الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
فإنَّ ما حصل من فتنة المفتون (أبي عبد الحق عبد
اللطيف بن أحمد الكردي) في الساحة الدعوية في العراق أمرٌ عظيمٌ يشهد على هذا
عامة المشايخ والدعاة وطلبة العلم والشباب السلفيين سوى المتعصبة من الأغمار
الرعاع الذين تمكَّن الغلو والجهل من قلوبهم أو تسلَّطت القومية في نفوسهم؛ ممن لا
زال يجادل عن أبي عبد الحق بالباطل ويحاول تزوير الحقائق والواقع بالكذب والبهتان.
إنَّ هؤلاء المتعصبة كانوا من قبل يضربون الأدلة
والبراهين التي أقامها الناصحون المنتقدون لشيخهم أبي عبد الحق والتي تدينه بمخالفة المنهج السلفي يضربونها
بالتزكيات القديمة التي صدرت من الشيخين الشيخ ربيع والشيخ عبيد حفظهما الله له
وببعض الكلمات التي تصدر منهما من باب تهدئة الأمور والصبر على المخطئ، وكان أبو
عبد الحق كلما ذهب إلى العمرة والتقى بالمشايخ رجع ونقل عنهم الأكاذيب في تأييده
والرد على منتقديه، ويُظهر للشباب السلفي أنَّ المشايخ معه وأنه مع المشايخ وأنَّ
المشايخ يعلمون أنَّ هؤلاء المنتقدين كذبة وحسدة وأنَّ أمرهم ظهر للمشايخ ولا
يلتفتون إليهم بعد اليوم!، وكنا نعلم كذبه وكذب متعصبته الرعاع، حتى بلغ السيل
الزبى، على قول القائل:
إذا لم تكن إلا الأسنة مركب....... فما حيلة المضطر إلا ركوبها
فذهبنا إلى مشايخنا لإنهاء الأمر وكشف حال أبي عبد الحق
على حقيقته، وعرضنا على مشايخنا المؤاخذات موثقة بالتفصيل، وسمعنا من مشايخنا
الكلام الشديد في أبي عبد الحق، وطلبوا منا الرد على أخطائه بالعلم والدليل رجاء
أن يرجع عنها ورجاء أن يعرف أتباعه حقيقته، وهذا من صبر مشايخنا على المخالف، ومن شفقتهم
على الشباب السلفي من سلوك طريق الضياع والزيغ.
ثم لما تمادى أبو عبد الحق في إصراره على مخالفة نصائح
المشايخ وصدرت منه أفعال شنيعة تدينه في منهجه وأخلاقه وتعامله مع السلفيين
وعلاقاته مع الحزبيين لم يجد مشايخنا بداً من الكلام فيه والتحذير منه.
فقال فيه شيخنا الشيخ عبيد الجابري حفظه الله: ((ويعلم الله
أنه لو جاءني أبو عبد الحق عبد اللطيف بن أحمد الكردي - وقد زكيته في سالف عهده
تزكية لا يزال يتناقلها كثير من الناس! - لو جاءني الآن لفتحت له بابي ولطلبت منه التوبة،
وقلتُ له: تب إلى الله عز وجل، التوبة تجب ما قبلها، هذا مسلكنا بارك الله فيكم.
هذا يحصل من فلان
وفلان، نناصحه، لكن نمقت الإصرار على الخطأ، إذا أصر الرجل على الخطأ وأصبح منغمساً
فيه، نعم هو ليس مني ولست منه، هذا لعَّاب ونحن لا نقبل اللعَّاب؛ عرفتم هذا هو منهجنا)).
ثم قال حفظه الله: ((عبد اللطيف كذَّاب إلى الآن عندنا)).
ولما سئل حفظه الله
بعد كلامه السابق: شيخنا ماذا نفعل معه الآن؟ قال: ((اتركوه، فهو كذَّاب، ضائع، يتلاعب،
كل يوم يأتينا بالظلمات لا بالنور)).
وقال فيه شيخنا الشيخ ربيع حفظه الله: ((أبو عبدالحق
أضرَّ الدعوة السلفية وفرَّقها)).
وحذَّر الشيخ ربيع منه ومن أتباعه المتعصبين ومن
الواقفين فيه بعد أن ظهر أمره.
فماذا فعل أبو عبد الحق؟!
سلَّط أبو عبد الحق أغماره الموتورين على المشايخ الكبار
يردون عليهم بالسفه ويخاطبونهم بسوء الأدب وكأنهم يخاطبون أقراناً لهم!،
ويطالبونهم بالدليل!، وأنَّ الحجة بالدليل، وأنَّ العالم يخطئ ويصيب، وهذه من باب
كلمة حق أريد بها باطل، فهؤلاء كانوا يعرضون عن الدليل الذي أقاموا الناقدون على
تخطئة شيخهم ويحتجون بتزكيات المشايخ القديمة لأبي عبد الحق!، فلما جرحه المزكون
أنفسهم أعرض هؤلاء الرعاع عن الجرح ويطالبون الآن بالدليل، والأدلة يعرفها القاصي
والداني وهي منشورة في شبكة سحاب وفي نصائح ومؤاخذات الإخوة من العرب والكرد وفي
ردودي على أبي عبد الحق، ومع هذا لم يقبل هؤلاء كلام المشايخ ولم يرفعوا رأساً
بهذه الأدلة.
ثم لم يشف عليل أبي عبد الحق ولم يرو غليله تسلط هؤلاء
السفهاء الرعاع على مشايخنا الكبار الذين حركهم وأشرف على كتاباتهم أو كتبها لهم!،
فهجم بنفسه المسعورة على مشايخنا لمزاً وهمزاً وتلميحاً وتصريحاً، فقال [مقطع مرئي
في قناة النصيحة]: ((وما يقوله هؤلاء لاتنخدعوا بهم، يقولون: علماء علماء!!، لا يصدقون،
ويكذبون، أي علماء؟! هذا كتب العلماء بين أيدينا يا إخوة، تعالوا انظروا الى هؤلاء
الفتانين، ليس في منهج العلماء, العلماء كيف يرضون بهذا؟! لا يرضون بهذا قط، وأي عالم
- يقال عنه بأنه عالم! - يرضى بما يقوم به هؤلاء: فليس بعالم؛ بل هو منحرف، وأقولها
علناً وبكل صراحة: فليس بعالم بل هو منحرف!!، وكل من رضي بهذا، وهذه فتنة من ورائها
أيدي أعداء السنة, ويأتي عالم يفرح بهذا!، حاشا وكلا هذا ليس بعالم!!)).
وقال [مراسلة منشورة]: ((والشيخ عبيد بنى حكمه على أخبار
أناس لا يعرف حقيقتهم؛ مثل: سيروان الأبتر الكذَّاب، وهوشيار الأحمق الكذَّاب، وحجي
طالب الفتان المفتري)).
وقال لأحد الإخوة أثناء طوافه بالكعبة [عمرة المفاصلة]:
((الشيخ عبيد رأس الفتنة، وأنا أخطأتُ في ربط الشباب بهؤلاء العلماء)).
ولما نشر أحد متعصبيه كلمة مفبركة للشيخ عبد المحسن
العباد فيها طعن بأخيه الشيخ ربيع المدخلي حفظهما الله في [مجموعة خطباء النصيحة]،
قال أبو عبد الحق معلِّقاً: ((الأفضل أن تنشروا هذه الفتاوى حتى يعرف الشباب منهج
العلماء وأنهم ليسوا على منهج الشيخ ربيع)).
وقد كان من قبل - لما رأى أنَّ المشايخ الكبار يطالبونه
بكتابة تراجع واضح - يربي الشباب الملتفين حوله بعدم المبالاة بكلام العلماء إذا
صدر فيه بيان أو تحذير، فقال [جلسة بردرش]: ((ولا يحق لأحد أن يشطب على أحد ويسقطه
إلا رب العالمين؛ إذا كنتَ تخدم الدعوة وتخدم الدين وكنت على التوحيد وكنت على السنة
حتى لو قال فلان من العلماء: إنَّ فلاناً مخطئ، والله لا يضره)).
وقال فيها أيضاً: وقال: ((نحن نقول: أكبر تزكية أن يصلح الإنسان
فيما بينه وبين ربه ويكون على منهج سليم صحيح. فكثيراً ما يكون هناك أناس من النمامين
والجواسيس من هذا الصنف ممن "إذا خاصم فجر"، يذهب إلى العالم الفلاني ويقول:
فلان فعل كذا وفلان فعل كذا حتى يؤثِّر على ذلك العالم!، والعالم بشر، النبي عليه الصلاة
والسلام يقول: "إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي لعل أن يكون بعضكم ألحن بحجته
من بعض"، وهذا كثير، فهؤلاء من الذين "إذا خاصم فجر".
كتبوا عليَّ أشياء كثيرة - وكلها كذب وبهتان!! - وأرسلوها
إلى العلماء، الرجل فعل كذا وكذا وكذا، ولو تكلَّم العلماء فماذا يعني؟! ألا يعرف بعضنا
بعضاً؟!، نحن منشغلون بماذا في كردستان؟!، فهل نحن ندعو إلى التوحيد والسنة والدين؟!
أم ندعو إلى الخرافة والبدعة؟! أم ندعو إلى التحزب والتكفير؟! فمهما كتب النمامون والجواسيس
والذين فيهم صفة النفاق وتجسسوا والله لا يضر!، وهذا ليس بشيء، فرضاً لو تكلم عالم فليتكلَّم؛ هو معذور، لكن من
المذنب؟ النمامون والجواسيس، فهل الإنسان ينتهي أمره ويهلك بهذا الكلام؟ لا)).
وكذلك فرَّق أبو عبد الحق بين منهج مشايخنا الكبار
المعاصرين [الشيخ ربيع والشيخ عبيد والشيخ محمد بن هادي والشيخ عبد الله البخاري]
وبين منهج المشايخ الكبار الآخرين [الشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ
الفوزان والشيخ اللحيدان]، فدعا أولئك الشباب الملتفين حوله إلى منهج هؤلاء
المشايخ فقال [مقطع مرئي في قناته]: ((ليس هذا منهج السلف قط!، وليس هذا منهج أهل العلم!،
انظروا هذا منهج الألباني، وهذا منهج ابن عثيمين، وانظروا إلى منهج صالح الفوزان، وانظروا
إلى منهج شيخ اللحيدان، انظروا هل هذا منهجهم؟!!)).
وأبو عبد الحق يفعل ذلك ضمن منهج مسبق ومدروس منذ لقائه
بصادق البيضاني [مدير قناة الأثر الفضائية] وفتح قناة منبر الأثر [النصيحة لاحقاً]،
وهذا المنهج وضعه لفصل هؤلاء الشباب عن مشايخنا الكبار وإبعادهم عن المنهج السلفي
والخلافات المنهجية وإلقاءهم في أحضان الأحزاب والسياسة المعاصرة والإختلاط الفاحش
وفي أحضان أهل التمييع والتخذيل وأهل التكفير والقطبية من خلال مؤتمرات عامة أو
زيارات متبادلة، وإنما يفعل أبو عبد الحق ذلك في مقابل الأموال الكبيرة التي تأتيه
لتمويل القناة والمركز والأكاديمية وتمويل أموره الخاصة وحمايته وعلاقاته.
وليست المشكلة الآن في أبي عبد الحق، فهذا الرجل تنكَّب
طريق العلماء واختار لنفسه طريق الشهرة والزعامة على حساب دينه ومنهجه ولا يلتفت
بعد الآن إلى ورائه!، وإنما المشكلة في بقايا الشباب الذين لا زالوا يحسنون به
الظنَّ ويجادلون عنه بالباطل وأكثرهم من الكرد الذين استخفَّ عقولهم فأطاعوه
واستغلَّ جهلهم بالعربية فتسلَّط عليهم وقادهم إلى الهاوية وهم لا يشعرون، مع أنَّ
أبا عبد الحق يصف هؤلاء بقوله كما في [الجواب المنشور في الفيس بوك 3]: ((وإزالة
ما علق في أذهان قومي الأكراد من الحقد على العرب والإسلام))، ومقتضى هذه الكلمة
أنهم كانوا كفاراً لأنَّ الحقد على الإسلام من نواقض الإيمان وسمات المنافقين،
فكيف رضوا بهذا الوصف؟! وكيف سكتوا عنه؟! لولا أنَّ عقولهم ساذجة ونفوسهم مغفلة
فضحك عليهم وتصدَّرهم، على قول المتنبي:
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ ما
لجُــرْحٍ بمَيّـــتٍ إيـــلامُ
وكان المدافعون عن أبي عبد الحق يكتبون في أول الأمر
بأسماء معروفة تنشر في سحاب [كأبي حمزة موفق بن حسين الجبوري، وأبي مجاهد أحمد بن
صالح الجبوري، وسعد نطاح الدوخي، وأبي عبد الرحمن كمال العراقي، وأبي أيوب
السلفي... ]، ثم تصدَّر للدفاع عنه أشخاص
أخلاقهم سيئة وألفاظهم بذيئة وعندهم تعصب مقيت وغلو ظاهر [شهاب أحمد، وعبد الله
زنكنه، ومحمد علي الجريسي الفلوجي، ورياض أبو مها، وعمار عبد العزيز الطائي ... ]،
ثم لم يبق للدفاع عنه إلا أسماء وكنى مجهولة [أبو ماريه العراقي، أبو خالد
العراقي...]، ثم سكت هؤلاء أيضاً ولم يبق منهم سوى اسم مبهم [طالب علم عراقي]!.
ألا يتعظ أبو عبد الحق بهذا؟!
ومما قرأتُ مؤخراً - بعد تحذير الشيخ ربيع من أبي عبد
الحق ومتعصبته - مقالين باسم [طالب علم عراقي] ولا أستبعد أن يكون من ورائه أبو
عبد الحق الكردي، الأول بعنوان [رسالة مفتوحة إلى الشيخ ربيع/ وقفات مع تحذير
الشيخ ربيع من العالم الفاضل أبي عبد الحق الكردي] والثاني [لا يضرنا تخاذلكم ولا
خلافكم ولا تكالبكم على شيخ د. عبد اللطيف الكردي حفظه الله؛ لأنَّ الحق منصور
والباطل مقهور].
ويظهر من عناويين المقالين أنَّ الكاتب أضل من حمار
أهله، فالأول وصف فيه الشيخ ربيعاً بـ (الشيخ) بينما وصف أبا عبد الحق بـ (العالم
الفاضل)، والثاني وصف فيه مخالفات أبي عبد الحق بـ (الحق) بينما وصف المؤاخذات
الموثقة وأحكام العلماء عليه بـ (الباطل)، وهذه انتكاسة في العقل وارتكاسة في
الفهم.
حقيقة قرأتُ المقالين بشق الأنفس مع صغر حجمهما لأني
أكره الكلام المبني على قيل وقال والكذب والبهتان وأحب الكلام المبني على العلم
والتوثيق والحجة والبرهان، فاستوقفتني بعض الأمور:
الوقفة الأولى/ وصف هذا الموتور أبا عبد الحق
بـ (شيخ العراق)
وهذا من الغلو الذميم، فالرجل لا يعدو أن يكون طالب علم
مع ضعف كبير وتعالم وغرور، ومن قرأ بعض رسائله أو مقالاته أو سمع بعض محاضراته أو
دروسه عرف أنه لا يصلح أن يكون طالب علم متقدِّم ولا يجيد الكلام في مسائل المنهج
والردود ولا شرح كتب العقيدة ولا يحسن الكلام في أصول الفقه ومصطلح الحديث وفقه
الأحكام، وإنما يشرح شرحاً موجزاً ويتشبَّه في أسلوب الإلقاء بالعلماء وليس منهم،
ولهذا من يتخرَّج من مدرسته يكون ضعيفاً في العلم متزلزلاً في الفتن متعالماً في السلوك،
ومن ثمارهم تعرفونهم.
ثم أين المشايخ الآخرون في الساحة الدعوية في العراق وهم
أعلم من شيخكم كما يشهد بهذا المنصفون من طلاب العلم؟!
وهب أنَّ شيخكم هو (شيخ العراق) أو (مفتي العراق) أو
(مفتي الديار) أو (شيخ الطريقة) هل هذا يسوِّغ له الوقوع في هذه المخالفات؟ وهل
يسوِّغ لكم الدفاع عنه بالباطل؟ وهل هذا يمنع من نقد أخطائه والرد عليه؟
الوقفة الثانية/ استنكاره بشدة قول الشيخ ربيع
حفظه الله: ((أظنُّ أنَّ أبا عبد الحق تأتيه أموال من التراث))، وطالب الشيخ
ربيعاً حفظه الله بالدليل على هذا.
ولماذا هذه الاستنكار؟
الشيخ ربيع حفظه الله سأل أبا عبد الحق وسأل أتباعه وسأل
المخالفين له عن مصدر تمويل قناة النصيحة والمركز والأكاديمية فلم يظفر بجواب من
أحد، لأنَّ الأمر في حيز المجهول الآن، مع كون هذه الأموال كبيرة لا يمكن أن تقوم
بها إلا جهة رسمية أو حزب أو جمعية أو أيدي مشبوهة لا تميز بين الحلال والحرام في
جمع المال.
فلو كان لهذه التمويل جهة مشروعة أو مباحة لصرح بهذا أبو
عبد الحق ولم يترك الأمر مجهولاً في حيز الظنون، والنبي صلى الله عليه وسلم علَّم
أمته أن يدفعوا ما قد يلقيه الشيطان من الظنون والوساوس والشر في نفوسهم في مواضع الريبة وسوء الظن بقوله:
((على رسلكما إنها صفية))، وقد كان بعض أهل الحديث يقول في المراسيل وصنيع أهلها:
((لو كان فيه إسناد لصاح به))، فأبو عبد الحق هو المطالب ببيان مصدر تمويله،
وإعراضه عن هذا البيان يكفي في إساءة الظن به، ولا يُطالب من أساء به الظن
بالدليل، لكنَّ هذا الجهول قلب الأمر فبدلاً أن يوجِّه مطالبته لأبي عبد الحق
ببيان مصدر تمويله لقطع الشكوك والظنون وإنهاء الخلاف، جاء فطالب الشيخ ربيعاً
حفظه الله بذكر الدليل على ظنه.
والظنُّ ليس مذموماً كلَّه كما قال تعالى: ((إِنَّ بَعْضَ
الظَّنِّ إِثْمٌ))، وصنيع الإمام البخاري رحمه الله يدلُّ على هذا، فقد قال: [باب:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ
بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا"] ثم بعده ذكر [باب:
ما يجوز من الظنِّ] وذكر فيه حديث عائشة
رضي الله عنها قالت: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا
أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا))، قَالَ
اللَّيْثُ: ((كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ المُنَافِقِينَ))، قال ابن حجر رحمه الله في
الفتح: ((وحاصل الترجمة: أنَّ مثل هذا الذي وقع في الحديث ليس من الظن المنهي عنه؛
لأنه في مقام التحذير من مثل من كان حاله كحال الرجلين، والنهي إنما هو عن الظن السوء
بالمسلم السالم في دينه وعرضه، وقد قال ابن عمر: "إنا كنا إذا فقدنا الرجل في
عشاء الآخرة أسأنا به الظن" ومعناه: أنه لا يغيب إلا لأمر سيء إما في بدنه وإما
في دينه)).
وقال القرطبي في جامعه [16/332]: ((وأكثر العلماء على أنَّ
الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبيح؛
قاله المهدوي)).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره [7/33]: ((الظن
نوعان: ظن خير، وظن سوء، ثم ظن السوء لا يجوز إلا إذا قامت القرينة على وجوده، ولهذا
قال: "إنَّ بعض الظن إثم"، فما هو الظن الذي ليس بإثم؟! نقول: هو ظن الخير،
وظن السوء الذي قامت عليه القرينة؛ هذا ليس بإثم، لأنَّ ظن الخير هو الأصل، وظن السوء
الذي قامت عليه القرينة هذا أيضاً أيدته القرينة)).
ومن هذا نعرف أنَّ الظنَّ بمن ظاهره مخالفة الشرع من
زيارة الأحزاب الإسلامية والشخصيات السياسية في مقراتهم والتعاون مع أهل البدع
والمشاركة معهم في المؤتمرات والأمور العامة، بالإضافة إلى أنَّ قناته الفضائية
تصرف الأموال الكبيرة ولم تتوقف كما توقفت قناة الأثر التي انشقت عنها قناة
النصيحة، وتصريحه أنه يقدر على فتح قناة النصيحة الثانية، وإصراره على الأخطاء
والمخالفات والإعراض عن النصائح والتوجيهات، هذا ليس من الظن السوء، فليفطن السلفي
لهذا.
وهذا ما قصده الشيخ ربيع حفظه الله؛ ففي مراسلة بيني وبين
الأخ أبي حمزة موفق الجبوري أخبرني: أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله يرى أنَّ أبا عبد
الحق له علاقة بالتراث، فأخبره أبو حمزة: إني أستبعد ذلك، فقال الشيخ ربيع له: سيصلون
إليه أو وصلوا إليه؛ وإلا من أين له هذه الصرفيات؟!.
الوقفة الثالثة/ موجبات تحذير الشيخ ربيع حفظه
الله من أبي عبد الحق الكردي
الشيخ ربيع حفظه الله عرض على أبي عبد الحق جملة من
المؤاخذات الموثقة من كلامه وطالبه بكتابة بيان واضح يتراجع فيه عن هذه المخالفات؛
لكنَّ أبا عبد الحق أصرَّ وعاند وجادل بالباطل وأعرض عن نصائح المشايخ الكبار
وتمادى في انحرافاته وتأصيلاته الباطلة، والشيخ ناصحه ببعض هذا المؤاخذات منذ عام
1431ه ولا زال يناصحه بين الحين والآخر حتى عام 1438ه، فماذا كان ينتظر شيخكم من
الشيخ ربيع؟ هل ينتظر أن يسكت عنه أو يداهنه؟ وهل سكت الشيخ ربيع عمن هو أكبر من
شيخكم علماً ودعوة وجهوداً لما أصروا على مخالفة أصول المنهج السلفي؟ أم غرَّ
شيخكم صبر الشيخ ربيع كما غرَّ العرعور والمغراوي والمأربي وفالح الحربي والحلبي
والغامدي والجهني وابن عطايا وأشكالهم؟ أم ظنَّ شيخكم أنه يمكنه مخادعة الشيخ ربيع
ببعض التراجعات الخاوية وببعض التبريرات الواهية؟ قد فعل ذلك من هو أدهى في المكر
والخديعة من شيخكم ومع هذا كشف الشيخ ربيع أمره، وقد قال الشيخ مقبل رحمه الله -
الذي يدَّعي شيخكم أنه درس عنده! - كما في
شريط [الأسئلة السنية لعلاّمة الديار اليمنية، أسئلة شباب الطائف]: ((مِنْ أبصر الناس
بالجماعات وبدخن الجماعات في هذا العصر: الأخ الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله، مَن قال
له ربيع بن هادي: إنه حزبي فسينكشف لكم بعد أيام أنه حزبي، ستذكرون ذلك، فقط الشخص
يكون في بدء أمره متستراً ما يحب أن ينكشف أمره؛ لكن إذا قوي وأصبح له أتباع ولا يضره
الكلام فيه: أظهر ما عنده، فأنا أنصح بقراءة كتبه والاستفادة منها حفظه الله تعالى)).
وأبو عبد الحق صرَّح لمن حوله أنه لا يضره إذا تكلَّم
العلماء فيه كما تقدَّم، بل في جلسة مسجد الفتح حدَّثني الأخ أبو حمزة موفق
الجبوري عبر الاتصال أنَّ الأخ أبا مجاهد أحمد صالح الجبوري ذكر في هذه الجلسة
كلام الشيخ مقبل السالف الذكر فاعترضه أبو عبد الحق مستنكراً قول الشيخ مقبل قائلاً:
"هذا خطأ، الشيخ ربيع لا يعلم الغيب"!، وهذا كان بعد عمرة المفاصلة التي
قرر فيها مفاصلة منهج مشايخنا الكبار.
وقال الشيخ مقبل رحمه الله أيضاً: ((وأنا أنصح الإخوة بالاستفادة
من كتب أخينا الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله تعالى: فهو إن شاء الله بصير بالحزبيين،
ويخرج الحزبية بالمناقيش، قال بعضهم: إنَّ بعض المُحشِّين على الكشَّاف "يخرج
الاعتزال بالمناقيش"، هذا أيضًا يخرج الحزبية بالمناقيش، أنا أنصح بالاستفادة
من كتبه، وكذلك بالاستفادة من أشرطته)).
بينما كتب أبو عبد الحق قبل يومين مقالاً بعنوان [كلنا نصيب
ونخطئ، ونجهل ونعلم ... لا يقلّدُ بعضهم بعضاً]، ذكر فيه سؤالاً وجواباً للشيخ
مقبل رحمه الله عن كتابات الشيخ ربيع حفظه الله في الجرح والتعديل، ودونكم تمام
المقال:
((هل توافقون الشيخ ربيع في كتاباته في الجرح والتعديل/ فتاوى العلامة مقبل الوادعي:
السؤال/ هل توافقون الشيخ ربيع في كتاباته في الجرح والتعديل
وفي المنهج الذي يسير عليه أم تخالفونه؟ وهل تعرف أنَّ الشيخ ابن باز وابن عثيمين والألباني
يوافقونه أم لا؟
الجواب/ أهل السنة منبعهم واحدٌ - الذي يشربون منه - وهو
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فعقيدتهم واحدة، واتجاههم واحد
في جميع البلاد الإسلامية.
نحن متفقون على جرح أصحاب البدع والحزبيين؛ متفقون على هذا.
بقي في أناس هم عند شخص من المجروحين، وعند آخر ليسوا من
المجروحين، هذا حدث على عهد السلف؛ فرُبّ راوٍ يقول فيه أحمد بن حنبل: ثقة، ويقول فيه
يحيى بن معين: كذَّاب، أو العكس، وهكذا البخاري وأبو زُرعة وأبو حاتم، والمهم، لا يقلِّد
بعضهم بعضاً.
فإذا اختلفنا في توثيق شخص وتجريحه: فليس معنى هذا أننا مختلفون
في العقيدة!، وليس معنى هذا أننا مختلفون في الاتجاه!.
وأما هل الشيخ ابن باز والشيخ الألباني يوافقونه أم يخالفونه؟
فالمسألة أنني أنا
ما قرأتُ كثيراً من كتب الشيخ ربيع، هذا أمر، أمر آخر أيضاً كما قلنا: إنَّ أهل السنة
لا يقلِّد بعضهم بعضاً، ولو انتقدوا عليه ورأوه خرج عن الصواب لأخرجوا المنشورات في
رد ما يقول، وأخرجوا الكتب في دفع ما يقول، وعلى كُلٍّ: كلنا نصيب ونخطئ، ونجهل ونعلم،
والله المستعان)).
هذا الكلام مما يدين أبا عبد الحق، ولكنه حاطب ليل،
ودونكم البيان:
1- ذكر الشيخ مقبل رحمه الله أنَّ منهج الشيخ ربيع موفق
لمنهج المشايخ الآخرين، وهذا يخالف ما قاله أبو عبد الحق قبل أيام قلائل: ((الأفضل
أن تنشروا هذه الفتاوى حتى يعرف الشباب منهج العلماء وأنهم ليسوا على منهج الشيخ ربيع)).
2- أنَّ هؤلاء المشايخ (ابن باز والألباني وابن عثيمين)
رحمهم الله لو كانوا مخالفين للشيخ ربيع حفظه الله في جرحه لبعض الأشخاص لكتبوا
ردوداً ونشروها كما قال الشيخ مقبل، فلما لم يفعلوا ذلك دلَّ على أنهم يوافقونه
ولا يخالفونه، بينما أبو عبد الحق يطلب من زمرته الآثمة أن ينشروا ما يدل على أنَّ
منهج العلماء يخالف منهج الشيخ ربيع!.
3- ذكر الشيخ مقبل رحمه الله أنَّ العلماء متفقون على
جرح أهل البدع والحزبيين، بينما أبو عبد الحق يقول [السعي لإطفاء الفتنة]: ((فالذي
أراه الان هو أنَّ إطلاق التبديع والتفسيق على المعينين ممن انتسبوا إلى أهل السنة
والجماعة (السلفية) ليس من المصلحة الشرعية لما رأينا من الآثار السلبية التي ترتبت
على تبديع المعينين منهم وعدم الاكتفاء بالرد على أخطائهم والتحذير من انحرافاتهم,
فمن هذا الباب ابدأ بنفسي فأسحب تبديعي لأناس معينين منهم سائراً بذلك على منهج علمائنا
الكبار... وإذا رأوا من الدعاة والعلماء
مخالفةً واضحة ولم يجدوا لمخالفته مساغاً: فليحذروا من مخالفته لأنَّ الإقرار
على الخطأ لا يجوز شرعاً, لكن فليكن الرد بأحسن عبارة ودون تهجم أو تجريح)).
4- ذكر الشيخ مقبل رحمه الله أنَّ العلماء المعاصرين قد
يختلفون في جرح بعض الأشخاص كما اختلف العلماء الأوائل في جرح بعض الرواة، وأنَّ
اختلافهم هذا لم يكن ناتجاً عن اختلاف في العقيدة والمنهج.
ونحن لا ننكر هذا أبداً، وإنما ننكر على أبي عبد الحق
ومن سبقه: أنهم يرون الإكتفاء بالتخطئة والتحذير من الأخطاء دون التعرض للأشخاص
بجرح ولا يرون الإلزام في تبديع من ثبت تبديعه بالأدلة الساطعة والبراهين القاطعة
مع معرفتهم واطلاعهم على هذا كله، فثمة فرق واضح بين من بلغه الجرح بالدليل وأصرَّ
على الدفاع عن المجروح وعدم جرحه بالإضافة إلى الكلام في الجارح وبين من لم يبلغه
ذلك الجرح أو لم يثبت عنده فبنى حكمه على حسن ظنه بالمجروح وعدم علمه بحاله.
ومعلوم أنَّ الجرح المفسَّر مقدَّم على التعديل المجمل
في باب الرواية وكذلك في باب البدعة، والأخذ بالجرح المفسَّر واجب، فكذلك الأخذ
بالتبديع ملزم، وهذه أمور يصرِّح بها الشيخ مقبل رحمه الله كثيراً في كتبه ودروسه،
لكنَّ أبا عبد الحق يحاول تصوير منهج الشيخ مقبل على خلاف منهج الشيخ ربيع في جرح
الأشخاص، وهذا كذب صريح وتلبيس قبيح، وقد تقدَّم من كلام الشيخ مقبل رحمه الله
وأنه يثني على الشيخ ربيع وينصح به ويصفه بالمعرفة الواسعة في معرفة المناهج وأهل
الأحزاب والبدع.
ثم إنَّ بعض
العلماء السلفيين يخالفون الشيخ ربيعاً حفظه الله في جرح بعض الأشخاص لأنهم ما
اطلعوا على انحرافات وتأصيلات واستدلالات هؤلاء المجروحين لأنهم منشغلون بأمور
أخرى في خدمة الدين ونصرة الشريعة من علوم وشروح ودروس وتأليف ومجالس ولقاءات وغير
ذلك، والشيخ ربيع حفظه الله لا يتكلَّم في هؤلاء العلماء وإنما ينصحهم قدر
المستطاع ويحاول أن يوصل إليهم حقيقة أولئك المجروحين لئلا تستغل تزكياتهم في ضرب
المنهج السلفي، وهذا الذي قصده الشيخ مقبل رحمه الله، أنَّ العلماء قد يختلفون في
جرح الأشخاص مع وحدة العقيدة والمنهج، ولم يقصد الشيخ مقبل رحمه الله أبداً أولئك
الذين اطلعوا على انحرافات المجروحين وسكتوا عنهم أو جادلوا عنهم بالباطل أو بما
يدل على اتفاقهم في هذه التأصيلات الباطلة، فافطن أيها السلفي لهذا ولا يخدعنَّك
أبو عبد الحق وأمثاله الذين يتتبعون الرخص ويتَّبعون المتشابه من الكلام.
الوقفة الرابعة/ دعوى الكاتب أنَّ الشيخ
ربيعاً حفظه الله اعتمد كلام المجاهيل والمناكير والصغار في أبي عبد الحق الذي
وصفه بالعالم الفاضل وأوصى بالرجوع إليه.
1- هذا طعنٌ شديد في الشيخ ربيع حفظه الله، لو قال قائل:
إنَّ أبا عبد الحق بنى حكمه على بعض السلفيين اعتماداً على كلام المجاهيل
والمناكير والصغار؛ ألا يعدُّ هذا طعناً عندكم في شيخ العراق كما تصفونه؟!
فكيف لا يكون هذا طعناً في الشيخ ربيع حفظه الله الذي
وصفه الإمام الألباني رحمه الله بـ "حامل لواء الجرح والتعديل في هذا العصر
وبحق"؟!
دعواكم هذه هي عين دعوى المأربي والحلبي وأمثالهم من أهل
التمييع، فهؤلاء هم سلفكم في هذه الطعونات فبئس السلف وبئس الخلف.
2- الشيخ ربيع حفظه الله وصف أبا عبد الحق بالعالم
الفاضل وأوصى الشباب به في أول أمره لما ظهر له من حاله، ثم لما انحرف عن السبيل
وركب رأسه وأصرَّ على الباطل جرحه وحذَّر منه بعد نصائح عدة وصبر طويل، فهل هذا
مما يعاب به المرء؟ ما لكم كيف تحكمون؟!
قال الشيخ ربيع حفظه الله: ((قد يزكي الرجل - وهو فاضل -
بناء على الظاهر ولا يعرف حقيقة ما عليه القوم، فيأتي إنسان يدرس كتبهم ويدرس واقعهم
فيجد أنَّ هذا الذي زكَّاهم قد وقع في خطأ من حيث لا يدري، فزكَّاهم بناء على هذا الظاهر،
فهذا شيء حصل للأئمة الكبار.
فكم من إنسان زكَّاه الإمام أحمد، فقال تلاميذه الذين لا
يصلون إلى شيء من فضله: عرفوا ما عند هؤلاء وما فيهم من قدح وما فيهم من جرح فأسقطوهم؛
وإن كان قد زكاهم أحمد رحمه الله.
وزكَّى الشافعي أناساً وجرحهم آخرون؛ وقدّم جرح هؤلاء المفسر
القائم على معرفة الحقيقة على أقوال الأئمة الذين زكوا بناء على ما ظهر لهم.
لإنه قد يأتي إنسان يعني عنده طلب علم يتظاهر بالدِّين والنسك
والأخلاق الطيبة ويلازمك أيام: فتبنيه على الظاهر.
أنا والله زكَّيتُ أناساً في هذا العام، والله لازموني، وما
شاء الله تنسَّك، وكذا، وكذا، وكذا، ثم ظهر لي جرحهم، أنا إذا صلَّى معي وزكى وكذا
وذكر الله وسافر معي وإلى آخره؛ أشهد بناء على ما رأيتُ، لا أزكي على الله أحداً، لكن
يأتي إنسان آخر عرفه أكثر مني، كشف عنه أخطاء، وكشف عنده أشياء تقدح في عدالته، فيجرح،
فيجرحه بعلم ويبرهن على جرحه بالأدلة ويفسِّر جرحه، فيُقدَّم جرحه على تعديلي، وأنا
أستسلم صراحة، قَدَّم الأدلة على جرح هذا الإنسان أقول: خلاص الحق معك.
فجماعة جاؤوا عند عالم من العلماء، وقالوا: نحن ندعو إلى
السنة، وندعوا إلى التوحيد، ونحارب الشرك، ونحارب القبورية، وكذا، وكذا، رأى فيهم الصلاح،
كتب إلى مَنْ يعاونهم: "فإنهم يدعون إلى السنة"، ثم راح ناس معهم، خالطوهم
وعاشروهم من طلابهم، فوجدوا أنَّ الحقيقة تختلف تماماً، وأنَّ هؤلاء أهل بدع، وأنه
صوفيَّة، وأنهم خرافيون، فقَدَّم الأدلة على ما يقول، فيصدق، فيُقدَّم على تعديله،
أو تعديل هذا العالم، هذه قاعدة مطردة مستمرة إن شاء الله للأفراد والجماعات إلى قيام
الساعة؛ ما دام هذا الدين)).
والله كأنَّ الشيخ ربيعاً في كلامه عن تزكيته لبعض الناس
ثم تبين جرحهم كأنه يتكلَّم عن أبي عبد الحق.
الوقفة الخامسة/ دعوى الكاتب أنَّ الشيخ
ربيعاً حفظه الله لم يسلك مع أبي عبد الحق ما سلكه مع غيره من النصيحة والبيان
والصبر والرد بالأدلة والبرهان
ومبنى هذه الدعوى على ما يخبرهم به شيخهم من الكذب
والبهتان على خلاف الواقع، فإنَّ المشايخ لم يجلسوا مع أبي عبد الحق جلسة إلا
ونصحوه بالرجوع عن أخطائه وترك تبديع السلفيين وترك القناة الفضائية وترك زيارة
الأحزاب والخوض في السياسة وترك التصوير وغير ذلك، وأنا قد سمعتُ من لسان أبي عبد
الحق في أحد مجالسه بعد رجوعه من العمرة: أنَّ المشايخ كلما ذهب إلى لقائهم نصحوه
وأعطوه أوراقاً فيها المؤاخذات، وأنه كان يناقش المشايخ في ذلك، وسمعتُ من بعض
الحاضرين في هذه النقاشات أنه كان يرفع صوته في مجلس الشيخ ربيع ولا يتأدب في
مجلسه ولا يحترم نفسه، فهو إذاً رجل عنيد ومغرور ومتعالم يرى نفسه عالماً من أقران
العلماء، ولا يرى نصائح المشايخ وتوجيهاتهم ملزمة له كحال ابن عطايا الفلسطيني
وأشكالهم من المفتونين المغرورين.
وكيف يزعم هذا
الكاتب = الكاذب أنَّ الشيخ ربيعاً لم ينصح أبا عبد الحق؟ إذاً كيف تراجع شيخكم
ثلاث مرات في شبكة سحاب؟ مع كون هذا التراجع في حقيقته تلاعباً وتلبيساً وتكذيباً
للأدلة الموثقة من صريح كلامه وعملاً بقاعدة حمل المجمل على المفصل وقاعدة
الموازنة بين الحسنات والسيئات وذكر الجهود في مقابل الأخطاء!.
الوقفة السادسة/ دعوى هذا الكاتب المجهول أنَّ
تحذير الشيخ ربيع حفظه الله من أبي عبد الحق يدخل في خانة إسقاط حملة العلم ودعاة
التوحيد والسنة
وهذا أيضاً من الطعن الشديد بالشيخ ربيع وسوء أدب كبير
معه.
وقد ثبت بالأدلة الواضحة والواقع الملموس والتجربة
الكبيرة أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله لا يتكلَّم في الأشخاص إلا عن دراسة واسعة
ومعرفة مفصلة بما عندهم من مخالفات وأخطاء موثقة من كلامهم، ثم مناصحة متكررة وصبر
طويل يصل إلى عدة سنين، فإذا لم ير إجابة للنصيحة ولا قبولاً للحق ولا رجوعاً عن
الباطل حذَّر من الشخص أو بدَّعه وذكر أسباب جرحه وتبديعه.
ثم إنَّ أبا عبد الحق ليس هو الوحيد الذي حذَّر منه
الشيخ ربيع حفظه الله ولا هو الأخير، بل حذَّر من أشخاص كثيرين قبل أبي عبد الحق،
وشيخكم أبو عبد الحق كان يحذِّر منهم لتحذير الشيخ ربيع منهم، فما قولكم لو قيل
لشيخكم ولكم: إنَّ تحذير الشيخ ربيع من هؤلاء الأشخاص يدخل في خانة إسقاط حملة
العلم ودعاة التوحيد والسنة؟! أم أنَّ هذه خالصة لأبي عبد الحق من دون الأشخاص
الآخرين الذين حذَّر منهم الشيخ ربيع؟!
الوقفة السابعة/ استغراب الكاتب أنَّه لو حصل هذا
التحذير من الشيخ ربيع لأبي عبد الحق؛ فمن هم البديل؟ ثم ذكر بعض الدعاة السلفيين
في إقليم كردستان، مستنكراً أن يكونوا هم البدلاء.
لقد سقط من هو أكبر من شيخكم أبي عبد الحق بمفاوز وكان
لهم جهود ومكانة في بلدانهم ولم تسقط الدعوة السلفية، والله تعالى يقول: "وَإِن
تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ".
ثم إنَّ هؤلاء الإخوة المذكورين الذين تقللون من شأنهم
اليوم كانوا بالأمس القريب من المشايخ والدعاة السلفيين في إقليم كردستان في
منشورات ورسائل وبيانات شيخكم، وكان يثني عليهم ويوصي الشباب بهم، وكانوا من أقرب
الناس إلى مجالسه، ومنهم من كان يخرج في قناته، فلما عرفوا مخالفات أبي عبد الحق
وناصحوه فلم يستجب لنصائحهم تركوه وبيَّنوا حاله فشنَّ عليهم أبو عبد الحق حرباً
ضروساً في تنفير الشباب عنهم وإسقاطهم، وأصبح يقلِّل من شأنهم ويستصغرهم في
خطابهم، ومنهم من بدَّعه بعينه، فهل مقياس الرفع والخفض عند شيخكم وعندكم هو
موافقة شيخكم أو مخالفته؟!
والحمد لله؛ الإخوة هؤلاء من طلبة العلم ولهم جهود
مشكورة في نصرة المنهج السلفي والرد على أخطاء شيخكم وتعليم الشباب التوحيد والسنة
والعلم الشرعي، وأما شيخكم فهو هيِّن ليِّن مع المخالفين وغليظ شديد مع السلفيين،
فلا خير فيه ولا في دعوته الهزيلة.
وما ذكره الكاتب من جهود أبي عبد الحق في الإقليم
والقناة والمدرسة لا تبرر أخطاءه ومخالفاته المنهجية الكثيرة!، ولو كانت جهوده
حقاً بهذا الحجم المبالغ فيه - وكأنه الأوحد في الإقليم! - فانحرافه هدم ما بناه
من سنين وحاله كما قال تعالى: "وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا
مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا"، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما
الأعمال بالخواتيم".
الوقفة
الثامنة/ زعم هذا الكاذب أنَّ المنتقدين لأخطاء أبي عبد الحق لم يناصحوه وإنما
سوَّدوا أوراقاً بالكذب وأرسلوها للمشايخ لإسقاطه بدافع الحسد وتتبع العورات
والزلات
وهذا من الكذب الذي له قرون!
ولا أعرف أحداً من طلبة العلم السلفيين في العراق ممن
انتقد أخطاء أبي عبد الحق إلا وقد ناصحه مرة أو مرات، ومنهم من كان يدافع عنه وكان
من أقرب الناس إليه، فلما لم يروا منه استجابة أرسلوا أخطاءه أو بينوا أخطاءه
للمشايخ الكبار، والكل يعلم ذلك، ولكنَّ هذا الكاذب مثله كمثل من ينكر واقعاً
محسوساً أو مثل من يريد أن يستر الشمس بغربال.
وهب أنَّ الإخوة لم يناصحوه - والنصيحة قبل الرد ليست
واجبة - ألم يناصحه المشايخ الكبار؟ فإذا كان أبو عبد الحق لا يقبل نصح المشايخ
الكبار فهل يقبل نصح هؤلاء الإخوة الذين يستصغرهم ويقلِّل من شأنهم؟!
الوقفة التاسعة/ قال الكاتب: ((لا أدري من أين
أجاز الشيخ ربيع لنفسه أن يحذِّر ممن وصفهم بأتباع الشيخ عبد اللطيف وهو لا يعرفهم
ولا يعرف ما يعتقدونه ويدرسونه من كتب التوحيد والسنة ولا يعرف جهودهم في خدمة
الدعوة السلفية ونصرتها ونشرها بكل ما أوتوا من قوة خلال ربع قرن من الزمان؟. ومن
حقنا أن نطالب الشيخ ربيع ونوجِّه إليه دعوة على الملأ: أن يأتي هو بنفسه أو يرسل
مجموعة من طلبة العلم الصادقين إلى كردستان العراق من أجل أن يطلع أو يطلعوا على
دعوة شيخ العراق أخينا الشيخ عبد اللطيف ودعوة من وصفهم بأتباع الشيخ عبد اللطيف،
ويقف أيضاً على دعوة هؤلاء المتخاذلين والمخالفين والمفتونين وأضرابهم. وبعد ذلك
يتبين الحق وأهل الحق لكل صاحب قلب منصف ولكل ذي عينين بصيرتين، ويتبين من هو حامل
راية دعوة التوحيد والسنة بحق؟ ومن هم الدخلاء والأدعياء والجبناء والمتطفلين؟!)).
فلينظر القارئ إلى هذه الغر كيف يخاطب حامل راية الجرح
والتعديل في هذا العصر بسوء أدب؟!
هذه هي الأخلاق والآداب التي تعلمها هؤلاء الشباب
الأغمار في مدرسة أبي عبد الحق.
أما من أين أجاز الشيخ ربيع التحذير من الأتباع المصرين
على موافقة المتبوع ونصرته بعد أن بان أمره بالأدلة والبراهين وتكلَّم العلماء
الكبار فيه وحذَّروا منه؟
فهذا الكاتب جاهل بمنهج السلف ولهذا ينكره ويعرض عنه،
قال تعالى: ((بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ)).
ففي طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى: قال عثمان بن إسماعيل
السكري سمعتُ أبا داود السجستاني يقول: قلتُ لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً
من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أترك كلامه؟ قال: ((لا، أو تُعلمه أنَّ الرجل الذي
رأيته معه صاحب بدعة؛ فإن ترك كلامه فكلِّمه، وإلا فألحقه به، قال ابن مسعود رضي الله
عنه:"المرء بخدنه")).
هل عرف الإمام أحمد هذا الرجل الذي ألحقه بالمبتدع؟ وهل
جلس معه؟ لا، ومع هذا قال ما قاله، فمن أين لهذا الكاتب أنَّ إلحاق الأتباع بحكم
المتبوع يُشترط فيه أن يعرف دعوتهم وجهودهم قبل الإلحاق؟
وفي المصدر نفسه أيضاً: قال الخلال أخبرنا المروذي: أنَّ
أبا عبدالله ذكر حارثاً المحاسبي فقال: ((حارث أصل البلية - يعني حوادث كلام جهم -
ما الآفة إلا حارث، عامة مَنْ صحبه انتهك إلا ابن العلاف؛ فإنه مات مستوراً!، حذِّروا
عن حارث أشدَّ التحذير)) قلت: إنَّ قوماً يختلفون إليه؟ قال: ((نتقدم إليهم لعلهم لا
يعرفون بدعته؛ فإنْ قبلوا وإلا هجروا، ليس للحارث توبة، يُشهد عليه ويجحد، إنما التوبة
لمن اعترف)).
إذاً الشرط هو: هل يعرفون بدعته أم لا؟ فإن كانوا يعرفون
بدعته ويخالطونه فيلحقون به، وإن لم يعرفوا بدعته فيُبيَّن لهم الأمر فإن أصروا
على مخالطته هجروا أيضاً.
وقال إسحاق: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول: ((أخزى
الله الكرابيسي لا يُجالس ولا يُكلَّم ولا تكتب كتبه، ولا يُجالس مَنْ يُجالسه))، وقال
أيضاً: ((إياك إياك وحسين الكرابيسي، لا تكلِّمه، ولا تكلِّم مَنْ يكلِّمه)) أعاد ذلك
أربع مرات أو خمس مرات!.
أليس هذا من باب إلحاق الجليس بجليسه وإلحاق التابع
بمتبوعه؟!
وقال ابن الحاج رحمه الله في [حز الغلاصم في إفحام المخاصم
ص110] نقلاً عن غيره: ((إذ يقول في سورة مكية: "وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا
فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم
الظالمين"، وقد بيَّن الله سبحانه عقوبة من فعل ذلك وخالف ما أمره الله إذ يقول
في سورة مدنية: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم أيات الله يكفر بها ويستهزأ
بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إنَّ الله جامع المنافقين
والكافرين في جهنم جميعاً. فبيَّن سبحانه بقوله: "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي
الْكِتَابِ" ما كان أمرهم به من قوله في السورة المكيّة "فَلاَ تَقْعُدْ
بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"، ثم بيَّن في هذه السورة المدنية
أنَّ مجالسة مَنْ هذه صفته لحوقٌ به في اعتقاده، وقد ذهب قوم من أئمة هذا الأمة إلى
هذا المذهب، وحكم بموجب هذه الآيات في مُجالِس أهل البدع على المعاشرة والمخالطة؛ منهم
أحمد بن حنبل والأوزاعي وابن المبارك، فإنهم قالوا في رجل شأنه مجالسة أهل البدع قالوا:
يُنهى عن مجالستهم، فإن انتهى وإلا أُلحق بهم؛ يعنون في الحكم، قيل لهم: فإنه يقول:
إني أجالسهم لأباينهم وأرد عليهم؟ قالوا: ينهى عن مجالستهم فإنْ لم ينته أُلحق بهم)).
وقال الإمام ابن بطة رحمه الله في [الإبانة ص262]: ((ولا
تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقربه في جوارك.
ومن السنة مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه - أي من البدع - وهجرانه والمقت له،
وهجران مَنْ والاه ونصره وذبَّ عنه وصاحبه وإنْ كان الفاعل لذلك يظهر السنة!)).
وقال الإمام البربهاري رحمه الله في [شرح السنة ص121]: (وإذا
رأيتَ الرّجلَ يَجلسُ مع رجلٍ من أهلِ الأهواءِ فَحَذِّرْهُ وعَرِّفْهُ؛ فإن جَلَسَ
معه بعدما عَلِمَ فاتّقِهِ، فإنَّه صاحبُ هوىً).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في بيان ما يُجرح به المرء [المجموع35/
414]: ((وأما إذا كان المقصود التحذير منه واتقاء شره فيكتفى بما دون ذلك؛ كما قال
عبد الله بن مسعود: "اعتبروا الناس بأخدانهم"، وبلغ عمر بن الخطاب رضي الله
عنه أنَّ رجلا يجتمع إليه الأحداث فنهى عن مجالسته، فإذا كان الرجل مخالطاً في السير
لأهل الشر يُحذَّر منه)).
وقال [المجموع 2/ 133]: ((ومن كان محسناً للظن بهم وادَّعى
أنه لم يعرف حالهم: عُرِّفَ حالهم، فإنْ لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار وإلا أُلِحق
بهم وجعل منهم!)).
وقال الشيخ أحمد النجمي رحمه الله في [حواره مع علي الحلبي]:
((وبالجملة: فإنَّ الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح أنَّ من آوى أهل البدع
أو جالسهم أو آكلهم وشاربهم أو سافر معهم مختاراً فإنَّه يلحق بهم؛ لاسيما إذا نُصح
وأصرَّ على ما هو عليه؛ حتى ولو زعم أنَّه إنَّما جالسهم ليناصحهم!)).
وسُئل الشيخ ربيع المدخلي حفظه الله [تسجيل بصوته]: ما حكم
الذي لا يزال يدافع عن أبي الحسن أو يقول هو متوقف؛ مع العلم أنه قرأ ردود العلماء
على هذا الرجل، فهل نهجره ونحذِّر منه؟ جزاكم الله خيراً.
فأجاب الشيخ: ((أمهلوهم، أمهلوهم أياماً أخرى؛ فإن وقفوا
مع الحق ونصروه، ووقفوا ضد الباطل وأهانوه؛ فهم إخوانكم، وإن تمادوا؛ فلا نشكُّ أبداً
ولا نتردد أنهم أصحاب أهواء فحينئذٍ يُهجَرون ولا كرامة، فمن وقف مع أبي الحسن إلى
هذا التاريخ لا شكَّ أنه على باطل وإن جاء بالمراوغات والحِيَل، ولكن يُعذَر مرة أخرى
ويُمهَل لمدة أسبوع أسبوعين فإن تاب وأناب وسار مع علماء السلف وعلماء المنهج السلفي
في نصرة الحق الذي وقفوا إلى جانبه فهو منا وأخونا، ومن أبى إلا إتباع الشيطان فحينئذٍ
يُهجَر)).
فأين هذا الغر الدعي من هذا المنهج الصافي النقي؟!
وأما دعوته للشيخ ربيع أن يحضر بنفسه أو يرسل طلبة علم
صادقين، فهذا يعني لا يوجد في العراق ثقات ينقلون الواقع على حقيقته، وهذا ما
ادَّعاه الفاجر الأثيم محمد علي الجريسي الفلوجي حين زعم أنَّ أهل العراق كذبة
سلفهم وخلفهم!.
وإذا كان هذا الحضور إلى بلد المجروح شرطاً في التحذير
منه ومن متعصبته فهذا يعني يجب على العلماء أن يسافروا إلى بلدان المجروحين أو
يرسلوا إليهم أشخاصاً من خارج بلدهم لمعرفة حالهم ودعوتهم قبل إصدار أحكام التبديع
والهجر والتحذير، وهذا شرط لم يقل به عاقل فضلاً أن يقول به عالم.
ولماذا يحتاج الشيخ ربيع حفظه الله أن يحضر إليكم أو
يرسل إليكم وهو يقرأ رسالتكم المفتوحة هذه وما تتضمن من جهل فاضح بمنهج السلف مع
سوء خلق وقلة أدب في مخاطبة العالم؟!
الوقفة العاشرة: دعوى الكاتب الجهول أنَّ
العالم إذا وقع في أخطاء فلا يخرج بذلك من السلفية ولا يقتضي ذلك التحذير منه
وهذا القول على إطلاقه باطل.
والأخطاء نوعان:
أخطاء اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ فهذه لا توجب التحذير
فضلاً عن التبديع.
وأخطاء منهجية لا يسوغ فيها الخلاف، وهذه توجب التبديع
فضلاً عن التحذير.
وأما المخطئ فله حالتان:
إما أن يكون قد قامت عليه الحجة وبانت له المحجة فأصر
وعاند فهذا يلحق بأهل البدع ولو كان من أئمة زمانه.
أو لم تقم عليه الحجة أو مات ولم نعلم هل قامت أم لا؛
فهذا إن ابتدع بدعة ظاهرة معلومة لا تخفى على مثله فيلحق بالمبتدعة ولا كرامة، وإن
وقع في بدعة خفية فيُحذَّر من بدعته وتحفظ كرامته.
وأبو عبد الحق وقع في بدع ظاهرة وقامت عليه الحجة
بالأدلة والبراهين ونصائح المشايخ الكبار؛ فكيف لا يُحذَّر منه؟!
الوقفة الحادية عشر: قال الكاتب في خاتمة
مقاله الأول: ((كتبتُ هذا الخطاب إلى الشيخ ربيع ونريد منه جواباً وإلا سيكون لنا
موقفٌ آخر وهو رفع شكوى ودعوى إلى سماحة المفتي العام وإلى هيئة كبار وإلى هيئة
القضاء الأعلى بالمدينة النبوية بهذا الخصوص، ونطلب من كلا الخصمين أن يتحاكموا
إلى كبار العلماء والقضاة لفصل النزاع وإنهاء الخلاف على هذه الفتنة التي أحدثها
الصغار وأوقعوا فيها بعض الكبار)).
بئس التربية التي رباكم عليه أبو عبد الحق.
ومن أنت يا غمر حتى تحاكم الشيخ ربيعاً حفظه الله؟!
هل تظنون أنَّ الشيخ ربيعاً في إقليمكم؟!
هل تظنون أنَّ أساليبكم في الإقليم التي كممتم بها أفواه
البعض سيكون لها أثر مع الشيخ ربيع؟!
الشيخ ربيع حفظه الله لم يخش من تهديد من هو أكبر منكم
بالمحاكم والقضاء أفيخشى من أغمار أمثالكم؟!
ولينظر القارئ
إلى وحدة الطريق والسعي إلى المحاكم بين أبي عبد الحق ومتعصبته وبين الآخرين
كالحلبي والرحيلي وابن عطايا.
خابوا وخسروا.
الوقفة الثانية عشر/ قول الكاتب في مقاله
الثاني: ((حامل راية الدعوة السلفية بحق في کردستان العراق العالم الفاضل الصادع بالحق
والجاهر بدعوة التوحيد والسنة دون خوف من لومة لائم د. عبد اللطيف الكردي حفظه الله)).
أي دعوة يتكلَّم عنها هذا الكاتب/ الكاذب؟!
هل زيارة الأحزاب في مقراتهم والشخصيات السياسية الحزبية
والمشاركة مع أهل الانقلابات والثوراث في المحافل والأمور العامة والتعاون مع أهل
البدع والكلام في الحكام على المنابر وموافقة أهل التمييع في غالب أصولهم... إلى
غير ذلك من المخالفات المنهجية، هل هذا من الدعوة السلفية؟!
وأي صدع بالحق؟ وشيخكم يقرر في رسالته "الفرق بين السلفي
والحدادي" قاعدة: ((في كثير من الأحيان قول الحق يفضي الى نتائج سيئة))، وكم
داهن في اللقاءات الفضائية والمؤتمرات العامة؟!
وأي مجاهرة بدعوة التوحيد والسنة؟ وأصحابه في المعهد
المختلط - كأحمد الشافعي - أشاعرة أو متصوفة أو إخوان مسلمون، ولا يبالون بالتوحيد
ولا بالسنة!، بل يعدُّ المتصوفة إخوانه والخلاف الذي بينهم وبين السلفيين بسبب سوء
فهم أو سوء الظن من الطرفين!، ولا يصرِّح في القناة الفضائية أنَّ الاستغاثة
بالنبي صلى الله عليه وسلم من الشرك بل يعدها من الخطأ فقط!.
فأي صدع بالحق؟ وأي مجاهرة بالتوحيد والسنة؟
الوقفة الثالثة عشر/ وقول الكاتب: ((والعجب أنَّ
الجميع من الحدادية ومن يشابههم من قريب أو بعيد ـــــ وهم شرذمة من عرب الرضوانية
مع رائد الفتنة وشرذمة من عجم الأكراد ــــ قد اجتمعوا على رميهم هذا الشيخ المبارك
من قوسٍ واحدة وتكالبوا عليه جميعاً مع بعض الحسدة والمغرضين هنالك)).
فلينظر القارئ إلى هذا الغر الجهول كيف يحتقر طلبة العلم
السلفيين ويصفهم بأوصاف السوء لأنهم ردوا على شيخه وكشفوا أمره.
كانوا قبل أشهر يزعمون أنَّ رائداً هو الوحيد الذي يخالف
أبا عبد الحق، وأنه يسعى إلى إسقاط طلبة العلم السلفيين في العراق كما زعم الدعي
المتهالك رياض أبو مها، وأما اليوم وبعد أن انكشف كذبهم وانفضح أمرهم يصرحون أنَّ
مع رائد عرب وأكراد اجتمعوا على الرد على أبي عبد الحق، فالحمد لله الذي كسر
شوكتهم وفضح سترهم وكشف كذبهم للناس عامة.
وأما موضوع الحسد، فهي كذبة صدَّقها هؤلاء الأغمار لأنَّ
شيخهم يكررها في أكثر رسائله ودروسه ومقالاته، ولا أدري على أي شيء يُحسد؟!
هل نحسده لأنه وقع في مخالفات منهجية كثيرة لا يقع فيها
عوام السلفية؟!
أم نحسده على كثرة المداهنات في البرامج واللقاءات
والمؤتمرات؟
أم نحسده على كثرة التراجعات والتلاعبات؟
أم نحسده لضحالة علمه وسوء تعامله مع السلفيين؟
أم نحسده على فضيحة المعهد التي أدت إلى فصله؟!
أم نحسده على سوء التربية والأخلاق التي ربى عليها
طلابه؟
أم نحسده لأنَّ المشايخ الكبار جرحوه وحذَّروا منه؟
اللهمَّ لا شماتة، لكنَّ سمعة أبي عبد الحق أصبحت في
إقليمكم أضحوكة وألعوبة وسخرية يلهو بها الشباب في برامج التواصل والإعلام
ويتطاولون بها على الدعوة السلفية بسبب تصرفاته السيئة.
فمثله والله لا يُحسد بل يحمد الله على السلامة والعافية
مما ابتلاه به.
الرابعة عشر/ قول الكاتب: ((هؤلاء المساكين من
جراء اشتغالهم بالقيل والقال والبهت وظن السوء وتتبع العورات وتصيد الزلات نسوا هذه
النصوص من القرآن والسنة وأمثالها وانشغلوا عنها وعن الدعوة إلى الله على منهج الأنبياء
وورثتهم من العلماء الربانيين كأمثال الشيخ ابن باز والألباني وابن العثمين والفوزان
واللحيدان والعباد، فصار ديندنهم وهجيراهم الكلام في الدعاة السلفیین وأكل لحوم الناس
وهتك أعراضهم باسم الجرح والتعديل والرد على المخالف والعناية بالمنهج زعموا ـــ بل
في الفتنة سقطوا ـــ ))
كأنَّ إبراهيم الرحيلي يتكلَّم!
وقال عبد الله الأهدل: ((ليس عند السلفيين في منهجهم تعديل!
, بل في منهجهم الجرح فقط))!، فردَّ عليه الشيخ مقبل رحمه الله في كتابه [فضائح ونصائح
/ص144 - 147/ دار الحرمين بالقاهرة] رداً مفصلاً بدأه بقوله: ((مسألة الجرح قصمت ظهورهم,
وكل واحد حتى وإنْ لم نجرحه فهو متوقع أن نجرحه اليوم أو غداً أو بعد غد!...)).
الخامس عشر/ قول الكاتب: ((ورغم كل تلك الهجمات
الشرسة والرسائل العوجاء والعرجاء المعروضة على صفحاتهم في النت وإرسال المسودات الجوفاء
إلى المشايخ مع الصياح والصراخ والتباكي على المنهج؛ رغم كل هذه وتلك لم يفلحوا ولم
ينجحوا في محاولاتهم الفاشلة بل كانت عاقبة أمرهم خسرا، ولا يزال الشيخ عبد اللطيف
ماضٍ في دعوته سائرٌ على الطريق الحق حاملٌ لراية الدعوة غيرُ مبالٍ بهؤلاء المتخاذلين
والمخالفين)).
لو كنتَ صادقاً بهذه الدعوى الجوفاء لأظهرت اسمك؟!
فأبو عبد الحق انكشف أمره وانسحب منه السلفيون لما رأوا
إصراره على الباطل وإكثاره من الكذب على مخالفيه، ولم يبق معه إلا بعض الأغمار
المجاهيل ممن إذا حضر لا يُذكر وإذا غاب لا يفتقد، فهؤلاء متعصبة وهم غثاء لا خير
فيهم ولا رجاء.
والله الموفِّق
كتبه/ أبو معاذ رائد آل طاهر
3 شعبان 1438 ه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.