الجمعة، 17 مارس 2017

كشف الكذبات والجهالات فيما كتبه ابن عطايا عني من خربشات متداخلات


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:
مسألة (تجريح المجروح):
قال ابن عطايا: ((ذكر قاعدة بدعية وهي «المجروح لا يعتبر جرحه»، وهذه تشبه قواعد عرعور والمأربي ومن على شاكلتهما مثل قاعدة «نصحح ولا نجرح أو لا نهدم»، وقاعدة «إذا حاكمت حوكمت»، وهي قواعد فاسدة، ومثلها قاعدة رائد آل طاهر الجديدة.
ولو رجع لأقرب مرجع ذكر القاعدة لتبين له أنه مبطل، مثل كتاب الشيخ عبدالعزيز العبداللطيف رحمه الله حيث ذكر القاعدة بهذا اللفظ: «لا يُلتفت إلى الجرح الصادر من المجروح إلا إذا كان الجارح إماماً له عناية بهذا الشأن وقد خلا الراوي المجروح عن التوثيق ولم تظهر قرينة تدل على تحامل الجارح في جرحه».
فانظروا إلى كلام العلماء، ثم انظروا إلى ابتداع السفهاء مثل رائد آل طاهر هداه الله)).
أقول:
1- هذه القاعدة ذكرها من أشرتَ إليه نفسه [الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف] رحمه الله في رسالته المشهورة [ضوابط الجرح والتعديل]، وقد قال في مقدمته للرسالة: ((فألفيتُ الحاجة ماسة إلى تأليف كتاب منهجي يحوي أهم قواعد الجرح والتعديل، ويَلُمُّ شتاتها من الكتب المُصَنَّفة في "مصطلح الحديث" و "الجرح والتعديل" و "علل الحديث"، بأسلوب يلائم مستوى الطالب الجامعي ويلفتُ نظره إلى ضوابطهما المتعددة)).
ثم ذكر في فصل [تعارض الجرح والتعديل] في [ضوابط تعارض الجرح والتعديل/ الضابط السادس]: ((لا يُلتفت إلى الجرح الصادر من المجروح إلَّا إذا:
- كان الجارح إماماً له عناية بهذا الشأن.
- وقد خلا الراوي المجروح عن التوثيق.
- ولم تظهر قرينة تدل على تحامل الجارح في جرحه.
أ- فمن المردود لمعارضته بتوثيق:
قول أبي الفتح الأزدي في أحمد بن شبيب الحَبطي: "منكر الحديث غير مرضي"، قال الحافظ ابن حجر: "لم يلتفت أحد إلى هذا القول بل الأزدي غير مرضي".
وقال في موضع آخر: "لا عبرة بقول الأزدي لأنه هو ضعيف. فكيف يُعتمد في تضعيف الثقات؟".
قول عبد الرحمن بن يوسف بن خِراش في عمرو بن سليم الزرقي: "ثقة في حديثه اختلاط"، قال ابن حجر: "ابن خِراش مذكور بالرفض والبدعة فلا يلتفت إليه".
ب- ومن أمثلة اعتماد الحافظ ابن حجر للجرح الصادر من الأزدي لعدم توثيق الراوي مايلي:
قول الأزدي في إبراهيم بن مهدي بن عبد الرحمن الأُبُلّي: "يضع الحديث، مشهور بذاك، لا ينبغي أن يُخرج عنه حديث ولا ذِكْر"، قال ابن حجر: "كذَّبوه".
قوله في إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة: "مجهول، ضعَّفه الأزدي")).
فقول الشيخ عبد العزيز رحمه الله: " لا يُلتفت إلى الجرح الصادر من المجروح"، هذه هي القاعدة العامة كما لا يخفى على القارئ البصير، فهو لم يقل رحمه الله: إنَّ الجرح الصادر من المجروح يعتمد أو يعتبر أو يلتفت إليه، وكذلك لم يقل: ليس في الجرح الصادر من المجروح قاعدة كلية؛ فقد يعتمد في حالات وقد لا يعتمد في أخرى؛ وهذا مذهب ابن عطايا لأنه لا يقبل التأصيل والتقعيد في هذه المسألة!، ولهذا لما سألتُه في المراسلة عبر الواتس آب: ((ثم إني أسألك الآن: ما هو قولك في "المجروح" هل يُعتمد جرحه؟))، فأجب ابن عطايا بقوله: ((وأما سؤالك فجوابه واضح ومعلوم، وهو أنَّ المجروح الذي يعتمد قوله في الجرح أو لا يعتمد: ليس في الباب قاعدة كلية، وإنما يقبل بشروط إذا توفرت قُبِلَ جرحه، وإذا لم تتوفر لم يُقبل جرحه، وكذلك لجرحه أحوال تتعلَّق بالمجرَّح من قبل هذا المجروح: هل هو مجهول أو معروف؟ فلم أقف للسلف في ذلك على قاعدة كلية لأقولها، فلا يُقال بقبول جرح المجروح مطلقاً، ولا ينفى مطلقاً، وإنما فيه التفصيل)).
كيف لا توجد قاعدة في هذا الباب؟!
ألم يقرأ ابن عطايا قول الحافظ ابن حجر رحمه الله في رسالته "نزهة النظر": ((وكذا يَنْبَغي أَنْ لا يُقْبَلَ الجَرْحُ والتَّعْديلُ إِلاَّ مِن عدلٍ مُتَيَقِّظٍ))؟!
أليست هذه قاعدة؟
أليس أهل الشأن اشترطوا أن يكون المتكلِّمُ في الجرح والتعديل عدلاً؟!
أم أنَّ المجروح عدل عند ابن عطايا؟!
وأين مذهب ابن عطايا الواسع من تأصيل الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف رحمه الله المنضبط؟!
 الشيخ رحمه الله قال: "لا يلتفت إلى الجرح الصادر من المجروح"، وهذا هو الأصل وهذه هي القاعدة في الباب.
 وأما قوله رحمه الله: "إلَّا إذا كان الجارح إماماً له عناية بهذا الشأن، وقد خلا الراوي المجروح عن التوثيق، ولم تظهر قرينة تدل على تحامل الجارح في جرحه".
فهذا استثناء من القاعدة، والاستثناء لا ينقض القاعدة ولا يمنع عمومها إلا على طريقة المليبارية، بل الاستثناء يقوِّي العموم ويدلُّ عليه كما قال أهل الأصول: "الاستثناء معيار العموم".
ثم هل يلزم من رد قواعد عدنان عرعور والمأربي أن نردَّ قواعد ذكرها أهل السنة في كتبهم؟!
أم هو مجرد التشغيب والتهويل الذي يحاول ابن عطايا صرف الأنظار به عن أصل الموضوع؟!

2- أما قول ابن عطايا: "ولو رجع لأقرب مرجع ذكر القاعدة لتبين له أنه مبطل، مثل كتاب الشيخ عبدالعزيز العبداللطيف رحمه الله حيث ذكر القاعدة".
يحاول ابن عطايا إيهام القارئ أني لم أعرف كلام الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف، مع إني نقلتُ كلامه رحمه الله نفسه الذي نقله ابن عطايا في مقالي [إلزام المنصوح بعدم اعتبار تجريح المجروح]، وأرسلتُ لابن عطايا نسخة منه عبر مراسلاتي معه منذ مدة!، وأردفتُ معه شرح وتعقيب الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله الذي زعم ابن عطايا أنه يوافق قوله!، ودونكم كلام الشيخ البخاري لتعرفوا مدى تلبيس ابن عطايا في نقل مذاهب العلماء:
 قال الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله في شرحه كلام الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف كما في [شرح "ضوابط الجرح والتعديل"/ الشريط "13"] مبيناً ومعقباً: ((فمن كان ضعيفاً فيهما أو في واحد منهما - [القوة في الدِّين، والقوة في العلم]- ضَعفاً مُعِلَّاً: فإنه لا يعتبر به في هذا الباب.
إلا إنه يوجد بعضُ من تُكلِّم به في هذا الباب وضُعِّف لكن عبَّر عنهم الشيخ هنا "إلا إذا كان الجارح إماماً له عناية في هذا الشأن"، يعني عناية بالكلام في الرجال جرحاً وتعديلاً، كونه له عناية ليس بالضرورة أن يعتمد على قوله!، ولهذا ما رتَّب رحمه الله على هذه التقدمة من قوله: وفي الأمثلة من اعتماد الحافظ في الجرح الصادر من الأزدي في عدم توثيق الراوي!.
نقول بارك الله فيكم: إذا ثبت أنَّ هذا المتكلِّم مضعَّفٌ - إما في الأمرين معاً أو في أحدهما كما مرَّ - ضعفاً مُعِلَّلاً: فإنه لا يُعتبر بقوله كما تقدَّم؛ لأنَّ هذه شروطٌ يجب أن تتوفر في المعدِّل والجارح، فكونها تخلَّفت عنه، فكيف نقبل قوله وقد تخلَّفت عنه الشروط التي يجب أن تتوفر فيه؟! ولو كان مشتغلاً بالرجال.
ولكن نقول: قد "نستأنسُ" أو "يُستأنس" بقوله إذا خلا من كلامٍ فيه لأحد من أهل العلم، يُستأنس به لا كما قال المؤلِّف رحمه الله هنا: من أمثلة اعتماد، يُستأنس ولا يعتمد.
وهؤلاء كما قلنا: بعضهم ضعفُه كما قلنا "ضعفاً يسيراً"، ضعفه ضعفاً غير مُعِلٍّ، ومنهم الحافظ الإمام محمد بن عثمان بن أبي شيبة رحمه الله، فقد ذكر الذهبي رحمه الله في "ذكر مَنْ يُعتمد قوله في الجرح والتعديل" لما ذكره في الأئمة قال: "وهو مع ضعفه من أئمة هذا الشأن"، فإذاً بعضهم ضعفه يسير فمثله يُمشَّى في جنب قوة دينه، والضعف الذي حصل فيه ضعف من جانب شيء من ضبطه أو شيء مما هو يؤاخذ به وهو يسير غير شديد، وهذا كما قلنا: كمحمد بن عثمان بن أبي شيبة وكعبد الله بن محمد الدينوري الحافظ في آخرين، هذه النقطة الثانية.
النقطة الثالثة: أنَّ الراوي إذا وثَّقه إمام معتبر من الثقات، وخالفه في ذلك التوثيق مَنْ هو متكلَّم فيه: فلا عبرة بقول هذا المخالف...)).
وقلتُ في مقالي [إلزام المنصوح بعدم اعتبار تجريح المجروح] معلِّقاً على كلام الشيخ عبد الله البخاري:
((وفي كلام الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله فائدة عزيزة، وهي أنَّ الأصل عدم اعتماد تجريح المجروح، لكن من ضُعِّفَ ضعفاً يسيراً غير مُعِلٍّ من جانب ضبطه أو شيء مما يُؤخذ عليه وهو يسير غير شديد: يُعتمد جرحه لغيره إنْ كان إماماً من أئمة هذا الشأن وخلا المجروح من توثيق إمام معتبر، وقد يُستأنس بذكر جرحه إن كان دون ذلك)).
وهذا كلُّه كتبتُه في مقالي وأرسلته إلى ابن عطايا وراسلتُه به مؤكِّداً، ولكنه لا يفهم ويحاول إظهار كلامي على خلاف ما سطرته بقلمي!.

3- سُئل الشيخ محمد بن هادي حفظه الله كما في صوتية مسجَّلة:  إذا كان شخص جَرَّحهُ شيخٌ، ثُمَّ هذا الشيخ مُجَرَّح؛ هل يبقى الحكم؟
فكان جواب الشيخ: ((لا يُعَوَّل على المُجَرَّح، لا بُدَّ أن يكون الجارحُ عدلًا، ما يكون هو نفسه مجروح، مثل الأزدي؛ يُجَرِّح وهو مجروح، مُتَّهم، هذا ما يصلح. لا بُدَّ أن يكون الجارحُ إمامًا، ثِقَةً، عدلًا، مَرْضِيًا، عارفًا بأسبابِ الجرح، وموانع الجرح، وأن يكون ذَا دينٍ، وَوَرَعٍ، وتُقَى، وذكاءٍ، فلا يُضحَك عليه، ما يكون مُغَفَّلاً، والعلم والدِّين يمنعه من الظلم، فلا يظلم، لأنَّ هذا دين، والعلم بأسباب الجرح والمانع من الجرح لا بُدَّ من توافره في الجارح، لا بُدَّ أن يكون الجارح عدلًا، أمينًا، دَيِّنًا، وَرِعًا، تَقِيًّا، عالمًا بأسباب الجرح وموانعه، يُضاف إلى ذلك الذكاء، ما يكون مُغَفَّلاً يُضحَك عليه، لابُدَّ من هذا، فالمجروح لا عبرةَ بجرحه، لأن هو بنفسه مجروح، هو يحتاج إلى دواء)).
فهل سيقول ابن عطايا معقباً على كلام الشيخ محمد بن هادي هذا: بأنه ((ذكر قاعدة بدعية وهي «المجروح لا يعتبر جرحه»)) كما قال هذا في رائد آل طاهر؟!

قضية الفتنة بين السلفيين في ليبيا:
قال ابن عطايا: ((من كذبه الظاهر قوله عن أسامة العتيبي: «وكان أول من تكلم في فتنة ليبيا مسابقاً العلماء معرضاً عن توجيهاتهم»، وهذا الكلام يعرف كثير من السلفيين كذبه، وخاصة الليبيين، فصدوره من رائد يدل على رقة دينه وقلة حيائه. فالكلام في فتنة ليبيا له ثلاث مراحل...)).
أقول:
يعلم السلفيون أنَّ ابن عطايا سابق العلماء في الفتنة التي حصلت بين السلفيين في ليبيا، وخاض فيها بالباطل وأعرض عن توجيهات الأكابر.
وكلامي معك حول "الفتنة بين السلفيين لما انقسمت ليبيا إلى حكومتين" وليس قبل ذلك، فلا تشاغب أيها الفتان ولا تلاعب.
وابن عطايا اعترف أنَّ أول من تكلَّم في هذه الفتنة الشيخ محمد ابن شيخنا ربيع المدخلي، ومن نظر إلى كلام الشيخ محمد وكلام ابن عطايا لاحظ التوافق التام في الفتوى، والشيخ محمد بن ربيع يقول: ((الشيخ أسامة عطايا أكثر معرفة بليبيا وأحوالها بل أسماء زعماء الحركات المتعاونة والمتضادة في ليبيا من جميع مشايخ السلفية في المملكة))، ويقول ابن عطايا عن نفسه في مقاله الذي بين أيدينا: ((ولم يخرج كلامي عن فتاوى العلماء السابقة، ولم آتِ بجديد، والحمد لله، ولكن تميزت فتواي بأنها مفصلة لكثرة المعلومات التي كانت تردني من جميع الأطراف من ليبيا، ولكوني خصصت للقضية وقتاً كثيراً))، والعلاقة بين الشيخ محمد بن ربيع وبين ابن عطايا مشهورة معلومة.
فسواء كان ابن عطايا هو الأول مباشرة أو كان بواسطة عنه، فمصدر الكلام هو ابن عطايا بلا أدنى ريب عندنا.
والشيخ عبيد الجابري حفظه الله ردَّ كلام الشيخ محمد بن ربيع عفا الله عنه في بيان مفصَّل قال في آخره: ((وخلاصة القول: أنَّ هذه المقولة خاطئة بعيدةٌ عن الصواب خلافٌ لمنهج أهل السنة والجماعة، بل هي مثيرةٌ للفتنة، وإشاعة الفوضى، وزعزعة الأمن، فنصيحة لجميع الليبين- سواء كانوا عسكرين أو مدنيين- أن يضربوا بهذه الفتوى عرض الحائط، وأن لا يقيموا لها وزناً)).
وعدَّ الشيخ عبيد فيها حفتراً ثائراً ودعا من معه أن يلقوا السلاح وأن ينضموا إلى الحكومة وجيشها وأن لا ينخرط السلفيون في الفتنة.
فهل سكت ابن عطايا؟!
كتب بياناً مفصلاً ينقض فيه كلام الشيخ عبيد حفظه الله بالكلية ويؤيِّد فيه كلام الشيخ محمد بن ربيع.
فإذا لم تكن هذه مسابقة للعلماء ومعارضة لتوجيهاتهم؛ فماذا تكون؟!

وأما قول ابن عطايا: ((فأول من تكلَّم – فيما أعلم - الشيخ محمد بن ربيع المدخلي الذي يطعن فيه رائد آل طاهر)).
إطلاق الكلام على عواهنه لا يعجز عنه أحد!
فأين طعن رائد في الشيخ محمد بن ربيع؟!
إنْ قصدتَ كلامي في شبكة سحاب حول [محمود عبد الرازق الرضواني] لما صرَّح بالطعن في شبكة سحاب وفي طلاب الشيخ ربيع حفظه الله، وقبل ذلك طعن في سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ وطعن بالشيخ صالح آل الشيخ وعدَّهما من الإخوان المسلمين!، وكذلك صرَّح في خطبة الجمعة بالإنكار على ما زعمه من سكوت الشيخ ربيع والشيخ الفوزان عن الإخوان المسلمين في المملكة إلى غير ذلك، وكان الشيخ محمد بن ربيع من المناصرين له والمثنين عليه وعلى قناته "البصيرة" علناً، فما كان مني من باب الغَيرة على نصرة الحق وأهله لا من باب الطعن والذم إلا أن علَّقتُ في مقال [الرضواني أصلحه الله وأصلحنا جميعاً يرد على شبكة سحاب السلفية] بقولي: ((لما سمعتُ هذا المقطع الذي تكلَّم فيه هذا الرضواني المتعالم المغرور أقولها بكل صراحة:
الواجب على ابن الشيخ ربيع (محمد) أن يكفَّ عن مساندة الرضواني والثناء عليه والنصح بقناته، وأن يعلن البراءة منه فوراً، ﻷنَّ هذا المتهور المتعالم (الرضواني) يضمر شراً بدعوتنا السلفية ورموزها الكبار وطلابهم، بل يضمر طعناً في ابن الشيخ ربيع نفسه، فلا يلتفت له ولا لقناته، بل يجب التحذير منه، والله الموفق)).
فهل مطالبة الشيخ محمد بهذا يعدُّ طعناً فيه؟!
حاول ابن عطايا أن يثير حول كلامي هذا فتنة، ووصفني بأوصاف سيئة هو أولى بها وأحق، ولا أهتم لمثل هذه الأراجيف منه أو من غيره، فأنا ولله الحمد أسعى جاهداً أن أصدع بالحق ولا أخشى طرائق أهل التخذيل والإرجاف، والحمد لله لما اطَّلع الشيخ ربيع حفظه الله على الكلام بنفسه كما أخبرني به طلابه لم ينكره ولا طلب حذفه ولا وجَّه لي نصيحة بشأنه، فعاد كيد ابن عطايا إلى نحره، والله حسيبه.

وأما قول ابن عطايا: ((ولم يخرج كلامي عن فتاوى العلماء السابقة، ولم آت بجديد)).
وهذا كذب صريح، والعجيب أنَّ ابن عطايا يضع روابط أو يشير إلى مصادر في مقاله يزعم أنها تؤيد كلامه، فإذا رجع المتتبع لها لاحظ أنها على خلاف كلامه!، فلا أدري هل هذا من كذبه وتلاعبه؟! أم من جنونه وخفة عقله؟! وكلها فيه شافاه الله وهداه.
مثال ذلك:
لما راسلني حول (تجريح المجروح) زعم أنَّ الشيخ عبد البخاري حفظه الله على قوله وأرشدني إلى مصدر كلامه في الشريط (13) من شرح [ضوابط الجرح والتعديل]، فلما رجعتُ إلى الشريط وسمعتُه وفرغتُ المقصود منه، قلتُ في نفسي: هل هذا مجنون؟ أم ماذا؟، كأنَّ الشيخ البخاري يردُّ على ابن عطايا، وانظر كلامه الذي نقلته في النقطة الأولى أعلاه.

مثال آخر:
قال ابن عطايا في مقاله الذي بين أيدينا: ((ثم تكلَّم الشيخ صالح بن محمد اللحيدان وأيَّد المشير خليفة حفتر، وكان كلامه خلاف كلام الشيخ عبيد، بل على عكسه تماماً. وكلامه موجود بالصوت والتفريغ.
فرجعتُ إلى الرابط فوجدتُ أمرين:
الأول: الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله لما استأذنه السائل بنشر هذه الكلمة، قال: "لا مانع من نشرها لكن لا تحذفوا شيئاً منها"، والتفريغ محذوف منه أوله: "أنصحكم أن لا تدخلوا في الفتن"، لما قال له السائل: بماذا تنصحنا؟، وكرر الشيخ كلمة "هذه فتن" أكثر من مرة وتم حذفها.
وقد قال مفرغه نفسه: ((هذا تفريغ لجزء من فتوى للشيخ صالح اللحيدان حفظه الله يوافق فيها تقريباً رأي الشيخ أسامة العتيبي حفظه الله))!!.
الثاني: الشيخ صالح اللحيدان تارة يجيبه بأنها فتنة وتارة يجيبه بلزوم من كان الأمر بيده إذا استقرَّ له الأمر، والسائل زعم أنَّ الأمر بيد حفتر وأنَّ عامة الليبيين والجيش انضموا إليه!، واختلاف كلام الشيخ بسبب اختلاف كلام السائل في نقل الواقع، والذي يسمع الاتصال يعرف أنَّ الشيخ احتار مع السائل، ولهذا لما سمع في آخر الاتصال أنه سجله ويريد نشره أعاد كلمة هذه الفتن.
فهل ابن عطايا يدري بهذه الصوتية والتفريغ؟
فإن كان يدري فهذا منه كذب وتلاعب.
وإن كان لا يدري به فهذا جنون وخفة عقل.

مثال ثالث:
قال ابن عطايا: ((وكلام شيخنا الشيخ محمد بن ربيع المدخلي وكلام الشيخ عبيد الجابري موجود هنا: http://bayenahsalaf.com/vb/showthread.php?t=20708)).
لما رجعتُ إلى هذا الرابط وجدتُ مقالاُ بعنوان [الجامع لما ورد من كلام العلماء فى الاحداث الليبية]، جاء فيه فتاوى لأهل العلم – سوى محمد الإمام وهو وصف الحال بالفتنة – في كون هذه الأحداث فتنة لا يدخل السلفيون فيها عدا كلام الشيخ محمد بن ربيع.
فهل ابن عطايا يدري أم لا يدري؟!

- أولها فتوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: ((اجتنبوا الفتن، اجتنبوها، واسعوا للإصلاح إن أمكن، تجنبوا الفتن، لا تدخلوا في الفتن)).
- ومفاد الاتصال بالشيخ صالح اللحيدان حفظه الله: ((نصح بإجتناب الفتن، وجعل يكررها، وقال لي: هذا ما أنصحكم به)).
- وفتوى الشيخ عبيد الجابري حفظه الله: ((هذه فتنة ولا تخوضوا فيها حتى بالكلام فيما بينكم لا من قريب ولا من بعيد، أما بالنسبة لقضية الخوارج: فالحاكم عنده جيش وهو يتولى هذه القضية، أما أنتم فابتعدوا ابتعدوا عنها كل البعد)).
- والشيخ عبد الرحمن محي الدين حفظه الله: ((لا تخوضوا في الفتنة)) وأمر بلزوم البيت.
- والشيخ حسن عبد الوهاب حفظه الله: ((على السلفيين أن يعتزلوا ما يحدث فى طرابلس خاصة وبقية المدن الليبية، وأن يدافعوا فقط عن أنفسهم إن تعرضوا للهجوم، ولا يدخلوا في هذة الفتن)).
- وكان مفاد جواب الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله: ((الابتعاد عن الفتنة وعدم الخوض فيها، والفزع إلى الله عز وجل بالدعاء أن يكشف البلاء عن المسلمين وأن يحقن دماءهم، وأن يعلموا أنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة، وأن ينشغلوا بطاعة ربهم فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "عبادة في الهرج كهجرة إليَّ"، وأن يلحوا على ربهم بأن يدفع عن بلادهم كيد الكائدين من أهل البدع والأهواء والضلالات)).
- والشيخ محمد بازمول وفقه الله: ((الذي عندي أنَّ الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وعليه فحيث أن لا تصور عندي لواقع الحال، فأوصيكم بالرجوع إلى طلاب العلم السلفيين ببلادكم وأخذ التوجيه منهم، وعليكم البعد عن الفتنة وعدم المشاركة فيها حتى تتضح لكم الرؤية بتوجيه طلاب العلم عندكم)).
- والشيخ جمال فريحان وفقه الله: ((الذي يحدث عندكم في بلدكم ليبيا إنما هو فتنة فاجتنبوها، فقد كان السلف يبتعدون عن مثل هذه، ولا تنحازوا مع أحد، فالحاكم والحكومة الرسمية التي تمسك بزمام الأمور أمام العالم هي المسؤولة وهي أدرى بالسياسة)).

فلا أدري هل وصف (العلماء) عند ابن عطايا ينطبق على (الشيخ محمد بن ربيع المدخلي) فقط؟!
هؤلاء المشايخ كلهم وصفوا أحداث ليبيا بـ (الفتن) ونصحوا بـ (عدم الدخول فيها)، والشيخ محمد بن ربيع أنكر وصفها بالفتن ودعا إلى مناصرة حفتر والقتال معه، وابن عطايا معه في هذا تماماً، ويقول: ((ولم يخرج كلامي عن فتاوى العلماء السابقة، ولم آت بجديد))؟!
إذاً ابن عطايا يعتقد أنَّ (الشيخ محمد بن ربيع) يمثل العلماء!
الحمد لله على نعمة العقل.

وقول ابن عطايا: ((فليس عندي مسابقة للعلماء والحمد لله، وهذا يدل على أن رائد آل طاهر كذاب)).
ظهرت مسابقتك للعلماء لكل ذي عينين.
وظهر كذبك وتلاعبك بلا أدنى ريب.

مسألة (تارك عمل الجوارح):
وأما جوابه عن اضطرابه في مسألة (تارك عمل الجوارح) فلم يأت بشيء يستحق الرد عليه وبيانه،ولم يخرج منها، لكن حسبي أن أقف معه وقفات موجزة في رده الجديد:
1- قال ابن عطايا: ((فمن الحدادية: من استغل قضية تارك عمل الجوارح ليتهم من لم يكفر تارك عمل الجوارج –ممن يوافق أهل السنة في عقيدتهم في الإيمان- بالإرجاء)).
أقول:
ابن عطايا هو الذي قال من قبل ولم يرجع عنه: ((فهذا كلام صريح من سفيان بن عيينة بأنَّ الذي يقول بعدم كفر تارك عمل الجوارح مطلقاً هم المرجئة؛ وهو الصواب)).
وقال أيضاً: ((لذلك فمن يقول: بأنَّ تارك عمل الجوارح بالكلية مع القدرة والتمكن بأنه مسلم فاسق؛ فقوله قول المرجئة، ويرد عليه هذا الباطل، ولا يجوز الدفاع عن هذا القول ولا التبرير له)).
فهذا ابن عطايا يحكم على ابن عطايا نفسه بأنه من الحدادية؟!
وهذه ليست المرة الأولى يتناقض فيها ابن عطايا ويتهم نفسه بالحدادية:
فقد قال من قبل: ((قام إجماع أهل السنة على كفر تارك عمل الجوارح، ومن قال: إنَّ هناك خلافاً في كفره فيشنَّع على قوله لأنه يفتح الباب أمام المرجئة ليستمروا على باطلهم)).
ثم بعدها قال: ((ولا نجعل هذه القضية سبباً للطعن في العلماء الذين يعتقدون وجودَ الخلاف أو يرجِّحون بالدليل عدمَ كفر تارك عمل الجوارح الذي عنده أصل الإيمان؛ فهذا مسلك الحدادية البعداء البغضاء)).
هكذا يفعل الجنون وخفة العقل بصاحبه.

2- قال ابن عطايا: ((ومن الحدادية: من استغل قضية تارك عمل الجوارح ليتَّهم من يكفر تارك عمل الجوارح بأنه من الخوارج أو من الحدادية، أو يلمِّح بذلك كما عليه مثل رائد آل طاهر وبعض الشباب المتنطعين ممن كان رائد على صلة بهم)).
وهذا تبديع صريح لـ (رائد والشباب الذين كان على صلة بهم على حد وصفه!)، ووصفهم بالحدادية!، ولا غرابة من ابن عطايا الذي لا يتورَّع أبداً في وصف من خالفه من السلفيين بأنه حدادي بغيض، والله حسيبه.
لكن لا أدري كيف يحكم حدادية (رائد ومن معه) على غيرهم (الذين لا يُكفِّر تارك عمل الجوارح) أنهم من الحدادية؟!
أحداديةٌ يصفون مخالفيهم بالحدادية؟!
الحمد لله على نعمة العقل، ونعوذ بالله من الجنون وخفة العقل.

وماذا يقول ابن عطايا في الشيخ ربيع حفظه الله الذي كتب عدة مقالات مجموعة في كتاب [المقالات الأثرية في الرد على تشغيبات الحدادية] ومقال [أحاديث الشفاعة الصحيحة تدمغ الخوارج والحدادية القطبية] وغيرها، ووصف من يدَّعي الإجماع على كفر تارك عمل الجوارح ويتهم من لا يكفِّر تارك عمل الجوارح بالإرجاء ولا يرفع بأحاديث الشفاعة رأساً وصفهم بغلاة الحدادية وبالخوارج والقطبية؟
فهل يقول ابن عطايا: الشيخ ربيع من الحدادية أيضاً؟!
وقد قال الشيخ ربيع حفظه الله في مقال [مضامين "المقالات الأثرية في الرد على شبهات وتشغيبات الحدادية"، ومعها ملحق مهم]: ((وهذا الكلام ضد منهج الحدادية الذين يرمون بالإرجاء من لا يكفِّر تارك العمل)).
فإن اعترض علينا باجتهاد بعض العلماء المعاصرين ممن يعدُّ عدم تكفير تارك العمل من الإرجاء، فجوابنا عنه ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في [المجموع 6/ 71]: ((إذا رأيتَ المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم فاغتُفرت لعدم بلوغ الحجة له، فلا يُغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول)).

3- قال ابن عطايا: ((والخلاصة: أنَّ عقيدتي في تكفير تارك عمل الجوارح، واعتقاد الإجماع على تكفيره راسخة لا تزحزحها شقشقة رائد ولا ألاعيبه، ولستُ مقلداً للشيخ الفوزان ولا للشيخ ربيع ولا لغيرهما، بل أتبع الدليل وأنصره)).
هل تعلم يا ابن عطايا أنَّ ادَّعاء الإجماع في هذه المسألة يلزم منه تضليل المخالف فيها؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في [منهاج السنة 8/ 250]: ((فإنَّ السلف كان يشتدُّ إنكارهم على مَنْ يخالف الإجماع، ويعدُّونه من أهل الزيغ والضلال)).
وقد قال الشيخ ربيع حفظه الله في رده على الغامدي [المقالات الأثرية ص182]: ((ونسأل مَنْ يرمي مَنْ لا يكفر تارك جنس العمل أو تارك العمل بالإرجاء ويدَّعون الإجماع على كفر تارك جنس العمل: فهل ابن رجب - ومن هو أعلم منه ممن سلف ذكرهم - يجهلون هذا الإجماع؟! أو هم يعلمونه ويذهبون إلى مخالفته؟، ثم هل تجتمع الأمة على مخالفة النصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ومنها ما ذكرته في هذا البحث؟!)).
وقال في [مضامين المقالات الأثرية]: ((وأكذبُ من يدَّعي الإجماع هم الحدادية)).
وقد نقض شيخنا العلامة ربيع المدخلي حفظه الله في ردوده على غلاة الحدادية هذا الإجماع المدَّعى بالنصوص المتواترة من أحاديث الشفاعة وفضل التوحيد وحديث البطاقة وغيرها، وكذلك بالنقول المستفيضة عن أئمة الإسلام وعلماء السنة قديماً وحديثاً ممن لا يُكفِّر تارك عمل الجوارح ويستسلم لمضمون أحاديث الشفاعة وغيرها، وابن عطايا يعلم ذلك كلَّه، ولكنه يجادل بالباطل ويكذب.
فهل يُقال للسلفي الذي قرأ مقالات الشيخ ربيع حفظه الله ورأى فيها تلك الأدلة الواضحة والآثار السلفية والنقول العلمية عن أئمة الدعوة وعلماء السنة، وما فيها من نقض لشبهات واستدلالات غلاة الحدادية، هل يقال في هذا السلفي: مقلِّد أم متبع؟!

4- قال ابن عطايا في رده عليَّ: ((ثم انظروا إلى جهله ماذا يقول: «تارة يثبت الإجماع ويصرح به وتارة ينقله عن غيره ويسكت»؟ فأين التعارض والاضطراب هنا؟!! إنَّ أهل العقول السليمة في راحة!)).
أقول:
لو كان عندك مسكة من عقل لعرفتَ هذا.
ودونك البيان لعلك تفهم هذه المرة:
قلتَ من قبل عندما كنتَ في أحضان غلاة الحدادية: ((قام إجماع أهل السنة على كفر تارك عمل الجوارح، ومن قال: إنَّ هناك خلافاً في كفره فيشنَّع على قوله لأنه يفتح الباب أمام المرجئة ليستمروا على باطلهم)).
ثم قلتَ في مراسلة بيني وبينك: ((واعلم يقيناً أنَّ من علماء السنة الأكابر من يعتقد إجماع السلف على كفر تارك عمل الجوارح وعلى اتهام من لا يقول بذلك بموافقة المرجئة؛ ولا نجعل هذه القضية سبباً للطعن في أولئك العلماء كالشيخ صالح الفوزان، ولا نجعل هذه القضية سبباً للطعن في العلماء الذين يعتقدون وجودَ الخلاف)).
فالأول أنت تصرِّح بالإجماع.
والثاني أنت تنقل الإجماع عن غيرك ولا تصرِّح به.
وهنا إذا أنكرنا عليك هذا الإجماع قلتَ: أنا مجرد ناقل، وناقل الكفر ليس بكافر!.
فهذا إذا لم يكن اضطراباً فهو تلاعب إذاً.

كلمة (فتَّان) هل هي جرح مفسَّر؟
قال ابن عطايا: ((شغَّب رائد كعادته في هذه القضية، ومع كونه يزعم عدم التقدم بيني يدي العلماء، إذا به من أكثر الناس تقدماً ومخالفة للعلماء)).
لا أدري أين هو تشغيبي؟
فليذكر لي نصَّ كلامي كما أذكر له نصَّ كلامه إن كان صادقاً في دعواه!
إنما ذكرتُ أنَّ (فتَّان) و (مفتون) جرحان مفسَّران في تغريدة، فلما اعترض عليَّ ابن عطايا نقلتُ في تغريداتي قول الشيخ محمد بن هادي حفظه الله، وكذلك قول الشيخ عبد الرحمن محي الدين حفظه الله، وكلا القولين ذكرهما ابن عطايا في مقاله الخاص في هذه المسألة الذي عنونه بـ [كلمة "فتان" ليست جرحاً مفسراً في اللغة ولا الشرع ولا العرف ولا الاصطلاح]، الذي سبقني بكتابته في [17/ 12/ 1436 هـ].
فمن المشغِّب؟
ومن الذي يعارض كلام العلماء؟!
وهل الذي يتبع كلام عالمين من مشايخ السلفية يعدُّ متقدماً بين يدي العلماء؟!
حقاً ابن عطايا لا يدري ما يخرج من رأسه بسبب داء الجنون، شافاه الله وعافاه.

وقال ابن عطايا: ((كلمة «فتان» كتبتُ فيها مقالاً خاصاً، وبينتُ أن كلمة "فتان" قد لا يراد بها الجرح أصلاً، وقد يراد بها الجرح، والسياق يحدد ذلك، فإذا وصف شخص من باب الذم بأنه «فتان» فهذا جرح بلا شك، ولكنه جرح مجمل، حيث إن الجارح لم يبين سبب وصفه للشخص بأنه «فتان»)).
أما مقالك فيصح عليه المثل العامي "يخوط بصف الاستكان"!، فكلامك في وادٍ والمسألة في وادٍ آخر.
الكلام في وصف "فتَّان" إذا أطلقه العالم في شخص من جهة دينه أو عدالته، لأنَّ هذا هو محل الجرح هنا، وهذا لا يطلق إلا على وجه الذم، وأما معناه اللغوي واستعمالاته في القرآن والسنة فهذا خارج الموضوع أصلاً.

وقال ابن عطايا: ((وذكرتُ أنَّ الشيخ محمد بن هادي المدخلي والشيخ عبدالرحمن محيي الدين يقولان بأنه مفسر، وذكرتُ بأن من هو أعلم منهما وهو الشيخ ربيع بن هادي المدخلي يقول إنه جرح مجمل، وهذا الذي كنتُ صرحتُ به من قبل، وصرح به الشيخ أحمد بازمول وفقه الله)).
أما قول الشيخين الشيخ محمد والشيخ عبد الرحمن فثابتٌ عنهما وأنت تعترف بهذا.
وأما قول الشيخ ربيع فلم يرد بسند صحيح، لأنك كذَّاب عند أهل الشأن، والكذَّاب خبره مردود، فإن قلتَ: عندي صوتية مسجلة، فهات هذه الصوتية لنعرف حقيقة السؤال والجواب.
وأنا لا أستبعد أن يقول الشيخ ربيع حفظه الله: "فتان" جرح مجمل؛ ويقصد أنه قد يرد لفظ "فتَّان" في سياق لا يراد به الجرح أو يراد به معناه اللغوي أو في خصومة دنيوية، ويكون كلام الشيخ بحسب السؤال أو سياق كلامه.
فليخرج لنا الصوتية ابن عطايا أو يقوم بتفريغها لأنه زعم أنه سمعها بنفسه، وما دون ذلك خرط القتاد.
وقال ابن عطايا: ((ولكن رائد يأبى إلا المشاغبة، وتصوير الشيخ ربيع المدخلي بأنه مخطئ، وأنَّ الصحيح كلام الشيخ محمد بن هادي، وهذا من تلاعب رائد هداه الله وقدحه المبطن في العلماء)).
يا لعوب إلعب غيرها!
فهل يُقال لمن تبع قول عالمين ولا يعرف حقيقة قول العالم الثالث متلاعب ويقدح بالعلماء؟!
طيباً لو قلبتُ الأمر عليك وقلتُ:
ولكن (ابن عطايا) يأبى إلا المشاغبة، وتصوير الشيخين (محمد بن هادي وعبد الرحمن محي الدين) بأنهما مخطئان، وأنَّ الصحيح كلام الشيخ (ربيع بن هادي) على حدِّ زعمه ونقله!، وهذا من تلاعب (ابن عطايا) هداه الله وقدحه المبطن في العلماء.
فماذا يكون جوابك؟!


كلمة "مبطل" هل هو جرح مفسر؟
قال ابن عطايا: ((ثم من تعالم رائد وجهالاته ما زعمه أنَّ كلمة «مبطل» جرح مفسر، وهذا مما لم يسبق رائد إليه فيما أعلم، وقد سألتُ شيخنا الشيخ ربيع عن كلمة «مبطل» فقال: «جرح مجمل»، ثم يزعم أنه لا يتقدم بين يدي العلماء؟! فمن سلفك يا رائد آل طاهر بأن كلمة «مبطل» جرح مفسر؟!)).
أقول:
1- حاول ابن عطايا قبل مدة ولا زال في ردوده على السلفيين أن يشكِّك بعدة قواعد؛ من ذلك: قاعدة (وجوب تقديم الجرح المفسَّر على التعديل المجمل) وقاعدة (وجوب قبول خبر الثقة) وقاعدة (كلام علماء الجرح والتعديل من باب الأخبار الملزمة لا من باب الاجتهادات غير الملزمة)، وهو في هذا ماض على طريقة الحلبي في التشكيك بهذه القواعد السلفية.
وكما أنَّ الحلبي كان يقرر قديماً هذه القواعد تقريراً صحيحاً في شرحه للباعث الحثيث، ثم لما تكلَّم فيه العلماء عاد إلى هذه القواعد نقضاً وتشكيكاً، فكذلك ابن عطايا اليوم، لما تكلَّم فيه الشيخ عبيد الجابري حفظه الله زعم أنَّ أحكام الشيخ عبيد مبنية على أخبار الكذابين، وأنَّ تزكية بعض العلماء له مقدمة على جرح الشيخ عبيد المفسَّر، وأنَّ جرح الشيخ عبيد غير ملزم، وأنَّ جرحه لا يقبل لأنه تفرد بالجرح دون غيره من العلماء، ثم انتقل ابن عطايا إلى تأصيل الأصول المخالفة لتلك القواعد السلفية. 
ولما رآني ابن عطايا قد كتبتُ تغريدة في رد تبديع أبي عبد الحق لأعيان من السلفيين مفادها: [أنَّ المجروح لا يعتمد جرحه للعدل]؛ لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ومن كان بيته من زجاج فلا يرم الناس بحجارة، انتهض ابن عطايا وكأني رددتُ عليه (يكاد المريب يقول خذوني!)، فراسلني عبر الواتس آب بالسب والتحقير والأوصاف السيئة والاتهامات الباطلة مقرراً أنَّ قاعدة [المجروح لا يعتمد جرحه] قاعدة محدثة وتأصيل باطل، وأنَّ الكثير من الأئمة والعلماء جُرحوا ومع هذا يُقبل تجريحهم لغيرهم، ومراد ابن عطايا من هذا كلِّه: أن يعتمد السلفيون جرحه الذي يطلقه في السلفيين بين الحين والآخر تبديعاً وتحذيراً؛ وخاصة وصف "حدادي بغيض" الذي أصبح عنده كالزر يضغط عليه في وجه من يرد عليه ويخالفه من السلفيين.
ولعله لم يجد ضالته في تمرير هذه الأصول الباطلة فبدأ يشكك في الكثير من (ألفاظ الجرح): هل هي مجملة أم مفسَّرة؟! ويقرر أنها مجملة، وأحياناً يقرر أنها ليست جرحاً أصلاً!، ويزعم أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله يوافقه على مثل هذا، والله أعلم بما ينشره عن الشيخ ربيع وينسبه إليه، وهو لا ينشره بالصوت مع أنه يدعي عنده صوتية مسجَّلة ولا يفرِّغ هذه الصوتية وينشرها على أدنى حال!، ونحن يكفينا الآن ما قاله الشيخ عبد الواحد المدخلي وفقه الله في تغريدة منشورة له: ((سمعتُ الشيخ ربيعاً المدخلي حفظه الله يقول لأسامة بن عطايا: "لا تنشر عني شيئاً؛ الناس يحسبون أني واقف في صفك!"، وكان هذا مساء الاثنين 10/10/1436 ه))، وفي تغريدة جديدة أكَّد وفقه الله ذلك فقال: ((كنتُ مساء الأحد 15/5/1438ه عندالشيخ ربيع فأكَّد ما قاله سابقاً لابن عطايا: "لاتنشر عني شيئاً؛الناس يحسبون أني واقف في صفك" وقال: هذا كلام جيد)).
فابن عطايا ليس محل ثقة عند عموم السلفيين في نشره.
2- ابن عطايا يزعم أنَّ جرح الشيخ عبيد حفظه الله له - وقبول السلفيين لهذا الجرح - هو على طريقة فالح الحربي الذي يريد إلزام السلفيين بالجرح المجمل!، ولهذا يتهم ابن عطايا كل من يقبل جرح الشيخ عبيد فيه بالحدادي!، ومراد ابن عطايا من ذلك إيقاف باب الجرح وعدم قبوله ولو كان مفسَّراً إلا إذا قامت الأدلة عليه!.
وإذا أقام السلفيون الأدلة على جرحه من كلامه ومواقفه نازعهم في ذلك واتهمهم بالجهل والسفه والتقليد والحدادية!، ونازع العلماء في جرحه بدعوى أنَّ كلامهم مبني على الكذبة وأنه أعلم منهم بالواقع!، وأنَّ كلامهم من باب الاجتهاد الخطأ المخالف للدليل، وأنَّ خلافه مع الشيخ عبيد خلاف بين العلماء والمشايخ الكبار ولا يتدخل فيه السلفيون!، وأنَّ بعض العلماء الكبار وافقوه في مواقفه وآرائه وخالفوا الشيخ عبيداً؛ ويقصد بذلك بعض من جرحه الشيخ عبيد وحذَّر منه ممن رفع رتبتهم إلى (كبار العلماء)!.
والناظر إلى حال ابن عطايا يراه يتخطَّى خطى الحلبي حذو القذة بالقذة.
 3- يظهر أنَّ ابن عطايا لما عجز أن يجد لـ (رائد آل طاهر) شيئاً مما زعمه من تأصيلات محدثة ومخالفات للعلماء وتقدم بين أيديهم ذهب ينفخ في مثال ضربته من عدة أمثلة - في تغريدة لي - على توضيح (الجرح المفسَّر)، ألا وهو وصف "مبطل"، فزعم ابن عطايا أنَّ هذا تأصيل فاسد فقال: ((ومن تأصيلاته الفاسدة: أنه يجعل بعض عبارات الجرح المجمل جرحاً مفسراً مثل كلمة "مبطل"))، وقال أيضاً: ((من تعالم رائد وجهالاته: ما زعمه أنَّ كلمة «مبطل» جرح مفسَّر، وهذا مما لم يسبق رائد إليه فيما أعلم، وقد سألتُ شيخنا الشيخ ربيع عن كلمة «مبطل» فقال: «جرح مجمل»، ثم يزعم أنه لا يتقدم بين يدي العلماء؟! فمن سلفك يا رائد آل طاهر بأنَّ كلمة «مبطل» جرح مفسر؟!)).
فإذا كانت غيرة ابن عطايا على الأصول السلفية وعلى احترام العلماء بهذه الصورة، فلماذا لا نسمع له همسة في الرد على تأصيلات أبي عبد الحق الكردي وطعوناته في العلماء الصريحة التي عرفها عوام السلفية؟!
أم أنَّ الطيور على أشكالها تقع؟!.
فإن زعم ابن عطايا أنَّ قضية أبي عبد الحق عند المشايخ ولا يتدخل فيها، فعجباً لهذا المجنون يسكت عن أبي عبد الحق ولا يسكت عن الشيخ عبيد حفظه الله ولا عن طلبة العلم السلفيين الذين يردون بالحجة والبرهان!.
وإذا كان بردوده هذه يريد أن يستميل قلب أبي عبد الحق إلى تخندق معروف؛ فنعم المتردية!.
 4- كلمة "مبطل" مأخوذة من (أبطل)، وهي أشد من كلمة (باطل)، فالباطل في ذاته، والمبطل في ذاته ومع غيره، كالصالح والمصلح والفاسد والمفسد، والمبطل ضده المحق، ومعنى المبطل أي صاحب باطل، ومعنى (الباطل): الفاسد والضائع والخاسر والعبث والعمل الذاهب هدراً والأمر بلا فائدة ولا خير، ومعنى (الباطل) لا يخفى على أحد.
فإذا عرفنا أنَّ معنى (مبطل) واضح لا يحتاج إلى بيان: فهل هو جرحٌ مفسَّر أم لا؟
إنَّ مما هو معلوم في علم الحديث أنَّ قول أهل الشأن (حديث باطل) أو (فلان يروي أو يحدِّث بالأباطيل) جرح مفسَّر يُرد به الحديث ويُجرح به الرواي، فما المانع أن تكون كلمة "فلان مبطل" جرحاً مفسَّراً إذا أطلقها العالم البصير في أحد المتصدِّرين في الدعوة؟! ومراده فلان صاحب باطل أو من أهل الباطل؛ أي أنه مخالف لمنهج السلف أو يؤصِّل الأصول الباطلة ونحو ذلك.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((يحمل هذا العلمَ من كلِّ خلفٍ عدولُه: ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)) رواه البيهقي وصححه الألباني.
قال العلامة الصنعاني في "تنقيح الأفكار": ((و"انتحال المبطلين" من قولهم انتحله أي ادَّعاه لنفسه وهو لغيره، والمبطل: من أبطل؛ إذا أتى بغير الحق، ومعنى الحديث: يبعدون عنه تغييرَ من يفسِّره بما يتجاوز فيه الحدَّ فيخرج به عن قوانين الشرع، ودعاءَ من يدَّعي فيه شيئاً يكون باطلا لا يوافقه الواقع، وكأنه يشير بالجملة الأولى: إلى من يغير تفسير الأحاديث النبوية تعمداً أو تلبيساً، وبالثانية: إلى من يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه بادِّعائه لحديثٍ لم يُحدَّث به ولا سمعه: ينتحل باطلاً)).
وقال العلامة مقبل الوادعي رحمه الله في "تحفة المجيب": ((وما رفع اللهُ شأنَ أهل العلم إلا لأنَّهم يقفون أمام الباطل، ويقولون للمصيب: أنت مصيب، ولصاحب الباطل: أنت مبطل)).
فهل إذا قال عالم سلفي لصاحب الباطل: أنت مبطل؛ يردُّ جرحه بدعوى أنه مجمل؟! هل هذا ما يريده ابن عطايا؟!
ثم هب أنَّ كلمة (مبطل) جرحٌ مجملٌ - كما ينقل ابن عطايا عن الشيخ ربيع والعهدة عليه - هل هذا يعني أنَّ رائداً يؤصِّل الأصول المحدثة ويتقدَّم بين يدي العلماء بما لم يسبق إليه كما يزعم هذا المعتوه؟!
عجباً لابن عطايا كيف يصوِّر الخطأ اليسير - إن ثبت - كبيراً، بينما يهوِّن من الأخطاء الكبيرة التي وقع هو فيها ومن يدافع عنهم ويجادل بالباطل!!.
ومن المعلوم أنَّ أسباب الجرح كثيرة، جمعها الحافظ ابن حجر رحمه الله في "نخبة الفكر" فقال: ((ثُمَّ الطَّعْنُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِكَذِبِ الرَّاوِي، أَوْ تُهْمَتِهِ بِذَلِكَ، أَوْ فُحْشِ غَلَطِهِ، أَوْ غَفْلَتِهِ، أَوْ فِسْقِهِ، أَوْ وَهْمِهِ، أَوْ مُخَالَفَتِهِ، أَوْ جَهَالَتِهِ، أَوْ بِدْعَتِهِ، أَوْ سُوءِ حِفْظِهِ))، وتحت هذه الألفاظ ألفاظ أخرى تدخل فيها، وأهل العلم قد يختلفون بينهم في كون هذا الوصف جرحاً أم لا، ويختلفون فيما يجرح به الشخص، وهذه المسألة محل نظر واجتهاد بين العلماء، وإن كان أصل ثبوت الجرح مبنياً على الدليل.
سُئل الشيخ ربيع حفظه الله كما في [أسئلة وأجوبة مهمة في علوم الحديث ] السؤال الآتي: هل يجوز جرح شخص ما بسببٍ مختلفٍ في كونه سببٌ جارح؟ أم لا يُجرَّح إلا بما هو متفق عليه فقط؟
فكان جوابه: ((أسباب الجرح معروفة: كالكذب أو التهمة بالكذب أو فحش الغلط ... إلى آخر أسباب الجرح، وهي عشرة أسباب ذكرها الحافظ ابن حجر في نزهة النظر.
كذلك المفسِّقات مثل الزنا وشرب الخمر وتعاطي الربا وأكل مال اليتيم ,والكبائر التي تتجاوز السبعين كما يقول ابن عباس بل هي إلى السبعمائة أقرب, فهذه من الأسباب المتفق على أنها تجرح وتسقط العدالة ويحكم على من ارتكب كبيرة منها بالفسق فلا تقبل روايته ولا شهادته.
والأسباب المختلف فيها: قد يكون هذا الخلاف لا قيمة له, قد يعارض شخص في جارح ويقول: هذا غير جارح ويكون لا قيمة لكلامه, وقد يكون لكلامه وزن, والجارح ينظر ويجتهد في هذا هل هو جارح أو لا؟ ويظهر له من خلال الدراسة: أنَّ هذا جارح فيجرح به، وهناك أمور ينبغي أن لا نسمِّيها مختلفاً فيها بل نقول: متفقٌ على أنها ليست مما يجرح؛ كقول الجارح في الراوي: رأيته يركب على برذون! ,أو قوله: سمعت كذا من بيته ... الخ، فهذا لا يقال: إنه جرح مختلف فيه بل متفق على عدم اعتباره وقد شذَّ من يراه جارحاً.
الشاهد: أنه لا يُجرح الشخص إلا بجارح معتبرٍ عند الأئمة, والأمور التي قد يختلف فيها بعض الناس يرجح هذا العالم ما يراه راجحاً)).
وخذ مثلاً يا ابن عطايا هذا الاختلاف:
قال العلامة عبد الرحمن المعلمي في "التنكيل": ((إعلم أنَّ الجرح على درجات؛ الأولى المجمل: وهو ما لم يُبيَّن فيه السبب، كقول الجارح "ليس بعدل"، "فاسق" )).
بينما قال الشيخ ابن باز رحمه الله في [التعليقات البازية على نزهة النظر]: ((أما الجرح المفسر؛ فيقول: كذاب، فاسق، يُبيِّن أسباب الجرح، وأن يكون من إمام ثقة عارفٍ بأسبابه، يُقدَّم على التعديل)).
فكلمة (فاسق) يعدُّها الشيخ المعلمي جرحاً مجملاً، بينما يعدُّها الشيخ ابن باز جرحاً مفسَّراً.
ولماذا نذهب بعيداً:
فهذا ابن عطايا ينقل الخلاف في وصف [فتَّان] فيقول: ((وذكرتُ أنَّ الشيخ محمد بن هادي المدخلي والشيخ عبدالرحمن محيي الدين يقولان بأنه مفسَّر، وذكرتُ بأنَّ من هو أعلم منهما وهو الشيخ ربيع بن هادي المدخلي يقول إنه جرح مجمل)).
فهل يُشنَّع في مثل هذا الاختلاف؟
أم يُقال كما قال الشيخ ربيع: ((والأمور التي قد يختلف فيها بعض الناس، يرجح هذا العالم ما يراه راجحاً))؟!

وأما مقال ابن عطايا: [الرد على رائد آل طاهر في تعريضه ببعض العلماء الفضلاء]
فهو ذكر فيه: أنَّ مقاله هذا ردٌ على كلمة مسجلة لي بعنوان [التعريض بحملة العلم الثقات دليل الخذلان وعدم الثبات]، فلا أدري كيف يفكر هذا المخبول؟!
فأنا أتكلَّم في محاضرتي عن الذين يُعرِّضون بحملة العلم في كلامهم - لمزاً في المجالس العامة، وهمزاً في المجالس الخاصة - فكيف يفهم منه ابن عطايا من كلمتي هذه التعريض بالعلماء؟!
ثم إنَّ هذه الكلمة هي نصيحة عامة وصفها ابن عطايا بـ ((وهو عنوان طيب، وكلام عامته طيب، وموافق لمنهج السلف))، وإنما يريد ابن عطايا إفسادها بالظنون التي لا تصدر إلا من مريب مثله!.
وقد سألني ابن عطايا في وقت نشر هذه الصوتية قائلاً: ((إن كنتَ تقصد معاذاً الشمري أو عبد الحميد العربي ونحوهما من المعروفين بالفتنة وممن ظهر باطلهم: فكلامك حق أؤيدك عليه.
أما إن قصدتَ أو تظن أنَّ كلامك يشمل الشيخ أحمد با زمول أو الشيخ عادل منصور أو أسامة العتيبي: فهذا - وإن كنت أستبعد أن يصدر من سلفي - إن كان مقصودك فلي معك شأن آخر)).
فأجبته بقولي: ((أقولها لك بكل صراحة كما ناصحتك من قبل بكل صراحة وبينتُ لك مخالفتي لك في مواقفك بعد فتنة ليبيا وحتى الساعة:
أنا أقصدُ بكلامي كلَّ من يغمز حملة العلم الثقات وبالأخص العلماء الراسخين، ويسعى في إسقاطهم، ويحاول التشويش على أصول السلفيين ومصطلحاتهم، ويحاول إخراج العلماء المعروفين في رسوخهم من العلماء الكبار، أو يسعى لإدخال من هو دونهم في العلم والمقام والرسوخ والفهم بمفاوز في تسمية العلماء الكبار أو العلماء الراسخين.
فإن كنتَ من هؤلاء: فاعلم أنَّ كلامي يشملك كما يشمل غيرك، وليكن موقفك مني بعدها بما تشاء.
وإن كنتَ غير ذلك: فدع عنك مثل هذه الأساليب والشكوك والظنون.
وأنا قد توقفتُ من نصحك ونقاشك في مواقفك الأخيرة كما تعلم، وأنت زدت في نظراتك الجديدة ومراجعاتك الأخيرة، والله المستعان)).
فأجابني بقوله: ((الحمد لله أنك لم تقصد أولئك المشايخ بأعيانهم، وإنما قصدتَ أوصافاً قبيحة لا تتحقق ففيهم، وإلا لو كنتَ تقصدهم وتدَّعي فيهم تلك الصفات القبيحة لكنتَ حدادياً مجرماً آثماً مخالفاً لكبار العلماء)).
وقال أيضاً: ((وقولك عني: أنك دونهم، وتنزع عني صفة العالم أو الراسخ في العلم؛ مردود عليك، لكونك لستَ أهلاً لذلك، ولأنه مخالف للدليل والواقع، ولأنه تقدم بين يدي العلماء، ولأنه قفو ما ليس لك به علم)).
ولم أجبه وقتها، وأقول له الآن:
وقولك في الشيخ عبيد الجابري حفظه الله وأنَّ فتنته أشد من فتنة فالح الحربي؛ ألا تصدر من حدادي مجرم أثيم؟!
وقولك في الشيخ عبد الله البخاري حفظه الله وأنه فرَّق السلفيين؛ ألا تصدر من حدادي مجرم أثيم؟!
أم أنَّ أعراض من تلصق نفسك بهم مصونة وأعراض هؤلاء المشايخ غير مصونة؟!
أم أنَّ هؤلاء المشايخ الذين تطعن فيهم ليسوا من الراسخين في العلم مثلك ومثل من تلصق نفسك بهم؟!

والله الموفِّق

كتبه
أبو معاذ رائد آل طاهر
17 جمادى الآخرة 1438 هـ


 رابط مباشر لتحميل الملف بصيغة أكروبات


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.