مثله منه حين يغرر الشباب في ثنائه على رسالة عمان!، بل ويصر على الثناء عليها ويجادل فيها ويدافع عنها!!، مع أنَّ الرسالة اشتملت على أساسيات فكرة وحدة الأديان بلا أدنى شك، ولا يجادل في ذلك إلا مكابر أعمى الله بصيرته؛ وها هو الشيخ العباد حفظه الله تعالى قد قُرئت عليه فقرة من فقرات رسالة عمان فأنكرها.
السـؤال: يقول وجدت هذه العبارة تقول: ((أصل الديانات الإلهيّة واحد، والمسلم يؤمن بجميع الرسل، ولا يفرّق بين أحد منهم، وإنَّ إنكار رسالة أي واحد منهم خروج عن الإسلام؛ مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة في خدمة المجتمع الإنساني؛ دون مساس بالتميّز العقدي والاستقــلال الفكري))؟.
فكان جواب الشيخ العباد حفظه الله تعالى: ((الكلام الأول جميل والكلام الأخير خبيث، أوله حسن وآخره سيء، يعني كون الرسل ديانتهم واحدة وأنهم يدعون إلى التوحيد وأنه يجب الإيمان بكل واحد منهم وأنَّ من كفر بواحد فهو كافر بالجميع هذا كله حق.
وأما هذا الكلام الذي يقول فيه بالتقاء الديانات...؛ بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليس في دين حق إلا دين الإسلام، ولا يجوز أن يعتقد بأن هناك دين موجود الآن يعني يتبعه غير المسلمين هو حق، بل الشرائع كلها نسخت ببعثته صلى الله عليه وسلم؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: "والذي نَفْسي بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأُمّة يهوديٌّ أو نصرانيٌّ ثم يموت ولا يُؤمن بالذي أُرسلتُ به إلا كان من أصحاب النَّار"، وقال: "ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي"، وعيسى إذا نزل في آخر الزمان يحكم بشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يحكم بالإنجيل، الشرائع انتهت بعد بعثته صلى الله عليه وسلم ليس لها وجود الآن، لكن يعني جاء بما يتعلق بأهل الكتاب أنهم يعاملون معاملة خاصة؛ لأنَّ لهم أصل دين، فإذا أعطوا الجزية فإنهم يبقون تحت ولاية المسلمين، لأنَّ ذلك من أسباب دخولهم في الإسلام.
أما كونه يقال: إنَّ الديانات بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كلها حق وأنها معتبرة وأنه لا فرق بينها؛ فهذا الكلام من أبطل ما يكون، ومن أقبح ما يكون)).
فكيف لو قُرأت عليه باقي فقرات الرسالة؟!!!
أفلا يخشى الحلبي ربه ويتقه في تضييع الثوابت وتمييع أصول الدين وأساسيات الملة كما يخشاه في تبديع المنحرفين؟!
وإذا لم يكن تزكية المجروحين والتأصيل والمجادلة والتأليف في حمايتهم والدفاع عن عباراتهم ومقالاتهم، وأيضاً تضييع الحق وأساسيات الدين من التمييع؛ فلا ندري حقاً ما هو التمييع؟!!
وحتى لا يغتر (بعض الناس) بجواب الحلبي عن ثنائه لرسالة عمان في مهاتفته مع ذلك الرجل من بلاد الحرمين؛ لهذا عزمتُ بالتعليق المختصر على فقرات هذه المهاتفة؛ نصرة لدين الله عز وجل من التضييع، ونصيحة للمسلمين المغترين به من الوقوع في التمييع؛ والله الموفِّق.    
 قال علي الحلبي سدده الله تعالى في مقاله [مُهاتفة من بلاد الحرمين]:
 ((أمّا المسألة الثانية؛ فهي ما يتعلَّقُ بـ "رسالة عمّان"؛ مُشيراً -باركَ اللهُ فيه- إلى ما أُثيرَ حولَها مِن شُبُهات، وأنَّها تدعُو (!) إلى وحدة الأديان، و.. و... الخ))
التعليق:
أما فكرة وحدة الأديان التي دعت لها رسالة عمان فهذا واضح بيِّن في عدة فقرات من هذه الرسالة:
فقد قال كاتبها من حيث الجملة: ((هذه الرسالة السمحة التي أوحى بها الباري جلت قدرته للنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه، وحملها خلفاؤه وآل بيته من بعده: عنوان أخوّة إنسانية، وديناً يستوعب النشاط الإنساني كله، ويصدع بالحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويكرم الإنسان، ويقبل الآخر)).
فهل الإسلام رسالة عنوانها الإخوة الإنسانية؟!
وهل هو دين يستوعب النشاط الإنساني كله؟!
وأما من حيث تفصيل ما جاء في الرسالة من بيان مبادئ الإسلام ورسالته فقد قال كاتبها: ((وبشَّر بمبادئ وقيم سامية تحقق خير الإنسانية، قوامها وحدة الجنس البشري، وأنَّ الناس متساوون في الحقوق والواجبات)).
فهل الإسلام يدعو إلى وحدة الجنس البشري؟!
ثم قال كاتبها: ((وهي مبادئ تؤلف بمجموعها قواسم مشتركة بين أتباع الديانات وفئات البشر)).
وإذا كانت مبادئ الإسلام في نظر كاتب الرسالة تؤلف بمجموعها قواسم مشتركة مع أتباع الديانات، بل وكل البشر ولو لم يكن لهم دين؛ فهل يمكن حمل عبارات الرسالة على ما يعرفه المسلمون من دينهم فحسب، أم على ما يعرفه كل البشر من دياناتهم وقوانينهم وأفكارهم؟!
ثم بين السبب الداعي إلى بيان هذه المبادئ فقال: ((مما يؤسس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقلال الفكري)).
وإذا لم يكن هذا الكلام هو أساس فكرة وحدة الأديان المعاصرة؛ فلا ندري ما معنى "وحدة الأديان" أصلاً!!، ونرجو من المؤيدين لهذه الرسالة المدافعين عنها بيان ذلك لنا.
وقال صاحب الرسالة: ((وكرّم الإسلام الإنسان دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه)).
فهل الكافر في النصوص القرآنية والنبوية مكرَّم أم مهان؟!
وقال: ((وأعطى للحياة منزلتها السامية فلا قتال لغير المقاتلين)).
وأكَّد ذلك فقال: ((والأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم، فلا قتال حيث لا عدوان، وإنما المودة والعدل والإحسان)).
فأين جهاد الطلب؟!
وما هو مصير الفتوحات الإسلامية الماضية؟!
ودعا كاتب الرسالة إلى تحكيم القوانين الوضعية الغربية وألزم بها فقال: ((وندعو المجتمع الدولي إلى العمل بكل جدية على تطبيق القانون الدولي، واحترام المواثيق والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، وإلزام كافة الأطراف القبول بها، ووضعها موضع التنفيذ؛ دون ازدواجية في المعايير، لضمان عودة الحق إلى أصحابه وإنهاء الظلم، لأنَّ ذلك من شأنه أن يكون له سهم وافر في القضاء على أسباب العنف والغلو والتطرف)).
وقال صاحب الرسالة وهو يدعو إلى التجديد: ((أن نعمل على تجديد مشروعنا الحضاري القائم على هدي الدين، وفق خطط علمية عملية محكمة يكون من أولوياتها تطوير مناهج إعداد الدعاة بهدف التأكد من إدراكهم لروح الإسلام ومنهجه في بناء الحياة الإنسانية، بالإضافة إلى إطلاعهم على الثقافات المعاصرة، ليكون تعاملهم مع مجتمعاتهم عن وعي وبصيرة)).
فالأصل عنده بناء الحياة الإنسانية!
والوعي والبصيرة لا يكتملان إلا بالإطلاع على الثقافات المعاصرة!!.
وقال في الدعوة إلى حرية الإنسان وتطبيق الديمقراطية: ((وتبنّي المنهج الإسلامي في تحقيق التنمية الشاملة الذي يقوم على العناية المتوازنة بالجوانب الروحية والاقتصادية والاجتماعية، والاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتأكيد حقه في الحياة والكرامة والأمن، وضمان حاجاته الأساسية، وإدارة شؤون المجتمعات وفق مبادئ العدل والشورى، والاستفادة مما قدمه المجتمع الإنساني من صيغ وآليات لتطبيق الديمقراطية)).
فيا شيخ؛ هل عبارات الرسالة هذه شبهات على أنَّ الرسالة تدعو إلى فكرة وحدة الأديان، أم بينات واضحات على ذلك؟!
ولماذا هذا الجدل؟!
وما الفائدة منه؟
ثم قال الحلبي مثنياً على ردود طلبته:
((فأجبتُهُ: إنَّ إخوانَنا طلبة العِلم في هذا (المُنتدَى) -المُبارَك- قد أجابُوا، وشرحُوا، وبيَّنُوا بما يكادُ يكونُ لا مَزيدَ عليه لمستزيد، ولا حاجةَ أكثرُ لمستفيد؛ فطَلَبَ -مُلِحًّا- أنْ أُبَيِّنَ ذلك بنفسي!، ولئِنْ كان طلبُهُ -جزاهُ اللهُ خيراً- ليس لازِماً لي، ولا أراهُ ضروريًّا مِنِّي؛ لكنِّي أتجاوبُ معه -محبَّةً وأُخوَّةً-؛ فأقولُ: ))
التعليق:
مما يؤسفنا حقاً أن نقرأ مثل هذا الجواب!!؛ لأنَّ الذي يُطالع ما كتبه طلبة العلم –كما وصفهم!- في منتدى "كل السلفيين" ونصرتهم لما جاءت به رسالة عمان من فكرة وتوجيهات، ليعلم جزماً أنَّ باعثهم هو التعصب لشيخهم!، وعدم قبول الاعتراف بخطئه في ثنائه على الرسالة، ولو أنهم ذكروا المسوِّغات التي دعت شيخهم للثناء على الرسالة لهان الخطب، ولكنهم تجاوزوا ذلك إلى التسويغ بما جاءت به الرسالة!!!، وإلى مباركتها ونصرتها وشرحها!!، وكأنَّ كاتبها من أئمة أهل العلم الكبار الذين إذا تلفظ أحدهم بعبارة تحتمل الحق والباطل حملناها على الحق لمعرفتنا بعلمه وعقيدته وتقواه!!.
ثم يأتي الحلبي فيثني على هذه الكتابات الهزيلة المريضة التي رسَّخت فكرة وحدة الأديان في أذهان القراء بثوب إسلامي!، حتى صار هؤلاء الكتاب الذين سوَّغوا ما جاء في رسالة عمان هم أشد خطراً على دعوتنا وديننا من الداعين إلى وحدة الأديان أصالة.  
ثم بدأ علي الحلبي يفصِّل في جوابه؛ فيقول:
((1- "رسالة عمّان" شَرحٌ مُوجزٌ وعامّ، وبعِباراتٍ لطيفةٍ غير عَسِرَة؛ تُبَيِّنُ شمائلَ الإسلام، وخِصالَه العِظام؛ دَفَعَ إلى كتابتِها الواقعُ المرُّ الذي يعيشُهُ الإسلام والمُسلمون في ظِلِّ المتغيِّرات العالميَّة الكثيرة)).
التعليق:
وهذا إصرار على الثناء وتكرار!، وتزييف للحقائق من جديد!، وبين رسالة الإسلام ورسالة عمان فوارق لا تخفى إلا على جاهل أو مجادل مبطل، وربنا جلَّ في علاه يقول: ((فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)).
وواصل الحلبي كلامه عن ماهية الرسالة فقال:
((2- صِيغَتْ "رسالة عمّان" بلُغة "دبلوماسيَّة"؛ لأنَّها -في الأصل- مُوجَّهة لفئاتٍ معيَّنَة مِن النّاس؛ وليس لعامَّتِهِم؛ حتّى يعرفوا حقيقة دينِ الإسلام -ولو بالجملة)).
التعليق:
 وإذا كانت رسالة عمان صيغت بلغة دبلوماسية، بينما رسالة الإسلام وحي من الله عز وجل؛ فكيف صارت رسالة عمان شارحة لرسالة الإسلام في نظرك يا شيخ؟!!
وأما الدبلوماسية فصدقت؛ وقد قال صاحب السمو الملكي (!) الأمير غازي بن محمد في مقدمة الطبعة الثالثة  لكتابه  [إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين]: ((وبهذا كان هذا الإجماع إجماعاً سياسياً عالمياً كاملاً للأمة على أعلى مستوى ممكن، فريداً في وضوحه في تاريخ منظمة المؤتمر الإسلامي، بل في تاريخ الإسلام)).
فالإجماع سياسي، واللغة دبلوماسية؛ ثم يأتي الحلبي فيصف الرسالة بأنها: ((تُبَيِّنُ شمائلَ الإسلام، وخِصالَه العِظام))!!!.
وأما كون الرسالة غير موجهة لعامة الناس؛ فهذا خلاف ما جاء في أولها: ((هذا بيان للناس؛ لإخوتنا في ديار الإسلام وفي أرجاء العالم))، ((نصارح فيه الأمة، في هذا المنعطف الصعب من مسيرتها))، بل قال صاحب كتاب [إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين]: ((ولقد وُجِّهت هذه الرسالة  إلى غير المسلمين في العالم -ولدى الأغلبية منهم فكرة سلبية عن الإسلام-، وكذلك وجِّهت للمسلمين أنفسهم؛ والشباب على وجه الخصوص لكي لا تختلط في أذهانهم المفاهيم حول دينهم)).
والله تعالى يقول: ((وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا)).
وأصرَّ الحلبي على مجانبة الحقيقة فقال:
 ((3- هي مُوجَّهةٌ إلى غيرِ المُسلمين -ابتداءً-؛ ولأهل الشَّأنِ والقرار منهُم -مِن صحفيِّين، ورُؤساء، ووُزراء، و.. و..- على وجهٍ أخصَّ-.)).
التعليق:
وصاحب السمو الملكي الذي ألف محاور رسالة عمان وهو مثبَّت مع نص الرسالة في موقع [رسالة عمان] يقول: ((وكذلك وجِّهت للمسلمين أنفسهم؛ والشباب على وجه الخصوص، لكي لا تختلط في أذهانهم المفاهيم حول دينهم)).
ثم إذا كانت موجهة لغير المسلمين كما تزعم يا شيخ؛ فكيف يصفهم كاتب الرسالة بالإخوة في قوله: ((هذا بيان للناس؛ لإخوتنا في ديار الإسلام وفي أرجاء العالم))؟!
فإما أن تقول: أنَّ هذا الوصف مما يؤكِّد ويؤسِّس فكرة وحدة الأديان في مضمون هذه الرسالة وفي ذهن كاتبها!، وإما أن تقول: هي موجهة لأهل الإسلام وغيرهم بالعموم من دون تخصيص!. وأحلاهما مر.
واعتذر الحلبي لصاحب الرسالة من طرف خفي فقال:
((4- صدرَتْ باسمِ وليِّ أمرِ بلادِنا "الملك عبد الله الثاني بن الحسين"  -جمَّلَهُ اللهُ بتقواه-، وليست صادرةً مِن وزارة أوقاف، أو هيئة جامعيّة، أو أيّ جهة أُخرَى غيرهِ...)).
التعليق:
ولهذا يفرق أهل الحق في المعاملة بين أن تصدر هذه الكلمات من ملك هنا أو هناك، وبين أن تصدر من شيخ أو داعية أو عالم أو جهة شرعية، فالرؤساء والملوك المعاصرون يتكلمون بلغة الدبلوماسية كما ذكرت!، وأما الشيخ والعالم والداعية فيتكلم بلغة الشرع؛ أليس كذلك؟!
إذن؛ لماذا تحرضون الناقدين لثنائكم على الرسالة ليتكلَّموا في ملكهم كما تكلموا فيكم!، والفرق قد أقررتم به؟!!
وقال الحلبي في ذكر المؤيدين للرسالة:
((5- أقرَّها عددٌ كبيرٌ مِن الجهاتِ الرسميَّةِ في الأُردُنّ وخارجها، مِن العُلماء الثِّقات، والوُلاة الأُمناء؛ منهُم: الملك عبد الله بن عبد العزيز، والشيخ عبد الله بن سليمان المنيع -حفظهما الله -تعالى- على سبيلِ المِثال-... .)).
التعليق:
لو ذكر لنا الحلبي  أمثلة أخرى من العلماء الثقات ولم يكتفِ بذكر الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع؛ ليعرف القارئ أكثر من أيَّد الرسالة من أهل العلم!، والموضع موضع تفصيل يحتاج إلى ذكر المؤيدين!!.
ولكنَّ الحلبي يعرف جيداً أنَّ ما سوى الشيخ المنيع لا يعد من العلماء الثقات، وهذا يعد من التدليس على القارئ حتماً!!!.
فكيف ونحن نعلم أنَّ المؤيدين الآخرين لهذه الرسالة من علماء الرافضة والإباضية والزيدية والأشاعرة والإخوان المسلمين وغيرهم!!، ومن المفكرين والمثقفين من العرب والغرب؟!!!.
ومَنْ أراد الحقيقة فليزر موقع رسالة عمان لينظر إلى المؤيدين لها!!!!!!!!!.
وقد قال صاحب المحاور: ((ولكي يوضح ويبين المعنى الحقيقي للإسلام ومعنى الإسلام الحقيقي، وأهم من ذلك لكي يـؤكد الوحدة الأساسية والأرضية المشتركة بين جميع المسلمين من كل المذاهب والمدارس؛ وجه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ثلاثة أسئلة  لأربعة وعشرين من كبار مجتهدي الأمة وعلمائها ومراجعها المعتبَرين من جميع أرجاء العالم  ومن جميع المذاهب والمدارس الفكرية والتوجهات؛ والأسئلة هي: مَنْ هو المسلم؟ ومَنْ له الحق في أن يتصــدى للإفتاء؟ وهل يجوز التكفير وفي ظل أية ظروف؟، وبناء على فتاوى هؤلاء العلماء المعتبرين -وكان من ضمنهم شيخ الأزهر أكثر مرجع سني تقليدي يحظى بالاحترام، وأبرز المراجع الشيعية في النجف وإيران، والمراجع الزيدية في اليمن، ومفتي عُمان الإباضي، وأكبر المفتين والمجالس العليا للإفتاء لأكبر الدول الإسلامية التي لديها مثل هذه المجالس- وجه جلالة الملك عبد الله الثاني إلى عقد مؤتمر إسلامي شارك فيه حوالي 200 عالم من 50 دولة في عمان في المدة 27-29 جمادى الأولى 1427هـ/ 4-6 تموز/ يوليو 2005 م. وأجمع العلماء على البيان التالي ووقّعوا عليه، وهو البيان الذي غدت محاوره الثلاثة الأولى، حول التكفير والمذاهب والفتاوى ، تعرف بمحاور رسالة عمان الثلاثة)).
وقال الحلبي متناقضاً:
((6- ليستْ هي "قُرآناً"  -كريماً- لا يأتِيه الباطِل مِن بَيْنِ يدَيْه ولا مِن خَلْفِه؛ وإنَّما هي نَتاجٌ بشريٌّ مَحْضٌ... فهي -ولا شكّ- عُرضةٌ للأخذِ والرَّدّ، والمُناقشة، والبحث... ولكنْ؛ بالتي هي أحسنُ، للّتي هي أقوم))
التعليق:
وإذا كانت هي نتاج بشري محض، وعرضة للأخذ والرد والمناقشة؛ فكيف توصف بأنها سباقة لشرح رسالة الإسلام؟!
ثم على هذه القاعدة؛ لا يمكن لأحد أن يبطل عقائد ابن عربي!!، ولا أفكار سيد قطب!؛ لأنها ليست قرآناً أيضاً، وإنما نتاج بشري محض!!.
وقال مجانباً للحقيقة كذلك:
((7- لمْ يكُنْ ثَنائي عليها -والذي لا يتجاوزُ السَّطْرَيْن -وفي ظرفٍ خاصٍّ جدًّا- ثناءً عامًّا، وإنَّما هو ثناءٌ مخصوصٌ على أصلِ فكرتِها، وأساس مَبناها؛ في أنَّ الإسلامَ دينُ الرَّحمةِ، وليس دينَ الإرهابِ والتطرُّفِ -لا أكثر-)).
التعليق:
أما الثناء فلم تكن ملزماً في خطبتك أن تشيد بهذه الرسالة!، وإنما تكتفي بذم الغلو في الدين وبيان حرمة دم المسلمين والمستأمنين والمعاهدين، والتحذير من مسالك التكفيريين وعواقبها، فكيف وقد أثنيتَ على هذه الرسالة في كتابين أو ثلاث، وتم نشرها في أرجاء البلد؟!
وأما أنَّ ثناءك لم يكن عاماً؛ فهذا على خلاف الواقع، فقد قلتَ بالحرف: ((وَإِنَّنا لِنَدْعُو رَبَّنا -جَلَّ وعلا- مُخْلِصِين-: أَن يُوَفِّقَ مَلِيكَنَا، وَوَلِيَّ أَمْرِنا -حَفِظَهُ اللَّه، وَجَمَّلَهُ بهداه وِتَقْواه- لِمَزِيدٍ مِنَ السَّعْيِ الدَّؤُوبِ الحَثِيث؛ الَّذِي مَافَتِئَحفظه الله- يَجْهَدُ فِيه، وَيَجِدُّ فِي تَحْقِيقِه: تَعْرِيفاً لِدُوَلِ العَالَمِ أجمع بِحَقِيقَةِ دِينِ الإِسْلام، وَمَواقِفِهِ السَّدِيدَةِ العِظَام،وَبَراءَتِهِ مِن أَفْعالِ أُولَئِكَ الغُلاةِ الجَهَلَةِ الطَّغَام.
وَرَسُولُنا -صلى الله عليه وسلم- يَقُول: "مَن لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللَّه"؛ فَالشُّكْرُ -كُلُّه- مُوَجَّهٌ لِمَلِيكِنا -جَزاهُ اللَّهُ خَيْراً، وَزَادَهُ فَضْلاً وَبِرًّا- فِي رِعايَتِهِ، وَحِياطَتِهِ، وَسَهَرِهِ، وَحَدَبِه،وَحرصه،وحِراسَتِه.
وَما رِسالَةُ عَمَّان السَّبَّاقَةُ فِي شَرْحِ رِسالَةِ الإِسْلام الحَقّ الوسطيّة الَّتي أَطْلَقَها -حَفِظَهُ اللَّه وَرَعاه-  قَبْلَ أَكْثَرَ مِن عام: إِلاَّ دَليلاً قَوِيًّا، وَبُرْهاناً جَلِيًّا عَلَى عِزَّتِهِ بِهَذا الدِّين وَصَفائِهِ، وَاعْتِزازِهِ بِجَمالِهِ وَنَقائِه، وَحِرْصِهِ عَلى تَقَدُّمِهِ وَبَقائِه؛ مِمَّا يَسْتَدْعِي لُزُومَ طاعَتِهِ بِالحَقِّ المَأْلُوف، وَوُجوبَ التِزامِ أَمْرِهِ بِالبِرِّ وَالمَعْرُوف)).
بل قلتَ في مقالك الجديد في الكويت: ((ثُمَّ أطْلَعْتُهُ على تلكَ الكُلَيْمَات (!) التي تحوِي ثنائي العامَّ -في خُطْبَتِي المشهورة- على عُمومِ فَحْوَى الرِّسالة المذكورة)).
فمرة تنفي أن يكون ثناؤك عاماً، ومرة تثبت ذلك.
ومرة لا يتجاوز السطرين، ومرة كليمات.
والله تعالى يقول: ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً)).
نعم قد يكون مقصد فكرة رسالة عمان بياناً أنَّ الإسلام دين الرحمة وليس ديناً لترويع الآمنين؛ لكن مسلك هذه الفكرة ونتيجتها وروحها -في نظر كاتبها- التآخي بين الأديان والدعوة إلى وحدة الجنس البشري وحرية الفكر والاعتقاد وتطبيق مبدأ الديمقراطية في البلاد إلى غير ذلك من الأفكار الهدامة لأصول الإسلام وشريعته الغراء.
فكيف تكون رسالة عمان سباقة لشرح رسالة الإسلام؟!!
ثم أنت أيها الحلبي أثنيت على شرح الرسالة لا على أصل فكرتها في ذهن كاتبها؛ فتأمل الحقيقة!!.
وقال الحلبي مؤصلاً:
((8- إلزامي بكُلِّ حرفٍ أو كلمةٍ فيها: إلزامٌ باطلٌ؛ فلا كلامَ على وَجه الكمال والتمام إلا كلام الله تعالى ورسولِه صلى الله عليه وسلم، وهذه بدهيَّةٌ لا تحتاجُ إلى كثيرِ قولٍ، ومزيد بيانٍ...)).
التعليق:
عدنا معك إلى قاعدة "لا يلزمني"!!
أيها الحلبي أنتَ أثنيتَ على الرسالة بالعموم، وأغلب فقرات الرسالة دعوة إلى الإخوة الإنسانية ودعوة إلى العمل والتعاون والالتقاء بالديانات الأخرى بالنظر إلى القواسم المشتركة نحو خدمة المجتمع الإنساني ومن دون المساس بالتميز العقدي، وأيضاً دعوة إلى الاستقلال الفكري وحرية الاعتقاد؛ إلى غير ذلك من العبارات، فهل هذه مجرد حروف أو كلمات!؛ أم هي فقرات تمثل فحوى الرسالة ولبها وروحها؟!
فلا ندري أيها الحلبي أي شيء يلزمك بعد هذا الثناء الواضح الجلي؟!!
وقال الحلبي بما يؤكد للجميع خطورة الأمر وضرورة الرد والتحذير:
((9- "رسالة عمّان"؛ أصبحت في بلادِنا مادَّةً علميَّةً "مفروضةً"؛ على طلبةِ المدارس والجامعات والمعاهد والكليّات الأردنيَّة، وأضحَت تُقام لشرحِها وبيانِ مقاصدها الدوراتُ في المساجد، وحِلَق التعليم في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة -وغيرها مِن المرافق العامَّة الكُبرَى - في بلادنا الأردنّ-، بل دُعِيَ إلى ذلك خَلائقُ مِن النَّاس -وعلى مستويات عدَّة- مِن خارجِ الأُردُنّ -أيضاً)).
التعليق:
وماذا يعني؟!!!
أليست بعض العقائد الفاسدة والمناهج الباطلة أصبحت مواد علمية مفروضة وتدرس في كثير من الجامعات والمعاهد والكليات والمدارس إلى غير ذلك في بلاد المسلمين؛ هل يعني ذلك وجوب السكوت عما فيها من أباطيل؟!
ثم ألا تدري أيها الحلبي أنَّ ثناءك على الرسالة لعله كان أحد أسباب قبولها ونشرها والدعوة إليها والدفاع عنها في صفوف المنتسبين للمنهج السلفي فضلاً عن المسلمين؟!
أليس الأمر –بعد أن أصبحت الرسالة مادة مفروضة!- يحتاج إلى بيان منك ومن غيرك يحذر ما فيها من الباطل حتى لا يغتر الطلاب به؟!
أهذا هو الميثاق الذي أخذه الله تعالى على أهل العلم من بيان الحق ورد الباطل، وحذرهم من كتمان البينات والهدى؟!
أهذه هي خشية الله عز وجل التي منعتك من تبديع المنحرفين ولم تمنعك من الثناء على الأباطيل التي صارت تدرس؟!!
لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال مؤصلاً على خطى الحزبيين:
((10- فهل مِن العقل والحكمة أنْ نُفرح نحنُ -بأنفُسِنا!- أعداءَ الدِّين، ودُعاةَ الباطل، وأهلَ الضَّلال -فضلاً عن الكَفَرَة والمُشرِكِين- بأنَّها "رسالة" تدعُو إلى وحدة الأديان! وأنّها تتضمّن الباطل مِن القول والزُّور -كما يتمنَّى أولئك ويرغَبُون-؟!.
أمْ أنَّ العَقْلَ والحكمةَ يُنادِيان ويقضيان بأنْ "نُوَجِّه" الكلامَ الذي "قد" يحتمل شيئاً مِن هذه المعاني إلى معنىً حَقٍّ لا يُخالِفُ الشَّرْع، ولا يَتناقَضُ مع دلائله، ونُصوصِه -ما دامَ الأمرُ على هذه الصورة-؟!، وهذا -تماماً- ما نحنُ حريصونَ عليه؛ إبقاءً على رُوح هذه "الرسالة" -ومبانيها- بما لا يُخالف شيئاً مِن الشريعة -ولو صَغُرَ-))
التعليق:
هل خشية أن يفرح أعداء الدين من الكفار والمنافقين والمبتدعة يمنعنا أن نبين الباطل إذا وجد في كتب ورسائل أهل العلم فضلاً عن غيرهم؟!! بالطبع لا يمنعنا ذلك.
وهذه كتب أهل العلم مليئة بالتحذير من أخطاء بعض الأئمة والتحذير من الانحرافات ولو صدرت من إمام معتبر عند أهل السنة، فكيف تريد أيها الحلبي أن تمنعنا من الرد والتحذير من الأباطيل التي وردت في رسالة عمان، والتي يراد بها أن تكون منهجاً يمثل حقيقة رسالة الإسلام؟! فالأمر خطير وعواقبه وخيمة؛ فتأمل أيها الحلبي وفقك الله تعالى للسداد.
وتذكر قول الله عز وجل لنبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم: ((وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ))، وقوله: ((ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ. إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)).
وأما تحميل الكلام على أحسن المحامل فليس على إطلاقه، وإلا فتحنا باب الاحتمالات في تحسين كلام أهل البدع المغلظة مطلقاً فضلاً عن كلام الكفار والمنافقين والمجرمين وغيرهم، وانظر إلى المحامل التي قررها المتعصبون لأهل البدع والإلحاد لتعلم أنَّ الأمر ليس بالهوى والظن، واللفظ الصريح لا يقبل التأويل، لأنَّ تأويله تعسف وتكلَّف لا تقبله اللغة ولا السياق ولا التركيب.
ولينظر القارئ إلى رسالة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى إلى شيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق؛  عندما دعا الأخير إلى فكرة وحدة الأديان بما يشابه عبارات رسالة عمان، كيف أنكر الشيخ ابن باز عبارات شيخ الأزهر ولم يحملها على أحسن المحامل!!.
ونحن لا ندري لماذا يُحمِّل الحلبي كلام كاتب رسالة عمان إلى أحسن المحامل وأنه لم يقصد الدعوة إلى وحدة الأديان!، بينما لا يحمل عبارات كبار الإخوان المسلمين ممن أطلق نفس العبارات على أحسن المحامل وعدم القصد إلى دعوة وحدة الأديان؟! وقد قال في هامش كتابه [صيحة نذير بخطر التكفير ص89]: ((وضلالة "وحدة الأديان" اليوم لها منظروها ومفكروها؛  فاحذروها!!!)).
وقال الحلبي مكابراً:
((11- ما ادُّعِيَ على "رسالة عمّان" مِن أنَّهُ مُخالِفٌ للدِّين، أو يدعُو إلى وحدة الأديان، أو .. أو .. كُلُّه ليسَ صريحاً، ولا ظاهراً ، وعليه؛ فمِن المُمْكِنِ -جدًّا- حَملُهُ -بحُسنِ الظَّنِّ، وحُسن النَّظَرِ في النتائج -إلى ما لا يُخالفُ الشريعة، وما لا يُناقض شيئاً مِن المِلَّةِ)).
التعليق:
ليست هي مجرد دعاوى، بل هي صريح عبارات الكاتب!، وقد أكَّد ذلك الأمير غازي بن محمّد بن طلال في كتاب [إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين] فقال: ((إنّ لُبّ موضوع رسالة عمّان التي صدرت في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك من عام 1425 للهجرة وقُرئت في مسجد الهاشميين، هو الالتزام بالمذاهب وبمنهجيتها؛ فالاعتراف بالمذاهب والتأكيد على الحوار والالتقاء بينها هو الذي يضمن الاعتدال والوسطية، والتسامح والرحمة، ومحاورة الآخرين))، هذا بالنسبة للتقريب بين الطوائف!.
وقال من جهة التقريب بين الأديان: ((وتمثل رسالة عمان باعترافها الجلي بالمذاهب الإسلامية سلسلة كاملة بكل ما يطلب من المسلمين ليتعايشوا بانسجام مع غير المسلمين، القضايا السبع الرئيسية هي كما يلي: ....، 5- ضمان الاحترام والتسامح للأديان الأخرى وحرية العبادة...، وهكذا فإنَّ رسالة عمان في حد ذاتها وبإقرارها للمذاهب والاعتراف بها، تحمل في طياتها العلاج الشافي للتوتر بين الأديان، كما تحتوي على الأساس المشترك الذي يجمع بين المسلمين وغير المسلمين)).
وقد قال الحلبي في كتابه [صد العدوان عن عمان ص24 حاشية (2)] بعد أن نقل من كتاب [إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين]: ((وهذا الكتاب – "إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين"! - بفكرته الأساس يدلُّ على سلامة صدور أولياء أمورنا، و عِظَمِ رغباتهم بالخير، و نقاء قلوبهم؛ و لا نزكّيهم على الله - زادهم الله توفيقًا -...))
أيها الحلبي أي تزكية؟ وأي خير؟ بعد وحدة الأديان والتقريب بين الطوائف!!!.
أهذه هي سلامة الصدر ونقاء القلب اللذان تدندن حولهما وتدعو الشباب السلفي إليهما؟!
قال تعالى: ((فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ)).
ثم إذا كانت الرسالة لا تدعو إلى فكرة وحدة الأديان لا صريحاً ولا ظاهراً، فمالحاجة من قولك: ((فمِن المُمْكِنِ -جدًّا- حَملُهُ -بحُسنِ الظَّنِّ، وحُسن النَّظَرِ في النتائج -إلى ما لا يُخالفُ الشريعة، وما لا يُناقض شيئاً مِن المِلَّةِ))؟!
وأي نتائج هذه التي تثني عليها؛ والرسالة تدعو إلى تمييع الفوارق بين المسلمين وغيرهم؟!
وقال الحلبي بلغة المتحزبة السياسيين:
((12- فلْنَتَذَكَّرْ -جميعاً- الظَّرْفَ الذي يعيشُهُ المُسلمونَ، والحالَ الواهيَ الواهِنَ الذي تحياهُ الأُمَّة، والضعفَ الساريَ في جَسَدها، والتبعيَّة الشديدة المفروضة عليها؛ مِن أعدائِها -شرقاً وغَرباً-)).
التعليق:
تذكرنا ذلك –ونحن لم نغفل عنه أصلاً!- لكن ما المطلوب بهذا التذكير؟!
هل المطلوب أن نسكت عن الانحرافات العقدية الموجودة في رسالة عمان؟!
وهل تريد منا بعدها أن نسكت عن الرد على المنحرفين والمخالفين لدعوتنا؟!
إذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا لا تسكت أنت عن الردود أولاً، ولا يسكت كتاب منتداكم عن الطعون ثانياً؟!
أم هو الكيل بمكيالين؟!
ويظهر أنَّ الحلبي لما رأى أنه ضعيف الحجة ولم يقدر على رد هذه الضلالة عاد إلى قاعدة اعتبار المصالح والمفاسد وتغير المكان والزمان كعادته فقال:
((13- أحوالُ بلاد المُسلمِين تختلفُ مِن بلدٍ إلى آخَر -في بعضِ الأُمور-؛ فليس كُلّ ما قد يصلُحُ في الرِّياضِ يصلحُ في عمَّان، وما يصلحُ في عمَّان قد لا يصلحُ في بغداد، وما قد يصلحُ في بغدَاد قد لا يصلحُ في دِمشق... وهكذا..، فمعاملتُها -جميعاً- على نَمَط واحدٍ مُخالِفٌ لأصولِ إدراكِ المَصالح، ومعرفتِها...)).
التعليق:
فالضلالة والانحرافات العقدية التي تكون في الرياض لا تكون ضلالة ولا انحرافات في عمان؛ أهذا هو مرادك؟!
لأنَّ الموضوع في حكم الانحرافات العقدية في رسالة عمان والثناء عليها؛ فما دخل اختلاف أحوال بلاد المسلمين؟!
ثم حاول الحلبي أن يخرج من الموضوع وأن يلتفَّ على الردود فقال:
((14- ما دامَ أنَّ "رسالة عمَّان" منسوبةٌ إلى وليِّ أمرِ بلادِنا -رَعاهُ اللهُ بهُداه-؛ فالواجبُ سُلوكُ سبيل السرِّ في نُصحِهِ وبيانِهِ، والتلطُّف في إبداءِ وُجُوه الصَّواب له -حفظهُ اللهُ- حكماً شرعيًّا سلفيًّا واضحاً. أمْ أنَّ معامَلَة الحكَّام!، وأولياء أمور المُسلمِين- تختلفُ أحكامُها مِن بلدٍ "إسلاميّ" إلى آخَرَ؛ فيجوزُ الجهرُ بنقدِهم –هُنا!-  في الوقت الذي هو مِن الكبائرِ وعلامات الخوارج -هُناك-؟!!))
التعليق:
وهل أصل الردود حول رسالة عمان كان نقداً لولي أمركم؟! أم على ثنائكم؟!
ولقد قال كبار أهل العلم في بلاد الحجاز كلمتهم الواضحة الجلية في حكم الدعوة إلى وحدة الأديان من غير خوف ولا تردد في عدة فتاوى لهم وهي معلنة ومنشورة ومشهورة، وأما نصيحة ولي أمرهم فلم تعلن، فلماذا هذا التحريض والتشنيع؟!
وختم الحلبي جوابه بقوله:  
((15- و"الحكمة"  -في التعريف العلمي-: وضع الشيء في موضعِهِ! فَلْيُفْهَم...))
التعليق:
فهل وضعت أيها الحلبي ثناءك في موضعه؟!
قال تعالى: ((سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ)).
وأختم بنصيحة الحلبي نفسه؛ حينما ردَّ على  مفتي مصر علي جمعة قولَه: "الشّيعة مُسلمون، و لا حَرَج مِن التعبُّد على مذهبِهم" وقولَه: "الأُمَّة الإسلاميّة جسدٌ واحدٌ، ولا فرقَ بين سُنِّيٍّ وشيعيٍّ" فقال الحلبي: ((نعم؛ قد (يضطرُّ) البعضُ (!) إلى عدم إظهارِ الحقِّ في أمرٍ ما لِسَبَبٍ ما!!، لكنْ لا يكونُ ذلك أبداً طريقاً للتكلُّم بالباطلِ!، وسَبَباً لإظهارِ القولِ العاطل!!)).

تنبيه/ وقد جاء في [مقدّمة لــ "كلمة سواء بيننا وبينكم"] وهو مقال مقرون برسالة عمان في موقعها على الانترنت: ((والآن، وبعد مرور عامٍ واحد بالتمام على تلك الرسالة (رسالة عمان)، قام المسلمون بتوسيع رسالتهم. وفي الوثيقة التي تحمل العنوان " كلمة سواء بيننا وبينكم" تلاقى ثمانية وثلاثون ومائة عالماً من العلماء ورجال الدين والمفكرين المسلمين، بالإجماع، لأول مرة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليعلنوا على الملأ القاسم المشترك بين المسيحية والإسلام. والموقعون على هذه الوثيقة ينتمون إلى جميع المذاهب والمدارس الفكرية الإسلامية، مثل الموقعين على " الرسالة المفتوحة". كما وقد مُثِّلت جميع البلدان أو المناطق الرئيسية الإسلامية في العالم في هذه الوثيقة، الموجهة إلى قيادات الكنائس في العالم، بل إلى جميع المسيحيين في كل مكان.

والصيغة النهائية للوثيقة قُدّمت في المؤتمر الذي عقدته في شهر أيلول (سبتمبر) 2007 الأكاديمية الملكية التابعة لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي بعنوان "الحب في القرآن الكريم"، برعاية صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين. وفي الواقع، فإن القاسم المشترك بين الدين الإسلامي والدين المسيحي الذي يعتبر القاعدة الأفضل للحوار والتفاهم ، هي حب الله وحب الجار.
ولم يسبق من قبل أن المسلمين خرجوا بمثل هذا البيان التوافقي التفصيلي المحدّد حول الدين المسيحي. وعوضاً عن الانخراط في الجدل والمناظرة، تبنّى الموقعون على الوثيقة الموقف الإسلامي التقليدي الذي تتبناه غالبية المسلمين، والقائم على احترام كتب الله قبل القرآن الكريم ، ودعوة المسيحيين إلى المزيد من الإخلاص لها والتمسّك بها، لا التقليل من ذلك الإخلاص.
ويُؤْمل أن توفر هذه الوثيقة دستوراً مشتركاً للعديد من المنظمات البارزة والأفراد الأكفاء العاملين في مجال الحوار بين الأديان في جميع أنحاء العالم. فغالباً ما تكون هذه الجماعات منقطعة عن بعضها بعضاً ، لا تدري واحدتها بما تقوم به الأخرى، مما يؤدّي إلى تكرار الجهد.
ما توفره وثيقة " كلمة سواء بيننا وبينكم" لا يقف عند حدّ إعطاء هذه الجماعات نقطة انطلاق للتعاون والتنسيق على المستوى العالمي ، بل ييتعدى ذلك إلى أن يقام ذلك التعاون والتنسيق على أصلب أرضية دينية عقائدية ممكنة: القرآن الكريم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، والوصايا التي وصفها السيد المسيح عليه السلام في الإنجيل. يشترك فيه الدين المسيحي والدين الإسلامي - بالرغم مما بينهما من فروقات - ليس فقط أصولهما بالتنزيل الإلهي وموروثهما الإبراهيمي بل يشتركون في أعظم وصيتين أيضاً)).
أليس هذا صريحاً في الدعوة إلى وحدة الأديان؟!!
نترك الجواب للبيب الفطن لا للمتعصب العفن!

أبو معاذ رائد آل طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.