السبت، 1 أبريل 2017

المؤاخذة الأولى على أبي عبد الحق/ إقراره بالقول بحرية الرأي


قال أبو عبد الحق في لقاء على شاشة قناة (NRT) الفضائية برنامج "بصراحة" بتاريخ 14/ ربيع الآخر/ 1436هـ:
قال مقدِّم البرنامج: هل قطع رأس المرتد شرعي عندكم؟
فأجاب أبو عبد الحق: أي شيء أجازه الإسلام هو جائز عندي مئة مرة، أنا لا أريد أن أخالف الإسلام بقدر أنملة بعون الله تعالى.
المقدِّم: يا أستاذ أنا أفهم من كلامك هذا أنكم لستم مع حرية الرأي؟
أبو عبد الحق: ((نعم نحن مع حرية الرأي ولا نشكُّ في ذلك.
لكن هذا لا يعني أنَّ من يطرح رأيه  يكون بذلك حلال الدم، إلا أن يفعل شيئاً مخالفاً لكل التقاليد أو يفعل شيئاً من نواقض الإسلام.
أما الذي يطرح رأيه سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو على أيِّ مذهب كان أو اللادينية هو حرٌّ في طرح رأيه "لا إكراه في الدين"، أنا لا أريد أن يسلم الناس بالإكراه، لا يسلم الناس إكراهاً، هذه قاعدة عند المسلمين، نعم)).

أقول:
هذه الكلمة من أبطل ما يكون، وفيها حرية التدين والاعتقاد والعبادة، وفيها حرية طرح الأفكار والآراء المخالفة لدين الإسلام في بلاد المسلمين بلا محاسبة ولا عقوبة، ومن قال هذه الكلمة معتقداً معناها فهو كافر إن قامت عليه الحجة وبانت له المحجة فأصرَّ وعاند.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في المجموع (28/524): ((وَمَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ وَبِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ مَنْ سَوَّغَ اتِّبَاعَ غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ اتِّبَاعَ شَرِيعَةٍ غَيْرِ شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَافِرٌ؛ وَهُوَ كَكُفْرِ مَنْ آمَنَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَكَفَرَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ)).
وقال (3/422): ((وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثٌ إلَى جَمِيعِ الثَّقَلَيْنِ إنْسِهِمْ وَجِنِّهِمْ، فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَسُوغُ لِأَحَدِ الْخُرُوجُ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَطَاعَتِهِ: فَهُوَ كَافِرٌ يَجِبُ قَتْلُهُ)).
وقال في بيان معتقد الفلاسفة والصابئة وأمثالهم (12/337): ((لَكِنَّهُمْ مَعَ هَذَا يَكْفُرُونَ بِبَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ؛ مِثْلَ: أَنْ يُسَوِّغُوا اتِّبَاعَ غَيْرِ دِينِهِ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ والنصرانية، وَقَدْ يُسَوِّغُونَ الشِّرْكَ أَيْضًا لِلْعَامَّةِ أَوْ لِلْخَاصَّةِ؛ مِثْلَ: أَنْ يُسَوِّغُوا دَعْوَةَ الْكَوَاكِبِ وَعِبَادَتَهَا وَالسُّجُودَ لَهَا)).

وصدور هذه الكلمة من أبي عبد الحق تدلُّ على مدى التنازلات عن الثوابت وتضييع الأصول التي يقدِّمها في البرامج واللقاءات والمناظرات التي يخرج بها في القنوات الفضائية والتي يزعم فيها أنه يدافع عن المنهج السلفي!.
ولا غرابة في ذلك، فإنَّ من يخرج في هذه اللقاءات والمناظرات ويشاهده آلاف البشر لا يمكنه إلا أن يجامل ويداهن في دينه ويميِّع في كلامه وتقريره من أجل إرضاء الجمهور، وهذا أمرٌ واقع في حال الكثير ممن يخرج في القنوات وما له من دافع.
وقد جلستُ مع شيخنا الشيخ محمد بن هادي حفظه الله مع جماعة من إخواني فذكر لنا أنه نصح أبا عبد الحق أن يرجع عن هذه الكلمة بوضوح وأنَّ القول بهذا ردَّة.

فكتب أبو عبد الحق مقالاً في شبكة سحاب تراجع فيه عن هذه الكلمة بعنوان [إيضاح وبيان حول مسألة حرية الرأي] قال فيه: ((فإني أتوب إلى الله عز وجل وأستغفره من كلمة صدرت مني حول مسألة "حرية الرأي" وهذه الكلمة هي قولي: "أما الذي يطرح رأيه سواءٌ كان يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا أو على أي مذهب كان أو اللادينية هو حرٌ في طرح رأيه، لا إكراه في الدين، أنا لا أريد أن يسلم الناس بالإكراه، لا يدخل الناس في الإسلام أكراهاً".
ومعتقدي في مسألة "حرية الرأي" والذي أدين الله به: هو قول أئمتنا ومشايخنا:
ومنهم الشيخ الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله فقد سئل هذا السؤال: هل يجوز أن يكون هناك ما يسمَّى بـ "حرية الرأي"، أي: يُفتح المجال لأهل الخير وأهل الشر، كلٌّ يدلي بدلوه في المجتمع؟!
فأجاب رحمه الله: "هذا باطل، لا أصل له في الإسلام، بل يجب أن يُمنع الباطل، ويُسمح للحق، ولا يجوز أن يُسمح لأحد يدعو إلي الشيوعية أو الوثنية أو يدعو إلى الزنا أو القمار أو غير ذلك، سواء بالأسلوب المباشر أم غير المباشر، بل يُمنع  ويؤدَّب، بل إنَّ هذه هي الإباحية المحرمة" [فتاوى إسلامية ( 4 / 367 ، 368 )].
وقول الشيخ الإمام إبن عثيمين رحمه الله إذ يقول معلِّقاً على مسألة "حرية الفكر" أو "حرية الإعتقاد" فقال: "تعليقنا على ذلك أنَّ الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد، يعتقد ما شاء من الأديان: فإنه كافر؛ لأنَّ كل من اعتقد أنَّ أحداً يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد صلى الله عليه وسلم: فإنه كافر بالله عز وجل يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله، والأديان ليست أفكاراً، ولكنها وحي من الله عز وجل ينزله على رسله، ليسير عباده عليه.
وهذه الكلمة - أعني كلمة فكر - التي يقصد بها الدين: يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية، لأنها تؤدِّي إلى هذا المعنى الفاسد؛ وهو أن يقال عن الإسلام : فكر، والنصرانية فكر، واليهودية فكر - وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية - فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس، والواقع أنَّ الأديان السماوية أديان سماوية من عند الله عز وجل، يعتقدها الإنسان على أنها وحي من الله، تَعَبَّد بها عبادَه، ولا يجوز أن يطلق عليها (فكر).
وخلاصة الجواب: أنَّ من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء، وأنه حر فيما يتدين به، فإنه كافر بالله عز وجل؛ لأنَّ الله تعالى يقول: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ"، ويقول: "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ"، فلا يجوز لأحد أن يعتقد أنَّ ديناً سوى الإسلام جائز، يجوز للإنسان أن يتعبد به، بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة" [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين (3/99 ، 100)].
وقد كتب شيخنا العلامة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله مقالاً بعنوان "حرية الرأي" وهو منشور ومشهور ولا مزيد عليه ومما قال فيه: "فقد كثر الكلام عن "حوار الأديان" وعن "حرية التعبير" و "حرية التدين" في الصحف والمواقع الفضائية وفى المجالس الخاصة والعامة، وإذا بحث المسلم عن منشأ هذه الآراء؛ فلا يجده إلا من أعداء الإسلام من اليهود والنصارى والعلمانيين المتحللين من القيم والعقائد السماوية والأخلاق الرفيعة، ولا يجد له على الأوجه التي يريدونها أي سند من القرآن والسنة؛ إلا ما يُلَبِّسُ به بعض هواة هذه الحريات الذين لا يفرقون بين ما شرعه الله وما منعه من الأقوال والأعمال، ولا بين الحق والباطل ولا بين الهدى والضلال".
وقال كذلك:
"إنَّ الحرية الصحيحة إنما هي في الإسلام دين الله الحق الذي جاء لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهل والكفر والشرك والرذائل الأخلاقية إلى نور الإسلام الذي حوى التوحيد: إفراد الله الخالق الرازق المحيي المميت الذي له صفات الكمال ونعوت الجلال، إفراده وحده بالعبادة والتوجه إليه بالمطالب كلها، واللجوء إليه وحده عند الشدائد والكروب، والكفر بالطواغيت التي اتخذها ضُلال الناس آلهة وأندادًا لله، يعبدونها ويخضعون ويخشعون لها من البشر ومن الأحجار والأشجار والحيوانات، وغيرها من المخلوقات سواء الأحياء منهم والأموات، فهذه هي الحرية الصحيحة، وهذا هو التحرير الصحيح؛ أن يتحرر الإنسان الذي كرمه الله من العبودية لكل ما سوى الله".
وقال أيضاً:
"فعلى المخدوعين بقضايا الحوار وحرية الرأي وحرية التدين أن يدركوا أنَّ الغرب الاستعماري إنما يريد فرض منهجه الفكري، ويرفض الحوار إلا مع نفسه أو السائرين على نهجه".
ويقول أيضاً:
"يجب على المسلمين أن يعتزُّوا بدينهم العظيم الذي شرع لهم ضبط الأقوال والأفعال في جميع شؤونهم الدينية والدنيوية؛ ليُجَنِّبَهُمْ المخازي والرذائل والمهالك والظلم والبغي والعدوان، قال تعالى: "إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ"، أي : في الأقوال والأفعال، فهل يوجد مثل هذا التشريع في حضارة الغرب وديمقراطيتها !؟ لا والله … لا يوجد فيها العدل والإحسان والنزاهة، وإنما الظلم والطغيان، ولا يوجد فيها النهي عن الفحشاء والمنكر؛ بل تشرع لهم ذلك، وتحميه باسم حق الحريات".
هذا ما أعتقده في هذه المسألة والله الهادي الى سواء السبيل، "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"."
 انتهى تراجع أبي عبد الحق في شبكة سحاب.

ومثل هذا التراجع لا يكفي لسببين:
الأول: أنَّ هذا التراجع كُتِبَ باللغة العربية فقط، والواجب أن يكتبه أيضاً باللغة الكردية ليعرف هذا الخطأ الكرد الذين سمعوا هذا الكلام الباطل الموصوف بالكفر كما تقدَّم.
الثاني: كتبه أبو عبد الحق في شبكة سحاب!، وكثيرٌ من الكرد لا يتابعون هذه الشبكة فلا يعرفون تراجعه هذا، كما أنَّ كلمته في "حرية الرأي" كانت في لقاء في قناة فضائية، فكان من تمام البيان أن يخرج في قناته الفضائية فيبيِّن تراجعه عنها.

وأما جواب أبي عبد الحق في برنامج [الجواب الكافي] الذي يقدِّمه سعدون حمادي، وقد سأله عن حرية الرأي؟ فكان من جوابه: ((فالناس أحرار واقعاً لكن ليسوا أحراراً شرعاً، يعني في الواقع لا يأتي أحد ويرفع السيف على الناس: لا تقول كذا ولا تفعل كذا، هو يقول ويفعل، لكن محاسب على كل ما يقوله ويفعله، إن قال خيراً أثيب عليه وإن فعل خيراً أثيب عليه، وإن قال شراً واعتنق فكرة خاطئة لا شكَّ أنه يحاسب عليها)).
وهذا الكلام نوع من السفسطة تنتهي إلى القول بحرية الرأي من جديد!، وهذا يدلُّ على أنَّ تراجعه في شبكة سحاب لم يكن إلا مجرد كلمات في مقال!.
الناس ليسوا أحراراً في الواقع، بل يجب عليهم امتثال ما أمر الله واجتناب ما نهى الله، وقد يعاقب تارك الواجب وفاعل المحرم بعقوبة شرعية ويقام عليه حد شرعي: إما بالقتل بالسيف، أو بالرجم، أو بالصلب، أو يعاقب بالجلد، أو بالنفي من بلده، أو بقطع اليد، أو بضربة سوط تعزيراً، أو غير ذلك، بحسب التفاصيل المذكورة في كتب الفقه.
فكيف يزعم أبو عبد الحق أنه في الواقع لا يأتي أحد ويرفع السيف على الناس ويقول: لا تقول كذا ولا تفعل كذا؟!
والذي يُفهم من كلامه: أنَّ العبد حرٌ في قوله وفعله في الدنيا، فلا يحاسب ولا يعاقب!، وإنما يحاسب في الآخرة على قوله وفعله ثواباً أو عقوبة.
كما أنَّ الذي يظهر لي أنه خلط بين هذه المسألة ومسألة "أنَّ الإنسان مخير في أقواله وأفعاله" المتعلِّقة في القضاء والقدر!.
وخلاصة الأمر أنَّ كلامه هذا يدل على أنَّ تراجعه الأول لم يكن عن قناعة واعتقاد أو على أدنى حد لم يكن عن فهم لهذه المسألة.

ثم في أجوبته الجديدة المنشورة في الفيس بوك:
زعم أبو عبد الحق أنه في جوابه أعلاه [في قناة NRT] بَيَّنَ حالتين:
الأولى/ من كان داخلاً في الإسلام ثم ارتدَّ بناقض من نواقض الإسلام فهذا يكفر ويقتل.
الثانية/من لم يدخل في الإسلام "سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو على أيِّ مذهب كان أو اللادينية" هو حرٌّ في بقائه على دينه ولا يُكره في الدخول في الإسلام.
أقول:
لو كان أبو عبد الحق صادقاً مع نفسه ومع قرائه لكتب نصَّ عبارته في الحالة الثانية، ولكنه تحرَّز منها عن قصد مرتين!، الأولى: بالحذف والثاني: بتبديل العبارة!، وكلامه هو: ((أما الذي يطرح رأيه سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو على أيِّ مذهب كان أو اللادينية هو حرٌّ في طرح رأيه))، فالكلام عن طرح رأيه لا عن دخوله في الإسلام، وبينهما فرقٌ واضحٌ، فهؤلاء نعم لا يكرهون على الدخول في الإسلام وإنما يُعرض عليهم الإسلام أو الجزية أو القتال، فإن اختاروا الجزية فلا يظهرون شعائرهم الخاصة بهم وإنما يعيشون في ذل وصغار في بلاد المسلمين، ويُمنعون من طرح آرائهم، والأخير هو موضع الإنكار على أبي عبد الحق، فلينظر القارئ إلى هذا التلاعب بالألفاظ.
وزعم أبو عبد الحق في جوابه هذا: أنَّ خطأه في مسألة حرية الرأي من باب "الخطأ اللفظي"!، وأنه وضَّح الأمر وتراجع عنه ببيان واضح في شبكة سحاب وفي قناته الفضائية [الجواب الكافي]!، ولكنَّ الناقدين كعادة الحدادية مصرون على إلصاق تهمة القول بحرية الرأي به!!.
 أما كونه من الخطأ اللفظي، فالمقدِّم سأله: يا أستاذ أنا أفهم من كلامك هذا أنكم لستم مع حرية الرأي؟ فأجابه أبو عبد الحق: ((نعم نحن مع حرية الرأي ولا نشكُّ في ذلك))، فهل يُقال في هذا الجواب الصريح خطأ لفظي؟!
وهل كلام العلماء أعلاه الذي نقله أبو عبد الحق في تراجعه في شبكة سحاب وما فيه من شدة وغلظة على قائل هذه الكلمة يتنزَّل على خطأ لفظي؟!
وقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ((من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء وأنه حر فيما يتدين به: فإنه كافر بالله عز وجل))؛ هل قاله في خطأ لفظي؟!
إن قال أبو عبد الحق: نعم، أضحكَ الناسَ عليه!.
وإن قال: لا، فلماذا نقله في تراجعه؟!
ولو كان أبو عبد الحق صادقاً في دعوى (الخطأ اللفظي) ما كتب بياناً في أول الأمر بعنوان [حرية الرأي المطلقة هي "الإباحية المحرمة"] أرسله إلى الأخ عبد الله مهاوش - قبل بيانه المنشور في شبكة سحاب - قال فيه: ((وبعد هذا البيان قد يقول قائل: ولكن يُنقَل عنك أنك قلتَ في لقاء تلفزيوني أننا مع حرية الرأي، فأقول: أما الكلام المذكور في اللقاء فكان جواباً على سؤالين:
الأول: هل قطع رأس المرتد شرعي عندكم؟
فصرَّحتُ في الجواب بحكم الشرع في المرتد، وهو قتله بقطع رأسه، ثم انفعلتُ فقلتُ: هو جائز عندي مئة مرة، أنا لا أريد أن أخالف الاسلام بقيد أنملة بعون الله تعالى.
ففهم المذيع من شدَّتي في حكم المرتد أنني أعمم هذا الحكم على جميع الكفار، وأنني لا أرى لهم حرية في البقاء على دينهم، وأنَّ كل من أبدى رأياً مخالفاً حُلَّ دمه عند السلفيين!، فسألني السؤال الثاني فقال: أفهم من كلامك أنكم لستم مع حرية الرأي؟!.
فأجبتُه حينئذ بأمرين:
الأول: بينتُ أنَّ استحلال دم المرتد لا يعني أنَّ من يطرح رأيه يكون بذلك حلال الدم، إلا أن يفعل شيئاً مخالفاً لكل التقاليد، أو يفعل شيئاً من نواقض الاسلام.
الأمر الآخر: قلتُ إننا مع حرية الرأي قصدتُ بها حرية التدين؛ وهذا كلامي نصاً: "أما الذي يطرح رأيه سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو على أيِّ مذهب كان أو اللادينية هو حر في طرح رأيه "لا إكراه في الدين"، أنا لا أريد أن يُسلِم الناسُ بالإكراه، لا يُدْخَل الناس في الاسلام إكراهاً، هذه قاعدة عند المسلمين"، أي القاعدة المبنية على قوله تعالى: [لا إكراه في الدين]. نعم كانت العبارة فيها شيء من الغموض، وكان الواجب التوضيح أكثر، ولكن السياق أوضحَ مقصدي، والعوام فهموا مرادي، ولكن المتربصين الذين ينظرون بعين السخط جعلوها قضية عليَّ لمآربهم الشخصية لا الدينية)).
فقوله: ((قلتُ إننا مع حرية الرأي قصدتُ بها حرية التدين))، يدلُّ دلالة واضحة أنه قصد هذه الكلمة "حرية الرأي = حرية التدين"، ولم تكن من باب سبق اللسان ولا الخطأ اللفظي، فهذه تفسيره بنفسه لمراده!، ويؤكِّد ذلك أيضاً استدلاله بقوله تعالى: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ".
وتجويزه مبدأ حرية التدين؛ قال عنه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما تقدَّم: ((وخلاصة الجواب: أنَّ من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء، وأنه حر فيما يتدين به: فإنه كافر بالله عز وجل)).  
ولما عرضَ علينا الأخ عبد الله مهاوش هذا البيان والتراجع بـ "صيغته الأولى" أنكرناه بشدة عليه، بل ثبت عندي بالروابط أنه سرق الكثير من ألفاظ مقدمته من بعض مقالات العلمانيين والمنحرفين المنشورة في الشبكة!، ولهذا طلبنا من الأخ عبد الله مهاوش أن يطالب أبا عبد الحق بتراجع واضح صحيح، وذكرنا له جملة من كلام العلماء السابق في إنكار مبدأ حرية الرأي وحرية التدين، فكتب أبو عبد الحق بياناً آخر بعنوان [إيضاح وبيان حول مسألة حرية الرأي]، ونشره في شبكة سحاب.

فهل هذا يدل على أنه خطأ لفظي؟! أم أنه يدل على جهله وتلاعبه في تراجعاته في هذه المسألة العظيمة؟

ودعوى الخطأ اللفظي هذه تذكرنا بدعوى علي الحلبي لما سُئل في مكالمة هاتفية: هل أنَّ القول بأنَّ الصحابة غثائية تعتبر سباً لهم أم لا؟ فأجاب بقوله: ((لا ما تعتبر سبَّاً، هذه خطأٌ لفظي، وأما السب فهو الشتم والتحقير!!)).
وأما دعوى أبي عبد الحق أنه وضَّح الأمر ببيان واضح في سحاب وفي قناته؛ فأما في سحاب فكتب مقالاً بعنوان [إيضاح وبيان حول مسألة حرية الرأي]؛ فهل هو إيضاح وبيان أم تراجع عن خطأ قاله؟!، وأما في قناته فقد تقدَّم قوله: ((فالناس أحرار واقعاً لكن ليسوا أحراراً شرعاً))، فهل هذا تراجع أم لف ودوران؟!.
وأما دعواه في جوابه: أنه لما أجاب في قناة [NRT] عن حرية الرأي خانته العبارة ولم يكن بيانه واضحاً، وأنَّ حاله كما قال أهل العلم: "قصد صحيحاً ولكن لم ينطق فصيحاً"!!.
وهل خانتك العبارة في [الجواب الكافي] أيضاً؟!
وهل خانتك العبارة في [جوابك الجديد] أيضاً؟!
أم هو التلاعب والتمويه؟!
وهل عبارة: ((نحن مع حرية الرأي ولا نشكُّ في ذلك))، وعبارة: ((أما الذي يطرح رأيه سواء كان يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً أو على أيِّ مذهب كان أو اللادينية هو حرٌّ في طرح رأيه))، تعدُّ من باب "والحق قد يعتريه سوء تعبير"؟!
كفاك تلبيساً يا أبا عبد الحق.
وماذا لو قال أبو الحسن المأربي وعلي الحلبي وأمثالهم فيما ذكروه من طوام في حق الصحابة وفي مسألة حرية الأديان والموقف من المناهج والدعاة المخالفين لمنهج السلف الصالح وغير ذلك، أنها من باب سوء تعبير؟!
أم هذه خالصة لأبي عبد الحق دون غيره؟!
 أما دعواه أن لا أحد فهم من كلامه أنه يقر بحرية الرأي غير المتربصين به، فكأنَّ علياً الحلبي يدفع عن نفسه ثناءه عن رسالة عمَّان في "حرية الأديان"!، فما أشبه اليوم بالبارحة؟!
وعبارة أبي عبد الحق صريحة واضحة أنكرها عليه الشيخ محمد بن هادي حفظه الله في جمع من الإخوة في بيته، وقال: هذا القول ردة، ونصحتُ أبا عبد الحق أن يرجع عن هذا القول فوراً، فهل الشيخ محمد من المتربصين بك؟!
نعم لم يفهم طلابك - الغالون فيك المتعصبون لك المجادلون عنك - من هذه الكلمة أنك تقرُّ بحرية الرأي لأنهم على طريقتك تماماً، وهؤلاء لا قيمة لهم، فكلامك واضح فصيح لا يجادل فيه إلا مكابر أو جاهل.

كتبه/ أبو معاذ رائد آل طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.