الخميس، 6 أبريل 2017

المؤاخذة الرابعة/ تأصيل قاعدة جواز الكلام في الحكَّام علناً إذا كانوا لا يأمرون بالمعروف

تكرر من د. أبي عبد الحق الكردي في [القنوات الفضائية] وفي [الخطب المنبرية] وصف "حكومة إقليم كردستان" بالفساد والظلم والميل إلى الأحزاب الحاكمة وسوء الإدارة في مجال المال والنفط والكهرباء والماء، وأنها ترسل نفط الإقليم إلى اليهود، وكل هذا في وقت أزمة تأخير رواتب الموظفين وخروج المظاهرات في إقليم كردستان!.
بل تكلَّم على ملك المملكة العربية السعودية والرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي)، وأباح للسائل عن الملك عبد الله الكلام فيه بما شاء!.
وقد أنكر عليه بعض الإخوة ذلك فلم يلتفت إلى إنكارهم، ونصحه أقرب الناس منه ولم يقبل النصح، ثم بلغ به المبلَغ أن يؤصِّل تأصيلاً على خطى أهل الخروج والمظاهرات:
فقد سُئل أبو عبد الحق في محاضرة مسجَّلة بتاريخ 5 من ذي القعدة 1436هـ: الأستاذ الفاضل: أنت في خطبة لك في يوم الجمعة قلتَ: "يقولون: بأنَّ الرؤساء هم ظالمون؛ نعم اي والله هم ظالمون"!، بعض الناس: قد فهموا بأنَّ هذا يُعدُّ ذكراً لمساوئ الحكام على المنبر، ويقولون: إنَّ هذا ليس من منهج السلف، فما تعليقك على هذا القول؟!
فأجاب أبو عبد الحق: ((يا إخواني هؤلاء بعض من الحداديين يثيرون هذا الشيء!!، فإنهم جهَّال لا يفهمون منهج السلف ولم يفهموا الأحاديث!، فهم جهال بالأحاديث إلى مدى لم يفهموا منهج السلف ولا يعرفونه!، أليس منهج السلفية هو أحاديث رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ ألا يأخذ السلفية من الحديث؟
فهم قد فهموا بأنَّ منهج السلفية هو أنك كما يقول أحدهم في كلام له: "نحن ليس عندنا أي مشكلة مع الرئيس والسلطة والحزب مطلقاً"، فهذا خطأ!!, ولا نقول هذا أبداً!، كيف يقول السلفي هذا؟!، كيف ليس عندي أي مشكلة؟!، أنا أقول: "في المعروف" وأُقيده، "في المعروف" ليس عندنا مشكلة: "إنما الطاعة في المعروف"، إذا أمر بالمعروف ما عندي مشكلة، ولكن إذا أمر بالمنكر والله أنا عندي مشكلة ولا أطيعه!!!، لذا إذا قلنا: والله يوجد في الحكومة والرئيس ظلم، فإنَّ الشيخ ربيع نفسه يقول هكذا!، والشيخ صالح الفوزان يقول هكذا!، والشيخ ابن عثيمين يقول هكذا!، يقول: نحن لا نقول عندما نقول: فلنطع الرئيس ولا نخرج و لا نفعل المظاهرة ولا نحدث فتنة؛ فهذا لا يعني أننا نأتي ونقول للناس: إنَّ حكومتنا هي حكومة عصر الخلافة الراشدة!, عصر عمر بن عبد العزيز!, عصر عمر بن الخطاب!؛ أيها الناس: لا يوجد أي مشكلة!!, فإذا قلنا هكذا يعني أننا نكذب على الناس!!, أليس كذلك يا إخواني؟!.
فإننا لا نقل لا يوجد أي خلل، بل نحن نقول كالحديث بالضبط, فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "وإنْ أكل مالك" وماذا؟! "وضرب ظهرك", فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "اسمع وأطع", فبسبب مال الدنيا لا تحدث فتنة ولا ترق الدماء لئلا يصاب المسلمون بفتنة!, فإنَّ الضرر الصغير أهون من الضرر الكبير, والضرر الشخصي أهون من الضرر العام للأمة.
النبي عليه الصلاة والسلام نفسه أشار إلى أنه يأتي أمراء فيهم الظلم أم لا؟ ما معنى "أكل مالك"؟ هذا ظلم أم لا؟ "وضرب ظهرك"؟ يعني أنهم يظلمون, أو يقول: "قلوبهم قلوب الشياطين" في ماذا؟ "في جثمان الإنس", فالنبي صلى الله عليه وسلم نفسه يشير إلى هذا, أما أن نقول ليس لديهم ظلم، نعم عندهم ظلم, أو يقول ماذا؟  يقول: "أدِّ الذي عليك واسأل الله حقك", يعني الذي هو حق لك لا يعطونك, "إنكم سترون بعدي أثرة", ترون أثرة يعني ترون ظلماً, فالأمراء يظلمون ولا يعطونكم حقكم, يعني هذا ظلم.
لذا أنا كسلفي إذا أقول لهذا الشعب:
أيها الناس لا يوجد ظلم أبداً في هذه الحكومة!!, ليس عندنا أي مشكلة!!, ما شاء الله حكومة عادلة!!, ورئيس عادل!!, لا يوجد أي مشكلة!, ألا ترون لا يوجد أي مشكلة!, فهل الناس يستهزئون بي أم لا؟!, فالناس يقولون: هذا الرجل هل هو نائم أم أنه قد جُنَّ؟! أم ذهب عنه عقله؟!, ألا يرى أنه يوجد عدم عدالة)).
أقول:
تفريقك يا أبا عبد الحق بين (إذا كان الحاكم يأمر بالمعروف): فليس عندنا معه مشكلة وبالتالي لا نتكلَّم عليه على المنابر وفي القنوات الفضائية، وبين (إذا كان الحاكم يأمر بالمنكر): فعندنا معه مشكلة ونقول عنه على المنبر وفي القنوات الفضائية في وقت الفتنة: الرئيس ظالم وهذا ظلم من الحكومة وهذا فساد من قبل الحكومة!، فهذا تأصيل خطير يوافق تماماً تأصيل الخوارج لكن بقالب جديد.
فالخوارج يقولون: إذا كان الحاكم عادلاً يأمر بالمعروف فلا يجوز الخروج عليه، وإذا كان ظالماً يأمر بالمنكر فيجوز الخروج عليه، ويزعمون أنَّ الأحاديث التي تأمر بلزوم السمع والطاعة وعدم الخروج وعدم نزع اليد عن طاعة الحاكم مقيَّدة (بالمعروف)، أي إذا كان يأمر بالمعروف، وأما إذا أمر بالمعصية والمنكر والظلم فلا طاعة ولا سمع أولاً ويجب الخروج عليه ثانياً.
وأبو عبد الحق يقول: عندنا معه مشكلة، ثم يجيز الكلام عليه على المنبر وفي القنوات الفضائية بوصفه بالظلم والفساد، ويستدل على ذلك بأنَّ الأحاديث مقيدة (بالمعروف)!، والأعجب أنه يصف الذي يقول: "ليس عندنا مشكلة مع الحاكم" بأنه جُنَّ وفقد عقله!!.
أليس هذا طعناً بالنصوص الصريحة التي تأمر بالصبر على ظلم الأمراء وجور الحكَّام؟
ألا يعدُّ هذا طعناً بمنهج السلف الصالح والآثار المستفيضة في عدم التأليب على الحكام ولو بشطر كلمة؟!
أليس كلامه هذا موافقاً لمنهج أهل الخروج من القعدية؛ الذين يُحرِّضون الناس على حكامهم بالكلام ويقعدون عن الخروج؟!
ومعلوم أنَّ الخروج قد يكون بالسيف والمواجهة وقد يكون بالكلمة والتهييج في وقت الأزمات، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في [تعليقاته على رسالة "رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين" للشوكاني ص66]: ((بل العجب أنه وجَّه الطعن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: "اعدل هذه قسمة ما أُريدَ بها وجه الله"، وهذا أكبرُ دليل على: أنَّ الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ما أخذَ السيفَ على الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه أنكر عليه، وما يُوجد في بعض كتب أهل السنة من أنَّ الخروج على الإمام: هو الخروج بالسيف، فمرادهم بذلك: هو "الخروج النهائي الأكبر"، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: الزنا يكون بالعين، ويكون بالأُذُن، ويكون باليد، ويكون بالرِّجل، لكن الزنا الأعظم: هو زنا الحقيقة، هو زنا الفرج، ولهذا قال: "الفرج يُصدِّقه أو يُكذِّبه"، فهذه العبارة من بعض العلماء: هذا مرادهم.
ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال: أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول، الناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لابد أن يكون هناك شيء يثيرهم، وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجاً حقيقة؛ دلَّت عليه السنة، ودلَّ عليه الواقع، أما السنة فعرفتموها، وأما الواقع: فإنا نعلم علم اليقين: أنَّ الخروج بالسيف فرعٌ عن الخروج باللسان والقول، لأنَّ الناس لم يخرجوا على الإمام بمجرد "يلَّه امشِ خذ السيف"، لابد أن يكون توطئة وتمهيد: قدح في الأئمة، وستر لمحاسنهم، ثم تمتلئ القلوب غيظًا وحقدًا، وحينئِذٍ يحصل البلاء)).
وسُئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله كما في "موقعه الرسمي" بعنوان: (الخروج على الحاكم بالقول أخطر من الخروج عليه بالسيف): هل الخروج على الحاكم بالقول كالخروج بالسيف سواء بسواء؟ وما الحكم بالخروج على الحاكم؟
فكان جوابه: ((الخروج على الحاكم بالقول قد يكون أشد من الخروج بالسيف، بل الخروج بالسيف مترتب على الخروج بالقول، الخروج بالقول خطيرٌ جدًا، ولا يجوز للإنسان أن يحث الناس على الخروج على ولاة الأمور، ويُبغِّض ولاةَ أمور المسلمين إلى الناس، فإنَّ هذا سبب في حمل السلاح فيما بعد والقتال، فهو أشد من الخروج بالسيف؛ لأنه يُفسِد العقيدة، ويُحرِّش بين الناس، ويُلقي العداوة بينهم، وربما يسبب حمل السلاح، نعم)).
وسُئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله أيضاً كما في "موقعه الرسمي" بعنوان: (صور الخروج على الأئمة): هل الخروج على الأئمة يكون بالسيف فقط، أم يدخل في ذلك الطعن فيهم، وتحريض الناس على منابذتهم والتظاهر ضدهم؟
فكان جوابه: ((ذكرنا هذا لكم، قلنا: الخروج على الأئمة يكون بالخروج عليهم بالسيف؛ وهذا أشد الخروج، ويكون بالكلام: بسبِّهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر؛ هذا يهيِّج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر، ويُنَقِّص قدر الولاة عندهم، هذا خروج، فالكلام خروج، نعم)).
والكلام في ولاة الأمور من فوق المنابر وفي القنوات الفضائية التي يشاهدها آلاف من عوام المسلمين ليس من منهج السلف الصالح، فقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (8/211): هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر؟ وما منهج السلف في نصح الولاة؟
فكان جوابه رحمه الله.: ((ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذِكر ذلك على المنابر؛ لأنَّ ذلك يُفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكنَّ الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يُوجَّه إلى الخير)).
ولا بدَّ أن نعلم أنَّ من فِرق الخوارج فرقة تسمى "القَعَدية"، وهم من أخبث وأشر فرق الخوارج، يقعدون عن الخروج على الحكام الظلمة بالسيف والمواجهة، ولكنهم يحرِّضون الناس بالكلام عليهم وتوغير الصدور وتأليب النفوس الذي ينتهي غالباً بالخروج أو المظاهرات.
روى الإمام أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص271 عن عبد الله بن محمد الضعيف رحمه الله أنه قال: ((قَعَدُ الخوارج هم أخبثُ الخوارج)).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله رحمه الله في الفتح: ((القَعَدِيَّة: الذين يزينون الخروج على الأئمة ولا يُباشرون ذلك)).
وقال في الفتح في كلامه حول "عمران بن حطان": ((والقعدية: قومٌ من الخَوَارِج كَانُوا يَقُولُونَ بقَوْلهمْ، وَلَا يرَوْنَ الخُرُوجَ بل يزينونه!)).
وقال في تهذيب التهذيب في ترجمة "عمران بن حطان": «وقال ابن البرقي كان: حرورياً، وقال الدار قطني: متروك لسوء اعتقاده وخبث مذهبه، وقال المبرد في الكامل: كان رأس القعد من الصفرية وفقيههم وخطيبهم وشاعرهم انتهى.
والقعد الخوارج: كانوا لا يرون [الخروج] بالحرب؛ بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه.
وقال أبو نواس:
 فكأني وما أحسن منها ....  قعدي يزين التحكيما
لكن ذكر أبو الفرج الأصبهاني: أنه إنما صار قعدياً لما عجز عن الحرب، والله أعلم.
قلتُ: وكان من المعروفين في مذهب الخوارج وكان قبل ذلك مشهوراً بطلب العلم والحديث ثم ابتلي!!)).
وقال في ترجمته في "الإصابة": ((كان من رؤوس الخوارج من القعدية بفتحتين: وهم الذين يحسِّنون لغيرهم الخروج على المسلمين ولا يباشرون القتال)).
وقد سُئلَ الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله: هل يكون الخروج على ولاة الأمر بالكلام؟ أو لابدَّ من الخروج عليهم بالسيف؟
فكان جوابه كما في "الموقع الرسمي/ قسم الفتاوى": ((بدايةُ الخروج بالكلام؛ الكلام في تهييج الناس وتثويرهم وشحنهم وإلقاء البغضاء بين الناس؛ هذه فتنة قد تكون أشدَّ من السيف, ما يكون السيف إلا تعبيراً عمَّا في النفوس, ولهذا عبد الله بن إباض رئيس الإباضية من القَعَدَة؛ يُعَدُّ من الخوارج, يعني يحرِّك الناس بالكلام, وفِرقة سموها: "القَعَدِيَّة"، وهم من الخوارج، يعني يحرِّكون الناس بالكلام)).
فالخروج بالسيف والخروج بالكلمة وكيفما كان الخروج وبأي وجهٍ كان فهو مذموم شرعاً ومجمعٌ على ذمه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجموع (35/12): ((وَأَمَّا أَهْلُ العِلْمِ وَالدِّينِ وَالفَضْلِ فَلَا يُرَخِّصُونَ لِأَحَدِ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَةِ وُلَاةِ الأُمُورِ وَغِشِّهِمْ وَالخُرُوجِ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِ مِنْ الوُجُوهِ؛ كَمَا قَدْ عُرِفَ مِنْ عَادَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالدِّينِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَمِنْ سِيرَةِ غَيْرِهِمْ)).

وقد سمعتُ لأبي عبد الحق كلاماً في لقائه مع سعدون حمادي في برنامج "الجواب الكافي" الذي يخرج في قناته الفضائية "النصيحة" حول مسألة "ذكر مساوئ الحكام على المنابر"، يحاول فيه أن يصوِّر ناقديه في هذه المسألة ويصوِّر واقعه وكلامه فيها تصويراً مغلوطاً بعيداً عن الحقيقة!.
فصوَّر نفسه أنه يُنكر الكلام على الحكَّام على المنابر ويُنكر ذكر مساوئهم في القنوات الفضائية!، وأنه إنما يُنكر المنكرات المنتشرة في أوساط الناس، وأنَّ البعض عنده تفريط في هذه الصورة لأنه لا يقبل "إنكار المنكرات" خشية أن يُفهم هذا الإنكار على الحكومات التي أقرَّته؛ ولهذا يُنكر على المنكر لهذه المنكرات!!.
وهذا تلبيس وقلب للحقيقة وتزوير للواقع، فواقعه ليس كذلك، وواقع خصومه من السلفيين الذين ينتقدونه ليس كذلك، وقد تقدَّم كلامه: "يقولون: بأن الرؤساء هم ظالمون، نعم اي والله هم ظالمون"، وقال: "والله يوجد في الحكومة والرئيس ظلم"، وقال: " أنا كسلفي إذا أقول لهذا الشعب: أيها الناس لا يوجد ظلم أبدًا في هذه الحكومة!، ليس عندنا أي مشكلة!، ما شاء الله حكومة عادلة!، ورئيس عادل!، لا يوجد أي مشكلة!، ألا ترون لا يوجد أي مشكلة؟!، فهل الناس يستهزئون بي أم لا؟ فالناس يقولون: هذا الرجل هل هو نائم؟! أم أنه قد جُنَّ؟! أم ذهب عنه عقله؟!".
فهل يلاحظ القارئ المنصف أنَّ كلام أبي عبد الحق هو في [إنكار المنكرات] أم في [نقد الرئيس والحكومات]؟!
ولينظر القارئ إلى أبي عبد الحق في كلامه في أول ردي هذا وهو يصوِّر واقعه وواقع السلفيين المنتقدين له: ((هم قد فهموا بأنَّ منهج السلفية هو أنك كما يقول أحدهم في كلام له: "نحن ليس عندنا أي مشكلة مع الرئيس والسلطة والحزب مطلقاً"!، فهذا خطأ، ولا نقول هذا أبداً، كيف يقول السلفي هذا؟! كيف ليس عندي أي مشكلة؟!)).
إذاً حقيقة الخلاف بين أبي عبد الحق وبين السلفيين المنتقدين له ليس في [إنكار المنكرات] كما يصوِّره أبو عبد الحق في حاله الجديد، وإنما الخلاف معه في [تصريحه على المنابر وفي القنوات الفضائية: أنَّ السلفيين عندهم مشكلة مع الرئيس والسلطة والحزب الحاكم لأنه لا يأمر بالمعروف].
ومعنى كلام أبي عبد الحق "عندنا مشكلة مع الرئيس" أي يجوز أن أقول: هو ظالم!، ويجوز أن أذكر ظلمه وفساده وخيانته وتحزَّبه على رؤوس الخلائق!، كما تقدَّم من صريح كلامه.
بل هو يستدل على ذكر مساوئ الحكَّام بالأحاديث التي جاء فيها وصف بعض الأمراء الذين سيأتون بعده صلى الله عليه وسلم أو أمراء آخر الزمان بأنهم يظلمون الناس ويستأثرون بالحكم والأموال ولا يؤدُّون حقوق الناس عليهم، وهذا من أفسد الاستدلالات.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أوصاف هؤلاء الحكام والأمراء من باب الإخبار بحالهم، وفي الوقت نفسه أمرنا بالصبر عليهم والسمع والطاعة لهم بالمعروف وعدم الخروج عليهم وإن ظلموا، وأمرنا النصيحة لهم بالسر إن أمكن وإلا فيجب كف اللسان عن ذكرهم بسوء وأداء حقهم علينا وسؤال حقنا من الله وحده، فكيف سوَّغ أبو عبد الحق لنفسه أن يتلاعب بهذه النصوص الصريحة ويحرِّفها عن مواضعها بهذه الصورة القبيحة؛ ويزعم أنها تجيز ذكر مساوئ الحكام على رؤوس الخلائق؟! نسأل الله عزَّ وجلَّ أن لا يزيغ قلوبنا وأن يجنبنا مضلات الفتن.
وقد تعدَّى أبو عبد الحق تجويز الكلام في حكامه علناً والتأصيل لذلك إلى الكلام في حكام غيره:
فقد سُئل أبو عبد الحق: يا شيخ  بالنسبة لموضوع الانتخابات؛ صحيح نحن  عندنا أمثلة سيئة على النتائج، ولكن عندنا أمثلة جيدة أيضاً، أي: على فوز الإخوان، مثل تركيا وماليزيا، حيث فاز فيها  الإسلاميون، وما حدث في مصر: فمعلوم أنَّ السعودية قد خصَّصت ستة عشر مليار دولار لإسقاط محمد مرسي, وعبد الفتاح السيسي الذي قال علناً: نحن نؤيد كل ما يبغضه الله!, ومع ذلك نرى أنَّ عبد الرحمن السديس يدعو لآل سعود  في مكة بالنصرة ويقول: اللهم انصر آل سعود ونائبه؟!
 فكان جواب أبي عبد الحق: ((بالنسبة للسؤال الثاني وهو: أنَّ السعودية صرفت كذا مليار دولار، والله أنا لا أدري بهذا، لأنني ليس لي معها علاقة، ولا أدري كيف حصلتم على هذه المعلومة؛ وكونها صرفت كذا مليار دولار للإتيان بالسيسي وإسقاط مرسي؟! والله أنا لا أعلم شيئاً عن هذا يا أخي العزيز، ولكنها أيدت السيسي؛ فهذه مواقف سياسية، والمواقف السياسية في الأحزاب والحكومات شيء عادي، وفي وقت أنَّ مرسي بعدما استلم السلطة يذهب رأساً ويولي ظهره عن جميع الدول السنية، فيذهب ويضع يده في يد إيران، ويدعو أحمد نجاتي إلى مصر، طبعاً أنَّ السعودية تخاف على نفسها، على أن تكون هناك دولة تضع يدها في يد إيران في وسط الدول العربية لأنَّ فيه خطر على المنطقة بصورة عامة، وهناك أيضاً سورية في الجانب الآخر، فهذه مشكلة المواقف السياسية، وهذه ليست من شغلي، وملك السعودية ليس على القرآن والسنة حتى أعرضه على الميزان!؛ ميزان الكتاب والسنة، فأنا لا علاقة لي به يُحسِن أو يُسيء، فانتقده وقل فيه ما شئتَ إلى الصباح!، فهذا ليس من شغلنا)).
أليس قول أبي عبد الحق "وملك السعودية ليس على القرآن والسنة حتى أعرضه على الميزان!" طعناً في هذا الملك الذي يحكم بلاد الحرمين بشرع الله وبما أنزل الله؟!
هل يعتقد أبو عبد الحق أنَّ حكومة بلاد الحرمين لا تحكم بالكتاب والسنة حقاً؟!
إذاً فليفرح القطبية وإخوانهم السرورية بهذا الكلام، وليمدُّوا أيديهم إلى يد أبي عبد الحق، لعله لا يمانع الآن في صحبتهم والتعاون معهم، وخاصة أنه يقرر جواز التعاون مع أهل البدع في الأمور العامة، ويصف جميع الأحزاب الإسلامية والتنظيمات التكفيرية بأنهم إخوانه في الله، ويزور مقراتهم ويلتقي بمرشديهم من باب العمل المشترك في حفظ الأمن ودفع المخاطر، ولا يعدُّ المظاهرات التي تطالب بالحقوق والخدمات من الخروج!؛ هذا بالإضافة إلى طعنه الصريح في الحكومات على المنابر والقنوات الفضائية، فماذا ترك من منهج السرورية والقطبية؟!

وأما جوابه الجديد في الفيس بوك:
فما ذكره أبو عبد الحق في جوابه هذا يدل على أنه بلغ أعلى مراتب التلبيس والتمويه، ودونكم البيان:
1- وصفَ أبو عبد الحق السلفيين - الذين ينتقدون كلامه في الحكام على المنابر والقنوات الفضائية – بعدة أوصاف: الإرجاء!، سوء المذهب!، الجهل!، المتخاذلين الجبناء!، المرجفين الجبناء!، الجبناء المتملقين!، لسان حالهم يقول: لا يجوز لك أن تنكر منكراً لكون المنكر رسمياً حكومياً!، وهؤلاء لاينطقون بالحق حفاظاً على مصالحهم ويرون صدعي بالحق وتحذيري من الكفر والنفاق مخالفةً لمنهج السلف وموافقةً لمنهج الخوارج!.
أولاً: كأنَّ المتكلِّم بهذه الأوصاف المشينة قطبي محترق على طريقة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري وأبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني وملا كريكار الكردي...، الذين يطعنون بالعلماء وبالسلفيين بمثل هذه الأوصاف لأنهم لا يجيزون الكلام على ولاة الأمور أمام العامة من الناس.
ثانياً: هل أصبح الكلام في الرئيس والحكومة والحزب الحاكم على رؤوس الخلائق من الشجاعة والبطولة؟!
ومن الذي يتقرب إلى الأحزاب الإسلامية والشخصيات السياسية والجهات الأمنية؛ يكثر من الزيارات واللقاءات من أجل المحافظة على مصالحه الخاصة (قناة النصيحة) وإرضاء الآخرين ويصرِّح قائلاً: "إذ بدون تواجدنا في المحافل العامة لا يُمكن أن نحافظ على ما في أيدينا ونحصل على احترام السلطات والجهات الأمنية"؟!
ومن الذي يشارك في لقاءات في قنوات فضائية ومؤتمرات سياسية ويسمع المنكر والضلال فلا يُحرِّك ساكناً عملاً بقاعدة "في كثير من الأحيان قول الحق يفضي الى نتائج سيئة"!، أو يسمع الطعن الصريح بالعلماء فيداهن بدعوى "إنَّ الدخول بجدل في هذا الموضوع في وسط غير محب للشيخ قد يُدخل المرء فيما لا يُحمد عقباه"؟!
فاترك التلبيس يا أبا عبد الحق فإنَّك مفضوح.
2- وصفَ أبو عبد الحق نفسه بأوصاف تدل على افتخاره بنفسه وثنائه عليها وغروره وعجبه بها، وكأنه الأوحد في الساحة الدعوية في العراق!!.
من ذلك أنه قال: "إنني بدعوتي السلفية من أسباب استقرار الأمن في البلد"
وقال: "ولو تسأل أيَّ منصف من هو السبب الرئيس في انتشار الدعوة السلفية وحماية الأمن لها وللسلفيين؟ ومن الذي درأ اتهامات الخصوم للسلفيين بالتكفير والتفجير وزعزعة أمن البلد؟ لقال لك - إن شهد بالحق - أنَّ السبب الأول هو أبو عبد الحق وإخوانه المتعاونون معه"
وقال: "بسبب إظهاري لحقيقة الدعوة السلفية في المحافل والمنابر والقنوات اطمأنَّ الراعي والرعية لهذه الدعوة المباركة"
 وقال: "السلطة الحاكمة تحترمني أكثر من كل هؤلاء الجبناء المتملقين"
بل إنَّ أخطاءك يا أبا عبد الحق وإصرارك عليها ومماطلتك وتلاعبك في تراجعاتك من أسباب الوهن والفتن والتفرق بين السلفيين في هذا البلد وفي إقليم كردستان، وقد اعترفت أنت بشيء من هذا في بداية مقالك [تراجع عن المؤاخذات المنهجية] الذي نُشر في سحاب قبل سنة تقريباً فقلتَ: ((وتمر الدعوة في منطقتنا ببداية خلاف حول مسائل شرعية ومنهجية، في الوقت الذي هي في أمس الحاجة الى التكاتف والاجتماع والائتلاف، وقد كتب بعض الاخوة الحريصين على الدعوة أولاً وعليَّ ثانياً نصيحة طيبة بدى فيها آثار الحرص على جمع كلمة السلفيين على الحق، وذكروا لي بعض الأخطاء التي وقعت مني)).
ولماذا تحجِّر واسعاً يا أبا عبد الحق؟!
أين جهود المشايخ وطلبة العلم والدعاة السلفيين في عموم هذا البلد وفي إقليم كردستان خاصة؟!
لماذا تختزل هذه الجهود الكبيرة في شخصك وجهودك؟!
وهب أنَّ لك جهوداً لم يبلغها أحدٌ قبلك ولن يبلغها أحدٌ بعدك في تحقيق أمن هذا البلد وحماية هذه الدعوة السلفية؛ هل هذا يسوِّغ لك الانتكاسة والتلون في الدين بتجويز زيارة مقرات الأحزاب الإسلامية والتعاون مع أهل البدع والتهوين من شأن المظاهرات وذكر مساوئ الحكام على المنابر وإقرار مبدأ حرية الرأي وتقرير قاعدة المعذرة والتعاون وتأصيل الأصول والمسائل والاستدلالات على طريقة أهل التمييع؟!
وأي أمن هذا الذي كنتَ أبرز أسبابه في بلدنا؟!
ألم تسمع ما حصل ويحصل لأهل السنة العرب في هذا البلد عموماً من أنواع البلاء والأذى بالقتل والحبس والخطف والضرب والإهانة والمضايقة والفصل من الأعمال والتهجير وسلب الأموال والممتلكات وهدم الدور والأحياء والقرى والمساجد؟!
أم إنَّ الأمن الذي تقصده هو أمنك وحمايتك؟!
نعم لا يخفى على أحدٍ من السلفيين في العراق ما يعيش فيه أبو عبد الحق من ترف العيش الخاص به في المسكن والمركب والتجارة والقناة الفضائية والأكاديمية الدراسية والحمايات والعلاقات الحزبية والارتباطات السياسية، فهذا هو الأمن المنشود الذي يسعى أبو عبد الحق إلى ديمومته ويخشى من فقدانه.
وأما حماية السلفيين ودعوتهم؛ فإن كان أبو عبد الحق يقصد المتعصبين له المجادلين عنه الغالين فيه، فنعم هو يسعى إلى تحقيق أمنهم أيضاً، لأنهم دمى يحرِّك بهم دعوته يمنة ويسرة بحسب هواه، وإن كان يقصد السلفيين الصادقين المتجردين فهو من أسباب خوفهم واضطراب أمنهم، فكم من ساكتٍ عن أخطائه خوفاً من وشاياته الكاذبة وعلاقاته الأمنية؟! وكم من طالب علم طُرِدَ من مسجده وأُغلقت حلقته لأنه ذكر فلاناً أو فلاناً بخير وهم من منتقدي أبي عبد الحق؟! وكم سلفي تعرض للإهانة والمضايقة والأذى لأنه لا يصرِّح بالثناء على أبي عبد الحق أو لا يصرِّح بالطعن في منتقديه؟! وكم من سلفي هُجِّر من الإقليم أو قرر الهجرة لأنه ضاق ذرعاً بتصرفات متعصبيه؟ والأمثلة كثيرة، فلا يُغالط أبو عبد الحق نفسه.
3- حاول أبو عبد الحق في جوابه الجديد عن هذه المؤاخذة أن يصوِّر ما وقع فيه من مخالفة في الطعن بالحكام علناً في القنوات الفضائية وعلى المنابر على خلاف الحقيقة، وكذلك صوَّر الناقدين له في هذه المؤاخذة على خلاف موضع إنكارهم عليه.
أولاً: صوَّر نفسه أنه ينكر المنكرات مثل (مخططات العلمانية والديمقراطية، المنافقين الذين يصفون دين الإسلام بالتخلف والرجعية، المنافقين الذين يمنعون الحجاب الشرعي والصلاة بالنسبة للطلاب والطالبات، التحذير من الكفر والنفاق والبدعة على المنابر والفضائيات، إنكار قرار وزير الثقافة والإعلام الذي منع كتب الأئمة السلفيين).
ولو أنه أشغل نفسه ودعوته واستغلَّ قناته ومنبره في إنكار الشرك والمراقد والأضرحة والطرق الصوفية والخرافات المنتشرة في الإقليم لكان خيراً له.
ثانياً: صوَّر الناقدين له أنهم يعدون إنكار هذه الأمور من الطعن في الحكَّام!، ويعدون نصح الأمة وبيان المناهج المخالفة والمنكرات المنتشرة من الطعن في الحكام والمسؤولين!، فقال: ((ولكن عند المخالفين: لا يجوز لي أن أنصح الناس وأقول: أنَّ هذه المناهج مخالفة للإسلام والسنة، ولسان حالهم يقول: لا يجوز لك أن تنكر منكراً لكون المنكر رسمياً حكومياً!!، ولما أنكرتُ هذه المنكرات ونصحتُ الأمة قالوا: أنك تطعن في الحكَّام))، وعزى سبب نقد السلفيين له إلى الجبن والخوف على مصالحهم فقال: ((أم إنَّ المرجفين الجبناء الذين لا ينطقون بالحق حفاظاً على مصالحهم ويرون صدعي بالحق وتحذيري من الكفر والنفاق مخالفةً لمنهج السلف وموافقةً لمنهج الخوارج؟!)).
وقسَّم الموضوع في هذه المؤاخذة إلى قسمين - في رسالته التي أرسلها إلى المشايخ "الأجوبة السديدة"! - لتصوير الواقع على خلاف ما هو عليه فقال: ((قول المنتقد "كلامه في الحكام على المنبر" ثم ذكر مقتطفات مبتورة من كلامي ليستدل بها على دعواه، فظهر لي من تصرفاته جهلة بالتفريق بين أمرين:
الأول/ تحريم الخروج على حكَّام المسلمين بالسلاح بل وبالكلام أيضاً، وهذا ما نحن عليه، وهو منهج السلف.
الثاني/ وجوب إنكار المنكر المعلن من قِبَل الحكومة وبعض المسؤولين إنكاراً مقروناً بالحكمة ونهي الناس عن الخروج)).
 والجواب عن ذلك:
لو أنَّ أبا عبد الحق ذكر ما سماه بـ "المقتطفات من كلامه" لانكشف أمره وبان كذبه وظهر صدق ناقديه، ولكنه كتم ذلك بالكلية ليتسنى له أن يشرح أصل المؤاخذة ونقدها على ما يهوى هو ويشتهي!، ثم يزعم أنَّ الناقد يبتر كلامه!.
لماذا يا أبا عبد الحق لا تذكر كلامك بطوله وتبيِّن موضع البتر فيه؟!
أم أنك تخشى من ظهور هذا الكلام؟!
ثم لعلَّك غفلتَ يا أبا عبد الحق أنك اعترفتَ بالتراجع عن بعض هذا الكلام - بطريقة اللف والدوران كالعادة! - فقلتَ: ((أما عن قولي على المنبر بأنَّ الحكَّام ظلمة؛ فأقول: مع إنني لم أُسمِّ مسؤولاً بعينه، إلا أنه ما كان ينبغي قول هذا على المنبر مع وجود الظلم فيهم، فأنا متراجع عن هذا)).
فهل تراجعتَ عن إنكار المنكرات؟!
أم تراجعتَ عن الطعن في الحكَّام؟!
ألم أقل لك: حبل الكذب قصير!، فلماذا لا تفهم؟!
وبهذا يعرف القارئ أنَّ إنكار الناقدين لكلامك لا لأنك أنكرتَ المنكرات كما تزعم!، وإنما لأنك طعنتَ في ولاة الأمور، وسيأتي من نص كلامك ما يدل على هذا.
وأما زعمك أنك لم تسمِّ مسؤولاً بعينه، وكذلك قلت في أول جوابك: ((سبق الجواب عليها في عدة مواطن: الأول: في كتابي "قذائف الحق الدامغة" وهذا نصُّه: "السؤال4/ يزعمون أنك تطعن في ولاة الأمور والمسؤولين والحكوميين علناً وعلى المنابر وفي الدروس، وهذا من صفات الخوارج؟ الجواب/ هذا زعم باطل ناتج عن جهل صاحبه أو عن سوء مذهبه وإرجائه؛ لأنني لم أذكر رئيساً ولا مسؤولاً بعينه: طاعناً فيه أو مشهراً به")).
هل عدم ذكر اسم الرئيس أو الوزير أو المسؤول بعينه يعفينا عن منهج الخوارج الطاعنين في ولاة الأمور؟!
يعني قولك: ((والله يوجد في الحكومة والرئيس ظلم)).
 وقولك: ((فهم قد فهموا بأنَّ منهج السلفية هو أنك كما يقول أحدهم في كلام له: "نحن ليس عندنا أي مشكلة مع الرئيس والسلطة والحزب مطلقاً"، فهذا خطأ!!, ولا نقول هذا أبداً!، كيف يقول السلفي هذا؟!))؟!
وقولك: ((لذا أنا كسلفي إذا أقول لهذا الشعب: أيها الناس لا يوجد ظلم أبداً في هذه الحكومة!!، ليس عندنا أي مشكلة، ما شاء الله حكومة عادلة!، ورئيس عادل!، لا يوجد أي مشكلة!، ألا ترون لا يوجد أي مشكلة!، فهل الناس يستهزئون بي أم لا؟!، فالناس يقولون: هذا الرجل هل هو نائم؟! أم أنه قد جن؟! أم ذهب عنه عقله؟!، ألا يرى أنه يوجد عدم عدالة؟!)).
وقولك في خطبة الجمعة: ((الأذى موجود في البلد، الفساد موجود، الظلم موجود، إن كنتَ من حزبه يعمل لك وإن لم تكن من حزبه لا يعمل لك، هذا موجود أعرف هذا أحسن منك)).
يعني كلامك هذا لا يعني طعناً في الرئيس والحكومة والحزب الحاكم، ولا يدخل في باب التحريض والتأليب عليهم؛ ما دام أنَّك لم تذكر اسم الرئيس؟!!.
من أين لك هذا التأصيل الجديد يا أبا عبد الحق؟!
كلامك هذا سيتنفس به القطبيون الصعداء، فهم في أكثر كتاباتهم وبياناتهم وخطبهم ودروسهم لا يصرِّحون باسم الرئيس أو الوزير أو المسؤول، لكنَّ القارئ أو المستمع يعرف مقصودهم وكأنهم ذكروا اسمه، فهل هذا يعفيهم من النقد؟ ويعفيهم من نهج الخوارج؟، عند أبي عبد الحق نعم يعفيهم لأنه على طريقتهم في هذا، أما عند السلفيين فلا يعفيهم أبداً.
ثم إذا ذكر أبو عبد الحق في تحريضاته وتأليباته "رئيس الإقليم" و "محافظ السليمانية" ألا يعدُّ هذا تصريحاً؟ أما ماذا؟!
قال أبو عبد الحق في قناة فضائية: ((أخي؛ والله اليوم لا ينخدع أحد بهذا الكلام، هل فهمت؟ أي خلاف رأي؟! فعلى الإنسان أن يكون صريحا وجريئاً، هل فهمت؟ إذا لم تكن تحسبه رئيساً للإقليم ولا تراه لائقاً: تعالى وقل مثل الناس لا نقبله مثل الأحزاب الاخرى، أما بعض الناس يريد أن يأكل من هنا ومن هناك، هذا شيء ليس بطيب، فهي صفة غير جميلة، فعلى المسلم أن يكون صريحاً واضحاً بيناً)).
وقال أيضاً: ((فلتتجرأ هذه الأحزاب الأربعة بجراءة وتقول: قررنا أنَّ فلاناً ليس برئيس الأقليم؛ ونحن نقوم بانتخابات في البرلمان ونصبنا فلاناً رئيساً للأقليم؟! لم يفعلوا)).
وقال بعد أن ذكر قصة مؤلمة عن بعض السوريين: ((الرؤساء لا يبالون بهذا!!، لا يعلمون كيف يحاسبهم الله يوم القيامة؟!
إذاً لا يظن رؤساؤنا أنَّ بقائهم على كرسيهم واحتفاظهم به أنهم بذلك مفلحون وناجون وحصلوا على مغانم، والله ستحاسب عن عشرة، فكيف لا تحاسب عن أمة؟!
أنت مسؤول إن لم يكن هناك كهرباء، أنت مسؤول إن لم يكن هناك ماء، أنت مسؤول عن حياة الناس، أنت مسؤول إن لم يكن الناس في حياة كريمة، لا شكَّ أنت مسؤول بقدر استطاعتك، لا شك لو قمتَ بخيانة وقصرتَ وأفسدتَ فيها وتحزَّبتَ فيها كل هذه ستحاسب من أجلها يوم القيامة)).
ويقول: ((نحن نعيش على النفط، وانظر الى حال نفطنا وغازنا وبترولنا، لأننا نقول دستورنا ديموقراطي وعلماني، انظر الى نفطنا وبنزيننا كله يذهب الى الدول العلمانية والديموقراطية!، يقولون: يذهب أكثره إلى اليهود إلى اسرائيل!!، ولا نعلم أكثره إلى أين يذهب؟!، لكن النفط والبنزين ليس لنا!)).
وقال في خطبة الجمعة: ((يا محافظ السليمانية أنتم الذين كنتم تنظِّرون للمظاهرات؛ فذوقوا ما جنيتم)).
وقال في جوابه الجديد هذا: ((وأما في العراق الديمقراطي فلم يبارك الله لأهله في النفط لأنهم لم يرضوا بالإسلام دستوراً وحيداً للدولة، وإنما تأثروا بالدول الديمقراطية الغربية مع ما عندهم من الرفض والشركيات، فذهب نفط العراق للغرب ولليهود ولم يستفد أهل العراق من نفط العراق)).
ولما سُئل أبو عبد الحق عن (الملك عبد الله) و (عبد الفتاح السيسي) و (محمد مرسي) أمام الناس، فكان من جوابك: ((وملك السعودية ليس على القرآن والسنة حتى أعرضه على الميزان؛ ميزان الكتاب والسنة، فأنا لا علاقة لي به يُحسِن أو يُسيء، فانتقده وقل فيه ما شئتَ إلى الصباح!، فهذا ليس من شغلنا)).
هذا أيضاً لا يعدُّ ذكراً لأسماء الرؤوساء بأعيانهم؟!!
كفاك تلبيساً يا أبا عبد الحق.
وبهذا يتبين للقارئ المنصف أنَّ خلاف السلفيين - الناقدين لأبي عبد الحق - معه في كلامه السابق وليس في إنكاره للمنكرات التي ذكرها في جوابه الجديد.
 4- وأما ما زعمه أبو عبد الحق من كونه له سلف في كلامه هذا في ولاة الأمور؛ وذكر منهم الشيخ صالحاً الفوزان والشيخ ربيعاً المدخلي والشيخ صالحاً اللحيدان والشيخ عبد المحسن العبَّاد حفظهم الله، ثم قال: ((فهذه النقولات المباركة عن أهل العلم الدالة على المنهج الحق والطريق المستقيم قد أخذتُ بها وعملتُ بمقتضاها)).
فالجواب عنه:
هذا من التلبيس والتمويه، بل يعدُّ من تشويه دعوة هؤلاء المشايخ السلفيين.
فكلام هؤلاء المشايخ جاء في سياق الثناء على بلاد الحرمين وولاة أمورهم، ثم بعد هذا الثناء الواسع بينوا أنَّ مؤسسات الدولة أو الحكومة لا تسلم من بعض الأخطاء أو المخالفات وأنَّ النقص موجود لأنها غير كاملة، وهذا يشبه الثناء على العلماء وبيان منزلتهم والتعريف بقدرهم وحقهم ثم التعقيب بالقول: لكنَّ العالم يصيب ويخطئ ويقبل من كلامه ما وافق الحق ويرد ما خالفه لأنه غير معصوم، فهل يعدُّ هذا التعقيب بعد ذلك الثناء طعناً؟ كلا، فكذلك كلام المشايخ المذكورين.
لكنَّ أبا عبد الحق أظهر بعض كلامهم ووضع تحته خطاً بدعوى أنه يوافق كلامه؛ ودونكم التفصيل:
وضع خطاً تحت قول الشيخ الفوزان: "لا نقول: إنها كاملة من كل وجه، لكن هي - والحمد لله - لا تزال قائمة على الخير فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة للحدود وحكم بما أنزل الله".
وقوله أيضاً: " إننا - والحمد لله - نرى من حكومة هذه البلاد قياماً بالواجب نحو الإسلام وتحكيماً لشريعته ولوجد بعض النقص في ذلك ونرجو الله أن يصلحه، نحن - ولله الحمد - على ثقة من ولاة أمرنا وعلى ثقة من المنهج الذي نسير عليه، وليس معنى هذا أننا قد كملنا وأن ليس عندنا نقص ولا تقصير بل عندنا نقص؛ ولكن نحن في سبيل إصلاحه وعلاجه - إن شاء الله - بالطرق الشرعية".
وضع خطاً تحت قول الشيخ ربيع: ((وهذه البلاد وهذه الحكومة تتبنى عقيدة التوحيد عقيدة نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وهود وصالح، تدرس توحيد العبادة وتوحيد الأسماء والصفات، تدرس في هذه البلاد أحكام الشريعة، محاكم شرعية، القضاة يحكمون بقال الله قال رسول الله ... خير كثير، المعاصي موجودة والمخالفات موجودة، فهذه البلاد - والحمد لله - هي المعقل الأخير للإسلام".
وضع خطاً تحت قول الشيخ اللحيدان: "هذه البلاد قلب الإسلام وحرزه، تنعم بأمور كثيرة من الأمن لا يوجد لها نظير في العالم، وهي بدون شك أفضل حكومة على الإطلاق في هذه الدنيا، ولا يعني هذا ولا يقول أحد: إنها كاملة، بل لها أخطاء ولنا أخطاء، ولكنها خير حكومة على وجه الأرض".
أقول:
فلا أدري أين وجه المقارنة بين طعونات أبي عبد الحق بالحكام الصريحة وبين كلام المشايخ هذا؟!
ولكنه التلبيس والتمويه الذي اعتاده هذا الرجل في أجوبته وتراجعاته، ويظنُّ أنه يمر على السلفيين.
وأما كلام الشيخ العباد بعد أن بيَّن أنَّ نصح ولاة الأمور يكون سراً وبرفق ولين ثم عقَّب بقوله: "وإذا ظهرت أمور منكرة من مسؤولين في الدولة أو غير مسؤولين سواء في الصحف أو في غيرها، فإنَّ الواجب إنكار المنكر علانية كما كان ظهوره علانية".
وهل يفهم أبو عبد الحق من إنكار هذا المنكر المعلن أن يصف الرئيس أو الحكومة أو الوزير أو المسؤول بالظلم أو بالفساد؟! هل هذا هو مراد الشيخ العباد؟!!
اتق الله يا أبا عبد الحق ولا تفتح باباً من الشر والفتنة لا تحمد عقباه.
ولا تلبس الحق بالباطل، فإنكار المنكرات حق مطلوب بشروطه وضوابطه، وأما ذكر مساوئ الحكام على المنابر وإظهار أخطائهم في القنوات الفضائية في وقت الأزمات والمحن فهو عين الباطل، والله تعالى يقول: "وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ".  
وأما كلام الشيخ ربيع حفظه الله: ((والله إنَّنا لنبرأ من أخطاء الحكام وغيرهم, ونحب من يطبق شريعة الله, ونكره مخالفة هذه الشريعة, ولا نؤيّد أيَّ خطأ أبداً, والرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يقول - كما في حديث أم سلمة - : "ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون: فمن عرف بَرِئ، ومن أنكر سَلِمَ، ولكن من رضي وتابع" قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا" صحيح مسلم (3/1480).
فنحن ننكر المنكرات إن شاء الله بقدر ما نستطيع؛ بقلوبنا وبألسنتنا وبأقلامنا في حدود طاقتنا, وإذا عجزنا عن شيء ننكره بقلوبنا ولا نرضاه أبداً "ولكن من رضي وتابع")).
فهذا الكلام قاله الشيخ ربيع في شرحه لـ [كتاب الشريعة/ باب ذم الخوارج وسوء مذاهبهم وإباحة قتالهم، وثواب من قتلهم أو قتلوه]، بعد وصف الخوارج وذم مسلكهم.
فالشيخ ربيع أراد أن يغلق الباب على القطبيين والسروريين والتكفيريين الخوارج الذين يتهمون العلماء بأنهم يؤيدون أخطاء الحكام وأنهم علماء السلاطين والطواغيت، وكلامه حفظه الله لا غبار عليه أبداً، فالواجب على المسلم البراءة من أخطاء المخطئين سواء كانوا حكاماً أو محكومين، وإنكار المنكرات بقدر الاستطاعة، وعدم الرضا بالأخطاء.
فأين موضع الاستدلال بهذا الكلام يا أبا عبد الحق؟!
وهل خلافنا معك في هذا؟!
وأما كلام الشيخ ربيع حفظه الله في حكومة السودان: "لماذا لا يتكلمون في حكومة السودان وهي طاغوتية الآن؟....".
هذه الكلمة التي استدلَّ بها هذا أبو عبد الحق من كلام الشيخ ربيع لم يبق مخالفٌ للشيخ من الحدادية والمميعة والحزبية والقطبية والتكفيرية إلا واحتجَّ بها على الشيخ، وهي في مواقعهم جميعاً، فجاء أبو عبد الحق ومتعصبته فضربوا معهم سهماً بهذه الشبهة وبهذا التلبيس والتمويه!.
وكلام الشيخ ربيع هذا كان في شريط "غربة التوحيد والسنة" أي قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، وهو يتكلم عن انشغال الدعوات الحزبية والسياسية والقطبية بنقد الحكومات ومنازعتها عن الدعوة إلى التوحيد والسنة والتحذير من الشرك والبدع.
وذكر حفظه الله في كلمته هذه المتآمرين على دعوة التوحيد وحكومة بلادهم وجامعاتهم ومؤسساتهم ونقدهم لها، ثم ذكر مستفهماً معترضاً عليهم: "لماذا لا يتكلَّمون في حكومة السودان وهي طاغوتية الآن...".
فهذا من باب الإلزام وبيان تناقض المتآمرين على حكومة بلاد التوحيد الذين يكيلون بمكيالين، وليس من باب تحريض الناس وتهييجهم ضد هذه الحكومات.
فهؤلاء المتآمرون في بلاد الحرمين وغيرها من أفراخ الإخوان والقطبية لا يتكلَّمون على حكومة السودان لأنها حكومة إخوانية مع كونها تدعو إلى وحدة الأديان وحرية الأديان والمساواة بين الأديان، وهذا من الطاغوت الذي أمرنا شرعاً أن نكفر به، وكذلك لا يتكلَّمون على حكومة أفغانستان لأنها إخوانية صوفية في وقتها، ولا يتكلَّمون على حكومة اليمن وهي قومية بعثية ولا على حكومة إيران وهي رافضية صفوية، بينما نرى هؤلاء المتآمرين يتكلَّمون في حكومة بلاد الحرمين لأنها حكومة سلفية تحكم بما أنزل الله وتحارب الخوارج وأذنابهم وتضيق عليهم الخناق، ولهذا يسعون إلى إثارة الفتنة وتحريض الناس ضد هذه الحكومة.
فالكلام أصالة في بيان تناقض هذه الأحزاب والتنظيمات السياسية والتكفيرية وبيان كذب دعواهم في المطالبة بتحكيم الشريعة في بلاد الحرمين، فهذه البلاد تحكم بالشريعة، ولكنَّ هؤلاء القطبيين يريدون مآرب سياسية كما لا يخفى على السلفي البصير.
فماذا صنع أبو عبد الحق؟!
جاء إلى كلام الشيخ ربيع هذا وقطعه من سياقه ومقصده ليحتجَّ به على طريقته في الطعن في الحكومات على المنابر والقنوات الفضائية، والله المستعان.
5- وأما قول أبي عبد الحق في جوابه الجديد: ((أما أن أسلك سبيل الخوارج في تحريض الناس على الحكام فحاشا وكلا، بل حذرتُ من مسلك الخوارج ومن المظاهرات والانقلابات والثورات التي لم تجلب ولن تجلب إلا الدمار والفساد)).
أما تحريض الناس على الحكَّام فقد تقدَّم كلامه، وقد فهمه أقرب الناس إليه في وقته والمدافع عنه بقوة كما قال هو عن نفسه الأخ أبو حمزة موفق حسين العليوي ونصحه بذلك قائلاً: ((مع كون الشيخ [أبي عبد الحق الكردي] قد اجتهد في ردِّ الناس عن المنكر بالتسليم بوجود شيء في الحكومة؛ وفعل ذلك استدراجاً للناس كي يقبلوا منه، إلا أنَّ اجتهاده هذا مصادم للنصوص السلفية التي تمنع ذكر عورات أولي الأمر على الملأ في أي سياق كان، لذا هذا الكلام يا شيخ عبد اللطيف ينبغي الرجوع عنه، وأقول لك ذلك حرصاً مني على الدعوة أولاً وعليك ثانياً، وإن اعتذرتَ بعرض الكلام على بعض مشايخ السلفيين وإقرارهم له: فإنَّ الأصول السلفية مقدَّمة على أقوال الجميع، واعلم أنك بتراجعك عن ذلك تزداد رفعة، فإنَّ الرجوع إلى الحق أولى)).
وقال له أيضاً في بيان منشور: ((فإنَّ منهج السلف مباين لمنهج أهل الأهواء والبدع في أمور عديدة؛ ومن أهمها: التعامل مع ولاة الأمر، فهم أعني السلفيين يطيعونهم بالمعروف ويُحرِّمون الخروج عليهم سواء بالكلام أو بالسيف، ويمنعون من ذكر مثالبهم في المحافل العامة أو الخاصة، وينكرون على من يفعل ذلك أشد الإنكار؛ سواء كان ذلك منهم أو من غيرهم، بل ويوالون ويعادون على ذلك، بل ولا يقبل منهج السلف الكلام على ولاة الأمر للدول الأخرى.
وهذه المنهيات لا تقبل في أي سياق جاءت، لذا أنصح من وقع في شيء من ذلك من السلفيين التراجع تراجعاً واضحاً: من غير تبرير، ولا اعتذار بالسياق والسباق والمناسبة، ولا محاولة تبرير ذلك بكلام بعض أهل العلم المجمل الذي لا يسعف في تبرير ذلك؛ بل هو من معالجة الخطأ بخطأ أكبر منه، وأقول ذلك نصحاً للدين ولمن وقع في شيء من ذلك، وينبغي على كل حريص على الدعوة وعلى المتكلِّم بذلك أن ينصح لأخيه ظالماً ومظلوماً، ويعين أخيه بالرجوع إلى الحق وترك الكلام في السياسة وولاة الأمور وتوابع ذلك؛ مما يضر ولا ينفع في دين ولا دنيا)).
فيا أبا عبد الحق؛ هل الأخ أبو حمزة من المتأثرين بالحدادية أيضاً؟!
وأما المظاهرات؛ فقد سُئل أبو عبد الحق في مقطع مصوَّر مع بعض الشباب الذين حوله: هل الذين يقومون بالمظاهرات خوارج أو فعلهم فعل الخوارج؟
فكان جوابه: ((لا والله، نحن لا نقول لأحد، ولا لهؤلاء خوارج، ولا نقول فعلهم فعل الخوارج، بل نطلب ونرجو من الحكومة أن تحقق طلباتهم، وأي طلب من طلباتهم حق: نرجو من الحكومة أن تحققها لهم، أما أن نقول هؤلاء خوارج أو فعلهم فعل الخوارج: فهذا ليس من شأننا أن نحكم علی هؤلاء، وإنما نحن أهل السنة علينا أن ننصح الناس، لأنه إذا لم يكن الناس صالحين، فإنَّ الوضع لا يصلح أبداً، والله أعلم)).
فأين إنكار المظاهرات في جوابه هذا؟!
وأما الثورات والانقلابات، فقد أجاز أبو عبد الحق التعاون مع دعاة الثورات والانقلابات في الأمور العامة فقال في مؤتمر [الموصل قلعة الإسلام والتعايش]: ((أنت ترى الخروج في الثورات والانقلابات، وأنا على عكس من ذلك، فلذا من حقي أن لا أدع مجالاً أن تتكلم في منبري بارك الله فيك؛ وهذا ليس بدِكتاتورية، لكن كلامي في الأمور العامة والمصالح العامة: يجب أن نتعاون ونتشاور)).
فهل أنكر عليه أم أوجب التعاون معه؟!
وإنْ قصدتَ يا أبا عبد الحق أنك حذرتَ من قبل عن المظاهرات في [رسالة مطبوعة] أو حذرتَ فيما بعد في [الجواب الكافي]، فهذا يدلُّ على اضطرابك وتناقضك في الأجوبة والمواقف، والواجب أن تبيِّن أنَّ كلامك المتقدِّم خطأ، وأنك ترجع عنه رجوعاً واضحاً بلا تلاعب ولا تلبيس، وهذا ما لم تفعله حتى هذه اللحظة.
والله الموفِّق

كتبه/ أبو معاذ رائد آل طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرجو عند كتابة تعليقك تذكر ما يأتي:
1. تذكر قول الله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2. تعليقك سيظهر بعد مراجعته من قبل الإشراف إن شاء الله تعالى.
3. يفضل كتابة التعليق باسم لائق، واستعمال اللغة العربية الفصحى قدر الإمكان.