السبت، 15 يونيو 2013

أيها العقلاء: علي الحلبي ليس من الصادقين... "فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ"

أيها العقلاء: علي الحلبي ليس من الصادقين... "فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ"

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
قال الحلبي في مقاله [يا دكتور ربيع...إن كنتَ من الصادقين ؛ فقل : آمين !!!]: ((فليس لي بعد هذا كله إلا أن أقول: اللهم إنْ كان المتهمُني بأني أعتقد - أو أدافع أو..أو.. - عن وحدة الأديان! وأخوة الأديان!...- ظاهراً أو باطناً - وما في معنى هذا الكذب والبهتان صادقاً: فالعنَّي)).
أقول:
إنك أيها الحلبي - والله - لست من الصادقين في نفي هذا عن نفسك، وليست ملاعنة النفس ولا القسم بالله هو الجواب في نفي هذا عنك، وإنما الحجة الدامغة هي التي يجب الرجوع إليها في مثل هذه الحالة، وهي ملزمة لجميع الأطراف، وقد يقسم السارق بالله كذباً أنه لم يسرق وقد دلَّت الأدلة على أنه سارق، وقد تلعن الزانية نفسها بنفي الزنا عنها وقد شهد الشهود العدول الأربعة على أنها زنت.
فدعك أيها الحلبي من هذا التلاعب والتلبيس!
فإن أبيتَ إلا الدعاء على نفسك باللعنة، فقل:
((اللهم إنْ كنتُ أثنيتُ على رسالة تدعو إلى وحدة الأديان وما في معناها أو شاركتُ في مؤتمر حولها فالعني))، ونحن جميعاً نؤمِّن على دعائك فنقول: امين، وننتظر آثار هذه اللعنة عليك من ربنا عاجلاً لا آجلاً، ليتخلَّص السلفيون من شرك وبلائك، والله مجيب الدعاء.
وأما الجواب عن بيان كذبك في هذا النفي فإليك تفصيله موثقاً:
إنك أيها الحلبي العنيد قلتَ في تحقيقك لرسالة العبودية في عام (1410هـ) – أي قبل انحرافك - ص226 حاشية 22: ((فدندنة بعض العصرانيين حول "وحدة الأديان" و "التسامح الديني" و "الأخوة الإنسانية" من ضلالات هؤلاء المبطلين وانحرافاتهم، بل كفرياتهم!، وإنما يريدون بذلك اجتثاث أصل الإسلام!، ومحو حقيقـة دين الله من النفوس!، فالحذر الحذر!!)).
فنريد منك الجواب عن هذا السؤال؛ وإن شئتَ فالعن نفسك أيضاً في كل جواب عسى أن تعجِّل في تحقيقها:
هل رسالة عمان تشتمل على هذه المعاني وأمثالها أم لا؟!

أما جوابنا فهو ثبوت هذه المعاني بيقين في هذه الرسالة، والحجة في ذلك من الرسالة نفسها ومن ملخص محاورها وشارحها:
أما "وحدة الأديان":
فقد قال كاتب رسالة عمان عن حقيقة هذه الرسالة: ((هي مبادئ تؤلِّف بمجموعها قواسم مشتركة بين أتباع الديانات وفئات البشر؛ ذلك أنَّ أصل الديانات الإلهية واحد، والمسلم يؤمن بجميع الرسل، ولا يفرق بين أحد منهم، وإنَّ إنكار رسالة أي واحد منهم خروج عن الإسلام، مما يؤسِّس إيجاد قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة، في خدمة المجتمع الإنساني دون مساس بالتميّز العقدي والاستقلال الفكري)).
فيا أيها العقلاء؛ ما معنى هذا الكلام؟!
ما معنى (قواسم مشتركة بين أتباع الديانات) و (قاعدة واسعة للالتقاء مع المؤمنين بالديانات الأخرى على صعد مشتركة)؟
أليس معنى هذا الكلام الخبيث الباطل هو الدعوة إلى توحيد الأديان وذلك بالعمل على أساس هذه القواسم المشتركة؟!
أما ماذا تعني؟!!
أجيبوا إن كان لديكم لسان صادق ينطق!

وأما "التسامح الديني":
فهذا واضح بلا أدنى ريب في قول كاتب الرسالة: ((دون مساس بالتميّز العقدي والاستقلال الفكري))؟!
أليس معنى عدم التعرض إلى عقائد هذه الأديان الكافرة هو التسامح الديني؟!
أم ماذا تعني هذه العبارة؟!
ومما يؤكِّد الدعوة إلى هذا التسامح قول كاتب الرسالة: ((والأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم، فلا قتال حيث لا عدوان، وإنما المودة والعدل والإحسان)).

وأما "الإخوة الإنسانية":
فقد قال كاتب الرسالة: ((هذه الرسالة السمحة التي أوحى بها الباري جلَّت قدرته للنبي الأمين محمد صلوات الله وسلامه عليه، وحملها خلفاؤه وآل بيته من بعده: عنوان أخوة إنسانية، وديناً يستوعب النشاط الإنساني كله، ويصدع بالحق، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويكرم الإنسان، ويقبل الآخر)).
فماذا بعد هذا التصريح البيِّن؟!
وماذا نقول بعد هذا التأكيد في قول كاتب الرسالة: ((وكرَّم الإسلام الإنسان دون النظر إلى لونه أو جنسه أو دينه))؟!
فرسالة عمان اشتملت على المعاني التي ذكرها الحلبي في تحقيقه لرسالة العبودية، فماذا يريد بعد هذا؟!
ثم يأتي الحلبي فيثني على رسالة عمان بقوله - كما في كتابه [حدث تفجيرات عمان] -: ((وَما رِسالَةُ عَمَّان السَّبَّاقَةُ فِي شَرْحِ رِسالَةِ الإِسْلام الحَق الوسطيّة الَّتي أَطْلَقَها حَفِظَهُ اللَّه وَرَعاه قَبْلَ أَكْثَر مِن عام: إِلا دَليلًا قَوِيًا، وَبُرْهانًا جَلِيًا عَلَى عِزَّتِهِ بِهَذا الدِّين وَصَفائِهِ، وَاعْتِزازِهِ بِجَمالِهِ وَنَقائِه، وَحِرْصِهِ عَلى تَقَدُّمِهِ وَبَقائِه))
وقال في مقاله [مهاتفة من بلاد الحرمين]: (("رسالة عمّان" شَرحٌ مُوجزٌ وعامّ، وبعِباراتٍ لطيفةٍ غير عَسِرَة؛ تُبَيِّنُ شمائلَ الإسلام، وخِصالَه العِظام؛ دَفَعَ إلى كتابتِها الواقعُ المرُّ الذي يعيشُهُ الإسلام والمُسلمون في ظِلِّ المتغيِّرات العالميَّة الكثيرة)).
وقال أيضاً: ((أقرَّها عددٌ كبيرٌ مِن الجهاتِ الرسميَّةِ في الأُردُنّ وخارجها مِن العُلماء الثِّقات والوُلاة الأُمناء)).
أقول:
بالرجوع إلى موقع رسالة عمان في الانترنت نجد أنَّ الموقعين هم من علماء الأشاعرة والصوفية والرافضة والزيدية والإباضية!، ومن المفكرين وهم دعاة الثقافة المعاصرة الذين لا يبالون بما يكتبون!، ومن الدعاة الحزبيين المتأثرين بنهج الإخوان في الدعوة إلى التقريب، ومن بعض القادة والملوك الذين لا يرجع إلى قولهم في مثل هذه المسائل.
وقد قمتُ بعَدِّ علماء الرافضة (فقط) فوجدتهم يزيدون على خمسة وثلاثين مرجعاً رافضياً من إيران والعراق ولبنان!!.
فهل هؤلاء يعدون من العلماء الثقات؟!
وقد اعتراف الحلبي بثنائه على رسالة عمان فقال في مقاله [رحلتي إلى الكويت]: ((ثُمَّ أطْلَعْتُهُ على تلكَ الكُلَيْمَات!، التي تحوِي ثنائي العامَّ في خُطْبَتِي المشهورة على عُمومِ فَحْوَى "الرِّسالة" المذكورة)).
وقال في مقاله [مهاتفة من بلاد الحرمين]: ((لمْ يكُنْ ثَنائي عليها والذي لا يتجاوزُ السَّطْرَيْن! وفي ظرفٍ خاصٍّ جدًّا ثناءً عامًّا، وإنَّما هو ثناءٌ مخصوصٌ على أصلِ فكرتِها وأساس مَبناها)).
بل إنَّ الحلبي نفسه أقرَّ أنَّ رسالة عمان فيها ألفاظ تحتمل الدعوة إلى وحدة الأديان فقال – كما في مقال [جواب الشيخ المحدِّث علي الحلبي على رسالة الشيخ الدكتور صادق البيضاني حول ((قضايا منهجية))] وهو منشور في منتدياتهم - : ((ما ادُّعِيَ على "رسالة عمّان" مِن أنَّها تدعُو إلى عقيدة وحدة الأديان الكفرية، أو.. أو.. كُلُّه ليسَ صريحاً، ولا ظاهراً ألبتَّة، وإنَّما هو ألفاظٌ يَسيرةٌ مُحتملَةٌ - ليس إلا)).
وهذا مختار الطيباوي وهو من هو عند القوم يقر بأنَّ رسالة عمان فيها مدخل إلى عقيدة وحدة الأديان، فيقول في مقاله [صِناعَة التَّبدِيع فِي زَمَن الشَّيخ رَبِيع - النَمَوذَج: وَحْدَةُ الأَديَان -]: ((وجاء فيها: "ترفضها الديانات السَّماوية السمحة جميعها"، قلتُ: هذا خطأ بيِّن، لا يوصف بالسماحة إلا الإسلام، وهذا مدخل لفظي إلى عقيدة وحدة الأديان وإنْ لم يقصده – ربما! - كاتب الرسالة، لأنَّ الديانات الأخرى ديانات شيطانية كافرة!، لا سماحة فيها ولا خير، وهي محل سخط الله، فيجب أن تكون محل سخط المسلم، ووصفها بأنها سماوية وصف لها بالشرعية!، والأولى تسميتهم كما سماهم القرآن: أهل الكتاب)).
وقد قال هذه المتفلسف في آخر مقاله: ((وقد قمتُ بنفسي بسؤال الشيخ الحلبي كتابة عن الأمر، فقال لي: "بأنه لم يثنِ على بنود الرسالة، وإنما كانت خطبته أمام ولي أمر بلده، فمدح المبادرة التي جاءت في عقب سلسلة تفجيرات استهدفت بلدهم، والتي كان القصد منها - أي الرسالة - دفع تشويه الغرب للإسلام، وتحريضه على المسلمين، وأنه يستنكر ويرفض كل كلمة وردت في هذه الرسالة أو في غيرها تخالف القرآن أو السنة أو الإجماع"، ففهمتُ من كلامه أنه يوم أثنى عليها لم ينتبه إلى تفاصيل ما جاء في هذه الرسالة، وإلى ما حوته من مخالفات لشريعتنا الغراء)).
أقول:
فماذا بعد الحق إلا الضلال!
وماذا بعد هذه الحجج الدامغات والأدلة البينات إلا الهوى والجدل والعناد!
فيأيها الحلبي دع عنك هذا الكذب والتلبيس والتلاعب بالألفاظ، وتب إلى ربك قبل أن تصيبك لعنته ولا ينفع الندم حينئذ.

وأما صاحب ملخص رسالة عمان:
فهو (الأمير غازي بن محمد بن طلال) القائم على اللجان الملكية المكلَّفة برعاية رسالة عمَّان، والذي قال في ملخصه المسمى [إجماع المسلمين على احترام مذاهب الدين]: ((وهكذا فإنَّ رسالة عمان في حد ذاتها وبإقرارها للمذاهب والاعتراف بها، تحمل في طياتها العلاج الشافي للتوتر بين الأديان، كما تحتوي على الأساس المشترك الذي يجمع بين المسلمين وغير المسلمين)).
والله الذي لا إله إلا هو ليس لهذا الكلام معنى إلا الدعوة إلى توحيد الأديان!
ثم يأتي الحلبي فيثني على أساس فكرة هذا الملخص وعلى صاحبه فيقول - في حاشية رسالته [الدعوة السلفية بين الطرق الصوفية والدعاوى الصحفية ص54]: ((وهذا الكتاب بفكرته الأساس يدلُّ على سلامة صدور أولياء أمورنا، وعِظَمِ رغباتهم بالخير، ونقاء قلوبهم؛ ولا نزكيهم على الله، زادهم الله توفيقاً)).
بل إنَّ في موقع رسالة عمان الرسمي بياناً مثبَّتاً بعنوان [كلمة سواء بيننا وبينكم] جاء في مقدمته: ((والآن، وبعد مرور عامٍ واحد بالتمام على تلك الرسالة [يقصد رسالة عمان]، قام المسلمون بتوسيع رسالتهم، وفي الوثيقة التي تحمل العنوان "كلمة سواء بيننا وبينكم" تلاقى ثمانية وثلاثون ومائة عالماً من العلماء ورجال الدين والمفكرين المسلمين بالإجماع لأول مرة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلنوا على الملأ: القاسم المشترك بين المسيحية والإسلام!!، والموقعون على هذه الوثيقة ينتمون إلى جميع المذاهب والمدارس الفكرية الإسلامية، مثل الموقعين على "الرسالة المفتوحة"، كما وقد مُثِّلت جميع البلدان أو المناطق الرئيسية الإسلامية في العالم في هذه الوثيقة، الموجهة إلى قيادات الكنائس في العالم، بل إلى جميع المسيحيين في كل مكان.
والصيغة النهائية للوثيقة قُدِّمت في المؤتمر الذي عقدته في شهر أيلول "سبتمبر 2007" الأكاديمية الملكية التابعة لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي بعنوان "الحب في القرآن الكريم"، برعاية صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.
وفي الواقع؛ فإنَّ القاسم المشترك بين الدين الإسلامي والدين المسيحي الذي يعتبر القاعدة الأفضل للحوار والتفاهم، هي: حب الله وحب الجار.
ولم يسبق من قبل أنَّ المسلمين خرجوا بمثل هذا البيان التوافقي التفصيلي المحدَّد حول الدين المسيحي، وعوضاً عن الانخراط في الجدل والمناظرة، تبنّى الموقِّعون على الوثيقة الموقف الإسلامي التقليدي الذي تتبناه غالبية المسلمين، والقائم على: احترام كتب الله قبل القرآن الكريم، ودعوة المسيحيين إلى المزيد من الإخلاص لها والتمسّك بها، لا التقليل من ذلك الإخلاص، ويُؤْمَّل أن توفر هذه الوثيقة دستورًا مشتركاً للعديد من المنظمات البارزة والأفراد الأكفاء العاملين في مجال الحوار بين الأديان في جميع أنحاء العالم، فغالباً ما تكون هذه الجماعات منقطعة عن بعضها بعضًا، لا تدري واحدتها بما تقوم به الأخرى، مما يؤدّي إلى تكرار الجهد.
ما توفره وثيقة "كلمة سواء بيننا وبينكم" لا يقف عند حد إعطاء هذه الجماعات نقطة انطلاق للتعاون والتنسيق على المستوى العالمي، بل يتعدى ذلك إلى أن يقام ذلك التعاون والتنسيق على أصلب أرضية دينية عقائدية ممكنة: القرآن الكريم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم والوصايا التي وصفها السيد المسيح عليه السلام في الإنجيل، يشترك فيه الدين المسيحي والدين الإسلامي - بالرغم مما بينهما من فروقات! - ليس فقط أصولهما بالتنزيل الإلهي وموروثهما الإبراهيمي!!، بل يشتركون في أعظم وصيتين أيضًا)).
أقول في خاتمة هذا المقال المفصَّل:
هل نصدِّق هذه النقول الموثَّقة أم نصدِّق الحلبي الذي يُقسم ويلاعن ملبساً على القراء ومتلاعباً بالألفاظ؟!
لا والله لا نصدقك أيها الحلبي حتى تتبرأ من ثنائك على رسالة عمان وتحذف جميع المقالات التي انتصرتْ لها ودافعتْ عنها في موقعك وتترك هذه الألاعيب الماكرة والأساليب الفاجرة في نصرة الباطل ومدافعة الحق.
ودع عنك أيها الحلبي هذه الألاعيب مستقبلاً فلست والله عند السلفيين من الصادقين.
قال تعالى: ((وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)).
والله الموفِّق.

هناك تعليق واحد:

  1. مشكور شيخنا زادك الله توفيقا ورفعة في الدارين(وسام أبو الحارث)

    ردحذف

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.