الحمد لله والصلاة
والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فها هم أهل الفتن والفرقة قد عادوا ليحدثوا فتنة أخرى وفرقة جديدة بعد أن فتنوا
الشباب في الكلام حول ((سيد قطب)) وفرقوهم وأحدثوا بذلك من البلبلة والمشاكل ما
يعلمه الكثير من الناس، فها هم يُظهرون لنا بطلاً من أبطالهم ورمزاً من رموزهم ألا
وهو ((حسن البنا))!!، كل هذا ليقنعوا الناس بالإنتماء إلى حزبهم ((حزب الأخوان
المسلمين))!!، هذا الحزب الذي أشهر إفلاسه الدعوي في البلاد العربية الأخرى
فأرادوا أن يجربوه في بلدنا العراق بعد سقوط الحكومة السابقة لعلَّه ينجح!!؛
وأنَّى له النجاح وهو يسير على درب الضلالة وطريق الشيطان مخالفاً بذلك الصراط
المستقيم ومعادياً منهج السلف الصالح القويم.
1- مَن هو
حسن البنا؟ هو
حسن بن أحمد بن عبد
الرحمن البنا؛ مؤسس حزب الأخوان المسلمين والمرشد العام له، كان كاتباً وأديباً
ولم يكن عالماً في الشرع فضلاً أن يكون إماماً في الدين أو مجدداً له!!.
2- كيف نشأ وتربى؟ نشأ في أحضان الصوفية القبورية؛ قال أبو
الحسن الندوي في كتابه [التفسير السياسي للإسلام ص138ـ139]: ((والشيخ حسن البنا
نصيب التربية في تكوينه وفي تكوين حركته الكبرى: أنه كان في بداية أمره كما صرح هو
بنفسه في الطريقة الحصافية الشاذلية، وكان قد مارس أشغالها وأذكارها وداوم
عليها مدة، وقد حدثني كبار رجاله وخواص أصحابه: أنه بقي متمسكاً بـهذه الأشغال
والأوراد إلى آخر عهده ))، قال حسن البنا: ((ونظام الدعوة في هذا الطور صوفيُّ بحت من الناحية
الروحية!!، وعسكري
بحت من الناحية العملية)) [رسالة التعاليم ص12]، وقال في [مذكرات الدعوة والداعية ص33]: ((وكنا
في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهور، نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء القريبين
من دمنهور، فكنا أحياناً نزور دسوقي!!، فنمشي على أقدامنا بعد صلاة الصبح مباشرة، بحيث
نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً ،فنقطع
المسافة في ثلاثة ساعات، وهي نحو عشرين كيلو متراً، ونزور ونصلى الجمعة ونستريح بعد الغداء ونصلي العصر)) وقال: ((وكنا أحياناً نزور عزبة النوام،
حيث دفن في مقبرتها سيد سنجر!!؛ من خواص رجال الطريقة الحصافية، والمعروفين
بصلاحهم وتقواهم، ونقضي هناك يوماً كاملاً، ثم نعود)) [المرجع السابق]. وقال جابر رزق في كتابه
[حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه ص8] : ((وفي دمنهور توثقت صلته - يعني حسن البنا - بالإخوان
الحصافية، وواظب على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة مع الإخوان الحصافية،
ورغب في أخذ الطريقة، حتى انتقل من مرتبة "المحب" إلى
مرتبة "التابع المبايَع"]. وقال أخوه عبدالرحمن البنا [المرجع السابق ص
71-72] وهو يصفه في موكب مولد الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ((فسار في
الموكب حسن البنا، ينشد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك حين يهلّ هلال ربيع الأول،
كنا نسير في موكب مسائي في كل ليلة حتى
ليلة الثاني عشر، ننشد القصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان من قصائدنا المشهورة في هذه المناسبة المباركة:
صلى الإله على النور الذي ظهرا للعالمين ففاق الشمس والقمرا
كان هذا البيت
الكـريم تردده المجمــوعة،
بينما ينشد أخـي وأنشد معـــه:
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضـرا
وسامح الكلَّ فيما قد مضى وجرى!!
لقد أدار على العُشّاق خمـرتـــه صرفاً يكاد سناها يُذهب البصــرا
يا سعدُ كرّر لنا ذكـــر الحبيب لقد بلبلت
أسماعنا يا مطرب الفقــــرا
وما لركب الحمى مالت معاطـــفه لا شكّ أن حبيب القوم قد حضرا !! )).
وفي هذا الشعر: ادعاء
أنَّ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قد حضر موكبهم!!، وأنَّه سامح الكل مما حصل
منهم من تجاوز أو عصيان فيما مضى وجرى!! وهذه هي عقيدة الصوفية تماماً؛ وفيها من
الكذب والشرك الأكبر ما هو معلوم.
وقال أخوه في [نفس المرجع والصفحة]: ((وعقب
صلاة العشاء يجلس أخي البنا إلى الذاكرين من جماعة الأخوان الحصافية وقد أشرق قلبه
بنور الله فأجلس إلى جواره نذكر الله مع الذاكرين، وقد خلا المسجد إلا من أهل
الذكر، وخبأ الصوت إلا ذبالة من السرج، وسكن الليل إلا همسات من الدعاء أو
ومضات من ضياء، وشمل المكان نور سماوي ولفه جلال رباني وذابت الأجسام وهامت
الأرواح وتلاشى كل شيء في الوجود وانمحى، وانساب بصوت المنشد في حلاوة وتطريب:
الله قل، وذر الوجود وما حوى؛ إن كنت مرتاداً بلوغ كمال
فالكل دون الله إن حققتـــه
عدم على التفصيل والإجمال!!)).
وفي هذا الشعر:
التصريح بعقيدة وحدة الوجود؛ وأنَّ كل ما في الوجود هو الله وما سواه فهو على
الحقيقة عدم؛ وهذه هي عقيدة غلاة المتصوفة بل ملاحدتهم وزنادقتهم؛ أمثال ابن عربي
وأعوانه الذين حكم أهل العلم بكفرهم وزندقتهم!!.
ونقل عباس السيسي وهو
من كبار مؤرخي تأريخ الأخوان في كتابه [قافلة الإخوان ص150] خطبة لحسن البنا وكانت
في أشهر أوكار الشرك في مصر: المكان المنسوب للسيدة زينب!!، ولم يتكلم فيها عن
هذا الشرك الأكبر الذي يراه بعينيه وإنما كانت خطبة سياسية وطنية للتآخي وتصفية
القلوب!!؛ وهكذا يفعل اليوم مريدوه وأتباع حزبه!!.
3- ما هي عبادته وسلوكه؟ كان يتعبد بما يتعبد به الصوفية من بدع لم
ترد في الشرع ومن ضلالات ما أنزل الله بها من سلطان؛ يقول
حسن البنا: ((وصحبت الإخوان الحصافية بدمنهور، وواظبت
على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة)) [مذكرات الدعوة والداعية ص 24]، وقال: ((وحضر
السيد عبد الوهاب ـ المجيز في الطريقة الحصافية ـ وتلقيت الحصافية
الشاذلية عنه، وأذن لي بأدوارها ووظائفها)) [المرجع السابق ص 24]، وقال: ((كانت
أيام دمنهور … أيام استغراق في عاطفة التصوف … ، كانت فترة استغراق في التعبد
والتصوف)) [المرجع السابق ص 28]، ويقول عن شيخ الطريقة الصوفية حسنين الحصاف: ((وكان
أعظم ما أخذ بمجامع قلبي وملك علي لبي من سيرته رضي الله عنه شدته في الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر)) [المصدر نفسه ص10 ـ 11]، وقال محمود عبدالحليم وهو أيضاً من كبار مؤرخي تأريخ
الأخوان: ((وكنا نذهب جميعاً كل ليلة إلى مسجد السيدة زينب فنؤدي صلاة العشاء!!،
ثم
نخرج من المسجد،
ونصطف صفوفاً، يتقدمنا الأستاذ المرشد حسن البنا، ينشد نشيداً من أناشيد المولد النبوي، ونحن نردده من
بعده بصوت جهوري جماعي يلفت النظر)) [الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ 1/ 109]، وقال
سعيد
حوّى - وهو من كبار
منظري جماعة الإخوان – في ذكر ما عليه المؤسس حسن البنا من الأذكار الصوفية بقوله: (( ... نظموا من أجلها
أنواعاً من حلقات الذكر!!، حتى أصبح لكل
شيخ طريقته الخاصة به في الذكر الذي يجتمع عليه إخوانه!!، ودمج بعضهم مع الذكر الإنشاد!!، ... وقد جعل الأستاذ البنا:
الاجتماع اليومي على الذكر جزءاً من أدب المسلم!!، وجمع لذلك ورد "الوظيفة الكبرى"،
واختصره بـ "الوظيفة الصغرى" )) [تربيتنا الروحية في ص172].
4- ما هي دعوته وطريقته؟ يلخص لنا حسن البنا ذلك بقوله: ((وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك: أنَّ الإخوان المسلمين؛ دعوة سلفية!!..
وطريقة سُنية!!.. وحقيقة صوفية.. وهيئة سياسية.. وجماعة رياضية..
ورابطة علمية ثقافية.. وشركة اقتصادية.. وفكرة اجتماعية..))
[مجموعة رسائل حسن البنا ص248-250]، فدعوة الإخوان المسلمين قائمة على تجميع الناس
في حزبهم بغض النظر عن طوائفهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم ومناهجهم بل بغض النظر عن
أديانهم!! وهذا واضح من تعريف المؤسس لجماعته وسيأتي بيان أكثر في ذلك، والسير
بهذا التجمع في المسيرات والمظاهرات والإعتصامات ومراكز الإنتخابات، ثم مطالبة
الحكومات باعطاهم مقعد في المجلس النيابي أو وزارة أو رئاسة أو هيئة؛ وبهذا يزعمون
أنَّهم يستطيعون تحكيم شرع الله في الدولة ومن ثَمَّ تصحيح الإنحراف العقدي
والإنحلال الخلقي عند الشعوب، وهذا خلاف دعوة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الذي
رفض الملك لما عرضت له قريش ذلك وبدأ بتصحيح عقائد الناس وأخلاقهم ثم انشاء دولة
الإسلام ثم اعداد القوة المادية ثم اعلان الجهاد ضد الكفار.
5- موقفه من اليهود والنصارى: يقول حسن البنا: ((فأقرر:
أن خصومتنا لليهود ليست دينية!!؛ لأنَّ القرآن حضَّ على مصافاتهم
ومصادقتهم!!، والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية!!، وقد
أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقاً "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي
أحسن" ، وحينما أراد القرآن الكريم أن يتناول مسألة اليهود: تناولها من
الوجهة الاقتصادية والقانونية!!؛ "فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم
طيبات أحلت لهم، وبصدهم عن سبيل الله كثيراً، وأكلهم الربا وقد نهوا عنه، وأكلهم
أموال الناس بالباطل"!!)) [الإخوان المسلمون
أحداث صنعت التاريخ1/ 409]، فانحراف اليهود – في وجهة نظر مؤسس الأخوان حسن
البنا – انحراف اقتصادي وقانوني!!؛ ولهذا فخلافنا معهم ليس اختلافاً دينياً!!؛
والقرآن - كما يدعي حسن البنا - يحث على تقريب اليهود ومصادقتهم!!.
وقال أيضاً: ((إنَّ
الإسلام الحنيف لا يخاصم ديناً ولا يهضم عقيدة!!، ولا يظلم غير المؤمنين به
مثقال ذرة)) [مواقف في الدعوة والتربية ص 163]؛ أقول: فأين ألسنتكم يا أدعياء
الجهاد ومؤسسكم لا يخاصم ديناً؟!! ويدعو إلى حرية الاعتقاد؟!!.
وبتاريخ 5/ 9/ 1948م
بمدينة الإسماعيلية احتفل الإخوان بمرور عشرين عاماً على إنشاء الجماعة وفي هذا
الحفل خطب حسن البنا خطبة قال فيها: ((وليست حركة
الإخوان موجهة ضد عقيدة من العقائد أو دين من الأديان أو طائفة من الطوائف!!، إذ أنَّ الشعور الذي يهيمن على نفوس القائمين بـها: أنَّ
القواعد الأساسية للرسالات جميعاً قد أصبحت مهددة الآن بالإلحادية!!،
وعلى الرجال المؤمنين بـهذه الأديان أن يتكاتفوا ويوجهوا جهودهم إلى
إنقاذ الإنسانية من هذا الخطر!!، ولا يكره الإخوان المسلمون الأجانب
النـزلاء في البلاد العربية والإسلامية ولا يضمرون لهم سوءاً حتى اليهود المواطنين
لم يكن بيننا وبينهم إلا العلائق الطيبة!!)) [قافلة الإخوان ج1 ص211]،
وفي خطبته هذه تصريح بدعوة وحدة الأديان؛ أي اجتماع الأديان من المسلمين والنصارى
واليهود لمحاربة الإلحاد!!، وانتبه إلى كلامه وهو يؤكد فيه: العلاقات الطيبة بين
حزب الأخوان واليهود المواطنين!!، فماذا نقول؟ من هم العملاء؟! ومن هم الجواسيس؟!
ومن هم أيدي الماسونية؟!.
وأثبت عباس السيسي في
[نفس المرجع ج1 ص151] خطاباً لحسن البنا موجهاً إلى زعيم اليهود في مصر هذا نصه:
(( خطاب من المرشد العام إلى حاخام وكبار
الطائفة الإسرائيلية!!:
أحببت أن انتهز هذه
الفرصة لأقول: إنَّ الرابطة الوطنية التي تربط بين المصريين جميعاً على
اختلاف أديانـهم في غنى عن التدابير الحكومية والبوليسية، ولكن نحن الآن أمام
مؤامرة دولية مُحكمة الأطراف تغذيها الصهيونية لاقتلاع فلسطين من جسم الأمة
العربية، وأمام هذه الفورة من الشعور المتحمس في مصر وغير مصر من بلاد
العروبة والإسلام لا نرى بداً من مصارحة سيادتكم وأبناء الطائفة
الإسرائيلية من مواطنينا الأعزاء: بأنَّ خير حماية وأفضل وقاية أن تتقدموا سيادتكم
ومعكم وجهاء الطائفة فتعلنوا على رؤوس الأشهاد مشاركتكم لمواطنيكم من أبناء
الأمة المصرية في كفاحهم القومي الذي اتخذوه مسلمين ومسيحيين لإنقاذ فلسطين!!.
يا صاحب السيادة:
بذلك تكونون قد أديتم واجبكم وأزلتم أي ظل من الشك يريد أن يلقيه المغرضون حول
موقف الإسرائيليين في مصر، وواسيتم الأمة كلها والشعوب الإسلامية في أعظم
محنة تواجهها في تاريخها الحديث، ولن ينسى لكم الوطن والتاريخ هذا الموقف المجيد،
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام!!. حسن
البنا))، وإذا كانت هذه هي عقيدة حسن البنا؛ فانظر إلى عقيدة ابنه الذي
تربى على عقيدته؛ في العدد (848) الصادر في 22/ 12/ 1987م من مجلة المجتمع وجهت
هذا السؤال للأستاذ سيف الإسلام حسن البنا؛ وهو ابن مؤسس دعوة الإخوان: ما رأيكم
وموقفكم من حق تكوين الأحزاب لجميع الاتجاهات ومن ضمنها الشيوعية؟!
قال سيف الإسلام!!: ((
لها هذا الحق، والإسلام لا يجبر الإنسان على الالتزام بعقيدة ]لا إكراه في الدين[!!)) ثم قال: (( وأنا أرى شخصياً أنه في ظل مجتمع إسلامي : من حق
كل الناس أن تعلن عن آرائها ومعتقداتـها!!))، ولعلنا بهذا نعلم سر اجتماع
المنتمون لهذا الحزب في العراق – ولو بأسم
آخر!! – مع الأحزاب الشيوعية والديمقراطية
والنصرانية!!.
6- موقفه من
الطوائف المنتسبة للإسلام: أصدر الإخوان المسلمون
في الأردن بيانـاً قالوا فيه: ((لقد كان من أولويات طموحات إمامنا الشهيد
(!!) حسن البنا: أن يتجاوز المسلمون عن خلافاتـهم الفقهية والمذهبية، ولقد بذل
رحمه الله جهوداً دءوبة في التقريب بين السنة والشيعة تمهيداً لإلغاء جميع
مظاهر الخلاف بينهما، ولقد رأى الإخوان في قيام الثورة الإسلامية – ثورة الخميني
في إيران!!- فتح باب لاستكمال ما بدأه الإمام الشهيد رضي الله عنه (!!) في
محاولة تغيير جذري في العلاقة بين السنة والشيعة))؛ واليوم اتباعه سائرون على
نهجه؛ بل قد يصل بهم الأمر إلى تمييع السنة في الشيعة!!.
وفي 9/ 6/ 1948م زار
القاهرة شيخ الطريقة المرغنية الختمية الصوفية ورفاقه؛ وبـهذه المناسبة يقول
السيسي: (( احتفل المركز العام للإخوان بالقاهرة بزيارة السيد – محمد عثمان
الميرغني!! – وتكلم في الحفل الأستاذ المرشد العام فقال: إنَّ دار الإخوان لتسعد وتأنس
أعظم الإيناس إذ تستقبل هذه القلوب الطاهرة والنفوس الكريمة أعلام الجهاد وأبطال
العروبة وأقطاب قادة الإسلام!!...))؛ نعم أعلام وأبطال وأقطاب لكن في الدروشة
والخرافات والضلالات البدعية بل والشركية!!.
7- موقفه من
الاختلاف: يقول حسن البنا: ((نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر
بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه!!)) [مجموع رسائله ص453]، وهذا مخالف لقوله
تعالى: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" ؛ فالله تعالى
يأمرنا أن نرجع عند الاختلاف إلى الكتاب والسنة، بينما يدعو حسن البنا إلى
الإعذار!!، ثم أنَّ الاختلافات منها ما هو في أصول الدين وفي مواضع الإجماع أو النصوص
قطعية الدلالة وكل هذا لا يسوغ الخلاف فيه، أما المسائل الاجتهادية فتبحث بحثاً
علمياً وفي حوار هادئ وبعد هذا يعذر بعضنا بعضاً؛ وبمنهج حسن البنا هذا في الخلاف:
هوَّن هو وأتباعه الكثير من أصول الإسلام وفروعه بحجة أنَّ الكلام في ذلك يفرِّق
الكلمة ويمزق الصف ويضعف قوة المسلمين ويسود العدو به!!؛ وإليك مثال على ذلك: قال
حسن البنا في الأصل الخامس عشر من أصوله العشرين في مسألة ((دعاء الله بأحد من
خلقه)): ((الدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه: خلاف فرعي في
كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة!!)) [مجموع رسائله ص392].
وفي موضوع (( نصوص
صفات الله تعالى)) يقول حسن البنا: (( وخلاصة البحث: أنَّ السلف والخلف
اتفقا!!: على أنَّ المراد من هذه النصوص غير الظاهر المتعارف عليه بين
الخلق؛ وهو تأويل في الجملة، واتفقا كذلك على: أنَّ كل تأويل يصطدم
بأصول الشريعة غير جائز؛ فانحصر الخلاف في تأويل الألفاظ بما يجوز في الشرع وهو
هَيِّن كما ترى (!!)، وهو أمر لجأ إليه السلف أنفسهم، وأهم ما يجب
أن تتوجه إليه همم المسلمين الآن هو: توحيد الصفوف وجمع الكلمة ما استطعنا إلى
ذلك سبيلاً)) [المرجع السابق]، يقول جاسم المهلهل - وهو من كبار دعاة الأخوان - في
كتابه [للدعاة فقط ص94] وقد دافع في كتابه هذا عن حسن البنا وحزبه دفاع المتعصب
الأعمى؛ لكنه لما وصل إلى هذا الأمر الذي هو أوضح من شمس النهار قال: ((والشيخ حسن
البنا يدرك الفارق بين الخلف والسلف جيداً؛ ولكنه بحس الداعية الذي يريد
أن يقارب بين وجهات النظر يحاول أن يبين أن الفارق بين السلف والخلف ليس كبيراً))
يعني لم يكتف بدعوته لجمع المعاصرين على اختلافهم فيريد أن يجمع بين المتقدمين
والمتأخرين مع تباعد الزمن بينهما!.
وقال حسن البنا في
الموضوع نفسه: ((وأنَّ البحث في مثل هذا الشأن مهما طال فيه القول لا يؤدي في
النهاية إلا إلى نتيجة واحدة هي: التفويض لله تبارك وتعالى)) [العقائد
ص74]، ويقول: ((ونحن نعتقد: أنَّ رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني
إلى الله تبارك وتعالى أسلم وأولى بالاتباع!!)) [العقائد ص76]؛ وهذا افتراء على
السلف الصالح وجهلاً بمعتقدهم في صفات الله تعالى؛ قال شيخ الإسلام: ((إنَّ قول
أهل التفويض الذين يزعمون أنَّهم متبعون للسنة: من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!!))
[درء التعارض العقل والنقل 1/ 202-205)).
8- ما هو
مقياس الحق عنده؟ قال حسن البنا في
[مجموع رسائله ص102] وهو يبين موقفه من الدعوات والجماعات الأخرى: ((وموقفنا من
الدعوات المختلفة التي طغت في هذا العصر ففرَّقت القلوب وبلبلت الأفكار: أن
نزنها بميزان دعوتنا؛ فما وافقها: فمرحباً، وما خالفها: فنحن برآء منه!!، ونحن
مؤمنون: بأنَّ دعوتنا عامة محيطة لا تغادر جزءاً صالحاً من أية دعوة إلا ألمَّت به
وأشارت إليه))؛ وهذا هو التحزب بعينه، المنهي عنه في الشرع، المفرِّق للكلمة
والممزِّق للصف!!.
ولهذا يؤمن حسن البنا
وأتباعه من بعده: بوجوب البيعة والإمارة والطاعة المطلقة للمرشد العام ولأمير
الجماعة؛ وهذا لأنَّهم يعتقدون: أنَّهم هم ((جماعة المسلمين)) التي وردت
الأحاديث بوجوب لزومها وحرمة مفارقتها؛ وأنَّ من فارقها ومات مات ميتة جاهلية، ومن
شذَّ عنها شذّ في النار!!!، ولهذا نراهم يحاربون من لم ينتمي إلى حزبهم بكل ما
يملكون من أساليب ولو بشراء الذمم والكذب والخديعة والمكر والنفاق مما هو معلوم
عنهم علم اليقين!!.
وأخيراً:
فهذه كانت نبذة
تعريفية بمؤسس حزب الأخوان المسلمين ((حسن البنا)) نستخلص منها: أنَّ (حسن البنا):
قبوريٌ مفوضٌ فكراً وعقيدةً، صوفيٌ بدعيٌ سلوكاً وعبادةً، حزبيٌ سياسيٌ حركةً
ودعوةً.
واعلم أنَّ بيان حال
هذا الرجل وأمثاله وتحذير الناس منهم واجبٌ بالإجماع؛ قال شيخ الإسلام: ((ومثل
أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة: فإنَّ بيان حالهم وتحذير
الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين)) [المجموع 28/ 231].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.